الحرب الإجرامية المستمرة على غزة هي مثل (سعد الخبايا) تكشف ما تحت الارض وما تحت الطاولة من مواقف دولية وعربية، واقصد هنا مواقف الدول والحكومات وليس الشعوب. بعض هذه المواقف يشرح الصدر وبعضها يجلب الشعور بالعار عند كل عربي وإنسان يملك ذرة من ضمير وطني او قومي او ديني. ومن ما يثلج الصدر تلك المواقف الحازمة والواضحة لدول أمريكا اللاتينية، التي طردت سفراء اسرائيل ووصفت اعتداءاتها بانها جرائم حرب، فإلى زعماء هذه البلدان الامريكية ولشعوبها المسيحية، من تشيلي والبيرو والاكوادور والسلفادور الى الأرجنتين والارغواي والبورغواي وبوليفيا... نرفع الأيدي تحية وعرفاناً.
وتحية إكبار واحترام الى رئيس الأورغواي خوسيه موخيكا (أفقر رئيس في العالم) الذي كان قد تنازل عن نصف مرتبه الرئاسي ويعيش على 1250 دولار (وليس مليارات) ولم يسكن القصر الجمهوري وبقي في منزله المتواضع يزرع ارضه ويأكل ويخدم نفسه بنفسه، وكان قبل اشهر قد اعلن عن رغبته باستضافة مئة طفل سوري من ضحايا الحرب ليصرف عليهم من دخله وهو اعلن مجددا عن استعداده لاستضافة مئة اخرين من غزة مع واحد من عائلة كل طفل. بالمقابل انظروا الى معبر رفح (الوحيد الذي لا تواجد لإسرائيل عليه) انه خالٍ تماماً من مظاهر نجدة أهل القطاع وجرحاهم فيما من المفترض ان تتحول رفح المصرية الى منطقة تمتلئ بالمستشفيات الميدانية والمعونات الانسانية العربية والإسلامية ودفعها عبر المعبر الى القطاع المحاصر والمقاوم بالنيران.
وعلى الصفحة المقابلة تحدث ولا حرج عن طابور الزعماء والسياسيين والإعلاميين الذين اظهروا من المواقف المؤئدة لجرائم اسرائيل ما يجعل الانسانية تشعر بالخجل منهم. الكل بشتغل عند اسرائيل من اوباما (المثقف الإنساني) الى أمين عام الامم المتحدة، الذي اثبت انه ناطور جرائم ضد الانسانية وليس مقاوما ضدها كما يفترض ان يمليه عليه منصبه!
اوباما سارع بمطالبة حماس بالإفراج عن الجندي التي تقول اسرائيل إن حماس أسرته كذلك فعل بان كي مون، لكن واحدا منهما لم ينطق بكلمة امام الهجمات الجنونية التي قام بها نتنياهو ضد رفح بعد فقدان الجندي، من مسح لإحياء كاملة وقتل العشرات وجرح المئات من المدنيين.
أسر جندي خلال حرب وعمليات قتال وعلى ارض فلسطينية يدفع هولاء وغيرهم الى الصراخ والاحتجاج ضد المقاومة اما قتل المدنيين الفلسطينيين بالجملة فهو دفاع عن النفس!!
يا للعار، عشنا وشفنا هذه الهرطقات السياسية وهذا الإسفاف في النفاق للصهاينة من كبار هذا العالم، انهم بأعمالهم وأقوالهم المؤيدة لجرائم اسرائيل أصبحوا صغارا في نظر الشعوب الحرة، ببساطة هم خدم ببصيرة عمياء يشتغلون عند اسرائيل وعند أصدقائها من اللوبي الصهيوني في الكونغرس، الذين هم اشد ولاء لنتنياهو من الكنيست، هذا الكونغرس الذي قدم لإسرائيل 250 مليون دولار للتعبير عن تضامنه معها في الوقت الذي ترتكب فيه المجازر يوميا بالجملة في غزة ثم نراهم بعد حين يقولون متعجبين (أوف.. لماذا هولاء العرب يكرهوننا!).
وعن مواقف الدول العربية والإسلامية لا شئ يدعو للفخر واذا كانت شعوب هذه الدول قد رأت ما لم تصدق من تخاذل وصمت وجبن الانظمة، فلقد كشفت أحاديث المواطنين العرب وآرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي عن أن الناس لم تعد عمياء ولا مخدوعة. هناك اقبال شعبي عام على استخلاص الدروس والعبر، لكن الدرس الأهم من مواقف دول امريكا اللاتينية المشرفة ان على الشعوب العربية ان تنتشل نفسها من الفتن الدينية والطائفية الدموية الغارقة فيها والتي جرتها اليها دول وتنظيمات باسم الاسلام، لأن من عبر غزة ان هذه الدول المسيحية الأمريكية (التي لا مصالح لها تذكر في الدول العربية) وقفت مع غزة مع ان هوية المقاومة فيها جهادية إسلامية، فيما تواطأ المتواطؤون من عرب ومسلمين، وفي لندن وباريس خرج عشرات الآلاف من الفرنسيين والإنجليز في مظاهرات احتجاجية بعضها عنيف، وباكثر عددا من كل ما خرج في العواصم العربية والإسلامية. هذا المشهد يبين أن اختلاف الدين والمذهب يجب ان لا يفرق بين أبناء الشعب الواحد ولا بين الشعوب المختلفة بالدين. من يزرع هذه الفرقة هم المتشبثون بالكراسي من المستبدين والطغاة ومشاريع الطغاة ومن أنصار المشروع الصهيوني الذي يثيرون الفتن حتى يحرموا شعوبهم من الوعي بالمواطنة ويقفوا ضد مطالبها بالحرية والكرامة والعدالة.
هذه الحرب الإجرامية بينت بوضوح هوية طابور المشتغلين عند اسرائيل من جهة، ومن يقف ضد جرائمها من جهة اخرى، لكن الناس باتوا يعلمون ويستخرجون الخلاصات.
شعوب العالم لن تنسى هذه الايام التي يسطر فيها ابطال غزة ملاحم ترفع رأس العرب وحيث أظهر فيها شعب غزة الحقيقة الناصعة وهي ان نقطة الضعف والهوان التي تغطي هامات الدول العربية بمواجهة حروب اسرائيل التي لم تنقطع، لم يكن سببه أبدا عجز الشعوب عن التضحية والتحمل والصمود، انما لان الحكام، أسود على شعوبهم نعام عند مواجهة اسرائيل، ونقولها بشفافية اكبر (الكل بشتغل بخدمة اسرائيل) اما من تحت الطاولة او بصمته وتقاعسه وخوفه او لانه ما بدري.
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=62221&&head...D9%84%E2%80%8E
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
