كثيراً ما سمعنا من العصبة الليبرالية كلماتٍ تتغنى بقيم التسامح وبالذات مع الآخر ، وكثيراً ما كنّا نسمع النقد الحاد لمعتقداتنا ، وبالذات مما يختص بالولاء والبراء ، وأن هذا يخالف القيم المتحضرة ومنظومة الحداثة والتطور – زعموا - فهذا الفكر المترنح بين اليمين واليسار ، والذي يحاكي الغرب في الخفاء ويرمي رموز المجتمع الإسلامي بمنجنيق التخلف ، وهو يدّعي أنه الوصي على كل شيء ، وهو في ظني لا يملك شيئاً غير أنه يصبغ الوجه الوقح بمكاييج تخفي ورائها كل قبيح ، ليس لهم هم إلا مهاجمة أهل الخير ورموزه ، بالتعريض أحياناً ، وبالتصريح أحياناً أخرى وبالتصدي لكل صاحب فكر أصيل يرتشف من هدي القرآن وهدي محمد صلى الله عليه وسلم منهاجاً .
وهاهم القوم في كل مرة يفضحون بمخالفة ما يدعون إليه من الكذب والبهتان الذي امتلأت به صدورهم وقلوبهم ، ومع ذلك نرى الصفاقة وقد لازمتهم في كل حين فيخرج دعي منهم ليتلجلج وله خوار كالبهائم - أجلكم الله – ويعيد نفس الدعاوى الكاذبة من التسامح وقيم التحضر، ويجعل ذلك مقدمة للهجوم على الآخرين بكل قلة حياء ودون تسامح – وكأن وجه هذا الدعي صب من الرصاص – فلا دين يردع ولا خلق يرفع .
ومع ذلك لما فضحوا في كل ميدان وأصابتهم سهام الحق راحوا يشكون كالثعالب، ويندبون ويلطمون- كالنساء المستأجرات في المآتم - بدعوى الحفاظ على تماسك المجتمع وجمع الكلمة، يحفظون بها ماء وجهوهم الكالحة إن كان فيها ماء ، فما كان من خادم الحرمين- حفظه الله - إلا أن صرح بكلمةٍ توجيهيةٍ عامة أبوية حانية يطلب فيها من الجميع التآخي والبعد عن التناحر ، ولكن القوم كمدمن خمر فما يلبث بعد أن يذكر ويعزر إلا ويرجع إلى ما كان عليه من البلايا والمصائب .
فما كادت كلمات خادم الحرمين النيّرات يجف مدادها ، إلا ورأينا بعض بني ليبرال لا كثرهم الله و قد وقعوا فيما نهوا عنه ، فبدئوا بالدندنة على أكذوبة ما يسمى " مؤسسات المجتمع المدني" التي في ظاهرها الخير والرحمة وباطنها شر وبلاء ، فبدئوا ومن خلال هذا المسمى البراق نصب محاكم التفتيش وكيل التهم لمعتقدات البلد ودينه، ونقد كل أحد يعارض أقوالهم ولو بالبهتان في منظر مزري لا يدل على شرف الخصومة ونبل المبدأ.
وقد كان من آخر هذه الدلائل تلك الحملة الشعواء التي وجهت إلى الشيخ : سعد البريك حفظه الله ، بعد أن أحرجهم وبين زيف كذبهم وتهافتهم وتناقضهم ، وبدلاً من رد الحجة بالحجة والبرهان الساطع ، فقد انحرفت تلك الأقلام المشبوهة وبطريقة منسقة ومنظمة ، وفي صحف متنوعة مختلقة النقد بشكل رخيص ، وعلى طريقة أن الكثرة تغلب الشجاعة ، وفي محاولات بذيئة لإسكات الشيخ تعدت فيها حدود النقاش الطابع العلمي لتصل إلى النقد الشخصي للشيخ والاتهام بالباطل ومحاولة استعداء السلطة عليه.
والحقيقة أيها الأحبة أن هذا ليس بغريب على القوم ، فقد كانت سهام النقد توجه إلى سياسات المملكة في عزّ الأزمة ، حتى وصل هذا النقد إلى أدق التفاصيل عن الدولة وكأنهم عيون للغرب وطابور خامس يطعن الأمة في الخلف ، فقد شمل هذا النقد مناهج التعليم ، وأنها لا تتوائم مع متطلبات الخضوع للغرب وسلطته القاهرة ، بل وامتد هذا النقد ليصل إلى الدعوة والقضاء ، بل وصل الأمر إلى المطالبة بمنع تدريس كتاب الله في المساجد ، بحجة أنه يمثل خطراً على الغرب وأمنه وغلبته علينا ، فأقول أي خيانةٍ أشدّ من هذه الخيانة ؟! لقد انسلخ هولاء من أبسط متطلبات روح المواطنة التي طالما تغنوا بها زوراً وبهتاناً وسودوا بها مقالاتهم السوداء في الصحافة .
وسأضرب على ذلك مثلاً حيًا وقع هذه الأيام ، وهو عندما هاجم بوش الإسلام واتهمه بأنه فاشي ، فما كان من قيادة المملكة إلا أن وقفت موقفا تاريخيا وردت هذا الاتهام ، وحذّرت من هذه الأساليب الخطيرة ، وأوضحت المفهوم الصحيح لمعنى الفاشية ، وذكرت أن أصل نشوئه في الغرب ، عند ذلك انبرى أحد هولاء الأوغاد الليبراليين ممن أكل من خيرات هذه البلاد واستظل بظلها ، يدافع عن فتوى سيده بوش ويشرح معناها ومقاصدها ، وأنه لم يقصد الإساءة للإسلام ، بربكم أي خيانةٍ أشد من هذه الخيانة ؟! وأي ولاءٍ في قلب هذا المفتون لدينه وبلده ؟! إنه الولاء لأمريكا فحسب .
أخيراً أذكّر الشيخ سعد البريك _ وفقه الله _ أن ما أصابه من كيد هولاء وحقدهم رفعة له ، كما أذكّر إخواني وكل من له استطاعة بالوقوف في وجه أهل الباطل ونصرة الحق وبذل الوسع في ذلك ، والوقوف سداً منيعا للحفاظ على أمن بلادنا ، وجمع الكلمة وفضح مخططات الكائدين والخونة .
اللهم عليك بكل من يحارب دينك وأوليائك ، ويوالي أعدائك ، اللهم افضحه واهتك ستره وزده صغاراً وذلة في الدنيا والآخرة .
منقول ..