بقلم : خلود الخميس _ داعية إلى الحياة الطيبة
قبل أسبوع في «بيزانسون» الفرنسية، وهذه المنطقة هي مكان ولادة فيكتور هوغو الأديب والشاعر الروائي الفرنسي، أضرب الخباز الفرنسي رافاكليه (50 عاما) عن الطعام لإيقاف ترحيل العامل الغيني المتدرب في مخبزه، ولكن ما لفت الرأي العام البيزانسوني لقضية المهاجر المتدرب عند الخباز المخضرم تدهور حالة الخباز ونقله إلى الطوارئ وبدء المجتمع تناقل الموضوع.
وأضرب «رافاكاليه» عن الطعام بعد أن اضطر المتدرب السابق لديه لايي فوديه تراوديه (18 عاما) إلى وقف تدريبه بعد صدور أمر بإجباره على مغادرة الأراضي الفرنسية بعد أن كان يعيش في منطقة «اوت سون» بصفة «قاصر معزول».
ولجأ إلى المحكمة الإدارية للطعن القضائي بأمر الطرد الصادر في حقه وسيعرض ملفه يوم 26 يناير، حيث بينت محاميته أن ترحيله بسبب ادعاء السلطات المحلية بأن الأوراق العائدة له ليست أصلية وتسعى لدى السفارة الغينية للمصادقة عليها.
وناشدت شخصيات سياسية ونقابية وفنية وأدبية الرئيس الفرنسي التدخل عبر مقال صحافي بعنوان «مساعدة خباز بيزانسون المضرب عن الطعام»، كما جمعت عريضة أطلقها الخباز الإنسان «رافاكليه» دعما لمتدربه جمع فيها أكثر من 220 ألف توقيع لمساندة قضيته.
في الجانب الآخر من العالم، صادرت الجهات المسؤولة عن بقاء الشوارع نظيفة كمتنزه صالح للتجول بلا عوائق تكدر عين الراجل أو تكسر زجاج السيارات في الدولة الحائزة وصف «الإنسانية»، بقالة متنقلة لمولود في البلاد «وصفه بدون» يبيع العلكة والمحارم الورقية والعصير والماء ليعود بقوت اليوم لبقية الأسرة.
«ووصفها بدون مثله» وجزع الشاب (لم يبلغ العشرين بعد) وهدد بحرق نفسه وبيده سكينا وتدخل أحد الطيبين وأخذ منه السكين بعد أن جرحت يد «الطيب» وأقنعت الشاب بأن فعله هذا خطأ وحرام: الانتحار، ولكنه استمر بالصراخ مطالبا بإعادة بقالته.
انتشرت له فيديوهات في وسائل التواصل الاجتماعي يكرر جملة واحدة «أبي بقالتي» وتعاطف معه الرأي العام وكذلك انطلق في الوقت نفسه، في بلد الإنسانية والشعب الذي تبرع في عشر ساعات بعشرة ملايين من الدنانير في فزعة للكويت لدعم معيشة الأسر الفقيرة التي توقفت مصادر دخلها خلال جائحة كورونا، نعم هذا الشعب هو ذاته الذي تعجب في هاشتاغ بعنوان «تقويم البدون» كيف لهذا الشاب الفقير أن يمتلك قيمة إجراء تقويم طبي لأسنانه، فخرج في اليوم الثاني لمصادرة باب رزقه الوحيد في فيديو ليبرر أن تقويم أسنانه معروف أسداه له شخص خير.
ومازالت البقالة محتجزة ولا يحق له اللجوء للقانون لأنه «مقيم بصورة غير قانونية» كما تعترف بلد الإنسانية وتضع لاعترافها «جهازا قانونيا» لحلحلة الوضع أدى إلى تعقيده خلال عقد من الزمن.
وما زلنا ننتظر حكم محكمة المهاجر الغيني الذي تطوعت محامية للدفاع عن حقه في البقاء والعمل كمهاجر وسيستمع القضاء له يوم 26 من هذا الشهر.
إنها حكاية واحدة في بلدين أحدهما مسلم والآخر غير مسلم.
رابط المقال
https://www.alanba.com.kw/1018125
خلود عبدالله الخميس
كاتبة صحافية كويتية مجازة في الإعلام السياسي
روائية لها إصداران امرأة وظلان 2007 الغسل الأخير 2017
مدربة معتمدة في جودة الحياة " لايف كوتش"
تويتر
@kholoudalkhames