رسالة إلى سريع الغضب [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]
أخي الحبيب الغالي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلم أخي أن الغضب انفعال بشري فطري يؤدي إلى ثورة النفس وحملها على الرغبة في البطش والانتقام . ويختلف الغضب من شخص لآخر، فمن الناس من هو سريع الغضب، ومنهم من يكون غضبه بطيئاً بسيطاً، وهناك من يزول غضبه بزوال سبب الغضب، ومنهم من يستمر غضبه مدة طويلة وإن زال سببه .ولأن الغضب سلوك يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي وتربيته السامية التي جاءت لتربية الإنسان على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، وحثه على احتمال الآخرين وكف الأذى عنهم ومحاولة كظم الغيظ والعفو عند المقدرة؛ فإنني أكتب هذه الرسالة إلى كل من تمكن منه الغضب فأقول مستعيناً بالله: يا من اشتد غضبك ، تَذكَّر أنك قد جنيت على نفسك بغضبك حينما تشنجت أعصابك ، واحمرَّ وجهك، وزاد خفقان قلبك، وتتابعت أنفاسك، وانتفخت أوداجك فقبُحت صورتك واضطربت حركتك، وارتعدت أطرافك وتلجلجت في كلامك، وربما فَحُشَ كلامك وأشعلت في داخلك شعلة من نار يأكل بعضها بعضاً . فهل يسرك أن تكون على هذه الحال التي هي أقرب لحال الحيوانات المفترسة من حال الإنسان المسلم الذي خلقه الله سبحانه في أحسن تقويم. يا من دعاك الشيطان إلى الانتقام ممن أغضبك بالسب والشتم أو الاعتداء باليد ونحو ذلك تَذكَّر ما روي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ليس الشديد بالصُّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )) أخرجه البخاري.وعليك محاولة رد الغضب والتحكم في أقوالك وأفعالك حتى لا تخطئ في حق غيرك أو تتلفظ بلفظٍ لا يليق بك . واعلم أن من ملك نفسه عند الغضب كان أقوى إرادة وأكثر قدرةً على ضبط أعصابه وانفعالاته اعلم أن في ترك الغضب عصمة للإنسان من كيد الشيطان ومكره . ولذلك روي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني , قال ((لا تغضب )). فردد مراراً قال : ((لا تغضب)) رواه البخاري ولا تنس أخي ما أرشد إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها ويؤديها متى ما تعرض للغضب كأن يلزم الغاضب الصمت فلا يتكلم حتى لا ينطق بما قد يندم عليه بعد زوال غضبه، أو تغيير الحالة التي يكون الإنسان عليها إلى حالة أخرى لما روي عن أبي ذر – رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع )) ومن ذلك الاستعاذة بالله سبحانه من الشيطان الرجيم وأخيراً الوضوء الذي يساعد – بإذن الله – على إطفاء حرارة الغضب وإخماد لهيبه ، فاحرص – بارك الله فيك – على ذلك وعوِّد نفسك على هذا العلاج النبوي ؛ وتَذكَّر ما جاء في ثواب العفو وفضل كظم الغيظ، واحرص على ألا يفوتك أجر ذلك وثوابه ، فقد ذكر جل وعلا ذلك في قوله : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً )) وفقك الله لكل خير والسلام.[/grade]