خطبة عيد الفطر للعام 1431 هـ
جامع الملك عبد العزيز رحمه الله بالخفجي
ش . بندر نايف العتيبي
أولاً :
~ :: عناصر الخطبة :: ~
العيد !!
إلى كل من ولي من أمور المسلمين شيئاً !!
إلى العلماء وطلبة العلم !!
إلى كبار السن !!
إلى الشباب !!
إلى المرأة المسلمة !!
إلى المجتهدين !!
إلى المقصرين !!
إلى اليتيم !!
إلى أحبتنا ذوي الاحتياجات الخاصة !!
إلى عاق والديه !!
إلى غير المسلمين !!
ثانياً :
~ :: رابط الاستماع :: ~
http://www.alraidiah.com/main/voices.php?action=show&id=246
ثالثاً :
~ :: نص الخطبة :: ~
العيد
إن للعيد مقاصد:
منها شكر الله على ما منّ به من عبادة الصيام والقيام،
والفرح والتمتع بما أباحه الله من النعم،
فاحمدوا الله على ما هداكم، وأظهروا الفرح والسرور، وتمتعوا بما أبيح لكم من غير منكر،
قال تعالى: (ولتكلموا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون).
إلى كل من ولي من أمور المسلمين شيئاً
يا من ولِيت للمسلمين أمراً، صغيراً كان أو كبيراً،
اتق الله، واعلم أنك على باب عظيم،
فإن أحسنت أوصلك هذا الباب لرضى الله، وإن كانت الأخرى فلا تلومنّ إلا نفسك،
اعلم أن المناصب لو دامت لأهلها ما وصلت إليك،
وأن الأيام دول، وأن صنائعَ اليوم لها ثمار في الغد،
فإن أردت النجاة غداً فراقب الله اليوم،
قال أبو مسعود البدري رضي الله عنه:
كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتاً من خلفي (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت من الغضب،
فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول (اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود)
فألقيت السوط من يدي فقال (اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام)
فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبداً،
وفي رواية فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله
فقال (أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار).
إلى العلماء وطلبة العلم
إلى نور الدنيا، وورثة الأنبياء،
إن الأمة بحاجة لكم، لا سيما في هذا العصر الذي أُهين فيه العلم، وتسلط الكثيرون على أهله،
احتسبوا الأجر في نشر السنة، وانبذوا التحزب والتعصب والتقليد،
علموا الناس أن العصمة للدليل لا للرجال،
تعرّفوا أحوال المسلمين، واعرضوا ما تقولون على الدليل،
لا تغفلوا عن النظر في المصالح والمفاسد، فإنه من أعظم قواعد الدين،
وفي الحديث: (رحم الله عبداً قال خيراً فغنم أو سكت عن سوء فسلم)،
الله الله أن يؤتى الدين من قبلكم،
قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير).
إلى كبار السن
أنتم خلاصة المجتمع، أنتم القدوات،
بآرائكم يستنير غيركم، وعلى خطاكم يسير من بعدكم،
وفي الحديث: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة)،
احمدوا الله على ما مضى وأحسنوا فيما بقي، يغفر لكم ما سبق، ويبارَك لكم فيما يأتي،
واعلموا أن من نعم الله طول العمر مع ملازمة الطاعة،
سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله من خير الناس؟
قال (من طال عمره وحسن عمله).
إلى الشباب
أنتم عماد الأمة ومستقبلها،
تعرّفوا نعم الله عليكم ولازموا شكرها، إياكم والركونَ للذات وعودوا أنفسكم تحمل المسؤوليات،
واعلموا أن الله لم يميز الآدمي بالعقل إلا ليعمل به، وأن الملكين عليهما السلامُ يحصيان عليك،
أنفاسُ الحي خطوات إلى أجله، ومقدار البقاء في الدنيا قليل، والحبس في القبور طويل،
ما سعد من سعد إلا بمخالفة هواه، ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه،
الكسلُ عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الراحة يورث الندم،
فاستفد من شبابك، وأتعب نفسك اليوم لترتاح غداً،
قال صلى الله عليه وسلم:
(لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس:
عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه و ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه و ماذا عمل فيما علم).
إلى المرأة المسلمة
إلى نصف المجتمع،
النصف الذي يلد ويرعى النصف الآخر،
ننظر باحترام بالغ لدورك الفاعل في بيتك،
ونقدر صبرك وجهادَك في سبيل إرضاء زوجك،
أبشري بالأجر العظيم والثمرة المباركة،
إن عليك أن تتقي الله، وتحفظي حدوده، وترعي حقوق الزوج والولد،
لا تنخدعي بما يفعله بعض النساء من التبرج،
إذا مشَيتِ فعليك بالسكينة، لا تزاحمي الرجال، ولا ترفعي صوتك،
إن الله آتاك قدرة على الإقناع وكسب كل صراع،
فاكسَبي قلب زوجك بالتودد إليه والإحسان لأهله، وليكن لك في أمهات المؤمنين قدوة حسنة،
ويا معاشر الرجال اتقوا الله في نسائكم، انظروا لمحاسنهن،
فإن أحدكم لا يطيق ما تطيق المرأة من عمل شاق، قابلوا الإحسان بالإحسان،
واعفوا عن بعض الزلل، فإن الله عفو يحب العفو.
إلى المجتهدين
يا من استقام على الدين، ولازم الطاعة،
اعلم أن الله تفضل عليك بالاستقامة وقد حرمها آخرين،
فإياك إياك أن تزهد فيما وصلت إليه من المراتب،
واحذر من الفتور، ولا تغتر بما عملت، فإن العبد لا يدري أقُبل عمله أم رُدّ عليه،
ابتعد عن الرياء والإعجاب بالنفس، ولا تحقر غيرك من المقصرين،
قال الله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون
نزلا من غفور رحيم).
إلى المقصرين
يا من ركن إلى ملذاته، وتابع هواه، وغرّه شيطانه،
أبشر برب رحيم يغفر الذنوب، أقبل على مولاك فإن باب التوبة مفتوح،
وصحائف أعمالك لم تطوَ بعد،
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعاً إن الله هو الغفور الرحيم).
*** *** ***
إلى اليتيم
إن العبد إذا سُلب نعمةً سُخّرت له أخرى، وإذا حُرم خيراً فليعلم أن الله أخلفه خيراً،
ابحث عن ذلك الخير الذي أبدلك إياه ربك،
فتش عنه بنفس مطمئنة معترفة بنعم الله،
لا تجعل اليُتم مصيبة تكدر حياتك، فهذا أمر قضى وانتهى، ولن يعيده الندم،
لا تدمر حاضرك ومستقبلك بالتباكي، كن أقوى من مُصابك وآلامك،
واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاد الأمة إلى أعظم نجاح وقد نشأ يتيم الأبوين،
قال تعالى: (ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى
فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث).
إلى أحبتنا ذوي الاحتياجات الخاصة
لئن رآك البعض معاقاً فنحن لا نراك كذلك،
إن الله أبقى لك همة عالية وقلباً ينبض بالحياة،
هل سمعت بالتابعي الجليل عطاءَ ابن أبي رباح؟
لقد كان به عور وعرج وكان أسود اللون فقيراً مملوكاً،
فقالت له أمه: يا بني لا أراك جميلاً فترغبك النساء، ولا ذا مال فتهابك الرجال،
ولا أرى لك إلا العلم، فلعل الله أن يجعل لك شأناً،
فطَلب العلم حتى إن أمه رأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول (إن سيد المسلمين عطاء)،
وقد حجّ سبعين حجة،
وكان من أعلم الناس بمناسك الحج حتى إنه كان يُنادى في الحج: لا يفتي الناس إلا عطاء،
وقال الأوزاعي: (مات عطاء بن أبي رباحٍ يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس)،
هكذا كان المبتلون من سلفنا الصالح، علم وعمل واجتهاد واعتراف بفضل الله،
لا هروب من الناس وانزواء عن المجتمع واستسلام للمصيبة.
إلى عاق والديه
اتق الله في والديك، واعلم أن عقوق الوالدين دين،
وأنك غداً ستشرب من الكأس نفسها، وما عند الله أشد،
إن الله جعل طاعة الوالدين بعد عبادته فقال: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً)،
الوالدان لهما في الإسلام شأن عظيم، ولدعائهما قبول، ولرضاهما مكانة،
وبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أشد المهلكات،
أتى رجل إلى ابن عباس فقال: إنى خطبت امرأة فأبت أن تنكحني،
وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟
قال: أمك حية؟ قال: لا، قال: تب إلى الله عز وجل وتقرب إليه ما استطعت،
قال عطاء بن يسار: فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟
فقال (إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة).
إلى غير المسلمين
هاهم المسلمون على قلب واحد، يجتمعون على شعيرة عظيمة من شعائر الدين العظيم،
حريّ بكم أن تتعرّفوا على الإسلام وتكونوا من أهله،
لقد وجدنا في الإسلام قيمة الإنسان وكرامته،
وذقنا حلاوة الإيمان ولذته، ومتعة العبودية لله، وشرف السجود له،
ومجد اتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم،
وكم نحب أن تشاركوننا هذه الحياةَ السعيدةَ في ظل الإسلام،
قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام
وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم
ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب
فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن
وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم
فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد).
~ :: تمت الخطبة :: ~