ساقي نخب الأفراح . . بصحتك يابو مبارك
لم يشكِ منه صبر، ولم يهطل له دمع، ولم يكن ذا يوم من الذين يتربعون في صدر المجالس، المتوشحين ببشوت الاستعلاء عن بقية البشر، بل على النقيض تماما، تجده في أطراف المجالس، وأحيانا خارجها.
في كل مناسبة، يقدم هذا الرجل النحيل بجسده، العظيم بحضوره الطاغي، درسا للمتضخمين، كيف إن الحياة بسيطة إلى درجة إنه بمقدور أيا من كان أن يمازح من هو أقل منه قيمة اجتماعية.
لأنه إنسان في كل الأحوال . . وفي أسوأ الأحوال.
هو هكذا أبو مبارك الدوسري " لا أعرف اسمه الأول" ساقي مشروب الأجداد، ورجل المناسبات الأول في الخفجي، يملأ المكان حضورا بخطواته المتسارعة وبخنجره وحزامه الذي يلف به خصره، وبابتسامته التي ترتسم على وجهه المجعد وهو يواجه النار، يلاعبها وتلا طفه، بعد أن منحها جل عمره.
يا لجمالك أيها الرجل
حتى للنار كنت وفيا !!
يشكو أنينه وعجز السنين للهيل والشيح، بعد أن تخلى عنه أصدقاءه، ويجيبه الزعفران عن قصة حياته التي كتبت بأوراق الشاي الأسود، وقليلا من الزنجبيل.
معاميل القهوة حبه وعشقه التي يضمها إلى صدره، هي سقف أحلامه التي تراوده وطيفه الذي يخايله.
الرجل المتعفف الذي لم يمد يده يوما، والذي لم يدر وجهه ولم يكن سائلا لمسؤول.
يابو مبارك . . المتضخمون أصحاب البشوت أتعبونا، أرهقونا، أهلكونا
لا حس يعلو على حسهم
ولا مقعد فاخر إلا لمؤخراتهم
ولا مصداقية إلا لأساطيرهم
ليتهم تعلموا منك ، كيف إن الأنسان يحترم لشخصه، وليس لآخر إسمه !!
وليتهم تعلموا منك إن الحياة بسيطة أكثر مما يتخيل هؤلاء المتخشبين.
وليتك علمتهم إنه لا فرق بين إعرابي وأعجمي إلا بالتقوى. . فقط !!
يا لبياض قلبك يابو مبارك
ونقاء سريرتك