الإثنين 07/11/2011
د. فهد بن سعد الجهني
البنوك المحلية أماكن لتجميع أموال عامة الناس بكل شرائحهم وطبقاتهم، وهي تقوم وتقعد على هذا الأمر، فلولا تلك الإيداعات لما قامت هذه البنوك، ودائمًا ما ينقدح في خاطري سؤال مهم، تصعبُ الإجابة عليه دون دراسة علمية ميدانية منهجية، والسؤال المطروح هو: هل كان لهذه البنوك، أو المصارف الإسلامية أثر، أو دور إيجابي في تنمية الوطن وخدمة المواطن؟! أم كان أثرهم سلبيًّا في هذين الأمرين؟!
وبتعبير آخر: هل هناك أدوار ومهام رسمية، أو عُرفية، أو أدبية ينبغي لهذه البنوك أن تقوم بها في المجتمع، ولم تقم بها؟!
إن هذا التساؤل يحضرُ أمامي دائمًا؛ كلّما تذكّرتُ، أو قرأتُ، أو شاهدتُ حالات من الفقر والفقراء تتغلغل في زوايا مجتمعنا الطيّب! كلّما وقفتُ على ربِّ أسرةٍ أثقلتُه الديون، ولم يعدْ يستطيع أن يرفعُ رأسًا، أو يصلب ظهرًا؛ وقد أفقدتهُ الديون صحته، وتركيزه، وكرامته!
كلّما رأيتُ شابًا عاطلاً، أو فتاةً فقيرةً فَقَدَا طعم الحياة ولونها، ولم يعرفا منها إلاّ الهمَّ والغمَّ والحرمان!!
فأقول: أين البنوك بما فيها، وبها من ملايين ومليارات، وهي تنعمُ في هذا البلد الطيّب المبارك الآمن باستقرار وأمنٍ ورؤوس أموال؟!
فأجدُ الجواب الحاضر القريب: إن البنوك كانت، وما زالت، وستظل -إن لم يُنتبَه لهذا الأمر- هي أحد وأخطر أسباب الفقر في مجتمعنا!
وإن قلتَ: كيف؟ فسأقول: ألم ترَ، وتسمعْ، وتقفْ على آلاف، أو عشرات الآلاف من أبناء المجتمع الذين كانوا ضحية هذه البنوك، وتلك المصارف التي زيّنت، وحسّنت لهم الاقتراض منهم! وقدّمت أنواعًا مغريةً، وتسهيلاتٍ يسيل لها لعاب الملهوف، وذي الحاجة، ومَن ليس بحاجةٍ أصلاً، حتى صار الناس -كلُ الناس- يقترض! ولو لم يكن يفكر بالاقتراض أصلاً، كل ذلك على حساب رواتبهم، وأرزاقهم، فأصبحوا مدينين لهذه البنوك بأقساطٍ شهريةٍ، وتحوّلوا من الغنى، أو الكفاف إلى الفقر والعوز، ومن السعةِ إلى الضيق! ألم تكن أحدًا من هؤلاء؟!
ولو سألتَ، وفتشتَ هل لهذه البنوك من مشروعات خيرية لخدمة المجتمع؟! هل فتحت معاهد للتدريب؟! هل تساعد الدولة والجهات الرسمية في خدمة المرضى والفقراء والمحتاجين؟!
ويأتيك جوابُ محبط يائس من هذه المصارف ليقول لك: ليتنا سلمنا!!
إني أدعو الجهات الرسمية المعنية كمؤسسة النقد، ومجلس الشورى، وغيرهما؛ لدراسة هذا الأمر بعناية وصدق؛ لتحفيز هذه البنوك أن تُساهم في مجالات التنمية، والبحث العلمي، والفقر.. فإن الذين اكتووا بنار هذه البنوك، وتلك المصارف كثير.. كثير!