بقلم :
محمد بن سليمان المهنا
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ، وبعد :
في الموقع الشهير (ملتقى أهل التفسير ) طلب المشرف العام الدكتور عبدالرحمن الشهري من الأعضاء أن يضع كل واحد منهم تعريفاً بنفسه فكانت هذه المشاركة العجيبة من أختنا د. سمر الأرناؤوط ، وهي حاصلة على الدكتوراه في الهندسة المدنية من بريطانيا ، مشاركتها في التعريف بنفسها عجيبة بحق لا سيما ما في آخرها من النتائج !!
تقول الأخت وفقها الله :
أنا أختكم في الله سمر الأرناؤوط لبنانية من بيروت قضيت طفولتي وشبابي في بيروت خلال الحرب الأهلية التي خرجنا منها سالمين معافين على الرغم من الأضرار التي لحقتْ بنا سواء مادية أو نفسية أو معنوية
كانت دراستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدرسة إسلامية (مدرسة خديجة الكبرى) وكانت لي عناية خاصة باللغة ودروس الدين لحبي الشديد لهما وأذكر أني فزت بمباراة كتابية بين المدارس (كانت بعنوان الأخلاق) ثم المباراة الخطابية وقد كنت الوحيدة من القسم العلمي وباقي المتسابقات من القسم الأدبي
وكان لمدرستي فضل كبير علىّ في تنمية مهارات الحوار والبحث العلمي، وقد حصلتُ على شهادة بختم القرآن ترتيلاً وتجويداً من مدرستي وأنا في الصف الخامس ابتدائي وما زلت أحتفظ بها والحمد لله
وكان لمديرة المدرسة الآنسة عائشة مرعي تعالى دور في التنشئة الدينية والانضباط وحسن الخُلُق فقد كانت تجمعنا كل صباح ثم تعطينا درساً قصيراً إمّا من السيرة النبوية أو تقص علينا قصصاً فيها عبر وتزكية نفس وأخلاق ثم نبدأ يومنا الدراسي
ولا أنسى عندما كانت تعود من الحج (وكانت تحج كل عام بفضل الله تعالى) كانت تدعو كل الطالبات والمدرسات -كل صفّ مع مدرّسته - لمكتبها لتناول التمر وشرب ماء زمزم الذي كانت تحضره من مكة
عائلتي بسيطة وليس فيها من أهل العلم الشرعي أحد
كانت لدي منحة للدراسة في فرنسا لأني حصلت على مرتبة الشرف في المدرسة ولكن ظروف الحرب حرب (لبنان عام 1982) أخّرت أوراقي فلم أسافر ودرستُ في الجامعة العربية في بيروت واخترت الهندسة المدنية
تخرجتُ عام 1984 ونظراً لظروف الحرب لم أتمكن من العمل في بيروت إلا لمدة أسبوعين انتهت هذه التجربة بسقوط مبنى الوزارة التي أعمل فيها بصواريخ ولكن ولله الحمد كنا قد غادرنا المبنى فاقتصرت الأضرار على سقوط المبنى
عايشتُ الحرب الأهلية يوماً بيوم وعانينا منها ما عانينا ثم كانت دعوة الرئيس رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السابق فقد طلب أسماء المتفوقين في الجامعات اللبنانية بعد أن قرر إرسالهم للخارج لاستكمال دراستهم حتى لا ينخرطوا في الأحزاب السياسية والحرب الأهلية وكنت من الذين غادروا إلى بريطانيا في ثاني دفعة ، وللعلم فقد بلغ عدد الطلاب الذين أرسلوا للخارج ما يناهز 34 ألف طالب في جميع الاختصاصات
في بريطانيا حصلت على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة ليدز (عام 1991) وفي تلك المرحلة تزوجت بزوجي د. محمد عبد الغني يحمل دكتوراه في الهندسة الكهربائية
بعد بريطانيا حصل زوجي على عمل في السعودية فسافرتُ معه وعشنا فيها 17 سنة ، ونظراً لتخصصي لم أتمكن من العمل في السعودية في مجال الهندسة فتنقلتُ بين وظائف التدريس في المدارس الخاصة ثم أشرفتُ على تدريب أكثر من 300 موظفة ومدرِّسة في المدارس الحكومية في قسم الحاسب الآلي لأني مهتمة بالحاسب وقد تعلمتُ برامجه بنفسي فأنا أحب التحدي
ثم قررت بحمد الله أن أترك العمل لأنه صار لدي هدف آخر في الحياة حيث بدأت اهتماماتي بالبرامج الفضائية وكان من أول ما تابعتُ برنامج "قول معروف" على قناة الشارقة للدكتور فاضل السامرائي فشدني هذا العالم الفاضل بأدبه وتواضعه وعلمه الواسع فكنت أسجل حلقات هذا الدكتور وغيره على أشرطة تسجيل
ثم بدأت ثورة الانترنت فألهمني الله تعالى أن أقوم بعمل موقع ينشر تلك الحلقات وأصررتُ على تعليم نفسي برنامج تصميم المواقع ونجحت والحمد لله في تجربة بسيطة لموقع شخصي ثم كان علي أن أقوم بتفريغ كل ما لدي من حلقات تلفزيونية وكانت تزيد على 200 حلقة فاستغرق العمل ستة أشهر ثم بدأتُ النشر والحمد لله
ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع البرامج القرآنية الهادفة والتي تتحدث عن لغة القرآن بالتحديد ويزداد شغفي بها وصرت أقوم بتسجيل وتفريغ ما أتمكن منه وقد يصل عدد البرامج التي أُفرِغها أكثر من ست حلقات أسبوعية إضافة إلى مقتطفات من برامج يومية وكل حلقة تستغرق على الأقل ثلاث إلى أربع ساعات عمل لتظهر بصورتها النهائية وكنت أضيف كل جديد على الموقع الخاص بي وسعادتي لا توصف بالقبول الذي لاقاه الموقع الذي أعمل عليه لوحدي وأتحمل تكاليفه أيضاً
وأذكر كم كانت فرحتي عامرة وكم شعرت بالامتنان والشكر لله تعالى عندما وصل عدد الزوار إلى أول مليون وقلت في نفسي : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
ثم تعرفتُ على ملتقى أهل التفسير وعرضتُ موقعي عندهم وصرت أتابع ما فيه من مقالات قرآنية ومع بداية برنامج التفسير المباشر لم أتمالك نفسي من تفريغ الحلقات وكذلك برنامج بينات وأذكر أن أول رسالة تشجيع وصلتني كانت من الدكتور محمد الخضيري ولم أكن أعلم عندها أنه في ملتقى أهل التفسير ، ثم كان أول تواصل مع الدكتور عبد الرحمن الشهري المشرف على موقع ملتقى أهل التفسير وفي رمضان الفائت فرّغت حلقات برامج د. الخضيري والدكتور محمد الربيعة ولله الحمد
ولاقت عندهم صدى حيث عرّفوا بها بعد انتهاء رمضان وكنت أضيفها للموقع يوماً بيوم ولله الحمد
أقرأ كثيراً ولدي شغف بالكتب القرآنية ومكتبتي والحمد لله متواضعة ولا أخرج من مكتبة أو معرض إلا ببضعة كتب أضيفها لمجموعتي وأعتز بها وأبحث عن الكتب القيمة ولدي كتب الدكتور فاضل السامرائي كلها حيث أقتنيها من أي بلد توافرت فيه
موقعي هو عملي الذي لا أتركه يوماً لا في سفري لا في حضري ولم أحصل على إجازة منذ بدأت نشر الموقع لأني لا يمكن أن تفوتني حلقة وأشعر بالذنب إن فاتتني حلقة واحدة من أحد البرامج وعادة لا يحصل فلدي جهازا تسجيل فيديو اثنان كل واحد في غرفة لأقوم بتسجيل البرامج التي تعرض في نفس الوقت تحسباً
أعمل ساعات طويلة على النت تزيد عن عشر ساعات يومياً، أبحث عن مواضيع معينة وأصوغها في شكل مقالات أوزعها على قائمتي البريدية وأعين بها أحياناً الأخوات الداعيات اللواتي كنت أحضر مجالسهن
أحب حضور المحاضرات القرآنية وكنت أذهب إلى البحرين أسبوعياً لحضور مجالس تدبر الدكتورة رقية العلواني بارك الله فيها وكانت لدينا في الدمام جلسة قرآنية أسبوعية نتدارس فيها كتاب الله تعالى
أرغب في أن أخدم كتاب الله تعالى بأي شكل ممكن وأن أقضي وقتي كله في خدمته فليس لدي أولاد يشغلوني عن عملي والحمد لله ، وزوجي يشجعني بارك الله فيه ويقدر عملي وجهدي ويشعر بالفخر بما أقوم به ويتحمل تكاليف استضافة الموقع السنوية
أتمنى أن أساعد أهل القرآن في أي بحث أو دراسة أو تفريغ محاضرات أو كتابة كتب تخدم القرآن
عذراً على الإطالة وأعلم أن سيرتي الذاتية ربما لا تليق بهذا الملتقى ولكني ذكرتها من باب تشجيع الأخوات حتى ينشغلن بما يعود عليهن بالنفع في الآخرة، فأنا أقضي وقتي كله بين الموقع والبرامج القرآنية والكتب وسماع المحاضرات وأتمنى أن يخصص كل واحد منا وقتاً محدداً لخدمة كتاب الله كل حسب اختصاصه وإمكانياته وأن لا نركن للواقع الذي يفرض علينا في كثير من الأحيان بل علينا أن نستثمر أوقاتنا ونسعى لتحقيق الهدف الذي من أجله خُلقنا ولا شيء مستحيل على ابن آدم طالما رزقه الله تعالى العقل السليم، لذا علينا أن نبحث في أنفسنا عما يمكننا فعله خدمة لهذا الدين ولا شك أننا سنجد أكثر من باب نسلك منه إلى رضوان الله تعالى وإلى تحقيق الاستخلاف في الأرض على الوجه الذي أراده الله تعالى لنا نحن أمة الإسلام سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
* رابط موضوعات د. سمر الأرناؤوط بملتقى أهل التفسير
http://tafsir.net/vb/search.php?searchid=303744
* رابط القسم العام بملتقى أهل التفسير
http://www.tafsir.net/vb/forum2/
ـــــــــــــــ *مقالات أخرى للكاتب : ــــــــــــــــ
* قصة إسلام الشيخ يوسف استس الأمريكي
* الدمعـــة الألبانيـــــــــة
* دقيقة في منزل الشيخ الألباني ..!!
* بمناسبة 11 سبتمبر : مشاهدات داعية شهد تلك الحقبة في الولايات المتحدة الأمريكية