كان يظن أنها لا تريد رأيته ولا حتى الحديث معه، والأكثر من ذلك ظن أنها لم تعد تحبه.. لم يسأل نفسه يوما لماذا هي تحاول الابتعاد عنه أو لماذا لا تريد أن تكون معه؟ ظل على هذه الحال إلى أن أتى اليوم الذي قررت فيه أن تخرج من المنزل وتقابله..
المسكينة كانت تمشي بخطوات متثاقلة نحوه .. هي لم ترده أن يحس بالألم الذي تحس به.. هي ما كانت لتريد أن تراه يبكي أو حتى يحزن.. هي لم تشأ أن يكون فراقهما صعبا وإنما كانت تريد أن يتفارقا وكل أملهما أن يجتمعا يوما ما...
وصلت إليه بصعوبة وفي المكان المعهود لم تجده.. كانت صدمتها كبيرة فهي لم تعتقد يوما أن حبيبها لا يريد رأيتها... إنه لم يشأ المجيء فقط لسوء ظنونه بأنها تحب غيره لكنه لا يعلم كم تتعذب لأنها لا يمكنه رؤيته...
جلست وحيدة مكسورة الفؤاد.. تذكرت خلال وحدتها كل اللحظات التي عاشتها معه.. كل لحظة ضحكت فيها وبكت فيها وهي إلى جانبه.. تذكرت أول همسة منه.. أول كلمة أحبك قالها لها.. أول حكاية حب رواها لها.. تذكرت أول ليلة سهرتها معه وتذكرت حتى اللحظة التي فارقها فيها وهي تنتظره...
هي لم تطلب الكثير .. طلبت فقط أن تودعه.. لكن ماذا وجدت..
رجعت وبعد أيام قليلة انتقلت روحها إلى الخالق وسمع هو بالخبر فصدم وندم لأنه لم يتمكن حتى من لمس يدي حبيبته لآخر مرة...
لقد كان ذاك هو اليوم الأخير الذي عاشته ولكن كيف عاشته... شاء القدر أن تكون نهايتها فراق قبل الفراق.. فما أتعس قلبها المنكسر...
أرأيت أيها الحبيب كيف أنها أخفت عنك مرضها وألمها فقط حتى لا تجعلك تعيسا وبماذا قابلتها.. بالشك وسوء الظن فماتت وهي حزينة وكأن كل ما عاشته معك كان وهما...
لا تبكي عليها فهي لا تريد لدموعك أن تنزل من أجلها.. وإنما تريدها أن تنزل من أجل نفسك.. ابك إذن نفسك.