الرسول ينصف طائـراً
عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فرأينا حـُمـَّرة "طائر أحمر اللون" معها فرخان لها فأخذناهما، فجاءت الحمرة تعرش (تظلل بجناحيها) من أجل فرخيها. فقال الرسول عليه السلام: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. أذان بـــلال
رُوي أن بلالاً رأى في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال، أما آن لك أن تزورني يا بلال، فانتبه حزيناً وجلا خائفاً، فركب راحلته، وقصد المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يبكي عنده، ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فعلا سطح المسجد، ووقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ازدادت رجتها، فلما أن قال: أشهد أن محمداً رسول الله، خرجت العواتق من خدورهن وقلن: أبـُعـِثَ الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قال: فما رأيت يوماً أكثر باكياً ولا باكية بالمدينة، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم.
الاعتــدال
ذهب رجل إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه، يشكو ألماً في أسنانه، على صغر سنه. وكان الإمام، مع كبر سنه، يتمتع بأسنان كاملة سليمة، لم يشك ألماً بها قط. قال الرجل: أيها الإمام الأعظم، خبرني عن سبب تمتعك بأسنانك كاملة. فقال له الإمام: يا هذا، أعضاء الله حفظناها في الصغر، فحفظها لنا في الكبر.
ما علـى هـذا اتبعتـك
عن شداد بن السهاد رضي الله عنه: أن رجلاً من الأعراب جاء فآمـَن بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فكانت غزوة غنم فيها النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقسم وقسم له، فقال الأعرابي: ما هذا؟ فقال قسمته لك. فقال: ما على هذا اتبعتك يا رسول الله، إنما اتبعتك على أن أُرمـَى ههنا - وأشار بيده إلى حلقه - بسهم فأموت فأدخل الجنة، قال: إن تصدق الله يصدقك. فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتيَ به إلى النبي محمولاً، قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أهو هو؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: صدق الله فصدقه. ثم كـُفن في جـُبـَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام فصلى عليه، فكان مما ظهر من صلاته: اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فـَقـُتـِلَ شهيداً، وأنا شهيد على ذلك.
أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف
مرض أبو يوسف مرضًا شديدًا، فعاده أستاذه أبو حنيفة مرارًا. فلما صار إليه آخر مرة، رآه ثقيلاً، فاسترجع، ثم قال: لقد كنتُ أُؤَمّله بعدي للمسلمين، ولئن أُصيبَ الناسُ به ليموتَنّ علمٌ كثير. ثم رُزق أبو يوسف العافية، وخرج من العِلَّة. فلما أُخبِر بقول أبي حنيفة فيه، ارتفعت نفسُه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسـًا في الفقه، وقصـَّر عن لُزوم مجلس أبي حنيفة. وسأل أبو حنيفة عنه فأُخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا بعد أن بلغه كلام أستاذه فيه. فدعا أبو حنيفة رجلاً وقال له: صـِرْ إلى مجلس أبي يوسف، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قَصَّار ثوبًا ليصبغه بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصار: ما لك عندي شيء، وأنكره. ثم إن صاحب الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مصبوغًا، أَلَه أجرُه؟ فإن قال أبو يوسف: له أجره، فقل له: أخطأت. وإن قال: لا أجرَ له فقل له: أخطأت! فصار الرجل إلى أبي يوسف وسأله، فقال أبو يوسف: له الأجرة. قال الرجل: أخطأت. ففكر ساعة، ثم قال: لا أجرة له. فقال له: أخطأت! فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة. فقال له: ما جاء بك إلا مسألةُ القصَّار. قال: أجل. فقال أبو حنيفة: سبحان اللّه! من قعد يُفتي الناس، وعقد مجلسًا يتكلم في دين اللّه، لا يُحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات؟! فقال: يا أبا حنيفة، علِّمني. فقال: إنْ صبغه القصار بعدما غَصَبه فلا أجرة له، لأنه صبغ لنفسه، وإن كان صبغه قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه صبغه لصاحبه. ثم قال: مَن ظن أن يستغني عن التعلُّم فَلْيَبكِ على نفسه. ا
لقصار : بمعني خياط ... لصبغه: لتقييفه بمقاس يناسبه.