الكاتب :أ. فريحة ابوبكر ابوعمود
من الضروري ونحن نتعامل مع الأطفال ان نضع في اعتبارنا وحدة الطفل باعتباره كلاً متكاملاً، فالطفل ليس مجرد جسم علينا أن نقوم بإطعامه وتنظيفه ، وإنما علينا أن نشجع النزعة الاستقلالية عنده ، والثقة بنفسه والاعتماد عليها وأن نمكنه من أن يتعلم بالعمل . ولو أدى ذلك إلى قلةٍ في الانجاز . فالتربية الحقة هي التي توفر للطفل الفرصة لاستخدام قدراته بذكاء وإلى أقصى حد ممكن . كما ان تنشئة الطفل على العادات الحسنة وتكوين شخصيته ، وقدرته على امتلاك المهارات ، كل هذا يتأثر بالطريقة التي يتم بها وبالاسلوب الذي تُبنى عليه ، وقد اصبحت التربية تعني الشيء الذي يمتلكه الطفل لنفسه ، يتحرك بدافع من طاقته ، يخطط ويعمل ويختار النشاط والوسيلة التي تناسب احتياجاته يُكيف نفسه بذكاء تبعاً للحالة التي تواجهه ، وتصبح خبرته المكتسبة هي الشعور بالرضى التام لما يقوم به وينجزه‘ .
إن استخدام دورة المياه ، وانتقاءه لالعابه ، وإعادتها إلى مكانها ثانية ، وإعداد المقاعد وتنسيق الزهور يجب ان تتم بإعمال الفكرةِ ، والبعد عن أي ضغط زمني أو محاولة لحثهِ على الوصول الى المستوى الذي وصله الكبار أو أن نجعل منه عبداً لبرنامج معين ، فلا نزجه في عملٍ بطريقةٍ رتيبةٍ ، وضمن جدول زمني سبق لغيرنا أن قرره . حتى لا يفقد الطفل الرغبة في العمل ، ويقل اعتماده على الذات ، وتهبط روحه المعنوية ، ليصبح سلبياً ، يفتقر إلى عنصر المبادأة والامساك بزمام الامور . إن اية مساعدةٍ نقدمها للطفل يجب ان تعطى له بذاته وبمفرده وبأساليب تتلاءم وحاجاته الفطرية ، وبما يتناسب مع عمره ، حتى نساعده على النمو بطريقته الخاصة ، ونحافظ على صفاته ومميزاته الاصليه.
والطفل بحاجة إلى الأمن والاستقرار حاجته‘ إلى الطعام والشراب، لذا يقدم المعلم المساعدة الشخصية له باعتباره حليفاً له ، وصديقاً ، ثم يوفر له التجربة التي تمُكنه‘ من استخدام عضلاته وحواسه ، ليميز بين الأشياء والأشكال والألوان والحجوم والأوزان ، ثم إلى أعمال البناء والخلق والإبداع .
ومن المعروف أن العمل اليدوي ذو أهمية خاصةٍ لنمو الصغير ، فهو يبدأ التفكير حين يبدأ العمل ، ويزيد اثر ذلك إذا ما سمحنا له ان يعمل ما يريد وبالطريقة التي يريدها دون أن نملي عليه شيئاً معيناً أو طريقة معينه حتى لا ينطفئ حبه‘ للمغامره وتخف قدرته على المبادأه فالأفكار هي نتيجة التجارب الحية في البيت وفي الشارع والمدرسة ، والتجربة الابداعيه تكون في القصص وفي المحادثة المثيرة ، فعلينا أن ننمي خبرة الطفل بطريقةٍ ما من الطرق .
والطفل بحاجةٍ الى ان نمنحه فرصة يعتمد فيها على نفسه ، فالتركيز في الوقت الحاضر يقوم على التنوع والفرديه والتعاون مع الجماعة ولذا نحن بحاجة الى ان نمنح الطفل استقلاليته في العمل شريطة أن لا يكون للآخرين علاقة قوية به . ومع حاجة الطفل إلى اتقان العديد من المهارات الازمة له في حياته إلا أن الصغار منهم يجب أن لايتعلموا مهارات تتطلب الحركة الدقيقة والعناية الفائقة لعدم وصولهم حداً من النضج الكافي للقيام بهذهِ المهمة .
ويبدي أطفال ما قبل الخامسة اهنماماً قليلاً بالانشطة الجماعية فإذا بلغوها استطاعوا أن يمارسوها أياماً عدةً حيث يزيد تركيزهم على الانتباه ، وتزداد قدرتهم على الاحتمال وبذل الجهد .
ويميل أطفال السادسة إلى اللعب والحركة والتجربة ، ومعالجة ما يقع تحت أيديهم من مواد وأدوات واستخدام أساليب جديدة بشكل أكثر كفاية وإتقاناً . يبدأون نشاطهم بحماسةٍ كبيرةٍ ثم لا تلبث أن تعمهم الفوضى مما يتطلب منا التدخل والإرشاد والتشجيع وعلينا أن نسمح للطفل بمزاولة ما يرغب فيه من أنشطةٍ وإهتماماتٍ
ومن ثم عرضها على الآخرين .
أما أطفال السابعة فيتوقون إلى مواصلة العمل وهم أكثر من غيرهم تنظيماً ولا بد لهم من القيام بنشاطٍ حُرّ رغم انتظامهم في الدراسة يقومون بأعمال الرسم والبناء بشكلٍ دقيقٍ وبحذرٍ أكبر .
وسن السابعة هي سن الابتكار وسن التجربة ، يميل صاحبها إلى الوقوف على الحقائق وقد يكون في الكتب والصور والوسائل والقصص ما يشبع احتياجاتهم وما يلبي رغباتهم في المعرفة والسؤال .
اخوكم : مـــــحـــــمـــــد