بعد يوم شاق ومتعب وضعت وسادتي وغططت في نوم عميــق , أستيقظت من نومي واذ بي مرتديا الجنز والقميص المقطــع تماشيا مع موديل الجنز , واذ بشعري يعلو في وسطة وفي الجوانب على الزيرو , وتسمى هذه القصـة ( قصة الدجاجة أو الديك ربما ) ولاحظت الشوارب واللحية منتوفــة ربما تم حفهــا بالشيرة أو بالشمع لا أعلم , واذ بصديقي وأستاذي المتنور يرتدي عبائة وعمامة ! وهذه أول مرة أراه مرتديا العمامــة فأستغربت , لم ترتدي العمامــة ؟؟
فقال , يا عزيزي سنذهب سويا الى ايران في رحلــة عمل , ( وما أكثر بغضي لايران لأنها دولة تحكمها الملالي رجال الدين المعممين , العمامة !!) لم أرتديت العمامــة لم تجبني , قال : هذه للزوم خداع رجال الدين والشعب المسكين هناك ولكي لا نواجه مصاعب في ايران , فأقتنعت بذلك , ونحن جميعا كليبراليين لا نرضى بالهالة القدسيــة التي أعطيت لرجال الدين في العالم الاسلامي ولذا نواجههم بغية التغيير .
وبعد وصولنا ونزولنا في مطار طهران , اذ بوفد يستقبل صاحبي وأنهال تقبيلا لأقدامــة وتمسحا بعمامتـة السوداء , وهذا الأمر أدهشني ولكن لا غرابة فهذا ما ننكره على المسلمين ونحن بحاجة للمزيد من الوقت لتغيير مفاهيمهم وهي رسالتنا في الحياة , ولعل زميلي واستاذي سكت وسمح لهم بذلك كي لا ينكشف أمرنا .
وأحضروا لنا تاكسي وذهب بنا الى أحد الفنادق التي يقبع خلفها أحد الأضرحــة , وقال لي أستاذي التنويري علينا الذهاب الى ضريح الشيرازي وهو خلفنا قبل أن نذهب الى غرفنا ونرتاح , قلت له لــم ؟
قال لي هناك أحد الأصدقاء ينتظرني , فذهبت معــه .
واذ برجل ينتظرة وهو أحد سدنة الضريح يلبس عمامة خضراء , فقبل رأس صاحبي وتحدث معه بالفارسية ولا أعرف ما يقولونه ولكنه على ما يبدو يرحب به ترحيبا حارا , فطلب منا الدخول بعد الحوار معه كما أخبرني زميلي , وقبل الوصول الى القبر اذ بصاحبي قد غرقت عيناه بالدموع , فسألته لم البكاء , قال لي من خشية الله , وهو كما أعلم مواظب على الصلاة بارك الله فيه , وفي ثواني أختفى صاحبي لا أعلم أين ذهب واذ به مطروحا على الضريح ودموعة تسيل على ضريح القبر ويجهش بالبكاء ويقول عبارات بالفارسيـة لم أفهم منها سوى ( اللهم صلي على مهمد وآل مهمد ) و يا ألي = يا علي , يا هوسين = يا حسين , فقلت لعله يريد مشاركـة عامة من يجهش بالبكاء للزوم التمويــه وهو يقلدهم في ذلك وما أكثرهم , فأعتصرت الدموع لعل وعسى أن تخرج واذ بي أطرح نفسي على القبر وأقول مثل قولــه ( وهذه الأمور لا تخفى علي أفهمها وهي طايرة ) للزوم التمويــه على الزوار وسدنـة القبور هناك .
وفي الطريق ونحن عائدين الى الفندق قال لي صديقي :
( ان العقول البشرية عليها أن تتحرر من الوثنيات والاثنيات التي سيطرت على عقولهم , والمشكلة الاساسيـة هي تقديس البشر ورجال الدين كابن تيميـة وابن باز وأحمد بن حنبل والصحابة وغيرهم اذ كما تعلم , لا عصمة لبشر )
فقلت له :
( صدقت العالم الاسلامي يواجه صعوبة من الخلاص من هذه الهالة القدسيــة التي أعطاها للأموات , وأفضل أسلوب لمواجهته هي الليبرالية وسماحتها )
وبعد وصولنا للفندق اذ بمعمم آخر يستقبلنــا وبترحيب حار جدا ومعه لا أعلم زوجتـة أو ابنتــة , ودخلوا في أحد الغرف وطلب زميلي مني الانتظار , وبعد خروجهم قال لي صاحبي , اذهب الى غرفتك رقم كذا وأنا سأذهب الى غرفتي مع زوجتي !!
زوجتك !! , كيف
قال للتو تزوجتهــا , فقلت بهذه السرعة والبساطــة قال لا تدقق أتريد أن نكون كالشعوب العربية المتخلفــة والمتخلفين أمثالهم , اذ لا بد أن تعلم أن الزواج هو اتفاق الطرفين فقط , فقلت ربما وهو أكبر مني سنا ومعرفة بهذه الأمور خصوصا وأنا لا أزال شابا يافعا ولم أتزوج بعد , فذهبت الى غرفتي وأمضيت ليلتي لوحدي .
وفي الصباح , طرق بابي صديقي الحميم وقال لي استيقظ بسرعة وفتحت له الباب , وقال كم معك من النقود ؟
قلت : 3 آلاف ريال لم أصرفها بعد للتومان , قال لا بأس أريد 600 ريال ( خمس المبلغ ) لأني سددت ملبغا كنت مطالبا به وبقي 600 ريال وسأعيدها لك فيما بعد , وقال اليوم ستسر وستفرح هنا وستنسى الحزن والهموم قلت له كيف , قال الليلة 10 من محرم وفيه يقام مهرجان احتفالي كبير والاحتفالات كثيرة في ايران , وغالبية السنة مهرجانات ستنسيك صدقني مهرجانات دول الخليج بأجمعها والتي أقنع فيها ( الصحويون ) الشعب الخليجي أن لا يفرحوا الا بعيدين فقــط عيد الأضحى وعيد الفطر ويقتلون بقية الايام ويحرمون الاحتفال بهــا , قلت اي والله لقد أقنعوا السذج بذلك وأنا مستعد لهذه الليلة السعيدة .
وذهبنا بعد غروب الشمس الى أحد القصور وأعتلى صديقي منبرا عاليا وأخذ يبكي ويردد الهتافات التي قالها في ضريح الشيرازي وذكر أيضا ( بني أمية , وبني العباس , وصدام ) وهذه من الكلمات التي أذكرهــا لأن حديثة كان بالفارسيــة , والبقية يطأطئون رؤوسهم ويبكون فقلدتهم وبكيت معهم وقلت لعل هذه من عادات الشعب الايراني وعلي احترامها , وفجأة سمت أصواتا واذ بالغالبية منهم يضربون صدورهم ونصفهم عراة وكان منظرا مؤلما لم أتحمله , وبعد الانتهاء قلت لصاحبي ما الذي قلتة وجعلت هؤلاء يبكون ويضربون أنفسهم بهذه الوحشيــة , فتلعثم وأخذ يلتفت يمينا وشمالا وقال , فيما بعد سأخبرك وأسكت كي لا ينكشف أمرنا , ولا تنسى أن الشعب الايراني شعب مرهف وحساس وذو مشاعر صادقــة , وما قلتة على المنبر كان لتوعيتهم وهم يضربون أنفسهم بسبب الوضع الاسلامي والذي وصل اليه اليوم من احتلال وتخلف ورجعيــة , والذي أعلمه عن صديقي هو أنه مقنع ومتحدث وخطيب لا يشق له غبار فما الغرابة ان أثرت فيهم توجيهاته المعروفة عنه !!
وبعد خروجنا من القصر ( يقول لي أنه قصر ولفت انتباهي الرسوم الكثير لأشخاص لا أعرفهم , ربما لعلماء وفرسان ايرانيين قدامى ) وهذه هي احدى الرسوم
ولربما الشعب الايراني يعتز بتراثـة وبعلمائة كبقية البلدان , المهم بعد أن خرجنــا واذ بطوابير منظمــة تصطف وبأيديها سلاسل وبعضهم شفرات , توقعت أنهم قوات خاصــة لتنظيم المحتفلين , واذ بهم يرفعونها ويلقونها على أظهرهم , وقلت لصاحبي ما الذي يجري ؟
قال : في كل سنـة تبتدع حركة وطريقة جديدة للاحتفال بهذا اليوم والشعب الايراني العظيم مبدع كما قرأت عنه فلا تخف هذه السنة لعلهم يحتفلون بهذه الطريقة لربما هي رسالــة احتجاج لأمريكا بسبب دكتاتوريتها ضد الدول الاسلامية والعربية فأحب الايرانيون المناهضون لدكتاتوريـة أمريكا وحلافائها أن يعيدوا بنا الذاكرة الى سجون أبو غريب وغيرها , فقلت لـــه : صدقت فقد رأيت عراقيا ألبسوه ملابس سوداء في سجن أبو غريب ويعذبونه بالكهرباء وهم يعيدون بنا الأذهان الى تلك العمائل المشينــة التي أقترفتها قوات الديموقراطيــة وهي أحد الأخطاء الفرديــة التي قام بها بعض الجنود , فقال صاحبي صدقت : اذ لا يمكن أن ننسى كل ما قدمتــة أمريكا للبشرية ونشرها للديموقراطيــة ونظلمها بسبب جريمة واحدة أتكبتها .
وبعد الانتهاء من جلـد الذات العربي والاسلامي , اذ بنيران تشتعل قلت لعلها حفلــة الشواء المنتظرة وحسب علمي فالكباب الايراني لا يعلى عليـــه .
وبعد أن بقي الجمر قلت لصاحبي أين المسؤولين عن الشواء أنا لا أراهم ولا أرى لحما أو بصلا !!
قال لي : المثقفون عليهم أن لا يهتمون ببطونهم وعليهم أن لا يتركون بطونهم هي من تسيرهم , فتعطل العقول وتشل وتغزوها الخرافات والدجــــــل كما هي عقول عالمنا العربي , أنت اليوم سترى شجاعــة وجرأة واقدام الايرانيين وليتنا مثلهم ستراهم وهم يقتحمون النيران صغارا وكبارا وأنا بهذه المناسبــة أول من سيقوم بهذه الحركات البهلوانية الهادفــة , كي لا يأخوذا عنا فكرة سيئــة .
قلت لصاحبي المتلبس بالعمامة : هل تقصد أنهم سيقفزون فوق النار ؟؟
قال لي : لا بل سنمشي على النار .
قلت لـه : يا رجل أخاف عليك أن تحترق
قال لي : لا عليك , فأنت بحاجـة لمزيد من القرائـة لتعلم أن الكثير من الشعوب التي قامت بهذه المهرجانات قد تطورت وأزدهرت وأنتجت , ألا ترى أن العرب الى اليوم يستهلكون ولا ينتجون ويخافون من المستقبل , ألا ترى أين وصلت الهند والصين ؟؟
قلت : وصلت الى ما لم نصل اليه بعد
قال لي : هم بدأوا بالمشي على الجمر وتحمل المشاق كي يكون المشي على الرمل أسهل , وبهذا تقدموا عنا وتركونا .
قلت ربما هذا تحليل نفسي وفلسفي وارد ( ربما ليش لا ) .
فدخل صاحبي المتنور بكل قوة وجرأة وقد أعجبني بسبب اقدامة وجرأتة , وعلمت أن لو أجتمع كل الصحويين لما استطاعوا فعل ذلك , وهذا هو الفرق بينهم وبين الليبراليين الذين ينظرون الى الأمور من عدة زوايا لا من زاويــة واحدة .
وبعد الاحتفال انصرفنا وفي الصباح ذهبنا الى المطار وفي الطائرة , قال لي صاحبي : ألم ينبت لك أذنان وذيلا ؟؟
قلت ماذا تقول ؟
قال لا أنا أمزح معك فكما تعلم الصحويين حرمونا الضحكــة والبسمة فهم كعادتهم متجهمون ويقتلون البسمة والفرحــة ولا يعرفون خفة الظل بالاضافــة الى تشددهم في كل شيء .
قلت له صدقــت , وفي الطائرة ذهبت الى ( دورة المياه ) - أجلكم الله - ونظرت في المرآة واذ برأسي تخرج منه أذنان كبيرتان ومن خلفي رأيت ذيلا وأردت الصراخ واذ بي أصدر صوتا غريبــا
فأستيقظت من النوم
والعرق قد أغرق وسادتي بسبب المنظر المرعب , فحمدت الله أنه كان حلما .