الإعلام الذي ضلل شعبه و الشعوب العربية
إن للإعلام المرئي و المسموع و المقروء دور كبير في صياغة الفكر و التفكير و بالتالي تشكيل الشخصيات و النفسيات و العقول للشعوب من خلال ما يبثه من برامج و مسلسلات و أفلام في الإذاعة و التلفزيون و من خلال ما يعرضه في الصحف و المجلات.
وبالتالي فأثره ينعكس سلباً أو إيجابا على جميع مظاهر الحياة
فهو سبب لنهوض الأمة و الأوطان و سبب لسقوطها و هو سلاح ذو حدين يمكن استخدامه في البناء و الهدم
ويكون هذا السلاح خطير جداً إذا سيطر عليه أصحاب الأهواء و الشهوات و المصالح الشخصية والجهلة من القوم و كانت البيئة التي يعمل بها بيئة جهل و تخلف فإنه يسبب دمار شامل في تلك المجتمعات و الأوطان أشد مما تفعله أسلحة الدمار الشامل للأعداء لأنه سوف يدمر العقول و النفوس و القيم و المبادئ و ينشر العصبية المقيتة و الظلم و الفرقة و الرذيلة و شتى أنواع المفاسد.
و هذا ما فعله إعلام الأنظمة الثورية العربية منذ منتصف القرن الماضي و خاصة الإعلام الذي له سبق في هذا المجال و أنفضح أمره مؤخراً.
و للأسف البعض لا يزال مستمرا في هذا النهج لتاريخ اليوم و لكن بثوب جديد .
و السبب من وجهة نظري أنه في تلك الفترة كانت كثير من الدول العربية تحت الاحتلال أو أنها خرجت لتوها من ربقته
و كان يسود في تلك المجتمعات جهل و تخلف كبير و كانت تسود أيضا رغبة شديدة في النهوض و التحرر
و كان لا بد من الاستفادة من تجارب الغرب في عملية البناء و التطوير الحديثة في شتى المجالات و من بينها الإعلام فتم ابتعاث من سيقوم بشأن الإعلام إلى الغرب و هؤلاء لم يكن لديهم رصيد من الثقافة الإسلامية و العربية ما يحصنهم ضد ثقافة الغرب فانبهروا بثقافته و ذابوا فيها و عادوا بتلك الثقافة البعيدة عن ثقافتنا و معتقداتنا و زاد الطين بلة وصول شخصيات ديكتاتورية ثورية لسدة الحكم ممن تأثروا بحركات ثورية عالمية و مناهج مسمومة فسخروا هذا الإعلام لمصلحتهم و أهدافهم فأصبح هذا الإعلام باتجاه واحد لأن أستاذه واحد.
و هذا الإعلام عابر للقارات و الحدود فلا أحد يستطيع أن يسلم من آثاره السلبية سوى نشر الوعي في المجتمع و التحذير من مخاطره و التعريف بأساليب خداعه و دخوله إلى عقول و نفوس الناس
فتسبب هذا الإعلام بالأضرار الخطيرة التالية للمجتمعات العربية و التي أخرت فترة نهضتها و أثقلت كاهلها بالمشاكل و الأزمات :
- إضعاف الوازع الديني.
- قتل القيم و الأخلاق الفاضلة
- ضياع في الهوية.
- نشر الشكوك و المعتقدات الفاسدة و تشويش الفكر و هذا أدى إلى ظهور التطرف و التحلل من القيم و انتشار مظاهر التبعية للغرب في كل شئ سوى التقدم الحقيقي .
- تفريغ القومية العربية من محتواها و هو الإسلام فأصبحت مشلولة و جوفاء لا فائدة منها
- تأجيج العواطف و الشهوات و تحييد العقل و التفكير السليم و بهذا يتم استبعاد الموازين و المعايير السليمة للتقييم العادل و المنصف و يتم خلط الأوراق فلا يعرف الحق من الباطل و يتم تخدير الشعب فلا يشعر بما يدور حوله.
و بهذا يسهل قيادة تلك الشعوب بأي اتجاه يريدونه .
- إذكاء نار العصبية الجاهلية المقيتة و نزعة ( أنا خير منه) الإبليسية و إظهارها بأثواب جديدة فترى أشخاص متمردين و في قمة الشجاعة و العزة على إخوانهم و في غاية تبلد الأحاسيس و الجبن و الخنوع على أعداء امتنا العربية و الإسلامية
و هذا يقضي على أي أمل في الوحدة و التضامن العربي .
- إضعاف الحس القومي و الوطني الفعال و البناء و المفيد القائم على الحق و أداء الواجب و تأجيج الجانب السلبي لهذا الشعور و هو التعصب المقيت القائم على الباطل و الأمور التافهة و الوهمية الذي يؤدي إلى شعور بالعزة الوهمية و الفارغة و الذي ضرره أكبر من نفعه .
- انتشار المشاكل الاجتماعية مثل التمرد على قيم المجتمع و تمرد الأبناء على الآباء و تمرد الزوجات على الأزواج الذي أدى إلى كثرة الطلاق و غير ذلك من المشاكل الاجتماعية
- انتشار الأمراض النفسية و التي تؤدي إلى الأمراض الحسية .
- إقامة رموز وطنية و قومية ممن لا يستحق ذلك و الوصول ببعضها لحد التأليه.
- إظهار سفلة القوم على هذه الوسائل الإعلامية على أنهم القدوة في هذا المجتمع و الموجهين له و تغييب و تهميش العقلاء و المفكرين و المتنورين عن هذه الوسائل.
و المحزن أن بعض الناس لا يزال ينخدع بهذا الإعلام المضلل و ينساق وراءه في ظل انتشار الوعي و التحرر من الأفكار القديمة الضارة التي عف عليها الزمن
الذي ساهمت به هذه الثورة الإعلامية الأخيرة التي أعادت بعض التوازن للفكر العربي