مفهوم الاستجابات الانعكاسية
الاستاذة الدكتورة جنان سلمان
كلية التربية الرياضية للبنات
تظهر الاستجابات الانعكاسية والحركات التلقائية للجنين في نهاية الشهر من الحمل وتصبح حركة الاطراف (الذراعين والرجلين) واضحة تشعر بها الام مباشرة احيانا بحركات انعكاسية في الشهر الرابع ويقوم الجنين بحركات عامة تشمل جسمه كله والى جميع الاتجاهات في الشهر السادس والسابع اما في الشهر الثامن فانه يصبح نشيطا في السلوك الحركي كوليد حديث، هذا بينما يستطيع المولود الجديد ان يؤدي العديد من الافعال المنعكسة الاساسية فانه يمتلك قدراً محددا جدا من اداء الحركات الارداية.
ويعني الفعل المنعكس انه استجابة حركية تتم من خلال استقبال الحواس لمثيرات حسية معينة ثم توصيل التيار العصبي الناتج الى عضلة وعنده فتقوم بالاستجابات المناسبة للمؤثر من تقلص او تمدد للعضلة او زيادة لافرازات الغدد ويكون هذا المنعكس مهم بالنسبة للوليد اذ عن طريقه يبدي الوليد عددا من الاستجابات الحركية التي تساعده على ان يتكيف مع العالم الخارجي منها على سبيل المثال ضيق حدقة العين واتساعها تبعا لقوة الضوء الساقط عليها ..الخ.
ويتوقع ان تظهر الافعال المنعكسة في عمر معين، كما ان بعضها يختفي بسرعة بينما البعض الاخر يبقى لفترات زمنية اطول وتعتبر هذه الاستجابات الانعكاسية مؤهلات ضرورية لتعلم خبرات اكثر تطورا في حياة الطفل فيما بعد على ان هذا التطور لا يكون بالضرورة من البسيط الى المعقد كما ان معرفتنا بطبيعة هذه الاستجابات الانعكاسية لدى الطفل تساعدنا في معرفة هل ان عملية النمو تسير بشكل طبيعي ام لا؟ ولكن لا تفيد في التنبوء بمهاراته الحركية والمعرفية في المستقبل بمعنى اخران الاستجابات الانعكاسية للطفل على النحو الجيد لا يلزم بالضرورة ان يكون اداؤه جيد في سرعة رد لافعل ايضا في مرحلة الطفولة او المراهقة.
وتصنف الافعال المنعكسة الى ثلاث فئات:
اولاً: المنعكسات الاولية:
أ. منعكس بورو: الذي يحدث عندما يوضع الطفل على ظهره فانه يقوم بتحريك الذراعين والاصابع للجانب وولخارج كما تحرك الرجلان في نفس الاتجاه ولكن بمقدار اقل ثم تعود الاطراف الى وضع التكــور.
ب. منعكس تماسك الرقبة: ويحدث عندما تدور الرقبة الى جهة معينة فان احد الاطراف يمتد لنفس الاتاه واذا استمر هذا المنعكس لفترة اطول من ستة اشهر دل على وجود خلل في مراكز المخ.
ج. منعكس القبض: ويحدث عند لمس راحة الكف او باطن قدم الرضيع، حيث يحدث نتيجة ذلك استجابة انعكاسية تظهر في انثناء اليدين او القدمين. وعندما تكون قوة انقباض هذا المنعكس اقل من 40 غرام او اكثر من 120 غرام فان هناك احتمال وجود خلل في كفاءة الجهاز العصبي.
د. منعكس الامتصاص (او الرضاعة): يحدث عند لمس شفة الرضيع حيث يؤدي عملية الامتصاص بشفتيه.
ثانيا- المنعكسات القوامية:
أ. منعكس موازنة الرأس والجسم: عندما يدور رأس الرضيع الى جهة معينة وهو مستلق على ظهره يدور الجذع في نفس الاتجــاه.
ب. منعكس انتصاب القامة: يظهر عندما يسند الرضيع في الوضع الرأس ثم يميل للامام او اي اتجاه فان رأسه يتحرك عكس اتجاه الميل للاحتفاظ بالجسم في الوضع العمودي.
ج. منعكس الشد لاعلى باليدين: يظهر عند جلوس الرضيع وبمجرد مسك احدى يديه فانه يثني الذراعين للاحتفاظ بالجسم مستقيما.
د. منعكس الهبوط المفاجيء: وهو منعكس وقائي كاستجابة لفقدان القوة المفاجيء.
ثالثا- المنعكسات الانتقالية:
أ. منعكس الزحف: بعمل حركات الزحف مستخدما الذراعين والرجلين.
ب. منعكس الخطو (المشي): اذ ثبت في الوضع القائم فانه يقوم بحركات خطو تبادلية.
ج. منعكس السباحة: عندما يوضع منبطح على الماء فانه يقوم بحركات السباحة التبادلية مستخدماً الذراعين والرجلين ويقترن معه منعكس كتم النفس عند وضع وجه الغريق في الماء.
علاقة الاستجابات الانعكاسية بالنمو الحركي:
مازالت العلاقة بين السلوك الانعكاسي والنمو الحركي يغلب عليه عدم الوضوح. وتوجد من جهات متباينة لالقاء الضوء على طبيعة هذه العلاقة فقد ذهب بعض الباحثين ان التحقق من وجهة نظرهم (ان الاستثارة المنتظمة للمنعكسات الانتقالية للرضيع تدعم اكتسابه للسلوك الانتقالي فيما بعد) بمعنى ان اتاحة الفرصة للرضيع لممارسة منعكس المشي او السباحة وللتحقق من صحة فرضهم السابق فقد قدموا المجموعة صغيرة من الاطفال الرضع فرصة الممارسة المنتظمة لمنعكس المشي خلال الاسابيع الثمانية الاولى من ميلادهم.
ثم تابعوا مستوى قدراتهم لاداء السلوك الارادي للمشي فيما بعد وجاءت النتائج مؤكدة صحة فرضية حيث ان الاطفال الذين اتيح لهم فرصة ممارسة المشي والتدريب على منعكس المشي حققوا تقدماً واضحاً في ادائهم لحركات المشي فيما بعد بعد مقارنتهم باقرانهم الذين لم تتح لهم فرصة الممارسة او التدريب على هذا المنعكس اي ان تدريب الرضيع على منعكس المشي يطور حركات المشي مع تقدم العمر الا ان هذه الفكرة لم تلاق قبولاً للبعض الآخر بل ذهب بعض العلماء الى انتقاد ذلك من منطلق اختلاف نوع المراكز العصبية المسئولة عن كل من الحركات الانعكاسية والحركات الارادية فضلاً على ان المنعكسات كما هو معروف يجب ان تنطفئ اي تختفي قبل بزوغ السلوك الارادي بعده اشهر بما يفيد عدم تداخل اثر الممارسة بين الحركات الانعكاسية والحركات الارادية واذا ما اضيف الى ما سبق ان المعلومات المتوفرة عن تأثير الاستثارة الزائدة للمنعكسات على النحو العصبي مازالت محدودة اذ ما هو متوفر منها يشير الى ان زيادة فترة استمرار المنعكس عن المدة المتوقعة له يعتبر مؤشر لحدوث خلل او اضطراب في نمو الجهاز العصبي.
هذا ويقدم بعض الباحثين الاخرين تفسيرات عن العلاقة بين السلوك الانعكاسي والارادي وخاصة فيما يتعلق بالمنعكسات الانتقالية– زحف – مشي– سباحة حيث يشير الى انه ليس من الضروري اختفاء المنعكسات الانتقالية حتى تفسح المجال امام الحركات الانتقالية بالظهور اي انها تتفق مع الدراسات السابقة في ان الاستثارة المنعكسة الانتقالية للرضيع تدع اكتسابه السسلوك الانتقالي الارادي فيما بعد ولكن وجه الاختلاف انهم يقولون سبب اختفاء منعكس المشي يرجع الى زيادة وزن الطرف السفلي للرضيع وليس كما اشار العلماء اختلاف نوع المراكز العصبية المسئولة عن السلوك الانعكاسي مقارنة بالارادي هذا يعني ان الاستثارة المنتظمة لمنعكس المشي تحقق تأثيراً ايجابياً لحركات المشي فيما بعد.
وخلاصة القول ان العلاقة بين المنعكسات والنمو الحركي هي من الموضوعات الخلافية وتحتاج الى المزيد من البحث والدراسة اذ من الاهمية ان تفسر في ضوء تأثير العوامل المتعددة سواء ما يرتبط بها بالنواحي العصبية او البدنية او الميكانيكية وعدم الاقتصاد على تفسير هذه العلاقة على ضوء عامل واحد.