محمد احمد النابلسي
الكفاح العربي
يبدو بوش اليوم مستعدا لتفجير الكرة الأرضية كاملة لضمان بقائه رئيسا لأربع سنوات إضافية. وهاهو يحرك دعاة الحرية من الإيرانيين المتأمركين، بناء على خطة تعدها المخابرات الأميركية منذ أيام كلينتون، كما حركت إدارة بوش معارضي الرئيس الفنزويلي شافيز. بعد أن جمدتها بمناسبة حرب العراق.
أيضاً تتهيأ الولايات المتحدة لتفجير الأوضاع الداخلية في كل من السودان وفلسطين والسعودية ولبنان وإندونيسيا وباكستان ودول عديدة أخرى يريد بوش تفجيرها وفق مقتضى عمليته الانتخابية وبحسب الصعوبات التي قد تعترضها.
في حسابات الربح والخسارة فإن بوش يمسك بيديه أباطرة الاقتصاد الأميركي،وهم مستعدون لارتكاب كل الجرائم الممكنة لينجوا بشركاتهم من الإفلاس. ومع هؤلاء يضمن بوش اليمين المحافظ والمتدين وذوي الميول الآرية والجماعات المتأثرة بهذه الجهات، عداك عن تحكم بوش بعناصر السلطة الخفية في أميركا ومنها المخابرات والجريمة المنظمة وعلاقتهما المتداخلة. في المقابل يملك الديمقراطيون الأقليات التي أضطهدها بوش من كاثوليك أميركا اللاتينية إلى العرب والشرق أوسطي مرورا بالسود الذين قمعهم بوش في سينسيناتي واليهود الذين أنتقم منهم بوش لعدم تأييدهم له ولأبيه من قبله . كما يحظى الديمقراطيون بالأكثرية بين الفئة المتوسطة الحالمة برخاء اقتصادي بدون تهديدات أمنية، لكن الدعم الأقوى يأتي من الشركات الكبرى المتضررة من سياسات بوش. وهي الأكثر وعيا وإدراكا للكارثة التي تنتظر الاقتصاد الأميركي. وهي كارثة تشجعها مغامرات بوش وطريقته في الهروب إلى الأمام.
الظاهر الآن من هذه الحسابات هو سيطرة بوش التامة على سيرورة الانتخابات بل أن مساعديه يحسبون الحسابات لكل المفاجآت الديمقراطية الممكنة، وأكاد أميل للاقتناع بقدرة هذا الفريق على إعادة بوش إلى البيت البيض. فهم مستعدون للتشهير بالمفتش هانز بليكس ولاتهامه بالشذوذ لمجرد محاولته إخلاء مسؤوليته من الورطة العراقية. وهم يذهبون مع أعدائهم إلى أبعد من ذلك بكثير.
ويكفينا مثالا على ذلك تهديدهم لأي ثري يسحب أمواله من أميركا ( بما يمكنه أن يخلق أزمة متزامنة مع الانتخابات) بتفجير فضائحه الشخصية. لقد تحول المسؤولون الأميركيون إلى سلوك المافيا وقطاع الطرق.وهم يريدون بوش رئيسا بهذه الطريقة وبأقسى منها لو اقتضى الأمر.
الديمقراطيون يعرفون كل ذلك وعليهم أن يحضروا مفاجأتهم لتكون بالحجم والمقاس المناسب وإذا عجزوا عن ذلك لهم الانسحاب على غرار ما فعلوه في الانتخابات الفرعية الأخيرة للكونغرس .
مما يقودنا بالمناقشة الأوراق الافتراضية بيد الديمقراطيين ومن هذه الأوراق.
1- اختيار مرشح قادرعلى إحراج بوش أمام الجمهور، عن طريق التفوق الشخصي وإبراز أهمية القدرات الذهنية للرئيس.
2- القدرة على تفجير فضائح بوش وفق آلية مدروسة تحدد أولويات الفضائح وتدرجها. والظاهر من هذه الفضائح التهرب الضريبي والتمويل غير القانوني للحملة الانتخابية واستغلال نفوذ أبيه إبان رئاسته والمشاركة مع مجرمين ماليين والكذب حول أسباب وذرائع الحرب العراقية ونشر شائعات التخويف من اعتداءات جديدة في الداخل الأميركي. إضافة إلى جملة عمليات مالية مشبوهة لتزامنها مع حوادث "أيلول".
وبما أن فريق بوش متحسب لهذه الفضائح ومستعد لمواجهتها فإن ترتيب تسلسل تفجيرها هو عنصر المفاجأة الوحيد للديمقراطيين.
3- الوضع الاقتصادي المتردي الذي لم تسعفه الحرب العراقية بالمقدار المطلوب، وحسب الديمقراطيين التذكير بالوضع الاقتصادي أيام كلينتون ، خاصة وأن هذا الوضع لا يتحمل المضاربات الغامضة كالتي نفذها اليهود أيام بوش الأب.
4- تراجع مخاوف الأميركيين وانخفاض أثر سياسة التخويف التي زادت شعبية بوش بصورة غير متوقعة.
5- رفض إدارة بوش فتح ملف التحقيقات في حوادث 11 أيلول بصورة شفافة تساعد على توضيح خلفيات هذه الحوادث.
6- التساؤلات التي سيطرحها الناخب الأميركي مع اقتراب الانتخابات وفي طليعتها السؤال عن سبب انفجار كل الأزمات والمشاكل في وجه بوش بالذات، ولماذا بات العالم كله يكره أميركا ؟. من روسيا ودول حلف الأطلسي إلى العالم الإسلامي والشرق الأقصى مرورا بالملايين الذين تظاهر ضد سياسات بوش.
7- إن الانتصار في أفغانستان والعراق والنجاح في تهديد قائمة من الدول هي أعمال لم تجعل قدرات بوش الذكائية ترتفع وهذا ما سيظهر مؤكدا خلال الحملة الانتخابية القادمة.
لكن عنصر المفاجأة الوحيد القادر على قلب الموازين هو شخص رئيس المخابرات جورج تينيت، فإذا كان هذا الديموقراطي مقصرا في حوادث 11 أيلول وفي المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية فلماذا لم تتم محاسبته؟ وإقالته على الأقل؟
إن الانتخابات القادمة ستزيد الضغوط على تينيت وستضاعف التهم والشكوك حوله وحول أدائه فإذا تمكن الديمقراطيون من إخراج جورج تينيت فإنهم سيدقون إسفينا في علاقته بإدارة بوش، وعندها فقط سيتم فك الارتباط بين هذه الإدارة وبين وكالة المخابرات وعندها فقط ستنفجر فضائح بوش وإدارته بما يمنع عودته للبيت الأبيض.
يبقى أن نذكر وللمرة العاشرة بعد المائة أن وضع بوش شديد الشبة بوضع كينيدي بعد مواجهة أزمة الصواريخ الكوبية؟