( المرأة الله يكرمك )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله......أما بعد :ــ
سمعت وما أزال أسمع في بعض الأحيان من أشخاص إذا سألته عن أهل بيته من الزوجات أو البنات يجب بإجابة غريبة عجيبة مثل : أخذت المرأة – تكرم – إلى المستشفى ، أو البنت –تكرم – . أقول وماذا تقصد بكلمة – تكرم – كلما ذكرت المرأة ؟ فيقول متعجباً من سؤالي المستنكر ، ويجيبني : ذكر المرأة لا تليق في حضرتكم أو في مقامك !. فأتعجب لهذا وأقول : وهل هي أقل مكانة من الرجل أو ليست إنساناً ، أو إنسان من الصنف المتدني ؟! فيسكت متعجباً أو يقول : هكذا تعودنا . فأردف قائلاً : هل من العيب ذكر المرأة ، وهي الأم والزوجة والبنت والعمة والخالة والأخت و و و... إلا إذا حقرناها ؟! ألسنا نحقر أنفسنا حين نقلل من شأنهنّ فهن نصف المجتمع اللطيف الذي مدحه المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فقال : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ؟! ألم يقل : إنهن شقائق الرجال ؟ ألم يقرنهن المولى سبحانه بالرجال دون كلمة – تكرم – في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الأحزاب حين قال :" إن المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، والقانتين والقانتات ، والصادقين والصادقات ، والصابرين والصابرات ، والخاشعين والخاشعات ، والمتصدقين والمتصدقات ، والصائمين والصائمات ، والحافظين فروجهم والحافظات ، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" . ألم يكرم الرجال والنساء معاً في سورة التوبة الآيتين الحادية والسبعين " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.." فجعلهم أنداداً وأولياء ؟ ثم وعدهم جميعاً برضاء الله والجنة ؟ " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ...."
و حدثني أحد الأخوان أن زوجاًً يطالب زوجته بأن تسمع له وتطيع من غير نقاش أو حوار، ويستند في طلبه إلى حديث النبي عليه الصـلاة والسـلام، ((لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها))، فيتعلقون بظاهر هذا النص ويعاملون زوجاتهم بلغة فوقية، ويدعون في ذلك الاعتماد على هذا النص بأنه لم يساو بين الذكر والأنثى ويستدلون بقوله تعالى (( للذكر مثل حظ الأنثيين ))وكلما اعترضت زوجته على تصرفاته قال لها: (( احترمي نفسك وإلا أمرتك بالسجود لي ))،
إن هذا وأمثاله يدمرون من نفسية المرأة باسم الدين، ويحطمون الحياة الزوجية وجمالها باسم الشريعة، والمشكلة تنحصر في مفاهيمهم وتصوراتهم لهذا الدين في التعامل مع الإنسان. فأما النص فهو تعظيم لمكانة الرجل وتضحيته لأسرته وتفانيه لبنيه وزوجته وأولاده، لأنه يسعى لتحقيق الأمن الاجتماعي، ولكن إذا تخلى الرجل عن هذه الواجبات وأصبحت المرأة في البيت هي الزوج والزوجة، فان الرجل لا يستحق هذا التكريم، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما ذكر هذا الحديث في توجيهه للنساء، فقد وجه أحاديث كثيرة يوجه فيها الرجال وبين لهم عظم مكانة الزوجة وحسن ملاطفتها ومعاشرتها بالمعروف، وأنه ما يكرمهن إلا كريم وما يهينهن إلا لئيم
فقال الرسول عليه الصلاة و السلام ((( إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم )))، (رواه احمد)، وقال: (((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهـلي))) (رواه بن ماجة)، وقال: ((( أكمل المؤمنين أيماناً، وأقربهم مني مجلساً، ألطفهم بأهـله ))) (رواه الترمذي)، وقال: ((( استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا ))) ، ( رواه الترمذي)
وحدثني أخر أن رجل يضرب زوجته بالعصا والسوط ويقول انه تنفيذ لأمر الله ))واضربوهن))، ورجل أخر ينفق أمواله في الدعوة وزوجته وأولاده يتسولون في العائلة لينفق أهلهم عليهم، وآخر يسافر لأشهر عديدة ويترك زوجته وأولاده من غير نفقة أو رعاية، وإذا سألته قال لك: أنني مسافر لدعوة الناس، وأخر قد تزوج بثالثه وهو ظالم ومقصر في حق الأولى والثانية،
فالعاقل من يوازن بين هذه النصوص، ولا يتعامل مع الدين بما تشتهيه نفسه، وقد حسم النبي عليه الصلاة والسلام، في الحديث الأخير القضية بقوله: (((إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا)))، فالأفضلية ليس لها علاقة بالذكورة والأنوثة، وإنما هي بالتقوى والتقرب إلى الله ، و إلا فهي المساواة في الحقوق والواجبات، وأما من يجعل من زوجته كأنها "رقيق" فان حسابه عند الله عسير..
فإذا كان ديننا يعلمنا احترام المرأة وإكرامها والحديث عنها بأدب وحسن أخلاق فما بالنا نعيش في هذا الجانب جاهلية غريبة عنا تشوّه حقيقة هذا الدين وتعطي أعداءنا ومن يسير على خطاهم فكرة خاطئة عن هذا الإسلام العظيم !!!! والعيب فينا معشر المسلمين ...... وليس في ديننا الرائع ؟
كتبه الفقير لعفو ربه أخوكم / عايض بن حسن البجيدي ــ عرعر