سننقلك إلى مهارات من نوع آخر، إنها مهارات تحمل في مضامينها مجموعة من القيم والمبادئ التي جاء بها ديننا الحنيف, وتشكل أُسس وثوابت في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان, ليتعايش الأفراد في عالم من العواطف النبيلة والمعاني الإنسانية السامية.
إنها القيم التي علمّها رسولنا الكريم (صلى الله علية وسلم) لصحابته و للمسلمين فتعايشوا معها وبها, وكانت صفات تلازمهم في تعاملاتهم: كالتسامح والصدق والرفق والرضا والرحمة والإيثار والأمانة والصبر وصلة الرحم.
إن هذه القيم التي نتعاطى بها في حياتنا اليومية, ونزرعها في أطفالنا, ونسعى جاهدين كي نحافظ عليها, هي الأصل في إعداد وتوجيه الجيل وبناء شخصية الفرد الايجابية والمؤثرة في الحياة.
التسامح:
هو أن تشعر بالتعاطف والرحمة والحنان، وهو الطريق إلى الشعور بالسلام الداخلي و إلى الخروج من الظلمة إلى النور، وهو أيضا التخلص من قيود الماضي.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10)
ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) خير قدوة لنا في التسامح (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جار يهودي يحرص على وضع القاذورات على بابه، فلما غاب اليهودي عن الرسول ثلاثة أيام ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى داره ليزوره، فقال اليهودي: لما هذه الزيارة يا محمد؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لم تضع ما كنت تضعه فحسبتك مريضاً، فجئت أزورك "
فقال اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم: أدينك يأمرك بهذا يا محمد؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " بل أكثر من هذا " فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله).
تعريف مهارة التسامح:
هي المهارة التي ُتستخدم للتخلص من الخوف والغضب وكل شي يعيق التقدم في جوانب الحياة، نستطيع أن ننظر للتسامح وكأنه رحلة تنقلنا وتُقِلع بنا عبر جسر خيالي من عالم الخوف والقلق، إلى عالم من الوئام, تلك الرحلة التي تحررنا من مخاوفنا ومن إزعاجات الماضي.
ما الذي يجب فعله ؟
عندما تواجه مشكلة ما، تجنب التمسك بوجهة نظر واحدة، لأن الحلول قد تقع خارج الإطار الذي تفكر فيه، لذلك وسّع الإطار الذي تفكر فيه حتى تستطيع الوصول إلى حلول مناسبة.
أريد أن أسامح ولكن كيف؟
إليك بعض الخطوات التي تساعدك على التسامح:
• تذّكر دائماً أن الأجر من الله ولا تنتظر مقابل من الغير.
( َمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى: 40)
• عبّر عن مشاعرك:
فقد تجد أنه من المفيد كتابة رسالة إلى الشخص الآخر، والإفضاء بكل مشاعرك،
ثم مزق هذه الرسالة فيما بعد. أومن خلال التخيل بأنك تتحدث معه بكلمات معبرة.
• اجعل هدفك الوحيد راحة البال وليس تغيير شخصية الشخص الآخر أو طبيعته أو معاقبته.
• تخيل الشخص الآخر وكأنه معلم يتيح لك الفرصة، لتدرك ماهية التسامح.
• تذكر أن التسامح لا يعني أن تتفق في الرأي مع الشخص الآخر, ولا يعني أن تستمر في قبول أسلوبه الجارح.
• توقف عن لوم الذات، وتجاوز عقبات الإحساس بالذنب.
• حوّل السؤال في الموقف (من لماذا إلى ماذا):
ماذا يمكنني أن أتعلم من هذا الموقف؟ وليس لماذا حدث هذا الموقف؟
• تذكر النقاط الإيجابية (كل شخص يحمل صفات إيجابية، حاول البحث عنها).
• تخلى عن الإحساس بكونك ضحية.
• حاول نسيان الموقف ( تخيل الموقف وكأنه بالون ودعة يطير من بين يديك حتى يختفي تدريجياً في السماء).
من المفيد دائماً أن تُجدد نظرتك نحو الآخرين الذين لم تسامحهم, والمواقف التي لم تصفح عنها, وأسال نفسك دوماً هذا السؤال (هل هناك منفعة أو مضره لي من التمسك بذاك الغضب وتلك الأحزان القديمة).
المراجع
M. Gerald G. Jampolsky.(2004), Forgiveness. Beyond Words Publishing.
العريفي ، محمد (2006).استمتع بحياتك، دار الحميد للنشر.