الجزء الاول
نشر باحد الصحف الالكترونية بتاريخ 18 /1 /1432 هـ
بقدر سرورنا كمسلمين رؤية مآذن المساجد شامخة تصدح بالنداء حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح .. يسرنا أكثر عِمارتها بالركع السجود .. ويتواصل السرور عند مشاهدة بيوت الله مزدانة من حيث العَمارَةِ بأبهى حلل ومتقنيات العصر .. وعلى سبيل المثال .. لفت انتباهي مسجدٌ شيّد مؤخراً بأحدث ما يمكن تشييده في محافظتنا الغالية ( الخفجي ) تشييد وتزيين وتأثيث وإنارة وتكييف للهواء .. قد تبدوا للرائي بالعين المجردة أن تكلفة تشييده تجاوزت مليوني ريال في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار مواد البناء وأجور العمالة الحرفية .. إلي هنا نتفق أن غاية من أنفق كل هذا المبلغ هو التقرب إلي الله ورجاء رحمته ومغفرته وصدقة جارية ينال فاعلها ثوابها بالدنيا والآخرة .. ولكن ( لا تفهموني غلط ) ماذا لو تم إنفاق هذا المبلغ لبناء وتشييد منازل لأكثر سكان الخفجي ( فاقة ) فكم منزلا سيتم تشييده ؟؟؟ وماذا لو تم إنفاق هذا المبلغ لترميم أو إنارة أو تأثيث أو تكييف أو صيانة بيوت لأكثر سكان الخفجي ( حاجةً ) فكم بيت سيتم ترميمه أو إنارته أو تأثيثه أو تكييفه أو صيانته ؟؟ ولإزالة أي تعجب سأقول أن المسجد بني على بعد أقل من مئة متر عن مسجد ( جامع ) فكل منهما ( شوّش ) على الآخر .. والسؤال الذي يفرض نفسه ( قصراً ) أيهما أحق بإنفاق هذا المبلغ ( الصدقة من أهل الخير) بناء مسجد مجاور لجامع أم إنفاقه فيما يعين اسر محتاجة وفقيرة إلا من رحمة الله ,الأسر المستفيدة قد تعينها هذه الصدقة لبناء جيل يذود عن الإسلام وحياض الوطن .. لو بني المسجد وشيّد في حي يحتاج لوجوده لكان الأمر مقبولا عقلا وعرفا !!! قد يقول قائل من القوم .. هذه صدقة ولمخرجها الحق فيما يريد إنفاقها فيه .. وهذا قول أحترمه وأؤمن به .. ولكن ألا يوجد من يناصحه !!! وألا يوجد من يقنعه !!! وألا يوجد من يقدم له المشورة الصادقة !!! إذاً أين دور إدارة الأوقاف في توجيه وتنظيم أولويات بناء المساجد ؟؟؟ وأين دور طلبة العلم من أصحاب الفضيلة المشايخ وخطباء الجمعة والذين يسهمون دوما بالحث على الصدقة والوعظ بفضلها ألا يضيفون مأجورين توجيه الرأي العام بمخارج الصدقة ؟؟ وهل ( وهي الأهم ) هل يوجد تقصير من إدارة الأوقاف في بناء المساجد أو صيانتها أو ترميمها ما دفع الناس لتوجيه صدقاتهم لمخارج توفر لهم أجواء روحانية لا توفرها ( إدارة الأوقاف ) لبيوت الله رغم الإنفاق السخي من الدولة ؟؟؟ وقد يقول قائل أن مساعدة الفقراء والمحتاجين هي من مسئولية الدولة .. وللرد أقول بأن للمساجد وزارة بطول وعرض المملكة .
الجزء الثاني
نشر بتاريخ 6 / 2 / 1433 هـ
يتبادر للذهن تساؤل عريض .. لماذا يلجأ بعض الميسورين للبحث والسؤال عن الفقراء والمحتاجين رغم وجود جمعياتنا الخيرية ... ؟؟؟ واستعانة بعض ( أولائك الميسورين ) ببعض أئمة المساجد وكبار السن في الأحياء السكنية في البحث والسؤال عمن يستحق الصدقة في محيطهم .. وهذه الحالة تطرح تساؤلات عدة .. هل لآلية عمل الجمعيات دور ؟؟ وهل الجمعيات الرسمية لا تضمن وصول الصدقة والزكاة للهدف المقصود دون تدخل منها أو تعطيل رغم جواز ذلك لها حسبما اطلعت بفتوى للشيخ العثيمين غفر الله له ؟؟؟ وهل لظاهرة التجمع عند أبواب تلك الجمعيات لطلب المساعدة أو لطلب توزيع عادل لهبات الدولة بالمناسبات دور في رسم صورة سلبية عن الجمعيات ؟؟؟ وهل لعدم وجود شفافية وإحصائيات موثقة لعدد الفقراء والمحتاجين دور فيما يحدث ؟؟؟ وهل عدم وجود مواقع الكترونية لتلك الجهات لنشر نشاطاتها أدى إلي حجب لمعلومات تهم المحسنين ؟؟؟ أم أن تنوع نشاطات العمل الخيري وتوسع الدعوي منه لمناحي كثيرة وتكاثرها وانغلاقها حتى أضحت كمستعمرات النمل ساهم في البحث عن طرق بديلة لمخارج الصدقة ... ؟؟؟ وهل تنوع نشاطات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدعوية وتكاثرها أجهد المحسنين والمتصدقين وأحرجهم ؟؟؟ هذه التساؤلات وغيرها .. يطرحها وجود أكثر من جهة خيرية ودعوية رجالية وأنثوية عددها قد يفوق عدد المصالح الحكومية .. وأصبحت تسعى وتجتهد بالاستحواذ على النصيب الأوفر لتتوسع .. صحيح أننا نفهم أن وجودها يعني أن في أهل هذه البلاد خيراً .. وصحيح أننا نتفهم أن الدين يحث على التذكير .. وصحيح أننا ندرك أن أبواب الخير مُشرعةٌ ومشاعة للجميع .. وصحيح أيضا أننا نعي أن من يدير تلك المؤسسات بكل توجهاتها أناس فيهم الخير والبركة ولا نزكي على الله أحدا .. وأصح الصحيح أن تلك الجهات هي من توجه الرأي العام لمخارج الصدقة لتتفق والنشاط الذي يعملون على تحقيقه بغض النظر عن الأولويات !!! .. وأصحّ الصحيح أنه مع زيادة عدد تلك الجهات زاد طرديا عدد الفقراء حسبما يتردد بالمجالس والخطب والمحاضرات رغم عدم وجود إحصائيات من الجمعيات تحدد مجرد عدد للفقراء والمحتاجين الفعليين ( السعوديين ) المقيمين بصفة دائمة بالخفجي .. ولكن ( لا تفهموني غلط ) هل وصل المجتمع لدرجة من البعد عن العقيدة للدرجة التي يستوجب كل هذا الصرف على الأعمال والأنشطة الدعوية ..!!!! وهل فقد المسجد وخطبتي الجمعة دورهم بالتذكير ...!!! وهل لتعدد هذه الأنشطة دور في خفض الأموال المخرجة صدقة للفقراء والمحتاجين ...!!! ولذلك أقول أن ما لا أفهمه ولم أتفهمه ولم أدركه ولم أعلمه هو كم حجم ما تصرفه تلك الجماعات والحلقات والجمعيات ( مجتمعةً ) كأجور لمقراتها ونفقاتها الإدارية والمصروفات النثرية من تبرعات الدولة أو ما يصلها من الميسورين !!! وكم حجم نفقات ورواتب وحوافز ومكافآت العاملين بها وعليها !!! وأعترف أن ما يثير الاستغراب أيضا هو أن السواد الأعظم من العاملين في تلك الجهات عمالة وافدة ( أجزم أنها مخالفةً لنظام العمل والإقامة _ وهذا لوحده كفيل بالطعن فيهم لمخالفته لولي الأمر ) في بلد يعاني شبابه وشاباته بطالة غير مقنّعة !!!!! والأكثر غرابة إذا كانت الجمعيات الرسمية عاجزة عن الوفاء بكل متطلبات الفقراء والمحتاجين فكيف لنا إنفاق من خلال تعدد الجماعات الخيرية والدعوية على جوانب وأنشطة لها جهات حكومية ترعاها كبناء وترميم مساجد وإقامة حلقات وملتقيات دعوية ينفق عليها الكثير من مال الصدقة وتبرعات الميسورين ..!!!! ومن هنا .. أليس من الصواب تجميع تلك الجهات في جهد خيري ودعوي واحد يخدم كل مشارب المجتمع ويسهم في تقنين النفقات الإدارية لتلك الجهات .. أليس من الصواب توفير فرص عمل لأبناء وبنات الأسر الأكثر حاجة وفقرا للعمل بتلك الجهات بدلا من الاستعانة بالوافدين ( المخالفين ) .. أليس من الصواب توحيد وتنظيم أولويات العمل الخيري والدعوي فيما يخدم الفقراء والمحتاجين والمجتمع ويسهم ببناء الأسرة عوضا عن شتات وتنوع الجهود ما يزيد من تكلفة الإنفاق ويخلق روح تنافس لا يخدم الغرض .. فمع ضخ ملايين الريالات على مدى السنوات الماضية بقيت الجمعيات الخيرية تئن من زيادة عدد الفقراء ورغم تعدد وتنوع المؤسسات الدعوية زاد معدل الجريمة وانفلات الشباب ما يعني وجود قصور اعتقد (جازما ) أن منشأه هو شتات الجهد وحصره بفئات دون أخرى .. إن التفكير الجدي لمراجعة تواكب التغيرات التي طرأت على المجتمع يتطلب وقفة صادقة مع النفس أولا وأخراً وإعادة هيكلة العمل الخيري والدعوي والتطوعي فليس المهم بذل الجهد وهدر المال والوقت بقدر أهمية الثمرة الناتجة عن ذلك الجهد والمال والوقت على المستويين الأسري والاجتماعي وأعتقد أن خطبتي الجمعة توفر أجواء دعوية عامة بروحانية .
ومضة ختام ( حلمنتيشية ) :
(( الكلمات مرايا من يقرأونها )) نسال الله القول الحق بالسر والعلن.
للجميع كل الود
[/size]