قصة الطفولة الضائعة
بكي وقد حان موعد أذان الفجر وحانت اللحظة الحاسمة وكأن الله يناديها أنه قد حان أجلها وكأنه كان نداء بانتهاء العمر فيأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية وقبل طلوع الأجل بلحظات وقبل الأذان بثواني قال داخل أسوار وقضبان أو داخل حدود بلا أسوار تنتهك وتغتصب طفولة وبراءة الصغار في حين ينعم كل إنسان بطفولته وبدفئ أحضان والديه وفراش منازلهم الدافئة الوثيرة تمزق طفولة داخل بيوت القاصرات والقصر بصفة عامة داخل سجون وأسوار وقضبان يتساوى بيت القاصرات -الإصلاحية- ودور رعاية الأيتام والملاجئ وداخل حدود بلا قضبان أطفال الشوارع في شوارع كانت أحن عليهم من مؤسسات الدولة وأحيانا من ذويهم في شارع لا يعرف الرحمة ولا يفرق بين طفل ورجل المار منه أفضل من المقيم فيه يبيت فيه الأطفال في العراء ويدفعون رغم ذلك ثمن المبيت هنا في شارع الأطفال أطفال الشوارع ينامون في العراء ويطلب الشارع منهم ثمن المبيت وزكأن السماء ملكا له وهذا الكون الفسيح فيسمح للمار أن يمر كما يحلو له وللمقيم أن يتصرف على هواه! ولما لا فهو بلا مأوى فيدفع له مقاب الإقامة الذل والهوان ويتنازل عن كرامته! يبتسم الشارع في وجوههم ابتسامة باردة باهتة ويقول: تعلوا في أحضاني فذل بلا سقف –بلا مأوى- أفضل من سقف وذل تعلوا فلا مأوى لكم سواي طالما أن الدولة لم توفر لكم الرعاية والاهتمام، على الرغم من الحصون والحواجز الحصينة المنيعة المحصنة بالأبواب والقوانين والضوابط التي يتوهمون أنها قوانين للتنظيم لابد ألا تخترق، فهنا في دور رعاية الايتام والملاجئ والاصلاحيات يتجردوا من العطف والأمومة والإنسانية الذين يقتلوا طفولتهم ويتعاملون معهم بقسوة فتبكي طفولتهم وتأبى عيونهم أن تذرف دمعة فيعيشون كمدا ويموتون فرحا يقتلوا بداخلهم اللعب البرئ فيتحولوا إلى بلطجية ومجرمين! في أماكن تقدم لهم الحماية والتربية والتهذيب وهم يفتقدون لأبسط مبادئ التربية والتهذيب! لقد وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة ولعى الرغم من الذل المهانة التي يجدونها في الشارع فهم لا يلعبون بل يعملون وينامون في العراء في البرد والحر ولكن يظل الشارع البديل الأفضل بالنسبة لهم على الرغم من أنه بديل سيء وغير مجدي! إنهم طفولة شردت تصرخ وتئن في أوطانها فقد شردت بين مؤسسات الطفولة التي أنشأتها الدولة وشوارعها.
أعرفكم بنفسي أنا سمر مررت بتلك التجربة وسأحكي لكم قصتي كما قلت اسمي سمر لكن ماذا بعد سمر لا أعرف لم أرى أمي ولا أبي في حياتي ولم أعرف اسم أبي لكن كنت أعلم أن أمي اسمها سهر كانت أنا الغولة تقول لي أن أمي لم تكن تعبأ بي ولم تريدني وأبي يكرهني فأنا طفلة بلا فائدة وهم يكرهونني ولا يريدون أن يروني أبدا لقد وجدتني أمام الجامع طفلة ما بين السنة والنصف والسنتين ماتت الطفولة بداخلي أتمنى أن أرى أمي يوما وأبحث عن أبي ولم أجده لماذا يكرهونني لماذا لا يريدونني أنا ابنتهم آه لو يعلموا كم أعاني لما تخلو عني أبات أبكي حتى يطلع النهار أنا لا أنام ولم أعرف النوم في حياتي إلا لبضع ساعات من التعب كم أرهقتني أمنا الغولة واستغلتني في التسول وضربتني وأهانتني أنا من ذلني أمي وأبي ودفعت ثمن خطيئة لم أفعلها كنت الضحية والمجني عليها وظنوا أنني الجانية.
نسيت أن أقول لكم من هي أمنا الغولة إن أمنا الغولة هي الست فلة التي وجدتني أخذتني من أمام الجامع ونحن نسميها العفريتة هذا هو الإسم الحركي لها بيننا نحن فقط لقد أخذتني حين كنت رضيعة لكي تستغلني في التسول أمام الجامع وكنت رضيعة فقد كانت تدعي أني مريضة وظلت هكذا حتى أصبح عندي خمس سنوات وحينها قالت لي أنها ليست أمي حتى عندما كنت صغيرة لم تحسن معاملتي وقالت لي أنني لابد أن أتسول وبالطبع لم أكن الطفلة الوحيدة في مؤسسة العفريتة ولكني كنت الأولى قامت ببتر ذراعي اليمنى ولم ترحمني يوما واحدا حتى لو كنت متعبة وكنت أنظر إلى الأطفال أترابي وهم يلعبون أو يذهبون إلى المدرسة أو يخرجون إلى التنزه مع آبائهم أبكي وأنظر إلى المرآه أراني مثلهم طفلة في نفس عمرهم لماذا لا ألعب لماذا لا أتمتع بطفولتي مثلهم وحين قالت لي العفريتة أنها ليست أمي تمنيت أن تأتي أمي وتأخذني إلى منزلها وتأخذني في نزهة وأظل أحلم أني ألهو مع الأطفال وأرى أمي ولو ليوم واحد وأتنزه كما تتنزه الأطفال وأذهب إلى المدرسة أبكي دائما حتى لو لم تدمع عيناي وبالطبع لم تعبأ العفريتة بآلامنا فنحن لسنا أبنائها وإن لم نذهب يوما للعمل حتى ولو كان بسبب مرض أو تعب يجب أن يضرب ضربا مبرحا ثم تسخر وتقول هذه ليست مستشفى من يريد أن يمرض فليذهب لطبيب وذات يوم ذهبت معي ورأينا طفلة كانت ذاهبة لكي تشتري بعض الحلوى فقالت لي إذهبي وادعي أنك تعرفينها وأتيت بها ففعلت وكانت طفلة ساذجة صدقتني وادعت العفريتة أنها كانت صديقة قديمة لأمها وسرنا في طريقنا إلى المنزل وعندما وجدتنا الفتاة قد غيرنا الطريق بكت وقالت أنا أريد أمي أين أمي فكممتها وخدرتها العفريتة وحينها بكيت ولكن بكاء مكتوما وصرخت بداخلي وشعرت أني أري أن أعتذر لتلك الفتاة وصلنا للمنزل فسألت العفريتة وقلت لها ألا يكفيك أنا ومحمد أبو ضب ماذا ستفعل هذه هنا قالت لا شأن لكي وضربتني وقالت أنا لم أنجبكم وأنساكم فلابد أن تعملوا أمام طعامكم وكساؤكم وأني أويتكم لقد وجدتك أمام الجامع ورأيتك وقد كان والديك لا يريدونك ولم يعبأوا إذا مت ليتني تركتك ولم أحسن إليك فمثلك لا يستحق الكرم أو الإحسان أنت متشردة فقلت لم تأخذينا عطفا أو إحسانا بل مصلحة ثم إنك قد أطعمت من فقد والديه منا لكن لماذا خطفت هذه الفتاة قالت لأنك كل يوم تتمارضي ثم أنا أمر أنت تنفذي بدون نقاش أفهمتي وصفعتني عندما فاقت قالت الفتاة أين أنا أين أمي وأين وضعت كيس الحلوى فقلت لها اصمتي هيا نتحدث بعيدا عن خالتك نرجس فذهبنا للحجرة التي ننام فيها كانت حجرة ليس بها سرير فكنا ننام على الأرض ودخلنا فقلت لها هذه امرأة شريرة تخطف الأطفال الصغار أنا لم أستطع إلا أن أنفذ أوامرها فأنا لا أعلم منزل أمي ولكن هل تستطيعي أن تذهبي غدا صباحا إلى أمك قالت نعم لقد اشتقت لأمي فقلت إذا نامي وغدا صباحا ستوزعنا أمنا الغولة للعمل وستذهبي للبيت وفي الصباح لم تستطع أن تذهب لوالدتها ولم أستطع أيضا أنا أن أتذكر الشارع ومنذ هذا اليوم أصبحنا أصدقاء وقررنا أن نخطط معا لكي نعود لبيوتنا وننتقم من العفريتة ونعود لمنازلنا ولكني لم أعرف أمي لا أعرف أين هي عندما كانت تقول لي العفريتة أنها وجدتني على باب الجامع وأن أمي لم تعبأ بي ولم تريدني أبكي فقد كنت أصدقها وأتمنى أن أقابل أمي لأسألها هل ألقيت بي أمام المسجد هل كنت لا تريديني وكنت أتخيلها وهي تقول لي نعم وكأن الكلمات تخرج من فمها كطلقات الرصاص وتدوي في أذني وتصيبني في صدري فأنهار وأسقط على الأرض وأنخرط في البكاء ثم أهدأ قليلا وأتلفت حولي فإذا وجدت أحدا توقفت وإن لم أجد أحدا أظل أبكي حتى أنام
؟؟؟؟؟؟
ودخلت سيدة في منتصف العقد الثالث من العمر إلى شقة والديها لأول مرة بعد وفاتهم تجلس وحيدة دخلت وجلست على الأريكة وحين نظرت حولها تذكرت وظلت تطاردها الذكريات فهنا موطن الذكريات ولكن كان هناك مشهد يتكرر في ذاكرتها دائما ستحكيه لنا كنت في الثانوية العامة بالتحديد في الصف الثالث الثانوي ويا ليتها ظلت طفلة إلا أنها عندما أحبت كأي أنثى أخطأت الاختيار فقد أحبت شخصا مستهترا للأسف وقد ضحت من أجله بمستقبلها ولكي لا أطيل سأتركها تحكي لكم ما حدث وأكملت سهر -والدة سمر- كنت وقتها طفلة في عمر الزهور انتقلت من ثوب الطفولة إلى ثوب المراهقة وكنت فتاة جادة متفوقة في دراستي ولا يوجد ما يشغلني عن تفوقي ولا يوجد مايشغل بالي مثل بقية الفتيات في مثل سني عن الحب وفتى الأحلام حتى ولو خيال فكنت أترك هذا التفكير لوقته حتى لم أستطع مقاومة إعجابي به فقد كان شخصا جذابا فقد رأيت وجها حسنا لن أنساه في حياتي فأنا مازلت أحبه كان شابا في نهاية العقد الثاني من العمر وفي السنة الأخيرة كلية هندسة البترول وكان يبحث عن سكن بالقرب من الكلية فقد اقتربت الامتحانات فقد كان يسكن بالقاهرة وكان يريد أن يوفر وقت السفر فأتى لأبي كي يستأجر منه شقة وكان حسن شاب وسيم أنيق ولكنه كان شاب طائش مستهتر كان يحب أن يظهر الحمل الوديع كي يوقع الفتيات في شبكته فقد كان بالفعل فتى أحلام الكثير من الفتيات وكان شاب مستهتر يلعب بقلوبهن ويفرح وكأنه هارون الرشيد أو شهريار بتلهف الفتيات ليظفرن بقلبه وتهافتهم عليه وكنت فتاة جميلة رشيقة وقد فاز بقلبي ولا أعرف هل هو الذي لا يستحقه أم أنا التي أسأت التصرف المهم ولكني تمنيت أن أفوز بقلبه وكانت تهفو نفسي ومشاعري إليه وتمنيت حين أفوز بقلبه إذا لن أعطيه لأحد فقد أحببته حبا ملأ قلبي وأنساني كل شيء وكنت أحاول لفت نظره بأن أبدو جميلة وأرتدي أحسن الثياب وأشتري أفضل العطور وأضعها دائما وأنوثتي الرقيقة وكنت خجولة جدا ولم أتجرأ أبدا على التحدث معه حتى حين نلتقي صدفة في فناء منزلنا حتى صباح الخير لم أرد عليها وكنت أسعد دائما حين أراه وأنا أنظر من الشرفة وهو ذاهب إلى الكلية وأنا أستعد لأذهب للمدرسة ولأني كنت أراه مثلي الأعلى في اجتهاده في دراسته كنت أذاكر وأحاول التركيز ولو لساعة ولهذا السبب نجحت بتفوق في الامتحانات على الرغم من أن معدل مذاكرتي قل وكنت أهتم بمظهري دائما فقد كنت أقف أمام المرآه حتى حين أرتدي لبس المدرسة وأتهيأ كنت أتمنى أن ينظر إلي ويقول أني جميلة كنت أود أن ألقاه ولو صدفة أتجرأ وأتحدث معه لكي يفهم من طيات الكلام أني أحبه فقد كتبت بين سطور كلامي أني أحبه
بالطبع سهر كانت في هذا الوقت كأي طفلة تنتقل من ثوب الطفولة إلى ثوب المراهقة وكأي فتاة في مثل سنها كانت هذه هي أول تجربة وتحتاج لبعض النصائح وإلى صديق ذو خبرة كي تحكي له وتسأله ولكنها لم تجد فقد كانت أمها امرأة عملية إلى حد كبيبر وكانت سهر لا تستطيع انتقاء الوقت المناسب كي تستطيع التحدث معها كما أن أم سهر منشغلة دائما بالتفكير في العمل وكانت من الأمهات التي تعتقد أن ابنتها التي يجب أن تبدأ الحديث معها كما أنها لم تبني علاقة الصداقة بينهما وكانت والدة سهر تعمل محاسبة في إحدى البنوك وقد كانت طموحة كثيرا وكانت ترى مثل زوجها أن المال أهم شيء لتأمين مستقبل سهر وبالطبع مثل كل الفتيات هذه هي الشخص الوحيد الذي كانت تتحدث معه فقد كانت تخجل من التحدث مع أصدقائها بالطبع فالبنات في هذا السن كي نحظى بنقاط عند أمهاتنا نقول لهم تلك الحكايات ونستنكرها كما نقول مش كدة عيب يا ماما كما أن رأي أيا منهن سيكون إحدى أمرين فالبنات الملتزمات ستقول هذا لا يصح ابتعدي عن الشر فنحن مازلنا صغارا أما البنات المستهترات ستوقع في الخطأ بالطبع كما أنها ستقول الحب ضرورة استمتعي بحياتك وبعض الساذجات الرومانسيات التافهات ستقول بوحي له فما الذي يدريه لعله يبادلك الحب وسكت لأنه ظن أنك لا تحبيه
كنت أتمنى لو خطفني على حصانه الأبيض ذو الجناحين وطار بي واختطفني من أمام الناس وللأسف انتهت امتحاناته وقرر أن يعود إلى القاهرة وما إن جاءني الخبر وتمنيت لو اصطحبني معه وفكرت في أن أبوح له ولكن كلما تأتي الفكرة أطردها لأني أخجل ولا أتجرأ على هذا حتى ولو أرسلت خطاب كما أني حتى لو أفصحت فماذا أفعل إذا أخجلني أو أخذ الأمر على أني طفلة لم أعلم ماذا أفعل حتى سمعت طرقا على الباب ففتح أبي فإذا به حسن فسلم على أبي وأعطاه مفتاح الشقة وقال أنه سيعود الشهر المقبل لأنه قدم في وظيفة فقد وجد وظيفة شاغرة لمهندس بترول في إحدى الشركات وقدم فيها فتهللت أساريري من الفرح وانتظرت مرور الأيام وكنت أقول دائما لنفسي ستمر الأيام سريعا وسأراه ثانية
كيف أصبحت سهر أم سمر
سأخبركم لماذا أصبحت سمر طفلة مشردة هذا هو ثمن الاندفاع وراء العاطفة ووراء الحب بدون تعقل وسأترككم مع سهر لكي تحكي لكم القصة قد اقترب المشهد من الذكريات الذي كان يتردد على ذهنها ها قد عاد حسن من السفر وحان موعد أول لقاء ودقت ساعة الحب كنت عائدة من المدرسة فكان اليوم آخر يوم في الامتحان وكان حسن عائد من السفر عندما دخلت فناء المنزل وجدت شخصا يحمل حقيبة دققت النظر فوجدته حسن فحاولت أن ألقي عليه السلام ولكن لساني عجز عن الكلام فالتفت لكي يأخذ بقية الحقائب من السيارة فوجدني أمامه فقال من سهر أهلا كيف حالك وكيف حال الوالد فأجبت بكلمة واحدة الحمد لله قال ما شاء الله أنت جميلة وأنيقة حقا فكدت أن أطير فرحا فابتسمت وقلت شكرا صعدت السلم وما زالت كلماته ترن في أذني وفتحت الباب ودخلت ولم أخلع ثيابي فقد أعجبته ثم اتصلت بي صديقتي سلوى وقالت أنها تريد مقابلتي غدا الساعة الرابعة
وهكذا كانت البداية
فبعد أن تركتها صديقتها وذهبت إلى الشاطئ حاولت سهر أن تنام ثم سمعت طرقا على الباب فوجدته حسن وبعد أن دخل قال لها من تكوني حتى أحبك وكيف ومتى أحببتك وعندما قالت وتجرأت لأول مرة وقالت أنها تحبه وأنه ظلمها فهي لم تخطف قلبه منه بمفردها بل هو الذي خطف قلبها أولا وبكت خجلا ممزوجا بالفرحة ونظرت للأرض فقال لها عيناك كحيلتين أحب النظر إليهما شفتاك كلك كدة على بعضك حلوة يا جميلتي وضمها بحنان فنظرت إليه بحب ثم نظرت للأرض خجلا اقترب منها محاولا أن يداعبها ويعبث بها فابتعدت وعادت للوراء ثم همس في أذنها أحبك فنفث الشيطان في اذنها زيديه حبا وحنانا وقد كان قلبها حنون فنام على صدرها فدق قلبه في صدرها فنظرت إليه بحنان فضمها وقبلها فأيقظ عواطفها وانهارت صريعة الهوى وسقطت للهاوية والتهمها حتى جردها من كل شيء فسالت دماؤها وسقط وجه البراءة ضاعت براءتها ياله من حب أهوج طائش دمر ثلاثة كان أنانيا أسكره ما عانه من شوق ولكنه الآن ولأول مرة يعرف الحب والتهمها حتى جردها من كل شيء وضيعها ولم تستطع أن تتصرف وكانت ضعيفة أمام حبها ولم تتعقل وكانت هذه هي النتيجة طفلة متشردة جلست كي أشكي لأمواج البحر وهي تتلاطم وتصارع بعضها بعضا فلم تسمعني فسألت نفسي هل كنت مخطئة حين احببته هل كان على ألا أصارحه فيما أخطأت فقلت لها لقد استسلمتي للشيطان هذا خطؤك واندفعت فاستسلمت لهواك وغرائزك وشهواتك لقد أخطأت فهم الحب نعم فالحب أسمى من مجرد شهوة ولكن لا تيأسي من رحمة الله فعادت تحدث نفسها وقالت لم يحبني بل أحب أنوثتي فكنت له مجرد جسد لم يحبني فقد أذاقني ويل الهوى وأنات الشوق وصمت القلب بعد لهفة ثم هم وكدر بعد خطيئة لن تغتفر أحبه وأكرهه بل أكره حبي له لقد زارني الندم بعد أن كنت لا أندم على شيء حتى لو تعوذت من الشيطان يشعر بانتصار أخجل من ربي هل سيقبلني فقلت لها لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين لا تبتئسي وكفاك أنينا قالت يكاد قلبي يتمزق ألا تسمعي أناته أنا أبكي من ألم سمع صداه موج البحر فهاله وثار ألا تسمعي أنين الموج يبكي وهو يسبح بحمد الله ويدعو لي أبكي من جرح عميق نزف حتى جفت عروقي من الدم آه لو كنت مكاني حبيبي لا يحبني ذبحني ولم يقتلني يا ليتني مت ولم أرى هذا اليوم ما لهذا الليل البهيم الأسود لا ينجلي يا رب من لي سواك لا تتركني ودخلت صديقتها فهالها بكاؤها ونحيبها فسألتها عن السبب فانتابت سهر حالة من الهستريا
وانتابت سهر حالة من الهستريا العصبية فظلت تلقي بالأشياء على الأرض وتبكي فخرجت سلوى تطلب المساعدة وخرجت سهر بلا وعي أو شعور هائمة على وجهها في الشارع تردي شال تضمه بيدها على صدرها تتخيل أنها تطارد وجه حسن وتتخيل أنها تفصل رأسه عن جسده ثم تعيدها ويتكرر المشهد حتى وقفت أمام مسجد وسمعت أذان الظهر "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" فهدأت وفاقت ودخلت لتتوضأ وتصلي في المسجد وبعد أن فرغت من الصلاة جلست تدعو وتناجي ربها وتتضرع إليه وتشكو همها وتمنت أن ترى والدتها فنظرت خلفها فوجدت سيدة عجوز مرسوم على وجهها الطيبة والصلاح فارتاحت لها وشعرت كأنها أمها وجلست السيدة إلى جوارها وقالت السلام عليكم يا بنيتي لما تبكين تحفر الدموع على وجوهك قنوات وأنهار من الحزن لماذا يا صغيرتي اتركي الهم ولا تحزني ودعي اليأس ولا تقنطي من رحمة الله فقالت ونعم بالله وتجاذبا أطراف الحديث فشعرت بارتياح نحوها وباحت لها بما في صدرها المكلوم
آه لا أستطيع أن أبكي ولا أتألم أنا من جنيت على نفسي وكتبت عليها الذل والهوان أنا من لم أصون عرضي ونفسي فأهانني اللئيم أنا من جنى عليها الهوى فهتك سترها وسلبها طهرها كنت العفيفة المهذبة التي إذا ذكر الأدب والشرف ذكر اسمها لا أعرف كيف بحت لكي بسري يا خالة انفجرت في البكاء وقالت بصوت مرتعش أنا أنا لا أطيق أن أرى وجهي في المرآه أشعر أني عارية وإذا نظرت استحييت من نفسي لا أدري كيف استسلمت لهوى أهوج سرق عفتي ذئب بل شيطان فاجر ويلي من حب يكوي ويحرق ويلي من الشوق والجوى أبكي وأتألم من جرح غائر أنهى الدم في عروقي ليتني ما أحببت آه وهكذا تشردت سمر وكانت هذه هي النتيجة لقد أخطأت سهر خطأ كبيرا آه فعلا إنه كان فاحشة وساء سبيلا نعم فجنت ثمرة خطئها تلك الطفلة المسكينة سمر تركت سهر سمر بعد ولادتها أمام المسجد للسيدة العجوز لتربيها وترعاها ولكنها ذهبت بها لأسرة بديلة لأنها كبيرة في السن لا تستطيع أن تتحمل مسئولية طفلة وهي مريضة وكبيرة السن فكانت هناك أسرة غنية ليست لديها أولاد فذهبت بها إليهم وأعطتهم إياها ولكن بعد أن رزقهم الله الأولاد ألقوا بها في الشارع مرة أخرى واحتجوا أنهم أصبحوا لا يريدون أطفالا وأنهم أصبح لديهم طفل ولا يريدون أن يشغلهم واحد عن رعاية الآخر وعادت سمر للمسجد ثانية حائرة لا تعلم ولا تفهم ما الذي أتى بها إلى هنا ووجدتها الشيطانة فلة –أمنا الغولة- رئيسة عصابة كبيرة متخصصة في تعليم الأطفا الإجرام وعلى الرغم من أن سمر لم تعرفها إلا أنها كانت تستسلم لأي شخص وتذهب معه فذهبت مع تلك السيدة وأصبحت فرد من أفراد تلك العصابة.
وها نحن قد عدنا لقصة سمر بعد أن عرفنا لماذا أصبحت سمر طفلة متشردة تجنت عليها الظروف وحرمتها من حنان الأم والأب ومن اللعب بل من الطفولة وعرفنا قصة أمها ومن هي وقد عادت سمر تحكي القصة كنا قد توقفنا عند تلك الأحداث نسيت أن أقول لكم من هي أمنا الغولة إن أمنا الغولة إن أمنا الغولة هي الست فلة التي وجدتني أخذتني من أمام الجامع ونحن نسميها العفريتة هذا هو الإسم الحركي لها بيننا نحن فقط لقد أخذتني حين كنت صغيرة أبلغ من العمر سنتين لكي تستغلني في التسول أمام الجامع وقد كانت تدعي أني مريضة وظلت هكذا حتى أصبح عندي خمس سنوات وحينها قالت لي أنها ليست شقيقة ماما نرجس وأنها لم تكن تعرفها وأنها ليست أمي الحقيقية كما ادعت حتى عندما كنت صغيرة لم تحسن معاملتي وقالت لي أنني لابد أن أتسول وبالطبع لم أكن الطفلة الوحيدة في مؤسسة العفريتة ولكني كنت الأولى قامت ببتر ذراعي اليمنى ولم ترحمني يوما واحدا حتى لو كنت متعبة وكنت أنظر إلى الأطفال أترابي وهم يلعبون أو يذهبون إلى المدرسة أو يخرجون إلى الحدائق ويتنزهون مع آبائهم أبكي وأنظر إلى المرآه أراني مثلهم طفلة في نفس عمرهم لماذا لا ألعب لماذا لا أتمتع بطفولتي مثلهم وحين قالت لي العفريتة أنها ليست أمي تمنيت أن تأتي أمي وتأخذني إلى منزلها وتأخذني في نزهة وأظل أحلم أني ألهو مع الأطفال وأرى أمي ولو ليوم واحد وأتنزه كما تتنزه الأطفال وأذهب إلى المدرسة أبكي دائما حتى لو لم تدمع عيناي وبالطبع لم تعبأ العفريتة بآلامنا فنحن لسنا أبنائها وإن لم نذهب يوما للعمل حتى ولو كان بسبب مرض أو تعب يجب أن نضرب ضربا مبرحا ثم تسخر وتقول هذه ليست مستشفى من يريد أن يمرض فليذهب لطبيب وذات يوم ذهبت معي ورأينا طفلة كانت ذاهبة لكي تشتري بعض الحلوى فقالت لي إذهبي وادعي أنك تعرفينها وأتيت بها ففعلت وكانت طفلة ساذجة صدقتني وادعت العفريتة أنها كانت صديقة قديمة لأمها وسرنا في طريقنا إلى المنزل وعندما وجدتنا الفتاة قد غيرنا الطريق بكت وقالت أنا أريد أمي أين أمي فكممتها وخدرتها العفريتة وحينها بكيت ولكن بكاء مكتوما وصرخت بداخلي وشعرت أني أري أن أعتذر لتلك الفتاة وصلنا للمنزل فسألت العفريتة وقلت لها ألا يكفيك أنا ومحمد أبو ضب ماذا ستفعل هذه هنا قالت لا شأن لكي وضربتني وقالت أنا لم أنجبكم وأنساكم فلابد أن تعملوا أمام طعامكم وكسؤكم وأني أويتكم لقد وجدتك أمام الجامع وأويتك وقد كان والديك لا يريدونك ولم يعبأوا إذا مت ليتني تركتك ولم أحسن إليك فمثلك لا يستحق الكرم أو الإحسان أنت متشردة فقلت لم تأخذينا عطفا أو إحسانا بل مصلحة ثم إنك قد أطعمت من فقد والديه منا لكن لماذا خطفت هذه الفتاة قالت لأنك كل يوم تتمارضي ثم أنا أمر أنت تنفذي بدون نقاش أفهمتي وصفعتن عندما فاقت قالت الفتاة أين أنا أين أمي وأين وضعت كيس الحلوى فقلت لها اصمتي هيا نتحدث بعيدا عن خالتك نرجس فذهبنا للحجرة التي ننام فيها كانت حجرة ليس بها سرير فكنا ننام على الأرض ودخلنا فقلت لها هذه امرأة شريرة تخطف الأطفال الصغار أنا لم أستطع إلا أن أنفذ أوامرها فأنا لا أعلم منزل أمي ولكن هل تستطيعي أن تذهبي غدا صباحا إلى أمك قالت نعم لقد اشتقت لأمي فقلت إذا نامي وغدا صباحا ستوزعنا أمنا الغولة للعمل وستذهبي للبيت وفي الصباح لم تستطع أن تذهب لوالدتها ولم أستطع أيضا أنا أن أتذكر الشارع ومنذ هذا اليوم أصبحنا أصدقاء وقررنا أن نخطط معا لكي نعود لبيوتنا وننتقم من العفريتة ولم نعود إلى منزلها منذ ذلك اليوم وأصبحنا أطفال شوارع وكنت أبكي دائما في الليل خصوصا في ليالي الشتاء الممطرة وكنت أخشى الموت مع أني لا أفهم ماذا تعني هذه الكلمة وحين سألت العفريتة قالت لي أن يذهب الشخص بلا عودة ويفارق الحياة لكني لا أفهم حتى الآن لكن كل ما فهمته أنك حين تموت تذهب لمكان بعيد لا يراك ولا بجدك فيه أحد ولا يستطيع الوصول إليك فيه إلا إذا فارق الحياة هو الآخر لا أدري يقولون أن كل البشر ستموت فأخرج كل يوم عند الفجر وأحاول أن أبحث عن تلك المكان الخفي لكي أموت وأسكن فيه ولم أجده لكني أءمن بوجوده لكن أين هو وهل ماما نرجس ذهبت إليه لأنها لم تكن تريدني إذا لابد أنها غضبت مني لكني لم أغضبها أتذكرها دائما كل مساء خصوصا وقت الفجر وفي الشتاء وأنا أسامحها فقد علمت أنها لم تكن أمي بل كانت مربيتي لكن أين أمي التي لن أسامحها هل ذهبت أيضا إلى حيث ذهبت نرجس هل ذهبت أيضا إلى ذلك المكان المجهول ولماذا ذهبت أريد أن أعيش مثل الأطفال ويكون لي أما وأبا نمرح ونلعب معا ونذهب إلى المتنزهات والحدائق وأمرح وأذهب إلى المدرسة وتنتشي طفولتي لو وجدت أمي سأسامحها ولن أغضبها كي لا تتركني لكن أين أمي ومن هي في كل يوم أنظ من الشباك بين العصر والمغرب أرى الأطفال أترابي وهم يلعبون في الشارع وبعضهم عائدون من المدرسة أتخيل نفسي معهم ثم أستيقظ من هذا الحلم وأبكي فأنا ممنوعة من الخروج بعد العمل ممنوعة من الذهاب إلى المدرسة ممنوعة من أن أكون طفلة أنظر لنفسي في المرآه فأرى وجهي وطولي وجسدي فأراني مثلهم في مثل أعمارهم لكنني أبكي وهم يضحكون أعمل وهم يمرحون أبحث عن أمي وأمهم تحتضنهم وتطمئن عليهم ويتنزهون بينما أمشي في الشوارع وراءهم لأتسول منهم وبعضهم لا يعطيني ويزجرني لا أسكن في منزل بل عشة بينما يتمتعون بالمنازل الفخمة والفراش الدافئ والسرير اللين بينما أنام علة الأرض على مرتبة من القش تضحك قلوبهم الطفلة وتصرخ طفولتي ويعجز قلبي الذي أصابته شيخوخة الهم عن البكاء فقد مات وأصبح لا يدق أنزف دموعي كل يوم ولا يواسيني أحد ماذا أفعل وأين الخلاص أين أجد امي هل يولد طفل بلا أم هل أنا الوحيدة بين الأطفال أترابي بلا أم من أين أتيت يا رب دلني أين أمي أريد الخلاص من هذه السيدة عذرا لقد سردت الأحداث لأني أريد أن تتذكروا معي كل ما حدث بالتفصيل ومنذ وكنت أنا وموزة بعد أن خرجنا من بيت العفريتة ننام في الشارع فقد أصبحنا أطفال شوارع وكل يوم كنا نذهب إلى مكان آخر فقد كنا خائفين أن تعثر علينا وفي يوم من الأيام عرفت معنى الموت فعلا فبينما نحن سائرين كنا سنعبر الطريق وجاءت سيارة نقل مسرعة فقلت لموزة مهلا توقفي فتسمرت موزة ووقفت خائفة في زهول ولم تستطع أن تحرك قدميها فصدمتها السيارة ودهستها وفعصت رأسها في الأرض فلم تستطع أن تصارع شبح الموت وماتت في الحال اليم فقط عرفت معنى الموت والحزن فقد كانت تهون علي كثيرا لقد كانت صديقتي وأختي ورفيقة حياتي ربي صبرني وتمنيت أن أموت معها وأذهب حيث المكان الغريب الذي ذهبت فيه آه يا موزة يرحمك الله وذهبت إلى المسجد وصليت لأول مرة في حياتي ولم أعرف كيف أصلي أو ماذا يقولون لكني وقفت أقلدهم وأحاول سماع ما يقولون حتى أصلي مثلهم وبعد أن صلينا وأنا أحاول ان أتذكر ماذا كانت تقول ماما نرجس حين كانت تصلي وأنا بجوارها رأيت بعد الصلاة رجلا ما بين الثلاثين وخمس وثلاثين عاما علمت أنه إمام المسجد فقد دخلت مصلى الرجال خطأ ولم يحدثني أحد لأني صغيرة واصطحبني هذا الرجل إلى الطابق العلوي وعلمت بعد ذلك أنه مصلى النساء ولم يدخل بالطبع لكنه نادى على زوجته وأمرها أن تصحبني للداخل ومنذ هذا اليوم وأنا لم أعد طفلة متشردة فقد وجدت أسرة بديلة ودخلت المدرسة ولكن بابا ياسر مات ولم يبقى سوي أنا وماما نرجس ولكن قصتي لم تنتهي بعد إذا لم تملوا فانتظروا البقية مع تحياتي
وفي يوم من الأيام بينما كانت سمر تلعب بالخارج وقد خيم الليل وكانت ليلة من ليالي الشتاء الباردة القاسية كانت سمر تنظر إلى السماء وهي لا تفهم ما هذا وكانت تخشى صوت الرعد فذهبت تجري وتقول ماما السماء فيها ماء يا ماما نرجس وتعمل صوت يخوف وفيها نور كدة بيروح ويجي ايه دة يا ماما أنا خفت أوي متسبنيش لوحدي فقالت الست نرجس هذا مطر والصوت اسمه الرعد والنور اسمه البرق كحكح مالك يا ماما نرجس انت تكحي ليه فقالت بصوت مبحوح وهي لا تكاد تستطيع أن تتنفس أنا متعبة يا ابنتي كانت سمر وقتها تبلغ من العمر 5 سنوات فقالت ماذا أفعل يا ماما قالت اذهبي إلى خالتك أم عبد الرحمن ونادي عليها أو على صباح وجاءت صباح مسرعة وقالت لأمها أن تحضر الطبيب وبعد أن دخلت صباح وسألت الحاجة نرجس عن سبب تغير وجهها فقد كانت تبدو متعبة ووجهها مصفر وباهت فأجابت وقالت متعبة لست أعلم ماذا حدث وكانت تتكلم بصوت مبحوح وكانت تنهج وهي تتكلم وكأنها لا تتنفس فأسرعت وأحضرت لها دواء ثم أدخلتها إلى حجرتها ونادت أمها أم عبد الرحمن فذهبت لأحضار الطبيب وجلست صباح مع سمر ونرجس وكانت سمر واقفة تنظر بوجوم مرسوم على وجهها الدهشة لكن لم تت لصباح راعي أختك سمر يا صباح وقولي لأمك أن تقول لأبوك أنها فتاة يتيمة سيوسع الله له رزقه بكفالتها ورعايتها وأن يكف عن الشح والدناءة وحين أذن الفجر قالت نرجس أدخليني الحمام لأتوضأ وثم سعلت وتحشرجت حشرجة الموت وفاضت الروح إلى بارئها فقالت صباح خالتي إنا لله وإنا إليه راجعون وبكت فنظرت إليها سمر وقالت عيطي ليه يا بوحة فلم تجيب فنظرت لنرجس وقالت ماما هي عيط ليه ماما ماما أنا عيط لو مش قلتي حاجة قولي حاجة فحملتها صباح وهمت لتخرج من الغرفة فحاولت دفعها ثم قالت ماما ليه سبتيني ماما لسة السماء فيها مية أنا خائفة ودخلت أم عبد الرحمن ومعها الطبيب وعندما وصلوا وجدوها جثة هامدة أخذوا سمر إلى المنزل وهم يبكون ولا يتكلمون لكن سمر تنظر إليهم في وجوم فهي لا تعرف لماذا يبكون وأين ذهبت ماما نرجس فهي لا تعرف هل تبكي أم ماذا تفعل ولكنها بالطبع من حين لآخر تبكي وتبحث عن أمها البديلة وكانت ترفض اللعب والطعام وبعد أسبوع أخذت أم عبد الرحمن وزوجها سمر لكي يعيدوها للجامع ظننا منهم أنها ستكون في أمان وسيذهبوا ليطمئنوا عليها من حين لآخر لأنهم لا يستطيعوا أن يدعوها في البيت لأنهم فقراء قد يجدوا طعام اليوم بالكاد فقد كانت أم عبد الرحمن تعمل في الصباح فراشة في إحدى المدارس الأهلية وبعد الظهيرة تعمل خياطة وأحيانا كانت تقف في فرن عيش لتبتاع للناس الخبز وفي تلك الليلة ظلت سمر تبكي فهي لم تتوقف عن البكاء منذ الصباح وكانت خائفة وكانت هذه الليلة أيضا من الليالي الممطرة الباردة وقد سمعت سمر صوت غريب كان صوت خطوات تقترب من المسجد ظنت في البداية أنها ربما تكون نرجس أو صباح لكنه كان صوت خطوات شخص غريب ورغم خوفها اقتربت من باب المسجد وتوقفت عن البكاء ووقفت منتبهة تسمع صوت الخطوات وظلت تنادي ماما بوحة أنا سمسم أنا حلوة مش تعد لوحدي تعالي خذيني وكلما اقتربت خفق قلبها وفرحت وضحكت ضحكة طفولية بصوت يشبه الصراخ وقالت ماما هيه وأخفت نفسها لكي لا تراها كي تفاجئها وحين اقترب هذا الشخص من المسجد إذا بها لصة تخطف الأطفال وحين وجدت سمر أمام باب المسجد اختطفتها فقد كانت امرأة تخطف الأطفال وتستغلهم في التسول والسرقة ورغم زهول سمر لأنها امرأة غريبة لم تعرفها إلا أنها كانت فرحانة لأنها لن تجلس وحدها ثانية ومنذ هذا اليوم أصبحت سمر طفلة متشردة بل أصبحت متسولة من أفراد العصابة التي كونتها تلك السيدة وها هي سمر ثانية بعد أن وجدت الأسرة البديلة والحضن الدافء عادت مرة أخرى طفلة متشردة إلى اللقاء في الجزء الثاني من القصة