التلذذ بالأخذ يشترك فيه معظم البشر
لكن التلذذ بالعطاء لا يعرفه سوى العظماء
وأصحاب الأخلاق السامية السامقة
يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله
( لقد أخذت في هذه الحياة كثيراً ، أعني : لقد أعطيت )
أحيانا تصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء
لأنهما يعطيان مدلولاً واحداً في عالم الروح
في كل مره أعطيت لقد أخذت
لست أعني أن أحداً قد أعطى لي شيئاً
إنما أعني أنني أخذت نفس الذي أعطيت
لأن فرحتي بما أعطيت لم تكن أقل من فرحة الذين أخذوا ....
إن بهجة العطاء تفوق لذة الأخذ
فالأولى روحانية خالصة
تتملك وجدانك وأحاسيسك
والثانية مادية بحتة محدودة الشعور
يقول جورج برنارد شو
المتعة الحقيقية في الحياة
تتأتى بأن تُصهر قوتك الذاتية في خدمة الآخرين
بدلاً من أن تتحول إلى كيان أناني يجأر بالشكوى
من أن العالم لا يكرس نفسه لإسعادك
فالمرء منا حينما يكون دائم العطاء
سيتملكه بعد فترة شعور بأنه يستمد
من رب العزة أحد أسمى وأروع صفاته وهي صفات
الجود والعطاء والكرم
وما أسعد الخالق حينما يتمثل أحد
خلقه صفاته الجميلة الرائعة
إن أحد أسرار السعادة هو أن تكون صاحب يد عليا معطاءة
فهي الأحب والأقرب إلى الله عز وجل
هذه اليد المعطاءة هي وحدها القادرة على نقلك
من عالمك المادي الضيق إلى عالم الروح الرحب الواسع
فالنفس تحب أن تكنز وتجمع
وصعب عليها أن تجود وتنفق
فإذا ما علمتها العطاء والجود
كنت أحق الناس بالارتقاء والعلو والرفعة في الدنيا والآخرة
صعب على عقل مادي أن يفهم معادلة العطاء السعيد
لذا لا أجدني مبالغا حين أجزم أن أصحاب اليد العليا هم...
نسيم الحياة وملائكة الإنسانية
أصحاب اليد العليا هم ...
رواد كل زمن ، ورموز كل عصر يجودون بالمال إن تطلب الأمر
ويضحون بالنفس بنفوس راضية
ويقدمون راحة غيرهم على راحتهم وهنائهم
تعرفهم بسيماهم ، قلوب هادئة .. و ابتسامة راضية واثقة ..
ونفوس مطمئنة مستكينة
هم أسعد أهل الأرض ، ولهم في السماء ذكرٌ حسن ..
وأجر عظيم
إشــراقة
لا تنسى وأنت تعطي أن تدير ظهرك عن من تعطيه
كي لا ترى حيائه عاريا أمام عينيك
جبران خليل جبران
:
من كتاب " أفكار صغيرة لحياة كبيرة "