وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْب
ما هي الخشية الحقيقيّة ؟
( إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ
الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ )
يس : 11 .
( وقوله : ( بالغيب ) يعني
" ولو لم يره " فان لم تكن تراه.. فانه يراك.. رقييب يعلم السر وما يخفى
و المراد بالغيب :
أنّه يخشى الله في السر زيادة عن الخشية في العلن ،
فيكون ( بالغيب ) حالا من المخشي ، يعني يخشى الله.. لان الله ليس بغائب عنه ،
هذا أحد الوجهين في الآية .
الوجه الثاني :
يخشى الله بالغيب ، أي يخشى الله في
حال الغيبة عن الناس ، يخشى الله
في قلبه في عمل غائب لا يغفل ، فيكون ( بالغيب ) حالا من الخاشي ،
يعني أن هذا الإنسان الذي أنذرته وانتفع
بإنذارك هو الذي اتّبع الذكر وخشي الله بالغيب حال كونه غائبا عن الناس ،
خشي الله بالغيب أي بالعمل الغائب
وهذه هي الخشية الحقيقيّة
لأن خشية الله تعالى في العلانية قد يكون سببها مراءاة الناس ، ويكون
في هذه الخشية شئ من الشرك ،
لأنه يرائي بها ، ولكن إذا كان يخشى الله في مكان لا يطّلع عليه إلا الله
فهذا هو الخاشي حقيقة ،وكم
من إنسان عند الناس لا يفعل المعاصي ولكن فيما بينه وبين نفسه يتهاون بها ،
فهذا خشي الناس في الحقيقة ولم يخشَ الله عز وجل لأن الذي يخشى
الله لا بدّ أن يقوم بقلبه تعظيم الله سبحانه
وتعالى سواء بحضرة الناس أو بغيبة الناس ، أيضا يخشى الله بالغيب
أي بما غاب عن الأبصار وعن الأذن سمعا وهو خشية القلب ،
وخشية القلب أعظم ملاحظة من خشية الجوارح
إذ خشية الجوارح بإمكان كلّ إنسان أن يقوم بها حتّى في بيته
فكلّ إنسان يستطيع أن يصلّي ولا يتحرّك ، ينظر إلى موضع سجوده ،
يرفع يديه في موضع الرفع ،يعني يستقيم استقامة تامّة في ظاهر الصلاة ،
لكن القلب غافل ، أما خشية القلب فهي الأصل ،
وهي التي يجب أن يراقبها الإنسان ويحرص عليها حرصا تاما ،
الشيخ محمد بن صالح العثيمين بتصرف
وهذا معنى قوله تعالى :
( وخشي الرحمن بالغيب )
نسأل الله جل في علاه أن يجعلنا
وإياكم ممن يخشاه في السر قبل العلن..