اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

 
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-2012, 01:01 AM   رقم المشاركة : 1
بشاش
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية بشاش
الملف الشخصي







 
الحالة
بشاش غير متواجد حالياً

 


 

تفسير قوله تعالى ( وخلق الإنسان ضعيفا)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا)
النساء/28،


هذه الآية من أعظم الأدلة على أن الشريعة الإسلامية هي الشريعة المناسبة للتكوين النفسي والعقلي والجسدي للإنسان ، وأن أحد أهم قواعدها التي تقوم عليها مناسبة " الطبيعة البشرية " المجبولة على الضعف والوهن مهما علت النفوس وتكبَّرت ، فهي في حقيقتها ومآلها ضعيفة لا تقوى إلا على ما يناسبها ويشاكلها .


وبهذا كانت الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ، فقد جاء قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا ) النساء/28، تذييلا وتبيينا لحكمته سبحانه وتعالى في تشريع بعض الأحكام ، وأن سبب هذه التشريعات اليسيرة الرحيمة هو مناسبتها لطبيعة الإنسان الضعيفة الفقيرة ، وهذا ما يتبين لمن يقرأ سياق الآيات الكريمات في قوله عز وجل :
( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا . يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا )
النساء/26-28.


يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" قوله : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) تذييل وتوجيه للتخفيف ، وإظهار لمزية هذا الدين ، وأنه أليق الأديان بالناس في كل زمان ومكان ، ولذلك فما مضى من الأديان كان مراعى فيه حال دون حال

ومن هذا المعنى قوله تعالى :
( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )
الآية في سورة الأنفال/66،
وقد فسر بعضهم الضعف هنا بأنه الضعف من جهة النساء ، قال طاووس ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء ، وليس مراده حصر معنى الآية فيه ، ولكنه مما روعي في الآية لا محالة ؛ لأن من الأحكام المتقدمة ما هو ترخيص في النكاح " انتهى من " التحرير والتنوير " (5/22)


وهذا الذي اختاره العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله
من حمل " الضعف " في الآية على جميع أنواع الضعف البشري هو الأقوى والأنسب في التفسير .

وإلا فقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله ثلاثة أقوال في الآية فقال :
" في المراد بـ ( ضعْف الإنسان ) ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الضعف في أصل الخلقة ، قال الحسن : هو أنه خُلق من ماءٍ مهين .
والثاني : أنه قلة الصبر عن النساء ، قاله طاوس ، ومقاتل .
والثالث : أنه ضعف العزم عن قهر الهوى ، وهذا قول الزجّاج ، وابن كيسان
" انتهى من " زاد المسير " (1/395)


ولكن القاعدة المهمة في تفسير القرآن الكريم أنه كلما كان من الممكن حمل معاني القرآن على العموم والشمول كان أقرب إلى الصواب ؛ وأن الأقوال إذا لم تكن متناقضة ، وأمكن حمل الآية عليها جميعها كان أوفق في التفسير . يمكن مراجعة ذلك في كتاب " قواعد الترجيح عند المفسرين " (ص/41-44).


يقول ابن عطية الأندلسي رحمه الله :
" المقصد الظاهر بهذه الآية أنها في تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، وأن إخباره عن ضعف الإنسان إنما هو في باب النساء ، أي : لمَّا علمنا ضعفكم عن الصبر عن النساء خففنا عنكم بإباحة الإماء ، وكذلك قال مجاهد وابن زيد طاوس .
ثم بعد هذا المقصد تخرج الآية في مخرج التفضل ؛ لأنها تتناول كل ما خفف الله تعالى عن عباده ، وجعله الدين يسرا ، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاما ، حسبما هو في نفسه ضعيف يستميله هواه في الأغلب " انتهى من " المحرر الوجيز " (2/40-41) .


ويقول ابن جزي الغرناطي رحمه الله :
" ( وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ) قيل : معناه : لا يصبر على النساء ، وذلك مقتضى سياق الكلام ، واللفظ أعم من ذلك " انتهى من " التسهيل " (1/188) .

ويقول ابن القيم رحمه الله – بعد أن ذكر بعض أقوال السلف في تفسير الآية :
" والصواب أَن ضعفه يعم هذا كله ، وضعفه أَعظم من هذا وأَكثر : فَإنه ضعيف البنية ، ضعيف القوة ، ضعيف الإرادة ، ضعيف العلم ، ضعيف الصبر ، والآفات إليه مع هذا الضعف أَسرع من السيل في الحدور " انتهى من " طريق الهجرتين " (1/228) .


ويقول العلامة السعدي رحمه الله :
" ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ) وذلك لرحمته التامة وإحسانه الشامل ، وعلمه وحكمته بضعف الإنسان من جميع الوجوه ، ضعف البنية ، وضعف الإرادة ، وضعف العزيمة ، وضعف الإيمان ، وضعف الصبر ، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/175) .


ولذلك فالأنسب في تفسير أوجُه " الضعف البشري " في الآية الكريمة حملها على إطلاقها ، لتشمل جميع جوانب الضعف : النفسية ، والبدنية ، والعقلية ، والعاطفية ، والتركيبية ، فالإنسان ضعيف النفس بسبب نوازع الخير والشر المخلوقة فيه ، إلى جانب الوساوس والأهواء التي تعرض له أيضا ، وهو ضعيف البدن أيضا بسبب ما يعرض له من الآفات والأسقام ، وبالمقارنة مع كثير من المخلوقات عظيمة الخلق ، وهو ضعيف العقل بسبب قدراته المحدودة التي تخوله من النجاح والإبداع ولكن في حدود المنظور في هذا الكون وما يمكن القياس عليه ، كما أنه ضعيف في الجوانب العاطفية والشعورية ، فيتأثر أسرع تأثير بما يبكيه أو يفرحه أو يُجبِنُه أو يُبخِله أو يشجعه أو يخوفه .


وللتوسع في شرح أنواع الضعف البشري

فلكل هذه الأوجه من الضعف والفقر شرع الله عز وجل لنا ما يناسبنا ، وخفف عنا فلم يكلفنا فوق طاقتنا ، فكانت شريعتنا شريعة التخفيف والتيسير ، كما قال سبحانه وتعالى : ( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ) الأنفال/66.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما :

" ثَمَانِ آيَاتٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ هِيَ خَيْرٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ ، أَوَّلُهُنَّ : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) النساء/26
ثَلَاثًا مُتَتَابِعَاتٍ ، وَالرَّابِعَةُ :
( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا )
النساء/31، وَالْخَامِسَةُ
: ( إِنَّ اللهَ لايَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ) النساء/40، الْآيَةَ ، وَالسَّادِسَةُ :
( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا )
النساء/110،
وَالسَّابِعَةُ : ( إِنَّ اللهَ لايَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) النساء/48 الْآيَةَ ، وَالثَّامِنَةُ :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) النساء/152 " الْآيَةَ " رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (9/346) .

والله أعلم .










التوقيع :
آخر تعديل رواء الروح يوم 23-06-2012 في 01:25 PM.

رد مع اقتباس
 
 

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خمس مسائل في قوله تعالى :{ ولا تمش في الأرض مرحا} رواء الروح المنتدى الإسلامي 52 06-09-2012 05:31 PM
حكم وأسرار قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً .. ) ~ افوق الوصف ~ المنتدى الإسلامي 21 01-09-2012 10:48 AM
سبب نزول قوله تعالى (((يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا ..........)) اليوسفية المنتدى الإسلامي 13 30-07-2012 04:01 AM
معنى قوله تعالى: لتحكم بين الناس بما أراك الله دانة الكون المنتدى الإسلامي 14 28-11-2011 12:01 AM
لكل من يريد أن يعرف فضل التسبيح فليقرأ قوله تعالى درة الخير المنتدى الإسلامي 8 23-09-2011 11:37 PM



الساعة الآن 03:04 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت