اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > :: المنتدى العام ::
 

 
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-2012, 06:35 PM   رقم المشاركة : 1
بسمه
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية بسمه
الملف الشخصي






 
الحالة
بسمه غير متواجد حالياً

 


 

تفاصيل الرضا الغائب

تفاصيل الرضا الغائب




عندما تجعل رضى الآخرين عنك مطلبا وحاجة نفسية ملحة لك ، فاعلم أنك دخلت دائرة تدمير الذات. فالنفس الإنسانية جُبلت على الجحود والظلم وحب الأخذ ، وهي صفات تغلب على الأكثرية ، إلا من زكاها ورقاها ، لذا فعطاؤك لشخص ما أيا كان ، حبيبا أو قريبا ، أو حتى خصما أو عدوا تحرص على رضاه ، هذا العطاء ، لن يزيدك إلا حرمانا ولن يزيده إلا ظلما.
فالموظف حين يضع بين عينيه في كل عمل يعمله رضى مديره عنه ، متنازلا عن كافة حقوقه لأن المطالبة بها قد تعكر مزاج مديره تجاهه ، لن يزيد ذلك مديره إلا استغلالا له واستنزافا لكل جهوده بل وظلما وإجحافا له.
والزوجة التي تلغي كيانها ووجودها وتفني نفسها في سبيل إرضاء زوجها ، تجنبا لأي خلل أو مظنة نقص ، وتسعى لأن تكون كاملة في نظر الزوج ، حتى لو أهدر كثير من حقوقها ، هذه الزوجة لن تنال هذا الرضى فضلا عن أي حق لها.لأنها ألغت قانون العدالة في الحياة الزوجية واستبدلته بقانون خاطيء وهو قانون التضحية ، الذي لا تكون نهايته موفقة أبدا للطرف المضحي ، كما يشهد بذلك واقع الحياة.
وتكاد تكون قاعدة أنك كلما بذلت أسباب الرضا ، زاد سقف المطالب ، وكلما أغدقت بشكل عام أتت تفاصيل الرضا لتفسدها ، وكلما قدمت خطوة طولبت بخطوة تالية ، حتى تصل لمرحلة ينفد كل ما لديك ، وفي ذات الوقت ، تكون قد مكنت الآخر من نفسك ومنحته أخضر الضوء ، ليحيل تقديرك لذاتك هشيما مختلطا من كراهة الذات واحتقارها.
فقانون الحياة قائم على الأخذ والعطاء ، وما دون ذلك خلل لن يستمر حتى وإن غُلف بمظهر الحب والود والتضحية .
وإن تحليل سيكولوجية العطاء والنكران ، يجعلنا نفهم أن إغداق العطاء غير المشروط على من حولنا يشعرهم أن هذا العطاء جزء من حقهم حتى لو لم يكن كذلك ، ثم يتحول ذلك لنوع من الإدمان على هذا العطاء ، سواء المادي بالمال أو العطايا والهدايا وتقديم الخدمات ، أو المعنوي منه بالحب والاهتمام والسؤال والرعاية ، وبمجرد أن يتوقف أو يقل منسوبه ، يحدث الانفجار ويأتي الغضب مضرجا بالعتب وكلمة : أنت تغيرت !
كم مرة عزيزي القاريء وعزيزتي القارئة سمعت هذه الكلمة في هذا الموقف ! وكأنك لست بشرا ، من حقك أن تتغير بتغير الأحوال والظروف ، وكأنه حتم عليك أن تكون ماكنة للعطاء والمنح لا تنفد ، ولا تكل ولا تمل ، ولا تعتريها الظروف والأحوال ، وكأنك أيضا لا تحتاج لرد الجميل أو رد العطاء ، بل يجب أن تكون كالنهر الهادر دوما في اتجاه البحر لا يضل طريقه .
وليس المقصود بالعطاء أداء الواجبات لدى من تربطنا بهم علاقة ، ولكن المقصود هو الزيادة عليه والتفاني فيه حتى لو كان على حساب صحتنا الجسدية أو النفسية أو أوضاعنا المادية ، وفي مقابل عدم رد هذا الحق إلينا.

إن العطاء بقصد كسب رضى الأخر أدنى درجات العطاء وأرخصها ، وهو عملة العلاقات المزيفة . فأنت لا تحتاج أن ترشو من حولك فردا أو مجموعة ، بخدمات وتضحيات حتى تحظى بقبولهم ورضاهم . وكما فعل المتنبي حين تبرأ من مبدأ الرشوة في الحب ، وآمن بالحب الخالص :
وما أنا بالباغي على الحب رشوة ضعيف هوى يبغي عليه ثواب
وعندما تفهم دافع حرصك على كسب رضا الآخر ، ستتوقف تلقائيا عن محاولة إرضائه ، وستتوازن معه في علاقة مُرْضِية مفعمة بالصدق . فقد يكون دافع طلب الرضا : الحب ، أو الخوف ، أو الرغبة في منفعة ، وهذه جميعها تتحقق دون التملق للطرف الآخر ، والسحب من رصيد تقديرك الذاتي .
ولست أدعو إلى عدم الاهتمام بالناس ومن تربطنا معهم علاقة عميقة ، ولست أدعو إلى قلب ظهر المجن للجميع والفظاظة في التعامل معهم ، ولكن أدعو إلى عدم جعل رضى الآخرين فيصلا لك في تقييمك لذاتك ، ولعملك وإنجازك ، وهدفا رئيسيا في علاقتك بمن حولك . فإذا رضي (س ) عنك فأنت إنسان جيد ، وإن مدح ( ص) عملك فهو متميز وناجح .
أنها دعوة إلى إعلان استقلال الذات وجعل مرجعيتك في الحكم على ذاتك داخلية لا خارجية بيد الآخرين.
سر مع مبادئ الحياة الصحيحة في العلاقات المتعادلة المتوازنة ، أعط الآخر كل ما يتوجب له ، وطالبه في المقابل بما توجبه هذه العلاقة . ولا تسمح لأي كان بابتزازك وهضمك وظلمك بدعوى كسب رضاه . ولا تجعل ولا تجعلي : رضى أحد عنك مقياسا لرضاك عن نفسك ، لأنك إن فعلت فلن تحصل على أيهما.
فقط اجعل كل أفعالك نابعة من المباديء الحقة في الحياة وسترى كيف ترقى حياتك.
أخيرا : إن العطاء المرهون بالرضا ، عطاء زائف ، والرضا المشروط بالعطاء رضا كاذب .







التوقيع :


رد مع اقتباس
 
 

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرضا والصبر طالب الحور المنتدى الإسلامي 13 29-12-2012 03:18 AM
نجوم على طريق الرضا بسمه المنتدى الإسلامي 6 13-08-2012 06:21 AM
الرضا بالله والرضا عن الله.. خفجاويه بالكويت المنتدى الإسلامي 0 07-04-2011 03:44 AM
الحوار الحاضر الغائب بالله توفيقي :: الحوار والنقاش الجاد :: 0 26-11-2010 02:14 AM
~~!!مساء أللحظه الصعبه!!~~ >>>> للحاظر الغائب نواف الفهاد ... النورس منتدى الشعر المنقول والصوتيات 20 02-03-2006 06:35 PM



الساعة الآن 06:47 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت