قال الإمام ابن القيم : " فهذه الدرجات الثلاثة هي درجات السبق ، أعني درجة العلم والعدل والجهاد
وبها سبق الصحابة وأدركوا من قبلهم ، وفاتوا من بعدهم ، واستولوا على الأمد البعيد ، وحازوا قصبات
العلى وهم كانوا السبب في وصول الإسلام إلينا ، وفي تعليم كل خير وهدى وسبب تنال به السعادة
والنجاة وهم أعدل الأمة فيما ولوه ، وأعظمها جهاداً في سبيل الله ، فالأمة في آثار علمهم وعدلهم
وجهادهم إلى يوم القيامة فلا ينال أحد منهم مسألة من علم نافع إلا على أيديهم ، ومن طريقهم
ينالها ، ولا يسكن بقعة من الأرض آمنا إلا بسبب جهادهم وفتوحاتهم ، ولا يحكم إمام ولا حاكم
بعدل وهدى إلا كانوا هم السبب في وصولهم إليه ، فهم الذين فتحوا البلاد بالسيف ، والقلوب
بلإيمان ، وعمروا البلاد بالعدل ، والقلوب بالعلم والهدى ، فلهم من الأجر بقدر أجور الأمة إلى يوم
القيامة مضافا إلى أجر أعمالهم التي اختصوا بها ، فسبحان من يختص بفضله ورحمته من يشاء
وإنما نالوا هذا بالعلم والجهاد والحكم بالعدل وهذه مراتب السبق التي يهبها الله لمن يشاء مـــن عباده .