اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الخـــاصـــة > مدارس الخفجي > :: منتدى التربية والتعليم::
 

 
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-2012, 04:30 AM   رقم المشاركة : 1
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 

إتقــــــــــــــــان العـــــــــــــمل


إتقــــــــــــــــان العـــــــــــــمل
عناصر الموضوع
1- مفهوم العمل
2- نظرة الإسلام للعمل
3- لماذا نعمل ؟؟
4- ماهية الإتقان
5- أهمية الإتقان
6- عوامل تساعد على الإتقان
7- صور تنافي الإتقان !!
أولا : مفهوم العمل :
هو كل فعل يكون من الإنسان أو الحيوان فهو أخص من الفعل لان الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد " " 1 "
وهذا التعريف يفهم منه أن الحركة المقصودة والفعل المتعمد يطلق عليه لفظ " عمل " وهو لا يكون إلا من الإنسان صاحب العقل والإرادة وقد جاءت الآيات والأحاديث بهذا المعنى قال الله تعالى : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله …" ويقول – صلى الله عليه وسلم - : " إنما الأعمال بالنيات " رواه البخاري و مسلم في صحيحهما .
وبهذا القصد في الفعل يترتب عليه أثره ونتيجته فيحمد الإنسان على عمله الصالح ويذم ويلام على عمله الطالح
وقد جاء العمل في اللغة بمعنى المهنة ولقد تطور مفهوم المهنة بمجيء الإسلام فهي كانت تعني في لغة العرب قديما " الخدمة والابتذال قال الجوهري : " امتهنت الشيء أي ابتذلته ورجل مهين أي حقير " وكان العرب يكرهون العمل باليد وينظرون إليه بتدن ويفضلون عليه التجارة وأوكلوا أمر المهن إلى الموالي وجاء الإسلام ليغير هذه النظرة القاصرة الخاطئة للعمل الشريف فشجع كثيرا على العمل ، ووعد عليه بالأجر العظيم كما سنرى لاحقا وقد جاء في المعجم الوسيط ما يشير إلى هذه التطور في مفهوم المهنة الذي عرفها : بأنها العمل والعمل يحتاج إلى ومهارة وحذق بممارسته يقال : ما مهنتك أي عملك "
فالعمل المثمر المنتج الذي يرقى بالأمة هو ما كان أساسه الخبرة وعموده العلم والحرفية العالية في الأداء

ثانيا : نظرة الإسلام للعمل :
1 - لقد اعتنى الإسلام بالعمل المهني وجعله نعمة تستحق الشكر قال تعالى : " ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون "
فالآية تشير أن ما يتغذى عليه الإنسان هو من كسبه وكده سواء كان بزراعة الأرض وهو ما أومأت أليه الآية : " من ثمره " أو بالتجارة المشروعة كما في قوله : " وما عملته أيديهم " وهذه القدرة التي منحها الله تعالى للإنسان والعلم الذي وهبه إياه لاستخراج ما في بطن الأرض من الخيرات والثمرات وإدارة موارد الطبيعة وحسن توظيفها هو نعمة عظيمة تستحق الشكر الجزيل والاعتراف بالجميل
2 – اعتبر الإسلام العمل نوعا من الجهاد ينال به درجة المجاهدين وشرف المرابطين " وقد رأى الصحابة شابا قويا يسرع إلى عمله فقالوا : لو كان هذا في سبيل الله ؟! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : " لا تقولوا هذا فإنه إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان "ولما لا يعد العمل جهادا ؟ وهو الذي يوفر الطعام والشراب والكساء والسلاح والمال للمرابطين في أرض المعركة ولولا العمال الكادحين والصناع المهرة ما قامت لنا قائمة ، وبعث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – " سفيان بن مالك " ساعيا بالبصرة فمكث حينا ثم استأذنه في الجهاد فقال له عمر : أولست في جهاد ؟
3 – والعمل الجاد مكفر للذنوب ومطهر للآثام فقال – صلى الهه عليه وسلم - : " من بات كالا من عمله بات مغفوراله " وقال : " من بات وانيا من عمله بات والله عنه راض "
4 – والعمل مهما كان حجمه إذا نوى صاحبه إطعام الجائع وكساء العاري وشفاء المرض وإغناء الفقير كان له بذلك صدقة جارية وأجر غير ممنون ما انتفع الناس والحيوان بثمرة عمله قال – صلى الله عليه وسلم – " من بنى بنيانا من غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر جار ما انتفع به خلق الله "
وقال أيضا : " ما من رجل يغرس غرسا إلا كتب الله عز وجل له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغراس " وقال أيضا : " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة "
5 – كما رفع الإسلام من قيمة العملوأعلى قدر العاملين وحرم التبطل وحارب الخمول والكسل وهناك أحاديث تنهى عن القعود وتشحذ همم العاملين كقوله صلى الله عليه وسلم – : " لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " وكان عبد الله بن مسعود يقول : " إني لأكره الرجل فارغا لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة "
6 – ومما يؤكد على قيمة العمل أن القرآن الكريم أشار إلى كثير من الصناعات التي لا يستغني عنها الناس مثل صناعة الحديد : " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس "
وصناعة الأكسية " ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين "
والصناعات الحربية : " وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد "
وصناعة الجلود : " وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم
وصناعة الملابس : " وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم " والسربال : القميص من أي شيء
وصناعة السفن والمراكب : " فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا "
والصناعات المسكنية : " وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا " ، كما كان كثير من الأنبياء لهم حرف يرتزقون منها فآدم – عليه السلام – حراثا ، وداود صناعا للسرد والدروع ، وموسى راعيا ، وكذا نبينا اشتغل بالرعي ، فقد حث الإسلام المسلم على أن يكون ديدنه في حياته كلها العملوالعطاء وتعمير الأرض وبناء الحياة حتى يدركه الموت أو الساعة قال – صلى الله عليه وسلم _ : " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها "
لماذا نعمل ؟؟ :
أولا : العمل مهما كان قدره ومهما كان ربحه وعائده فهو يمنع صاحبه من التبذل وسقوط ماء الوجه وضياع هيبته بالسؤال وبذلك ينال العامل توقير المجتمع واحترامه ويحيى عزيزا كريما ويموت جليلا حميدا واليد العليا خير من اليد السفلى وفي حديث البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه : " لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه "
ثانيا : أن تقدم الأمة في الصناعات المختلفة وريادتها في الأعمال المبتكرة يحقق لها المنعة من الأعداء المتربصين بها والطامعين في ثرواتها وكنوزها ، وقد رأينا يوم أن أصبحنا عالة على غيرنا في ما نأكل ونشرب ونلبس ونركب ونحن لا حول لنا ولا قوة نهبت أموالنا وصودرت أراضينا ومقدساتنا ؛ ولذا كان من مخطط الغرب لنا أن يبقينا شعوبا جاهلة متسولة لكل تقنية تعيش وتقتات على صناعات غيرها يقول أحد القساوسة الفرنسيين : " إن العالم الإسلامي يقعد اليوم على ثروة خيالية من الذهب الأسود والموارد الأولية الضرورية للصناعة الحديثة ؛ فلنعط هذا العالم ما يشاء ولنقو في نفسه عدم الرغبة في الإنتاج الصناعي والفني فإذا عجزنا عن تحقيق هذه الخطة وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه عن مجاراة الغرب في الإنتاج فقد بؤنا بالإخفاق السريع وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطرا داهما يتعرض به التراث الغربي لكارثة تاريخية ينتهي بها الغرب وتنتهي معه وظيفته القيادية "
لذا فإن العملوالإنتاج لسد حاجة المجتمع وتقوية بنيته ، وتحقيق تقدمه وريادته في شرعنا فرض تأثم الأمة كلها إذا لم يتحقق لها ذلك ، يقول ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: " لهذا قال غير واحد من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما كأبي حامد الغزالي ، وأبي الفرج ابن الجوزي وغيرهم : إن هذه الصناعات فرض على الكفاية فإنه لا تتم مصلحة الناس إلا بها "
ضوابط العمل :
1 – أن لا يكون هذا العمل مما نصت الشريعة على حرمته وبان ضرره وعظم خبثه كزراعة المخدرات والاتجار فيها وتعاطي الربا في المعاملات المالية وغير ذلك ، والمحرمات في ديننا معروفة ومحدودة ودائرة الحلال واسعة تستوعب كل النشاط الإنساني
2 – العمل ليس هدفا في حد ذاته ؛ وإنما هووسيلة تغني المسلم وتكفل له حياة كريمة فينبغي أن لا تشغله عن آخرته وتعطله عن ربه وتعوقه عن خدمة دينه بل ترفعه إلى العطاء ورعاية واجباته الدعوية ؛ ولذا جاء في وصف المؤمنين الصادقين : " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله "
فالمؤمنين ليسوا عالة على غيرهم تشغلهم عبادتهم عن العملوالكسب ، وليسوا طلاب دنيا وعبيد مال تحجزهم مصالحهم وتلهيهم تجارتهم عن أداء حقوق الله تعالى ، " ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك .. " ، ودخل عبد الله بن عمر- رضي الله عنه - السوق ، فأقيمت الصلاة فأغلق التجار حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال : فيهم نزلت : " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .. " ،وقال مطرف الوراق : " كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة "
3 – أن يقنع المسلم بما قسمه الله له ويرضى برزقه وهذا يمنعه من التطلع إلى ما في أيدي الناس ، وسلوك طرق محرمة لزيادة دخله كالرشوة والسرقة والتزلف لذوي الأموال
هي القناعة لا تبغي بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
4 – في المال حق لله تعالى إذا بلغ النصاب يجب إخراجه بتمامه في موعده دون تلكأ أو تأخير : " وآتوا حقه يوم حصاده " ،" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " وبذلك يساهم العامل في سد حاجة الفقراء وإغاثة الملهوفين ونجدة المحرومين ويساعد بماله الذي من كده وتعبه في بناء مجتمعا قائما على التكافل والرعاية
ماهية الإتقان :
يقول الفيروز أبادي في معجمه : "أ تقن الأمر أحكمه والتقن الرجل الحاذق ورجل من الرماة يضرب بجودة رميه المثل " والإحسان يرادف كلمة الإتقان وهو " يقال على وجهين :
أحدهما : الإنعام على الغير يقال : أحسن إلى فلان
والثاني : إحسان في فعله ،وذلك إذا علم علما حسنا أو عمل عملا حسنا " وعلى هذا قول أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه - : " الناس أبناء ما يحسنون ، أي منسوبون إلى ما يعملونه من الأفعال الحسنة " وفي ضوء التعريف اللغوي لكلمتي الإحسان والإتقان ندرك أن اللفظين يتفقان على ممارسة النشاط الإنساني بمهارة عالية ودرجة كبيرة من الإحكام والجودة ، وفي تعريف الإحسان بأنه " الإنعام على الغير " ندرك أن المحسن في عمله والمميز في مهنته والبارز في صنعته بالإضافة أنه يضيف إلى مهنته ويرتقي بها هو في ذلك الوقت ينال شرف آخر وهو الإحسان إلى أمته وكل من يستفيد من صنعته إذ يقدم لها منتجا جيدا سواء كان في أمر الدين أو الدنيا أو العلم والعمل
وقد حضنا ديننا على إتقان العمل فقال – صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "والنبي – صلى الله عليه وسلم – ضرب مثلا في الحديث بأعمال يجب فيها الإحسان وهي أمور هينة لا يترتب على عدم الإحسان فيها آثار بالغة ليؤكد أمرين :
الأول : إذا كان الإحسان مأمورا به شرعا في الأمور البسيطة فإنه أشد وجوبا وأكثر إلزاما في الأعمال الجليلة التي تتوقف عليها حياة الناس وتتحقق بها ضرورياتهم
الثاني : أن يصير الإحسان في الأعمال ثقافة عامة في المجتمع وخلقا واقعا وسلوكا حيا تجده متجليا وبارزا على كل كلمة أو قول أو فعل أو مهنة أو شريحة أو مؤسسة عامة أو خاصة ؛ هذا هو غاية الإسلام في تعاليمه وأحكامه ، إيجاد أمة محسنة وهي إذ تتخلق بهذا إنما تتصف بما وصف الله به نفسه القائل : " صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون " ، ولو دققت النظر في قوله – صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " لوجدت كلمة " عملا " جاءت مطلقة من غير تحديد لنوع معين من الأعمال يجب الاهتمام به والإحسان فيه دون غيره لتشمل أعمال الدنيا والآخرة ، وهذا ما أشار إليه الحديث السابق : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " وقوله : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان "
أهمية إتقان العمل :
أولا : على مستوى الفرد :
1 – أن المسلم الذي يحسن في صنعته ويتقن حرفته ويخلص في أداء عمله ينال حب الله تعالى ورحمته ففي الحديث الصحيح : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " وفي رواية " إن الله يحب من العمل إذا عمل عملا أن يحسن "
2 – ينال المتقن احترام الآخرين ويكسب تقديرهم لمهارته وينال ثقتهم فيه يقول الإمام علي –رضي الله عنه - : " قيمة كل امرء بما يحسن ، وما لا يحسن لا يحمد " بالإحسان تتفاوت أقدار الرجال وأسوق إليك هذه القصة التي تؤكد هذه الحقيقة " (تعطلت ماكينة ضخمة متطورة في سفينة تجارية كبيرة؛ فقام أصحاب السفينة بإحضار خبراء لإصلاحها واحدا وراء الآخر، ولكن دون جدوى ولا نتيجة ولعدة أيام، ولم يعرف أحد من هؤلاء الحرفيين ما هي العلة في عطل ذلك المحرك الضخم المطور!!، وبالطبع فإن تعطل مثل هذه السفينة الضخمة عن العمل يؤدي إلى خسارة آلاف الدولارات يومياً وبلا مبالغة؛ لذا قام أصحاب السفينة باستدعاء خبير قد تجاوز الستين من العمر، والذي قضى عمره في إصلاح محركات السفن الضخمة، وجاء معه حقيبة كبيرة مليئة بالعدد والأدوات، وكان أول ما فعله عند وصوله مباشرة هو تفحصه للماكينة الضخمة بدقة من أعلاها لأسفلها، وكان هناك اثنان من ملاك السفينة يتابعون هذا الخبير العالمي بشغف، ويتمنون في أنفسهم أن يعرف العلة في عطل ذلك المحرك العنيد العاصي على الإصلاح!!. بعد أن انتهى هذا الرجل من تفحص الماكينة أو المحرك اتجه لحقيبة معداته وأخرج منها مطرقة صغيرة وطقطق برقة على مكان معين من سطح المحرك فعلى صوته بالحركة مجلجلاً، لقد دار المحرك الضخم العنيد بعد عناء، وبعد تعطل لمدة أسبوعين كاملين عن العمل، خسر خلاله أصحاب السفينة العملاقة عشرات الآلاف من الدولارات، قام ذلك الخبير بإصلاح ذلك المحرك بهدوء بوضع المطرقة في مكانها وتأكد ملاك السفينة من إصلاح ذلك المحرك بعد أن قامت تلك السفينة برحلة تجارية تجريبية قصيرة نسبياً في عرض البحر بنجاح. بعد أسبوع استلموا فاتورة من ذلك الخبير المخضرم بعشرة آلاف دولار قيمة الإصلاح!!؛ فصرخ ملاك السفينة العملاقة قائلين (بينهم وبين أنفسهم): ماذا فعل هذا الشائب العجوز ليطلب هذا المبلغ الضخم؟! وقاموا على الفور بإرسال رسالة له يطلبون فيها فاتورة مفصلة عن تكاليف الإصلاح؟!؛ ماذا تتوقعون عن رده عليهم؟!، لقد أرسل لهم فاتورة كتب فيها تفاصيل التكاليف: الكشف على المحرك خمسمائة دولار. الضرب بالمطرقة على موضع الخلل عشرة دولارات. معرفة مكان الطرق بالمطرقة 9490 دولاراً. المجموع: عشرة آلاف دولار أمريكي فقط لا غير. هذا هو ثمن الخبرة النادرة، والتي قد يضطر بعض أصحاب رؤوس الأموال إلى دفع الكثير والكثير ليستفيدوا من تلك الخبرة النادرة فيما يخصهم!!"
وعلى الوجه الآخر فإن الإنسان المهمل المتهاون في عمله أول من يجني أثر ذلك ويصطلي بنار التسيب ويكتوي بلهيب الفوضى وإليك هذه القصة " كان هناك نجار تقدم به العمر، وطلب من رئيسه في العملوصاحب المؤسسة أن يحيله على التقاعد ليعيش بقية عمره مع زوجته وأولاده. فرفض صاحب العمل طلب النجار ورغّبه بزيادة مرتبه إلا أن النجار أصر على طلبه!! فقال له صاحب العمل إن لي عندك رجاءً أخيراً وهو أن تبني منزلاً أخيراً وأخبره أنه لن يكلفه بعمل آخر ثم يحال للتقاعد فوافق النجار على مضض وبدأ النجار العملولعلمه أن هذا البيت هو الأخير فلم يحسن الصنعة واستخدم مواداً رديئة الصنع وأسرع في الإنجاز دون الجودة المطلوبة..!! وكانت الطريقة التي أدى بها العمل نهاية غير سليمة لعمر طويل من الإنجاز والتميز والإبداع!!
وعندما انتهى النجار العجوز من البناء سلّم صاحب العمل مفاتيح المنزل الجديد وطلب السماح له بالرحيل، إلا أن صاحب العمل استوقفه وقال له: إن هذا المنزل هو هديتي لك نظير سنين عملك مع المؤسسة فآمل أن تقبله مني !! فصعق النجار من المفاجأة لأنه لو علم أنه يبني منزل العمر لما توانى في الإخلاص في الأداء والإتقان في العمل "
ثانيا : على مستوى الأمة :
فبالإتقان ترتقي الحياة وتتقدم الأمة ويحصل لها غنى عظيم وثروات طائلة وريادة في المجالات المختلفة صناعية وتجارية وزراعية وبهذا يفرض الإسلام نفسه على العالم الذي لا يقدر إلا الأقوياء ولا يعترف إلا بأصحاب المال والجاه وللأسف أن المسلمين في ذيل الدنيا ونهاية القافلة ؛إذا ذكرت صناعتهم فلا تذكر إلا بالرداءة والركاكة والهشاشة مع ارتفاع ثمنها فليس عندنا كأمة كتب الله عليها الإحسان في ذبح طائر ما تقدمه للعالم وتبهر به البشرية
عوامل إتقان العمل :
أولا : من جهة العامل :
1 – أن يعتقد المسلم أن عمله محل نظر الله تعالى قال تعالى : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "
2 – أن يعلم أن عمله أمانة عنده فلا يضيعها ويفرط فيها وقد قال الله تعالى : " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون "
3 – الجدوالمثابرة في العمل فالإتقان يحتاج إلى مجاهدة ومغالبة لعوامل الكسل والإهمال لذا يقول ربنا : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "
ويقول الشاعر :
ذريني أنال ما لا ينال من العلا فصعب العلا بالصعب والسهل بالسهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل
4 – أن يختار الإنسان العمل أو المهنة التي يحبها ويقتنع بها وتنسجم مع ميوله وإمكاناته ويعد هذا من الأمور الضرورية لنجاح الإنسان في عمله و الإبداع فيه
5 – التخصص في الأعمال يعين على التميز والتفرد وما رأيناه من تراث ضخم للمسلمين في شتى العلوم كان أحد أسباب وجوده الأساسية التخصص فمنهم من برز في القراءات ومنهم من برز في الحديث أو الفقه ومنهم في الأصول والطب والنحوواللغة ومن أراد أن يأخذ كل شيء يخرج بلا شيء لأن الإنسان له قدرات محدودة إذا فرّقها في كثير من العلوم ضاعت
ثانيا : من جهة المؤسسة أو الدولة :
1 – احترام العملوحسن معاملته تنفيذا لأوامر الإسلام " وقولوا للناس حسنا " 2 - إعطاء العامل الأجر الذي يتناسب مع جهده فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ،منهم رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه فلم يعطه أجره "
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – قال – صلى الله عليه وسلم : أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه "
3 – أن يكون أجر العامل عادلا بحيث يوفر له الحياة الكريمة من الطعام والشراب والملبس والمسكن ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس "
4 – عدم تكليف العامل ما لا يطيق وعدم إرهاقه بالإعمال الشاقة التي لا يقدر على إنفاذها فإن فعلنا شيئا من ذلك أعناه بأنفسنا أو بغيرنا ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم "
5 – الضمان الاجتماعي فمن حق كل مواطن تأمين راحته ومعيشته كائنا من كان ما دام مؤديا واجبه أوعاجزا عن هذا الأداء بسبب قهري لا يستطيع أن يتغلب عليه ، ولقد مر عمر بن الخطاب على يهودي يتكفف الناس فزجره واستفسر عما حمله على السؤال فلما تحقق من عجزه أرجع على نفسه باللائمة وقال له : ما أنصفناك يا هذا أخذنا منك الجزية قويا وأهملناك ضعيفا أفرضوا له من بيت المال ما يكفيه
6 – التشجيع المستمر والثناء على المجدين في عملهم والمتقنين في مهنتهم والمتفانين في صنعتهم وهذا من أعظم الحوافز للإتقان والجدوزيادة الدقة والإحكام
صور تنافي الإتقان :
1 – أن يذهب العامل إلى عمله متثاقل الخطى خامل النفس متأخرا عن الموعد المحدد وتجده يزاحم زملاءه ليوقع انصرافه فيخسر العمل ساعة في أوله وساعة في آخره
2- في أثناء فترة العمل المحددة تجده يخرج لقضاء مصالحه الشخصية ويعطل مصالح الناس ، يفطر ويشرب الشاي ويقرأ الصحف ويهاتف الأصحاب والبيت
3 – يعامل الناس بغلظة شديدة وبدل أن ييسر لهم مصالحهم ويسعى في إنجازها يضع العراقيل حتى ييأس الناس ويدركوا أنهم لا محالة سيرجعون خائبي الرجاء يفعل ذلك ليجبر الناس على البحث عن حلول ملتوية كالرشوة والوساطة وقد لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي " كما في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو
إنه بهذا يرتكب جريمتين عظيمتين : الخيانة في العملوأكل أموال الناس بالباطل
4 – غش الصنعة ومداراة ذلك طمعا في الربح السريع ألا يعلم ذلك المحتال أن فعلته الشنعاء تلك تخرجه من جماعة المسلمين لقوله – صلى الله عليه وسلم - : " من غشنا فليس منا "
ووجود مثل هذه الصور البغيضة التي لا تحتكم إلا إلى المنفعة الذاتية والمصلحة الشخصية الضيقة عقبة كأداء في نمو الحياة وتطورها بل إنها تفرز عللا وأمراضا تنخر في عظام المجتمع وتهد بنيانه كالقضاء على الفقر والاحترام والتقدير وانتشار الكذب والنفاق واللعن والسب والدعاء بالشر
وأخيرا أد أخي المسلم عملك وراقب ربك وأحسن إلى إخوانك حتى وإن لم يكافئك أرباب العمل حتى وإن كان الراتب زهيدا ويكفيك أن الله سيعطيك " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "
هذا وبالله تعالى التوفيق و السداد








التوقيع :










.
.

رد مع اقتباس
 
 

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



الساعة الآن 10:45 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت