جاء المساء وما يزال المطر يتدفق بغزاره من بين السحب الداكنة, ومن خلال النافذة المطلة على باحة الدار, وقف الفتى يتأمل ذلك المنظر الذي يبعث في نفس الإنسان شعورا فياضا بالابديه والحرية,
منظر هطول المطر
عاد بذاكرته إلى الوراء, إلى أعوام خلت, كانت الرياح تعصب بعنف, والمطر يرشف النافذة بحباته الناعمة وبينما هو يتذكر ما مضى ....
لمحها !!!!!
ذات الوشاح الأزرق, وكانت نظراتها ضائعة كأنما تبحث عن شيء, المسكينة يضايقها البعض ويثيرون معها المتاعب...
حيث كانت قرب المعهد تذهب للدراسة
فكانت جريئة إلى حد أن طلاب المعهد فوجئوا وهي تسدد نظراتها الحادة النارية إلى ضابط أمن المعهد و تخاطبه بتحدي ....
فقالت له:
لماذا لا تكف كلابك عن التعرض لي ؟؟
أنني أفضل أن أكون قردا على أن أكون ملاذ لكم ...
فنزل الفتى من منزله وهو في غاية الشوق لمعرفة هذه الفتاه
فأقترب من باب المعهد ورأى ضابط الأمن يقول لها :
ستعرفين من تخاطبين ؟!
أجابته الفتاه بألم ......
لو كنت رجل لعلمتك كيف يكون الأدب
أسرع الفتى نحوها وهمس لها ,,,,
السلام عليكم
أجابت وهي تلتفت جزئيا::
وعليكم السلام
كانت أثار بكاء وسهر واضحة في وجهها وعينيها
قال الفتى بصوت هاديء::
كم أحب المطر, أنه يذكرني بأيام الطفولة البريئة....
قاطعته بألم :::
السماء تبكي خطايا التعساء
قال الفتى بدهشة:
السماء لا تبكي على أحد, الإنسان وحده الذي يبكي ويضحك ويفرح و يحزن في هذا الوجود
أجابت وهي تنظر إلى الأفق البعيد:
كلانا يرى مالا يراه الآخر
وبدأ المطر يهطل بغزارة وهما في بداية المنعطف الذي يؤدي إلى باب المعهد ..
ثم فجأة قالت :
لن تراني بعد اليوم سأنقطع عن الدراسة, فقد بدأت أشعر بأن الرفاق يبيتون أمرا ضدي...
فمدت يدها الصغيرة داخل حقيبتها وأخرجت كتابا صغير الحجم ناولته بخشوع
إنه هدية السماء إلى الأرض, إنه القرآن
تناوله الفتى بصمت والدموع أسرت عينيه, بينما ما تزال الغيوم تتجه بسرعة نحو الشرق
قالت له:
أستودعك الله
قال:
في أمان الله
ثم ذهبت الغيوم وبدت السماء صافيه
فأشرقت الشمس قبيل الغروب.
أتمنى إنها نالت إعجابكم
وأحب أقول إن القرآن الكريم أحلى وأغلى هديه ممكن تقدمها لأي شخص
و تعبر عن قوة إيمانك وصدق وطهارة قلبك.
مع تحياتي .