سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 187
" تعلم كتاب اليهود , فإني لا آمنهم على كتابنا " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 314 :
رواه أبو داود ( 3645 ) والترمذي ( 2 / 119 ) والحاكم ( 1 / 75 ) وصححه وأحمد ( 5 / 186 ) والفاكهي في " حديثه " ( 1 / 14 / 2 ) واللفظ له , كلهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن # خارجه بن زيد عن أبيه # قال : " لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة , أتي بي إليه , فقرأت عليه , فقال لي .. " فذكره , قال : فما مر بي خمس عشرة حتى تعلمته , فكنت أكتب للنبي صلى الله عليه وسلم , وأقرأ كتبهم إليه " .
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
قلت : وإسناده حسن , وإنما صححه الترمذي لأن له طريقا أخرى , وقد قال الترمذي عقب ذلك : " وقد روي من غير هذا الوجه عن زيد بن ثابت , رواه الأعمش , عن ثابت بن عبيد الأنصاري عن زيد بن ثابت قال : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم السريانية ) " .
قلت : وصله أحمد ( 5 / 182 ) والحاكم ( 3 / 422 ) عن جرير عن الأعمش به بلفظ : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتحسن السريانية ? فقلت : لا , قال : فتعلمها فإنه يأتينا كتب , فتعلمها في سبعة عشر يوماً " .
زاد الحاكم : " قال الأعمش : كانت تأتيه كتب لا يشتهي أن يطلع عليها إلا من يثق به " .
وقال : " صحيح إن كان ثابت بن عبيد سمعه من زيد بن ثابت " .
قلت : لا أدري الذي حمل الحاكم على التردد في سماع ثابت إياه من زيد وهو مولاه ولم يتهم بتدليس ! قال ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 6 ) : " ثابت بن عبيد الأنصاري , كوفي يروي عن عمر وزيد بن ثابت , روى عن ابن سيرين والأعمش , وهو مولى زيد بن ثابت " : وقد قيل إن ثابت بن عبيد الأنصاري هو غير ثابت بن عبيد مولى زيد , فرق بينهما أبو حاتم في " الجرح والتعديل " ( 1 / 1 / 454 ) , وعزى الحافظ في " التهذيب " هذا التفريق إلى ابن حبان أيضاً وهو وهم , بل ما نقلته عن ابن حبان آنفا يدل عن عدم التفريق وهو الذي اعتمده الحافظ في " التقريب " وسواء كان هذا أو ذاك فكلاهما ثقة , فالسند صحيح .
والحديث علقه البخاري في صحيحه فقال : " وقال خارجة بن زيد ابن ثابت عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب اليهود " .
قال الحافظ ابن حجر في شرحه ( 13 / 161 ) : " وقد وصله مطولاً في ( كتاب التاريخ ) " .
ثم ذكر ابن حجر الطريق الأخرى التي علقها الترمذي ثم قال : " وهذا الطريق وقعت لي بعلو في " فوائد هلال الحفار " .
وأخرجه أحمد وإسحاق في " مسنديهما " , وأبو بكر بن أبي داود في " كتاب المصاحف " وأبو يعلى , وعنده : إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي وينقصوا فتعلم السريانية . فذكره .
وله طريق أخرى أخرجها ابن سعد . وفي كل ذلك رد على من زعم أن عبد الرحمن بن أبي الزناد تفرد به . نعم لم يروه عن أبيه عن خارجة إلا عبد الرحمن . فهو تفرد نسبي . وقصة ثابت يمكن أن تتحد مع قصة خارجة , فإن من لازم تعلم كتابة اليهود تعلم لسانهم , ولسانهم السريانية , لكن المعروف أن لسانهم العبرانية , فيحتمل أن زيدا تعلم اللسانين لاحتياجه إلى ذلك " .
قلت : وهذا الحديث في معنى الحديث المتداول على الألسنة : " من تعلم لسان قوم أمن من مكرهم " لكن لا أعلم له أصلاً بهذا اللفظ , ولا ذكره أحد ممن ألف في الأحاديث المشتهرة على الألسنة , فكأنه إنما اشتهر في الأزمنة المتأخرة .