سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 318
" لا غرار في صلاة , ولا تسليم " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 567 :
أخرجه أبو داود ( 928 ) والحاكم ( 1 / 264 ) كلاهما عن الإمام أحمد وهذا في " المسند " ( 2 / 461 ) والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 229 ) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم به . زاد أبو داود .
" قال أحمد : يعني - فيما أرى - أن لا تسلم , ولا يسلم عليك , ويغرر الرجل بصلاته , فينصرف وهو فيها شاك " .
ثم روى أحمد عن سفيان قال : سمعت أبي يقول : سألت أبا عمرو الشيباني عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا إغرار في الصلاة " فقال : إنما هو " لا غرار في الصلاة " , ومعنى ( غرار ) , يقول : لا يخرج منها , وهو يظن أنه قد بقي عليه منها شيء , حتى يكون على اليقين والكمال " .
وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " .
ووافقه الذهبي . وهو كما قالا .
فائدة :
قال ابن الأثير في " النهاية " : " ( الغرار ) النقصان , وغرار النوم قلته , ويريد بـ ( غرار الصلاة ) نقصان هيأتها وأركانها , و( غرار التسليم ) أن يقول المجيب " وعليك " ولا يقول " السلام " , وقيل : أراد بالغرار النوم , أي ليس في الصلاة نوم .
و" التسليم " يروى بالنصب والجر , فمن جره كان معطوفاً على الصلاة كما تقدم , ومن نصب كان معطوفاً على الغرار , ويكون المعنى : لا نقص ولا تسليم في صلاة , لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز " .
قلت : ومن الواضح أن تفسير الإمام أحمد المتقدم , إنما هو على رواية النصب , فإذا صحت هذه الرواية , فلا ينبغي تفسير " غرار التسليم " بحيث يشمل تسليم غير المصلي على المصلي , كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد , وإنما يقتصر فيه على تسليم المصلي على من سلم عليه , فإنهم قد كانوا في أول الأمر يردون السلام في الصلاة , ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعليه يكون هذا الحديث من الأدلة على ذلك .
وأما حمله على تسليم غير المصلي على المصلي , فليس بصواب لثبوت تسليم الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث واحد , دون إنكار منه عليهم , بل أيدهم على ذلك بأن رد السلام عليهم بالإشارة , من ذلك حديث ابن عمر قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء , يصلي فيه , قال : فجاءته الأنصار , فسلموا عليه , وهو يصلي , قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه , وهو يصلي , قال : يقول : هكذا , وبسط كفه , وبسط جعفر بن عون - أحد رواة الحديث - كفه وجعل بطنه أسفل , وجعل ظهره إلى فوق " .
أخرجه أبو داود وغيره , وهو حديث صحيح كما بينته في تعليقي على " كتاب الأحكام " لعبد الحق الإشبيلي ( رقم الحديث 1369 ) , ثم في " صحيح أبي داود " ( 860 ) وقد احتج به الإمام أحمد نفسه وذهب إلى العمل به , فقال إسحاق بن منصور المروزي في " المسائل " ( ص 22 ) : قلت : تسلم على القوم , وهم في الصلاة ? قال : نعم , فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر : كيف كان يرد ? قال : كان يشير .
قال المروزي : " قال إسحاق كما قال " .