سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 346
" إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن علي وقال : أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر , ثم قال : لا تسمين غلامك أفلح , ولا نجيحاً , ولا رباحاً , ولا يساراً ( فإنك تقول : أثم هو ? فلا يكون , فيقول : لا ) " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 613 :
أخرجه أحمد ( 5 / 11 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن # هلال بن يساف عن سمرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 899 , 900 ) : حدثنا شعبة به مفرقاً في موضعين وتابعه سفيان وهو الثوري عن سلمة بن كهيل به , دون شطره الأول , والأخير .
أخرجه أحمد ( 5 / 20 ) وابن ماجه ( 3811 ) .
ولشعبة فيه شيخ آخر , فقال الطيالسي ( 893 ) : حدثنا شعبة عن منصور قال : سمعت هلال بن يساف يحدث عن الربيع بن عميلة عن سمرة به مقتصراً على تسمية الغلام .
وكذلك أخرجه أحمد ( 5 / 7 ) ومسلم ( 6 / 172 ) من طرق أخرى عن شعبة به .
وتابعه زهير عن منصور به أتم منه مثل رواية شعبة الأولى عن ابن كهيل , إلا أنه جعل الشطر الأول في آخر الحديث , وفيه الزيادة التي بين القوسين .
أخرجه أحمد ( 5 / 10 ) ومسلم .
ويتبين مما سبق أن هلال بن يساف , كان تارة يرويه عن سمرة مباشرة , وتارة عن الربيع بن عميلة عنه , فلعله سمعه أولاً على هذا الوجه , ثم لقي سمرة فسمعه منه مباشرة , فكان يرويه تارة هكذا , وتارة هكذا , وهو ثقة غير معروف بالتدليس , فيحتمل منه ذلك .
وقد تابعه الركين بن الربيع بن عميلة عن أبيه عن سمرة بقضية التسمية فقط , إلا أنه ذكر " نافعاً " مكان " نجيحاً " .
أخرجه مسلم وأحمد ( 5 / 12 ) .
وفي الحديث آداب ظاهرة , وفوائد باهرة , أهمها النهي عن الزيادة في حديثه صلى الله عليه وسلم , وهذا وإن كان معناه في رواية حديثه ونقله , فإنه يدل على المنع من الزيادة فيه تعبداً قصداً للاستزادة من الأجر بها من باب أولى , وأبرز صور هذا , الزيادة على الأذكار والأوراد الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم , كزيادة " الرحمن الرحيم " في التسمية على الطعام , فكما أنه لا يجوز للمسلم أن يروى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ( 344 ) : " قل : بسم الله " بزيادة " الرحمن الرحيم " , فكذلك لا يجوز له , أن يقول هذه الزيادة على طعامه , لأنه زيادة على النص فعلاً , فهو بالمنع أولى , لأن قوله صلى الله عليه وسلم : " قل باسم الله " تعليم للفعل , فإذا لم يجز الزيادة في التعليم الذي هو وسيلة للفعل , فلأن لا يجوز الزيادة في الفعل الذي هو الغاية أولى وأحرى . ألست ترى إلى ابن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على من زاد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحمد عقب العطاس , بحجة أنه مخالف لتعليمه صلى الله عليه وسلم , وقال له : " وأنا أقول : الحمد لله , والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا إذا عطس أحدنا أن يقول : الحمد لله على كل حال " .
أخرجه الحاكم ( 4 / 265 - 266 ) وقال : " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي .
فإذا عرفت ما تقدم من البيان , فالحديث من الأدلة الكثيرة على رد الزيادة في الدين والعبادة . فتأمل في هذا واحفظه فإنه ينفعك إن شاء الله تعالى في إقناع المخالفين , هدانا الله وإياهم صراطه المستقيم .
وفي الحديث النهي عن التسمية بـ ( يسار ) و ( رباح ) , و ( أفلح ) و ( نجيح ) ونحوها , فينبغي التنبيه لهذا , وترك تسمية الأبناء بشيء منه , وقد كان في السلف من دعي بهذه الأسماء , فالظاهر أنه كان ذلك لسبب عدم علمهم بالحديث إذا كان من التابعين فمن بعدهم , أو قبل النهى عن ذلك إذا كان من الصحابة رضي الله عنهم .
والله أعلم .