سـوء الظـن بالمسلم
إن سوء الظن بالمسلم من غير داع أو مبرر هو مركب وعر، وسلوك شائن،
وآفة ضارة بالمجتمع الإسلامي ضرراً بليغاً،
لأنه يقطع حبال الأقربين، ويزرع الشوك بين أفراد المجتمع، ويدفع المرء
إلى أن يغتاب من ظن به السوء، أو يحتقره، أو يقصِّر في حقه،
وقد يجره ذلك إلى أن يتمادى في سوء الظن فيتهم أخاه بأمور لا صلة له بها، ويلصق
به مفاسد هو بريء منها.
وذلك كله وبال وفساد وضرر اجتماعي خطير، وأكثر من يصاب بهذا المرض ذوو
المناصب والوجاهات والأغنياء والمترفون،
وبعض أصدقاء المرء الذين وثق فيهم، وإن كان سوء الظن حديث نفس عابر غير مستقر،
كشيء خطر في بال الإنسان ثم تلاشى ولم يستقر،
فإنه لاشيء فيه، لأن الله تعالى غفر لهذه الأمة ما حدَّثت به نفسها، كما ثبت
ذلك بأدلة عديدة.
ولأن الظن مبني على التخمين بسبب كلمة، أو عمل محتمل، كانت نتيجة
الظن في الغالب الوقوع في ورطات عديدة لا مبرر لها،
كما أن الظن يجعل تصرف صاحبه خاضعاً لما في نفسه من تهمة لأخيه المسلم، وكذلك
يتحكم الظن في التسويلات النفسيَّة والاتجاهات القلبية،
حتى تجد من يظن السوء يحمل لمن يظن به أطناناً من التهم بناها خياله،
وكدستها أوهامه نتيجة سوء ظنه بأخيه،
ولذا قال صل الله عليه وسلم
" إياكم والظنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ، ولا تحسَّسُوا ، ولا تجسَّسُوا ، ولا تَباغَضُوا
، ولا تَدابَرُوا ، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6724
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وكثيراً ما ترى من يتهم غيره بسوء يقول:
سأحاول أن أتحقق، فيتجسس على غيره بغير حق، وبذلك يرتكب ذنباً آخر،
وأحياناً بعد التجسس يصل إلى نتيجة تحقق ظنه فيغتاب أخاه المسلم، ويذكره بسوء،
فيرتكب ثلاثة ذنوب.
وهكذا يجر ظن السوء إلى آثام عديدة إن لم يبتره الإنسان ويقطع مادته من جذورها،
ولذلك نهى الله تعالى عن التجسس والغيبة بعد النهي عن سوء الظن تنبيهاً للمسلم،
وتحذيراً له من التورط فيما يجره سوء الظن بالمسلم.
اللهم استرنا بالعافية ، وأعنا على الطاعة ، اللهم أنت أصلحت الصالحين ، فاجعلنا منهم .
دمتم برعاية الله وحفظه
يقول تعالى
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا
وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ "
سورة الحجرآت الايه 12