بحكم أني أعيش في الخفجي منذ أكثر من ثلاثين عاماً فإنني أحس بأن كل ما يعنيها يعنيني وربما هذه ما تسمى المواطنة !
فهذه المدينة قبل أن تكون مدينة كانت مجرد بقعة أرض على الشاطئ في محيط من الرمال
ولكن يد الرحمن امتدت إليها بالنعم فكان أولها أن كانت هذه الأرض حبلى بالكنوز
التي تفجرت فيما بعد
ولكن أكبر النعم أن جعلها الله عز وجل تحت رعاية عائلتين
كريمتين وهما آل سعود وآل صباح الكرام
والذين أول ما عرف عنهم هو البناء
ومنذ منتصف القرن الماضي ومسيرة البناء في هذه البقعة من الأرض
مستمرة والخير يسقيها مع كل موجة بحر
وبرغم التغييرات السياسية في المنطقة والعالم إلا أن الخير كان مستمراً
بوتيرةٍ في بعض الأحيان أجبرت على أن تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية
!!!
ولو أنهيت كلامي هنا لوجدنا أن ما قلت هو الحلم المثالي ولتجمهرت العائلات على مشارف المدينة
الكاملة طلباً في حياة الكمال المادي فيها
ولكن !!
لنكمل الحديث
طبعاً لكي يتحقق النمو بسرعة في الخفجي فقد بدأ المسؤولون حيث انتهى الآخرون
فتعاقدوا مع شركات عالمية لاستخراج النفط وتطوير المدينة
وكان حظ اليابانيين حسناً حين استطاعوا أن يفوزوا بذلك
فأصبحت شركة النفط تلك هي أم الخفجي
ومصدر أمان معيشي لمعظم الأهالي سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
كما كانت فرصة لمن رغب طلب العيش الكريم ممن يقطنون الكويت من جميع الجنسيات
بحكم ملاصقة المدينة لحدود دولة الكويت
ودار الزمان وتطور أهل البلد أسرع من البلد نفسها
فالطفرة التي حصلت في التعليم منتصف الخمسينات ميلادي
واستمرت بوتيرة متزايدة جعلت وجه الشارع يتغير بسرعة
!
وسرعان ما بدأت مطالبات الشباب المتعلم الطموح للشركة
بضرورة تحسين أدائها في خدمة المدينة
بل وتطور ذلك إلى رفض وجود مسئول أجنبي في بعض الحالات
وبالفعل جاء الوقت الذي أعلنت فيه الكوادر الوطنية قدرتها على
تسلم مسئوليات إدارة الشركة
وحصل ذلك في بداية الألفية الثانية
وتبددت شكوك المشككين
بمجرد أن رأوا الأداء الغير مسبوق في العمل والتنظيم وفي تطوير
البُنى التحتية لمرافق الشركة وعلى خط موازي تطوير الخدمات لمواطني
الخفجي عموماً وكان في ذلك الوقت وما زال حتى الآن من يملك القرار في إدارة الشركة يؤثر بشكل مباشر
على الجو التطويري في المدينة لذلك فإنه حديث الناس حتى خارج أسوار الشركة
وللأمانة فإن شخصاً يدعى صالح بن عبد العزيز الموسى ترك للخفجي من خيرها
ما يجعل أكثر الناس يدعون له بالتوفيق لأن إنجازاته أتت في وقت كان سعر النفط حوالي خمس ما هو الآن
لكن بعض الرجال يثبت أن الوطنية والهمة العالية أغلى من النفط ولكن عيبها أنها لا تشترى بالبرميل.
ومضى الزمان وتأملت المدينة كل خير في أبنائها وإن كانوا أتوا لكسب عيشهم في البداية
ومع كل أسف !!
أتى الوقت لنرى فيه كيف يكون التعطيل إنجازاً
وضاق الطريق على الدولاب وكثرة العصي فيه
ورأينا بأم أعيننا كيف يستطيع شخص أن يوقف مسيرة بناء بدأتها دولتان
واستمرت نصف قرن ومحسوب على الوطنيين
وكيف أن إتقان فن إخلال الموازين طغى على المصلحة العامة
وما كنا نعتقد بأنه خط أحمر لن يصل له أحد فقد استطاع رئيس العمليات المشتركة
السيد فؤاد العباسي أن يتخطاه بل ويمسحه ليخط غيره
ومن كان يظن أن بناء الأرض شيء مقدس فقد أثبتت له الإدارة الحالية مفهوماً آخر للقداسة
توقفت القروض التي كانت وما زالت رافداً أساسياً من روافد البناء
وأصبحت فرص البناء بمساعدة قدرات الشركة الوطنية الوحيدة في الخفجي بمثابة
الأطراف الصناعية لمن بترت أطرافه فهي إن وجدت لن ترقى لمستوى الأصلية أبداً
!!!
الإيجارات السكنية ارتفعت بسرعة لأن البناء قل بشكل ملحوظ لأن البناء من وجهة نظر الإدارة الفذة
مضر مادياً !! وليس الضرر في صيانة مبنى بالملايين وهو مقرر هدمه بعد أقل من سنة
فقط لأن الإدارة تستفيد منه أحياناً ؟؟
و لربما لو أضافوا بنداً يجبر المتقدم للقرض بأن يسمح للإدارة باستخدام منزله مرة أو مرتين في السنة
لأفادوا واستفادوا
وبما أننا في زمن التنازلات المنطقية فإني أقترح على إخواني موظفي العمليات المشتركة
أن يتقدموا بهذا التنازل مكتوباً على طريقة ( تايم شير )
إن كانوا فعلاً متضررين من ضيق بيوت الإيجار وارتفاع إيجاراتها
أما استخدام الشراكة بين الدولتين والحصص وتناسبها ذريعة
لوقف أنبل أنواع الدعم . فأقف هنا احتراماً لهذه العقلية الملائكية
!
!
!
في ذلك الزمان الذي كان فيه الموسى زوجاً لأم الخفجي
فقد كان براً بأبنائها
وما زلنا نتذكر هدايا الأم الحنون من الأنشطة المدرسية مروراً بالرياضية كمضمار الفروسية
إلى الدينية فكل من يصلي الجمعة في مسجد الملك عبد العزيز يدعوا لمن ساهم في توفير المكيفات
وقد لا يعرفه وذكر إنجازات الشركة في ذلك العهد يطول.
أما في وقتنا هذا فإن صرف رواتب الموظفين
يعتبر انجازاً.
ولا ننسى أن زوج أمنا البوذي كان يفاخر ببنائه في الخفجي لأبنائها مع إن اليابان تبعد عنها آلاف الأميال
وهذا يلخص مشروعية اشتراط علاقة مباشرة بين المسئول والأرض
!
!
فيا من كان لك السلطة على أمنا لا تقسي قلبها
على ابنتها الخفجي
ولا تكن كالنار لا تترك خلفها من الأثر إلا الدمار
ولا تكن ممن لا يفعلون الخير للصالح العام إلا مجبرين
فأهل الخفجي يحفظون التاريخ جيداً
بحلوه ومره
ودمتم بخير سالمين