نقد بحث الإدارة بالأفكار
البحث من إعداد علي آل إبراهيم وعنوان البحث المفروض أن يفرق بين الإدارة بالفكر والإدارة بالهوى وقد بدأ البحث بفقرة رائعة معبرة قال فيها المعد أو نقل عن غيره:
"تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها ، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في الوقت الذي تكون فيه مشغولا بأعمال أخرى أو مشتركا في محادثة أو منصتا إلى محاضرة آو قائما بالتدريس أو عاكفا على قراءة كتاب أو مسترخيا بالمنزل ، وحتى لو بدت هذه الفكرة لحظة ورودها واضحة تماما أو مهمة للغاية بحيث يستحيل نسيانها فهناك دائما احتمال أن تضيع منك فيما بعد .
لذلك حينما تنبن في عقلك نواة لفكرة احفظها مباشرة كتابة للاستفادة منها في المستقبل ، فالاحتفاظ بمذكراتك منظمة أبان البحث يستثير التفكير الناقد ويؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة "
" ديوبولد فان دلين "
بالفعل الأفكار وحتى ضدها وهو مقولات الهوى تأتى فى أى وقت وفى أى زمن وهى قد تتبخر وقد تظل موجودة فى الذاكرة والفضل هو كتابتها للرجوع إليها وفى تراثنا القديم مقولة تقول" قيدوا العلم بالكتابة"
وكتب المعد مقدمة تقول :
"مقدمة
الإدارة بالأفكار أسلوب إداري جديد لإنجاز الأعمال المطلوبة في المؤسسات الخاصة والعامة "
وهو كلام خاطىء فالإدارة بالفكر موجودة منذ بداية البشرية فى البناء والزرع والقلع والتصنيع وغيره وإلا ما كان تنظيم البيوت موجودا وما كانت الزراعة لتفلح لولا الفكر الذى ينظم وقت الحرث ووقت البذر ووقت الرى وأوقات الرعاية الأخرى
وقد كرر الرجل نفس الخطأ فقال :
"في عالم الغرب وبالتحديد في السبعينات ظهر أسلوب إداري جديد أسموه الإدارة بالأهداف ، وهي كما عرفها الغمري في كتابه " نظام الإدارة بالأهداف " ( طريقة إدارية يقوم فيها الرئيس والمرؤوس بتحديد الأهداف الوظيفية المسئول عنها المرؤوس والمعايير الموضوعية التي ستستخدم لقياس مدى تحقق تلك الأهداف )
ثم وضح المعد فوائد الإدارة بالأفكار فقال:
" وفي الواقع أن تجربة الإدارة بالأفكار يمكنك من خلالها تحقيق عدة فوائد :
الأولى : نسبة إنجاز للأعمال كبيرة جدا مقارنة بالأسلوب القديم نسبة لا تقل عن 100% إلى 200%
الثانية : تفاعل جيد مع من تتعامل معهم في عملك اليومي
الثالثة : اكتشاف طرق جديدة في تبسيط الأعمال الإدارية اليومية مما يحقق السرعة في الإنجاز
الرابعة : استغلال الوقت بما هو نافع ومفيد للمؤسسة التي تعمل بها
الخامسة : الاستمتاع بالعمل الإداري اليومي من كثرة ملاحقة الأعمال المراد إنجازها"
الفائدة الأولى وهى تعدى الواجب وهو مائة فى المائة لا يمكن أن تنجز فى المؤسسات الخدمية وأما فى المؤسسات الإنتاجية فهذا جائز إذا توافرت الخامات والمعدات
وأما التفاعل الجيد فهذا يتوقف على حسن المعاملة ثم تناول المعد ما سماه:
"الأفكار في التراث الإسلامي:
الأفكار أو الخواطر كما جاءت في بعض المراجع كان لها الاهتمام الكبير من قبل المفكرين والمبدعين الإسلاميين في العصور السابقة ، لقد كان سلفنا الصالح حريص اشد الحرص على استثمار كل لحظة من لحظات عمره بما في ذلك استثمار ما ينتجه العقل البشري من أفكار جديدة
في المعجم الوسيط " الخاطرة " هي ما يخطر بالقلب من أمر أو رأي أو معنى ، أما " الفكرة " فهي إعمال العقل في العلوم للوصول إلي المجهول
وجاء في سيرة الإمام الشيخ أبى الوفاء ابن عقيل الحنبلي " المولود سنة 431هـ ، والمتوفى سنة 513هـ " وهو أحد الأعلام في الإسلام : انه كان يقول " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرةٍ ومناظرة ، وبصري عن تطلعاته ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا انهض إلا وقد خطر لي ما اسطره ، أني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عمر الثمانين اشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز ، لأجل ما بينها من تفاوت المضغ ، توفرا على المطالعة ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وان اجل تحصيل عند العقلاء هو الوقت فهو غنيمة تنتهز فيها الفرص ، فالتكاليف كثيرة 0
قال تلميذه ابن الجوزي : كان الإمام ابن عقيل دائم الإشتغال بالعلم ، وكان له الخاطر العاطر ، والبحث عن الغوامض والدقائق ، وجعل كتابه المسمى بـ (الفنون) مناطا لخواطره وواقعاته0
وقد ضرب الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله مثلا ظريفا للخواطر والأفكار التي تخطر في ذهن الإنسان فقال: (وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى ، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لابد لها من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك! فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه)ومن الذين طحنت رحاه حبا نفع به نفسه وغيره الإمام ابن الجوزي صاحب الكتاب المشهور صيد الخاطر وهو كتاب ألفه من هذه الأفكار والخواطر التي ترد إلى ذهنه في يومه وليلته قال في مقدمة هذا الكتاب النافع :
(لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ، ثم تعرض عنها فتذهب ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام (قيدوا العلم بالكتابة)، وكم قد خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه ورأيت من نفسي إنني كلما فتحت بصر التفكر فتح له من عجائب الغيب ما لم يكن في حساب ، فإنثال عليه من كثيب التفهيم مالا يجوز فيه التفريط فيه ، فجعلت هذا الكتاب قيدا 000لصيد الخاطر000)
وهذا الكلام يبين أن ما ذهب إليه من كون الإدارة بالأفكار ليست شيئا جديدا ثم تناول الرجل كيفية تكون الفكرة فقال:
"كيف تتكون الفكرة الجديدة
الأفكار التي تحمل التجديد والابتكار وحل المشاكل في العمل الإداري كثيرة ، تمر علينا هكذا كالبرق الخاطف فنأنس بها .... ولكن .... حالما تنقضي الثواني التي بزغت فيها هذه الفكرة ننساها في خضم أعمال الحياة اليومية ، ثم تبرز في يوم آخر أو في نفس اليوم فكرة أخرى جديدة..... ثم تذوب كما ذابت أختها .
ترى لو عمدنا إلى تسجيل هذه الأفكار وتنفيذها الن يكون ذلك أحد الطرق السريعة لتغير الواقع الذي نعيشه ."
تكون الفكرة هنا غير موجود لأن الفكرة عملية نفسية تدور فى النفس نتيجة أمور عديدة كالقراءات والتذكرات والتخيلات ومن ثم فإخراج الفكرة كتابيا ليس كيفية لتكونها إلا أن تتطور فيكتبها نتيجة التفكير المتعدد فيها أو التشاور مع الغير ثم يتخلص من أمور منها ويبقى على ما يتم تنفيذه
ثم عرض المعد لتنفيذ الفكرة فقال:
"تنفيذ الفكرة
مراحل تنفيذ الفكرة الجديدة :هي أولا ترد في ذهن الإنسان ، ومن ثم إما أن تدون في ورقة أو في مذكرة وهذا سبب أساسي لحياتها ونشاطها ، و أما ألا تدون وهنا نحكم عليها بالزوال وعدم الاستمرارية .
ومن خلال تدوين الفكرة تأتي المرحلة التالية وهي مراجعتها مع النفس أكثر من مرة مما يعطي للنفس الفرصة للحكم عليها ، فهي أما أن تكون جيدة أو غير جيدة ، وبفرض أن الفكرة جيدة فهي تحتاج أيضا إلى مشورة الآخرين ، والنتيجة أما أن يحكم الآخرين بعدم جديتها وعدم صلاحيتها أو أنها فكرة جيدة مما يؤدي بالتالي إلى تنفيذها واخراجها إلى حيز الوجود."
وما سبق ليس تنفيذا للفكرة وإنما هو ولادة الفكرة وصياغتها لإدخالها حيز التنفيذ
وعرض المعد النصائح التى تولد الأفكار فىرأيه فقال:
"توليد الأفكار الجديدة:
أولا : احرص على الساعات الأولى من النهار :
اجعل الساعات الأولى من عملك اليومي مخصص للتفكير في تطوير المؤسسة ... بمعنى آخر لا تنشغل في هذه الساعات بأعمال بالإمكان عملها في الساعات الأخيرة من العمل أو في وسط العمل .
ثانيا :اجتماعات مبكرة :لتكن اجتماعاتك مع مرؤسيك أو مستشاريك في الساعات الأولى من العمل .
ثالثا : اقضي على قواطع التفكير :
ومن أهمها الهاتف ، والمراجعين ، الزوار وذلك من خلال تخصيص وقت معين يخلو الإنسان بنفسه في العمل للتفكير والتخطيط
.رابعا : رتب المعلومات :
أن الفكرة الجديدة تحتاج إلى معلومات متوفرة فاحرص على ترتيب معلوماتك من خلال الأرشفة أو استخدام الحاسب الآلي .
خامسا : دفتر الجيب :
يستفاد منه في كتابة الأفكار الجديد وترتيبها .
سادسا : المكان المناسب :
للمكان دور مهم في توليد الأفكار ، فالمكان الهادئ يساعد كثيرا على التركيز .
سابعا : أوجد الحافز :
وجود الحافز الدنيوي أو الأخروي له دور في إيقاد الحماس للعمل ومن ثم توليد الأفكار .
ثامنا : الحرص على الطاعات :
الطاعات والتقرب إلى اله بالأعمال الصالحة توجد انشراحا في الصدر مما يؤدي إلى توليد الأفكار الجديدة"
هذه النصائح تتعارض مع مبدأ كون الأفكار تتولد في أغرب الأوقات وفى أى وقت وبحافز ومن دون حافز وبترتيب ومن دون ترتيب
وبين الرجل ضرورة كتابة الأفكار فى خطوات هى:
"وهي أسلوب إداري جديد يقضي تجميع هذه الأفكار ومن ثم دراستها وتنفيذ الصالح منها من خلال الخطوات التالية :
عود نفسك اذا خطر على بالك فكرة أن تبادر إلى تسجيلها
اكتب الفكرة كما كما هو في شكل التالي
الفكرة:
-حدد متى تريد تحقيق الفكرة .
-تنفذ الفكرة في يوم .................... الموافق ........./............./.............1هـ
-ضع لهذه الفكرة رقم رقم الفكرة
-اكتب متى بدأت
-بدأ تنفيذ الفكرة في يوم ....... الموافق ........./............./.............
-حدد ما هي الإجراءات التي اتخذتها نحو تنفيذ الفكرة
الاجراءات المتخذة ...
-بعد كل إجراء حدد الموعد الذي تحقق فيه العم متابعات
-هل تود أن ترى ورقة الفكرة يوميا ... أو كل يوم ..................."