في ختام الاجتماع الثلاثي لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة صحة الحيوان، والذي عقد في جنيف خلال الفترة من 4 إلى 6 مايو/ أيار الحالي، أصدرت المنظمات الثلاث بيانا مشتركا للتحذير من خطر الأمراض العابرة للنوع التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان نتيجة الاحتكاك المباشر بين البشر وهذه الحيوانات أو عبر ناقلات المرض.
فقد ارتفعت وتيرة هذه الأمراض في السنوات الأخيرة بصورة أمراض أنفلونزا الطيور، والالتهاب الرئوي الحاد (سارس) وجنون البقر وغيرها، مما ينذر بالخطر.
وناشدت المنظمات الدولية صناع القرار في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء توجيه مزيد من الاهتمام لهذا النوع من الأوبئة، التي إذا ما اندلعت يصعب التحكم فيها.
كما حثت أطباء الصحة العامة والبيطرة على مزيد من التنسيق والتكامل بهدف تقييد انتشار هذه الأوبئة.
وتكمن خطورة هذه الأمراض في صعوبة -إن لم يكن استحالة- توقع مصادرها. فليس ثمة متخصص طبي أو بيطري يدري على وجه التحديد ما هو الحيوان أو ناقل المرض الذي سيسبب الوباء القادم.
ومثال لذلك وباء أنفلونزا الطيور الذي ينتقل من الدجاج إلى البشر، وأدى إلى وفاة 23 شخصا على الأقل في فيتنام وتايلند، وإعدام الملايين من الدجاج والبط بهدف السيطرة على المرض.
والأمثلة الأخرى كثيرة، فهناك سارس الذي انتشر في عدة دول آسيوية العام الماضي وهذا العام، ثم ظهر مرة أخرى في الصين وأدى إلى وفاة 774 شخصا على الأقل.
ويعتقد أن ذلك المرض انتقل للبشر من أحد أنواع القطط، وأنه ظهر أولا في بعض أسواق الحيوانات الأليفة جنوب الصين.
وهناك مرض الليشمانيا الذي ينتقل عبر البعوض. وفيروس نيباه الذي يسبب أعراضا تشبه أعراض أنفلونزا الطيور، وهو قد عبر من خفافيش الفاكهة إلى الخنازير ثم إلى البشر.
وانتشر هذا المرض بماليزيا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1998. وتوفي بسببه 25 شخصا، من واقع 29 شخصا أصيبوا به هذا العام في بنغلاديش.
وثبت أن مرض جنون البقر ينتقل للإنسان في صورة مرض مدمر آخر اسمه كرويتزفلت جاكوب، إذا ما تناول البشر لحوم أبقار تحتوي على جزيئات مرضية تسمى البريونات.
وقد أدى انتشار ذلك المرض بدوره إلى إعدام ملايين الأبقار في بريطانيا، ثم الولايات المتحدة وكندا.
بل يعتقد أن مرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز) هو إحدى صور الأمراض العابرة للنوع، إذ وجد العلماء تشابها كبيرا بين فيروس ذلك المرض لدى البشر HIV وفيروس نقص المناعة المكتسبة لدى القردة SIV.
ويرى الأطباء عدة أسباب تقف خلف نشوء هذه الأوبئة منها بعض ممارسات تربية الحيوانات، والفقر في بلدان أفريقيا مما يضطر السكان إلى أكل حيوانات مصابة بأمراض خطيرة، وتضخم المدن في البلدان النامية، وسهولة انتقال البشر (ومعهم الأمراض) جوا، ثم هناك التغيرات المناخية.
ومن الأمثلة على ذلك فيروس غرب النيل والذي يتوقع العلماء الأوروبيون أن يصل إلى قارتهم نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.
وينتقل ذلك الفيروس عبر البعوض ويحدث التهابا قاتلا في المخ، وقد ظهر في الولايات المتحدة وتسبب في عدة حالات وفاة.
وفي ختام بيانها المشترك، حثت المنظمات الثلاث الحكومات على تحسين نظم مراقبة الاحتكاك بين البشر والحيوانات في المزارع والأسواق، وكذلك رفع مستوى مرافق البحث والعلاج حول العالم.