في الاسبوع الماضي طرحنا موضوعنا هذا حول الأخطاء الطبية واكدنا على العديد من النقاط
في هذا السياق وفي هذا اليوم نستكمل الجزء الثاني.
ما من معصوم عن الخطأ وما من طبيب يقوم بالمعالجات المعقدة والصعبة
غير معرض لحدوث مضاعفات لمرضاه إلا اذا ما أنكر ذلك وكذب أو تجنب
معالجة تلك الحالات الصعبة.
ان أكثرية الأطباء في المملكة العربية السعودية يتمتعون بالمؤهلات الطبية العالية
وبالأخلاقيات الرفيعة وبالتفاني والبراعة والخبرة والنزاهة وبالاستعداد لاستشارة
زملائهم في بعض الحالات المعقدة والصعبة. واما باقي الأطباء «الضالين» الذين
يلطخون سمعة الطبابة ويعتبرون وصمة عار على تلك المهنة الشريفة والمميزة فإنهم
لا يتعدون الا حفنة ضئيلة من الأشخاص الفاسدين الذين يفتقرون إلى الاخلاقيات
والمبادىء والقيم الرفيعة والسامية. وكم كان أنسب لهم ولمرضاهم وللمهنة الطبية لو
يغلقوا «دكاكينهم التجارية» ويحولونها إلى متاجر أو محلات تجني لهم الأموال الطائلة
المتعطشين لها فيتراحوا ويريحوا..
ثمة هيئات رسمية ومهنية ولجان حكومية تابعة لوزارة الصحة ووزارة الداخلية وهيئة
التخصصات الطبية التي تقبل جميع الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون حول الأخطاء الطبية
بكل موضوعية وتجرد بواسطة لجان من الاخصائيين الذين يقدمون آراءهم حولها وتوصياتهم
حول تحديد مسؤولية الأطباء أو المراكز الطبية في تسببها. وقد تحال بعض تلك الحالات
إلى المحاكم المختصة للبت بها وإنزال العقوبات على المذنبين.
يمكن للمريض نفسه أو أهله الوقاية من الوقوع في براثن الشعوذة الطبية والتجارة
الرخيصة لتفادي معظم الأخطاء الطبية باختياره طبيبه أو المركز الطبي أو المستوصف
بكل دقة بعيداً عن الدعايات وبناء على السمعة والخبرة والنتائج المميزة وان يرفض
أي علاج إلا إذا ما اقتنع بالبراهين الطبية عن ضرورته ومنفعته وقلة مضاعفاته،
كما ان عليه أن يصر على استشارة عدة اخصائيين في حال تردده وعدم رضاه عن
الايضاحات والمعلومات التي توفرت له. وان من واجبه ايضا ان يستفسر حول ضرورة
اجراء التحاليل المخبرية والأشعة وغيرها من الفحوصات وألا يتردد عن استوضاح
الطبيب حول خبرته الطبية في معالجة حالات شبيهة بمرضه. وفي حال عزم الجراح
باجراء عملية جراحية له فعليه أن يتفهم جميع تفاصيلها ومنافعها وأضرارها ومضاعفاتها
وكلفتها وان يتقبلها قبل الموافقة عليها. واما إذا ما وصفت له معالجة دوائية عليه التأكد
من صوابها ومدتها وجرعة العقار وطريقة استعماله ومضاعفاته الجانبية. فإنه في غاية
الأهمية ان يدرك المريض ضرورة اشتراكه الفعلي في معالجته وان يستوعب ان معظم
الأخطاء الطبية تحصل نتيجة فشل علاج مرسوم مسبقاً أو بسبب معالجة خاطئة من البداية
وانها قد تقع في المراكز الطبية والمستوصفات والصيدليات وعيادات الأطباء وفي بيوت
المرضى أنفسهم وانه يمكن الوقاية من معظمها باتباع التوصيات التي ناقشناها آنفاً
وذلك بدون تبرير حدوثها كقضاء وقدر وحسب.
والجدير بالذكر ان لتبادل المعلومات القيمة بين المريض وطبيبه حول مرضه ووسائل
معالجته أهمية قصوى لتفادي الوقوع في تلك الأخطاء أو الاتكال على الله سبحانه وتعالى
للوقاية منها وإذا ما حصلت لمعالجتها بدقة والشفاء منها.