منذ بدأت ظاهرة الخادمات الأجنبيات في المجتمع السعودي، في عصر الطفرة الاقتصادية منذ نهاية عام (1970م)،
انقسمت الأسر إلى قسمين، فمنهم من يرى أن تواجد الخادمة الأجنبية داخل الأسرة شرٌ لابد منه،
بينما يرى آخرون أن تواجد الكثير من الخادمات في بيوتهم نوع من التفاخر والتباهي الاجتماعي !
وبين هؤلاء وهؤلاء يثير الباحثون أسئلة كثيرة عن مدى تأثير تواجد هذه الخادمة الأجنبية على طبيعة العلاقات الأسرية السعودية، وتحاول معرفة أهم العوامل التي طرأت على هذه العلاقة في ظل وجود الخادمة، من النواحي (الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والأسرية)،
وكذلك تسعى دراسات الباحثين لمعرفة العلاقة بين الأولاد داخل الأسرة في ظل وجود الخادمة، ومعرفة مدى حدتها وتفاوتها من فئة لأخرى، أو داخل الأسرة الواحدة،
وذلك للخروج ببعض المقترحات والتوصيات العلمية للمساهمة في تفعيل دور الأسرة والمجتمع للاعتماد أنفسهم دون تدخل الخدم الأجانب.
هذه المحاور الهامة أجابت عليها دراسة حديثة قام بها الباحث مقبل بن فريح العريمة بعنوان "اتجاهات الزوجين نحو العلاقات الأسرية مع وجود الخادمة"،
ونال بها درجة الماجستير من قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وهي دراسة على أسر أعضاء هيئة التدريس والموظفين في إسكان جامعة الإمام بمدينة الرياض، ممن لديهم خادمة أجنبية، خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي ( 1428- 1429ه).
وقد بينت نتائج الدراسة أن غالبية مجتمع الدراسة لديهم خادمة واحدة كما أن غالبية الخادمات الأجنبيات هن في الفئة العمرية من (4030) سنة، وغالبية جنسية هؤلاء الخادمات هي "الاندونيسية " وأن غالبيتهن من المسلمات، وأن معظمهن من المتزوجات، ولديهن أولاد، ومعظمهن يقمن في غرفة مستقلة داخل المنزل السعودي، ويتراوح مقدار راتبهن الشهري ما بين ( 500- 1000) ريال لمعظمهن، ومدة وجودهن في الأسرة السعودية للغالبية منهن أكثر من (5) سنوات.
كما توّضح الدراسة أن أبرز الأسباب التي دعت هذه الأسر إلى استقدام الخادمة حسب أهميتها بالنسبة لهم هي: ( كبر حجم العمالة المنزلية - عمل الزوجة - تفرغ الزوجة للزوج - رعاية الأولاد ) .
وكشفت الدراسة عن تأثيرات تواجد هؤلاء الخادمات على العلاقات الأسرية بين الزوجين، فقد أوضح معظم أفراد المجتمع أن اهتمام الخادمة بشؤونهم الخاصة يضايقهم، كما أن ملازمة الخادمة المستمر للزوجة قلل من الخصوصيات بين الزوجين بنسبة 70% ، واتفق غالبيتهم أن سلبيات الخادمة أكثر من إيجابياتها، كما يرى غالبية مجتمع الدراسة أن إفشاء الخادمة لأسرار الأسرة يضعف العلاقة بين الزوجين، وأن اهتمام الخادمة بمظهرها وملبسها يثير غيرة وشكوك الزوجة، كما أن غالبية مجتمع الدراسة لديهم تخوف من أن تمارس الخادمة عليهم (السحر) لتفرق بينهم.
أما تأثيرها على علاقة الأولاد بالوالدين فقد اتضح أنه كلما طالت مدة الخادمة لدى الأسرة يشعرون أنها أصبحت أقرب للأولاد، كما أن غالبيتهم يشعرون بالأمان عند ترك الخادمة لوحدها في البيت، وأفاد بعض منهم أن اهتمام الخادمة بمظهرها وملبسها يزعج الأبناء الذكور، كما أفاد بعض أفراد مجتمع الدراسة أن وجود الخادمة أثر سلبياً على علاقة الأولاد بالوالدين، وهناك نسبة ليست بالقليلة من المبحوثين أشارت إلى أن الأولاد تأثروا بسلوكيات الخادمة، ولم يوجد لديانة الخادمة تأثير يُذكرعلى طبيعة العلاقة بين الأولاد والوالدين.
ويرى بعض المبحوثين أن وجود الخادمة أدى إلى انتشار الاتكالية والتمرد بين أفراد الأسرة بنسبة تتعدى (75%)، كما أن الخادمة تختلف في علاقاتها من فرد لآخر داخل الأسرة، وغالبيتهم يرون أنها أصبحت فرداً من أفراد الأسرة.
وأوصت الدراسة بتشكيل لجان من المتخصصين في شؤون الخادمات للعمل على زيارات ميدانية للأسر السعودية للتعرف أكثر على سلبيات الخادمات الأجنبيات داخل الأسرة حتى يتسنى القيام بالتوجيه والارشاد اللازم لهم.
لكـم تحياتي . .