اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

 
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-2008, 02:00 AM   رقم المشاركة : 1
ســـــوار
ياسمينة الرائدية
 
الصورة الرمزية ســـــوار
الملف الشخصي







 
الحالة
ســـــوار غير متواجد حالياً

 


 

الذرائع

تعريف الذرائع



تعريف "الذرائع" لغة: الذرائع جمع ذريعة، وهي الوسيلة، والسبب إلى الشيء، وأصلها لغة من ذرع (2) ويقال : سد الطرق حتى لا تؤدي إلى نتائجها وآثارها، بصرف النظر في كون هذه الآثار محمودة أن مذمومة (3) .

تعريف "الذرائع" اصطلاحاً: يقول شيخ الإسلام بن تيميه – رحمة الله - : "الذريعة هي الوسيلة، لكنها أصبحت في عرق الفقهاء عبارة عما أفضى إلى فعل محرم" (4) .

وعرفها القرطبي – رحمة الله – بقولة : "عبارة عن أمر غير أرجح ممنوع في نفسه، يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع" (5) التعريفات (6) .

وعلى هذا فالذريعة بالمعنى الاصطلاحي هي : أحد أفراد الذريعة بالمعنى اللغوي، يؤكد ذلك ما قاله القرافي رحمة الله: "أعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها، وتكره، تندب، وتباح، فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة والحج، وموارد الأحكام على قسمين: مقاصد، وهي المتضمنة المصالح والمفاسد في أنفسها، ووسائل، وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم، وتحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها، والوسائل إلى أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة) (7) .





أركان الذرائع


وللذريعة ثلاثة أركان : الوسيلة ، والمتوسل إليه، والواسطة بينهما، أو إفضاء الوسيلة إلى المتوسل إليه، وعلى هذه الأركان تبنى جل مباحث الذرائع: تقسيماتها، وأحكامها، بل حتى تعريفها .

ومثال ذلك: بيع العنب، فهو وسيلة غير ممنوعة في نفسها، واستخدام هذا العنب في صناعة الخمر هو المتوسل إليه، ودرجة الإفضاء هو قوة ثبوت استخدام هذا العنب الذي بيع في صناعة الخمر، ولهذه درجات متفاوتة.

الركن الأول: الوسيلة:

وهي الأساس – الذي تقوم عليه الذريعة، فبوجودها توجد باقي الأركان.

والتعبير عن هذه (الوسيلة) بأنها (أمر غير ممنوع في نفسه، يدخل المباح، والمندوب، والواجب، ويخرج ما كان ممنوعاً في نفسه، كشرب الخمر، فهو ذريعة للفرية، والزنى، وهو ذريعة لاختلاط الأنساب، لكنهما محرمان في أنفسهما، حتى ولو لم يؤديا إلى تلك المفاسد..

الركن الثاني: المتوسل إليه: لا بد أن يكون أمراُ ممنوعاً، إذا لو كان أمراً جائزاً، لا نتقلنا من الحديث عن الذريعة بالمعنى الاصطلاحي إلى الذريعة بالمعنى اللغوي.

ويُفهم من عبارات العلماء إرادة مطلق المنع أن التحريم، لم يحددوه اختلاف قوة منع الوسيلة المفضية إليه، فما كان المنع منه أقوى كاعتداء على الضروريات الخمس، كان المنع من الوسائل المفضية إليه أقوى، فالشريعة – مثلاً – جاءت بسد أي وسيلة وتؤدي إلى المساس بالدين، سواء أكان بالابتداع فيه، أو التساهل في مرة، ولو كان في المحافظة عليه ذهاب الأنفس والأموال، لأنه أهم الضروريات.

الركن الثالث: هذا الركن من أهم أسباب الخلاف في تعريف العلماء للذريعة؛ لأن قوة الإفضاء تختلف، ودرجاتها ثلاثة: ضعيفة، وقطعية، وما بينهما، فإفضاء الوسيلة إليه؛هوالذي يصل بين طرفي الذريعة: الوسيلة والمتوسل إليه ، والبحث فيه يكو في قوة الإفضاء ، فهناك وسائل يكون إفضاؤها إلى المحذور ضعيفاً، كزراعة العنب مطلقاً فإنه وسيلة، وإذا قد أن يتخذه بعض الناس لصناعة الخمر، فهل تمنع زراعته؟ وهناك وسائل يكون إفضاؤها إلى المحذور قويا كمن باع العنب لمن يصنعه خمراً، فإنه يصبح ذريعة إفضاؤها إلى المتوسل إليه قوية، وعلى هذا فالمقصود بسد الذرائع شرعاً: "حسم مادة الفساد بقطع وسائله" (8) .



المطلب الثالث

أقسام الذريعة وأحكامها


بالنظر إلى التعريف السابق للذريعة، وبعد معرفة كل ركن من أركانها على حدة تبين أنها على الأقسام الآتية:

القسم الأول: وضابطة ما كانت قوة الإفضاء فيه نادرة، سواء أكانت الوسيلة:

أ‌- واجبة؛ كالذهاب إلى صلاة الجماعة في المساجد لسامع النداء؛ إذا قد يتعرض بيته وماله إلى السرقة على قول القائل بالوجوب…وهكذا.

ب_ أو مندوبة؛ كالصدقة على عموم المسلمين الذين لا يُدري ما حالهم.

ج- أو مباحة؛ كالتجاور في البيوت؛ فإنه يفضي نادراً إلى الزنى.


القسم الثاني: ويشترط فيه أن قوة الإفضاء: قطعية، أو غالبة، أو كثيرة ولكن ليست بغالبة، فيتحصل لدينا ثلاثة وسائل :

الوسيلة الأولى: وسيلة مباحة تؤدي إلى محرم

ومثال هذا السفر إلى البلاد التي تكثر فيها المنكرات، وارتياد الأماكن العامة الذي يؤدي إلى رؤية المنكرات وعدم إنكارها أو يؤدي إلى النظر إلى العورات ، أو كقيام ذي الهيئة الذي يُتخذه الناس قدوة بفعل مباح على وجه يسئ الجاهل فهمة، فيعتقد حل ما حرم أو تحريم ما أحل، ومن ذلك تولي الولايات في الجهات أو المؤسسات التي يلتبس أمرها على العامة، فإن رأوا فيها الدين الثقة، ظنوا صلاحها وشرعيتها.

والحكم في هذه الذريعة السد؛ لأنها تؤدي إلى مفسدة أكبر من المصلحة المترتبة على فعلها..

الوسيلة الثانية : وسيلة مندوبة تؤدي إلى محرم

ومثال هذا السفر إلى الحج النافلة، أو إلى الدعوة غير الواجبة إذا كان ذلك يؤدي إلى تضييع حق الأولاد، أو يغضب الوالدين.

والحكم في هذه الذريعة المنع أيضاً؛ لأن مفسدتها أعظم من مصلحتها .

الوسيلة الثالثة : وسيلة واجبة تودي إلى محرم


أم هذه الوسيلة فإنها موطن رحب للاختلاف، وإعمال الاجتهاد، فمن العلماء من يرى منعها مطلقاً، تغليباً لجانب الخطر على الإباحة ومنهم من يرى غير ذلك والأمر يحتاج إلى نوع تفصيل، يعتمد على القاعدة الأساس في الحكم على الذرائع، وهي: "إذا تعارضت مفسدتان دُفع أعظمها ضرراً بارتكاب أخفهما".

إذا كانت الوسيلة واجبة ضرورية متعلقة بفرد واحد، تؤدي إلى متوسل إليه ممنوع متعلق بأمر ضروري أيضاً لكنه متعلق بمجموعة، فما الحكم؟ والأمثلة الواقعية على هذا الفرع كثيرة، وكل مسألة متعلقة بهذا المتضوع تحتاج إلى دارسة مستقلة حسب ظروفها، وملابساتها، وما يحيط بها.



المبحث الثاني

تحرير محل النزاع وأدلته وتطبيقاته

المطلب الأول

تحرير محل النزاع بين العلماء في سد الذرائع




تنقسم الذرائع من حيث الحكم عليها إلى ثلاثة أقسام:


القسم الأول: قسم أجمع العلماء على سده

ابتدأ بهذا القسم بصرف النظر: هل يُعتبر من باب "الذرائع" أم لا ؟ فيبع العنب لمن يتخذه خمراً، ووضع السم في أطعمة المسلمين، ونحوهما من الأعمال الممنوعة شرعا سواء سميت "ذرائع" أم لا، وسواءً أكان الاستدلال على منعها بقاعدة "سد الذرائع"، أو بقواعد شرعية أخرى(9)، على حرمة ما ذُكر بقاعدة تحريم التعاون على الإثم والعدوان ، والخلاف المتعلق بهذا القسم خلاف لفظي لا ثمرة له، ومنشأ الاختلاق مبسوط في كتب الأصول.

القسم الثاني: قسم أجمع العلماء على عدم سده

وهذا القسم سواء سمي ذرائع أم لا، والتحدث عنه كأمر مباح فقط لا ما يؤل إليه كزراع العنب.

القسم الثالث : موطن النزاع بين العلماء

فهذا القسم الذي وقع فيه الخلاف والخلاف متمثل بالتحديد في صورتين:

الصورة الأولى: هل درجة الإفضاء التي يحكم عندها بمنع الوسيلة

وقف العلماء حيال هذا الأمر هل درجة الإفضاء القطعية، أم الظنية ظناً غالباً – وإن لم يكن كثيراً - أم الدرجة الكثيرة؟ بمعنى هل يُلحق الكثيرُ غيرُ الغالب، بالغالب، فيأخذان حكم القطعي؟ والظاهر – والله أعلم – أنهما يلحقان بالقطعي، فيأخذان حكم القطعي؟ ويلحقان بالقطعي، فيحكم عندئذ بسد الذرائع، وذلك من أجل الاحتياط، لأن كثرة وقوع المفاسد مع قابليتها للتخلف يجعلها قريبة الوقوع، ثم إن الشرع ورد بتحريم أمور كانت في الأصل مباحة؛ لأنها تؤدي في كثير من الأحيان إلى مفاسد، حتى وإن لم تكن غالبة(10).

الصورة الثانية: هل العبرة في العقود بمجرد الظاهر

يري الشافعية الذي يؤدي إلى ممنوع حتى وإن لم يقصد صاحبة ذلك الممنوع؟ كمن يسب آلهة المشركين أمامهم،غيرة على دينة، مع أن ذلك يؤدي إلى سب الله – تعالى – الذي لا يقصده مسلم.

والراجح أن القصد ليس له تأثير في الحكم على الذريعة، خصوصاً قبل الفعل، فالكلام في المنع الذي يكون قبل الفعل، لا في التأثيم الذي يبحث فيه بعد الفعل، وذلك حتى لا يفتح الباب لفعل ذلك مرة أخرى، وحتى لا يتساهل الناس من ذلك، أو يظنوا خل ذلك الفعل(11).







المطلب الثاني

أدلة سد الذرائع

استدلال العلماء على هذه القاعدة سد الذرائع بالنقل وعمل الصحابة والعقل، والمتأمل في هذه الأدلة يجدها تفيد القطع بصحة القاعدة في الجملة

أما النقل: فيستدل به من عدة أوده: (12).

أولاً: الله عز وجل إذا حرم الله شيئاً حرم أسبابه ووسائله، ولا يعقل كما يقول ابن القيم – رحمة الله – أن يحرم الله شيئاً ويبيح أسبابه ووسائله المفضية إليه وهذا واضح في أمور كثيرة. بل إن الشريعة تؤكد على تحريم الوسائل والأسباب إذا كان ما تؤدي إليه من الكبائر، وأمثلة هذا لنوع وشواهده كثيرة جداً، فقد حرم الله عز وجل الكفر، وحرم أسبابه ووسائله حتى يصون المؤمنين، ويبعدهم أشد البعد عن هذا الظلم العظيم، ومن أهم أسباب الكفر اتباع خطوات ووسائله، فحذر الله - عز وجل – من هذه الوسائل، بعده طرق، وفي مواطن كثيرة جداً قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168﴾ ونهى الله – عز وجل – عن اتخاذ المشركين أولياء لأن هذا من أسباب محبتهم ومحبه دينهم وهو من ذرائع الكفر، قال تعالى﴿ لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سورة آل عمران آية -28 وقال ﴿ ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء ﴾ [ سورة: الممتحنة- آية 1]. وبين سبحانة وتعالى علة النهي فقال : ﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء ﴾ [ سورة: النساء: آية89]

كما نهى سبحانة وتعالى عن الإقامة بين أظهرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا: يا رسول لله ولم قال؟: لا تراءى نارهما" (13) ونهى عن مخالطتهم، لأن يذكر معنى هنا الكلام

الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم" (14).

بل إنه سبحانه وتعالى نهى عن مشابهتهم للأسباب نفسها أيضاً واستفاضت النصوص في التحذير من ذلك، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:ـ "من تشبه بقوم فهو منهم"(15)، بل قد حرمت الشريعة أموراً لكونها تشبها بالكفار، ومن ذلك تحريم التشبه بهم في الملبس والمأكل، ومنها الصلاة في أوقات معنية، وغير ذلك كثير ، وكذلك تحريم الربا وشرب الخمر وذرائعهما، إلى غير ذلك من المحرمات ، وكل هذه الشواهد تفيد القطع بأن الشريعة إذا حرمت شيئاً حرمت ذرائعه.

ثانياً: يأتي أمر الشرع بتحريم وسائل مباحة من حيث الأصل لعلة إفضائها إلى محرم ، وقد تتجرد عن الإفضاء فترجع إلى أصل الإباحة، وهذا الوجه من أقوى وجوه الاستدلال على هذه القاعدة وأوضحها؛ وأدلته كثيرة أيضاً، لكن دلالاتها تختلف قوة وضعفاً، بل قد نازع فيها بعض العلماء؛ لأن تلك العلل غير منصوص

عليها، فلم يتفقوا مع غيرهم على أن علة التحريم هي إفضاؤها إلى محرم، فكأنهم جعلوا النهي تعبدياً، أو بنوه على علة أخرى.

من أجل هذا سأقتصر هنا على تلك الأدلة التي نصت على أن علة تحريم هذه الوسائل إفضاؤها إلى محرم.

الأدلة من الكتاب:

1- قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ سورة الأنعام :آية- 108].

ووجه الاستدلال أن الله – عز وجل – حرم سب الآلهة مع أنه عبادة، وعلل هذا المنع بكونه ذريعة إلى سبهم له – جل وعلا – فمصلحة تركهم سب الله – سبحانه – راجحة على مصلحة سبنا لآلهتهم.(16)

وقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [ سورة : المائدة-آية 101 ]، وجه الاستدلال: أن هذا النص ظاهر في المنع من السؤال المباح، إذا خيف إفضاؤه إلى محظور، خاصة إذا علم سبب نزول الآية:

فعن انس رضي الله عنه قال : " رجل يا رسول الله من أبي ؟ قال أبوك فلان ونزلت هذه الآية" (17)

وأما السنة فالشواهد كثيرة جداً منها:

أولا: تركه – صلى الله عليه وسلم – قتل المنافقين، مع أن في قتلهم مصلحة كبيرة، ثم علل ذلك بقوله " حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" (18) .، وكذلك قوله – صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها- : "لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لنقصت الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل منه الناس، وباب يخرجون" وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله "باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه" (19)

ثانيا:
جاءت الشريعة بالحث على ترك الشبهات؛ لأن ارتكابها ذريعة أما إلى وقوع في الحرام بغير قصد، وأما إلى اتخاذها مطية لأغراض فاسدة، فمن احتاط لنفسه، لم يقرب الشبهات، فلا يقع في واحد من هذين المحظورين. وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم – على ترك الشبهات في أكثر من حديث منها الحديث المشهور عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه -، وموطن الشاهد منه: "فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينة وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام". (20) ، وحديث "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (21) وظاهره العمل بترك الشبهات، الذي هو عمل بسد الذرائع ، ومن صورها:

ثالثا: أن الشرع حث المسلم على اجتناب مواطن التهم حتى لا يتعرض لإساءة الظن بدينه، ومن ذلك قصته – صلى الله عليه وسلم- وصفية – رضي الله عنها – حين أراد أن يودعها إلى أهلها فرآه اثنان من الصحابة، فأسرعا، فقال لهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "على رسلكما، أنها صفية بنت حيي" فقالا: سبحان الله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "إن الشيطان يبلغ من ابن أدم مبلغ الدم وإني خشيت يقذف في قلوبكما شيئاً"(22).، وحديث امتناعه – صلى الله عليه وسلم – أن يأكل التمرة التي رآها ملقاة خشية أن تكون من الصدقة"(23).

رابعاً: أن الله – عز وجل – توعد بالعقاب من يحتال إلى الممنوع بفعل جائز فدل ذلك على تحريم الفعل الجائز إذا كان يتوسل به إلى ممنوع، وهذا هو عين سد الذرائع.

ومن أشهر أمثلة ذلك: أن الله – جل وعلا – ذم أصحاب السبت؛ لأنهم احتالوا على ما حرمه عليم من صيد الحيتان يوم السبت، وابتلاهم الله – عز وجل- بأن جعل الحيتان تأتيهم بوم السبت شرعاً(ظاهرة)، ولا تكون على هذه الحالة باقي الأيام، فاحتالوا على ذلك؛ بأن حفروا لها حفراً في البحر تحجزها ليسهل عليهم صيدها في باقي الأيام.(24)

وأما عمل الصحابة والسابقين الأولين بتوريث المطلقة المبتوتة في مرض الموت بتهمة قصد المطلق حرمانها من الميراث ، وإن لم يقصد الحرمان لأن الطلاق ذريعة إليه واتفاقهم على قتل الجماعة بالواحد وإن كان أصل القصاص يمنع ذلك لأن من معنى القصاص المساواة، وإنما قولوا بذلك لئلا يكون عدم القصاص منهم ذريعة إلى التعاون على سفك الدماء.

وأما العقل: فيمكن إجمال اعتبار العقل لقاعدة سد الذرائع بأسباب وطرق تفضي إليها ومعتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتما والمنع منها بحسب إفضائها إلى غايتها، وارتباطها بها ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن بها بحسب إفضائها إلى غاياتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، فإذا حرم الرب تعالى شيئاً وله طرق ووسائل تقضي إليه فإنه يحرمها، ويمنع منا تحقيقاً لتحريمه، وتثبتاً له، ومنعاً أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل المفضية إليه لكان ذلك، بل سياسية ملوك الدنيا تأبي ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شئ ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه فقد أفسد منعه، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده.

وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، وإلا أفسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟ ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحرمات بأن حرمها ونهى عنها"







آخر تعديل ســـــوار يوم 26-03-2008 في 02:03 AM.

رد مع اقتباس
 
 

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



الساعة الآن 09:08 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت