السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذه قصة ، هي حقيقة ، وقعت لأهلي ، أحببت أن أرويها لكم ، لتزيد المؤمنين إيمانا ، وتفتح بابا من الأمل لمن انقطعت بهم السبل ، ولا تزيد الأحداث مؤمنا إلا هدى ويقينا ، نفعني الله وإياكم بما كان ويكون ثلاثة عيال بمائة ريال
.
تزوجت ( زوجتي الثانية ) في عام 1412 ، وبالتحديد في ربيع الأول منه ، وقدر الله تعالى أن يتأخر حملها ، وبعد الفحص تبين أن بالزوجة مرضا ، يحتاج الأمر فيه إلى علاج يطول ، ومررنا بتجربة المراجعات للطب ، فمن التخصصي إلى بعض العيادات المتخصصة في العقم ، ومكثت حتى شهر صفر 1417 ، أنفقنا فيها الكثير ، لم نحسبه ولكنه جاوز المائة ألف ريال .
في 2/2/1417 وصلت إلى بيتنا خادمة ، فلبينية ، كنا ننتظرها حوالي ستة أشهر ، حيث اشترطنا أن تكون مسلمة ، وبعد أقل من أسبوع قالت لي الزوجة إن بالخادمة ( ورما ) في أحد ثدييها ، فقلت لها ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ننتظر هذه المدة الطويلة ، ثم تأتينا بهذا المرض ، شفاها الله ، وليس أمامنا إلا أن نردها إلى بلدها ، قلت : لست مستعدا أن أتنقل بها أيضا أعالجها ، ولربما كان هذا المرض خبيثا ، فلنعطها شيئا من المال ، ثم نسفرها .
قالت زوجتي : حرام ، مسكينة ، بعد كل هذا نتخلى عنها ، سأكشف عليها أولا عند الطبيب ثم نرى ما سيحدث . ولكني لم أوافق ، وقلت سأعيدها من حيث أتت .
وكان مبيتي في تلك الليلة في بيت ( ضرتها ) أم الأولاد . وكان أهل الزوجة ( أمها وإخوانها ) في زيارتها ، في الصيفية ، ( هي من خارج البلاد ) ، فلما جن الليل ، واطمأنت لنومي ، أخذتها مع أمها وأخيها ( للشميسي) وفي الإسعاف كان الأطباء يفحصونها ، وكانت هي مع أمها تنتظر ، فإذا هي بامرأة عجوز ، على كرسي متحرك ، ليس معها أحد ، سوى بعض الممرضات ، تقول : وكان كل الممرضات تقريبا يعرفونها ، وكذلك الأطباء ، فلما رأتني قالت ( سأرويها بالعامية ) : يا بنيتي ، أنا حالتي زي ما تشوفين ، ولي وليد وحيد ، عسكري ، كل ما تعبت ، جابني ، ونطلني فيذا ، وراح عني ، وخلاني يتولوني ها الممرضا ت ، ثم يجي ياخذني بعد يوم أو يومين أو اسبوع ، وعلى ها الحالة ، والله يا بنيتي إني ربيته ، وربيت اعياله بعد ، بس الله ( يهديه ) ما فيه خير لي أبد . وما لي إلا الله ثم المحسنين ، يتصدقون علي .
تقول الزوجة : رققت لحالها ، ورحمت دموعها ، أنا وأمي ، وبكينا معها ، ثم لم أجد في ( جيبي ) سوى مائة ريال ، أعطيتها لها ، , فقالت : يا بنيتي ، أنا لي دعوة مستجابه ، بحول الله ، وش تبين أدعي لك . قالت أمها : ادعي لها ربي يرزقها أولاد ، ما عندها أولاد . قالت : أبدعيلها ، وبيجيلها عيال . وابدعيلها وأنا ساجدة ، وعطيني رقم التلفون ، عشان البشارة .
كان هذا في شهر صفر ، منتصف شهر صفر 1417 ، وفي شهر جمادى الآخرة من نفس العام ، جاءت البشرى بالحمل ، وقلت لأهلي : اكتموا الخبر ، عن كل أحد ، حتى والدتي ، وأهلي لن أخبرهم ، حتى نطمئن على ثبات الحمل ، وفي الليلة التي تلتها رن الهاتف ، وإذ بالمرأة العجوز تكلم أهلي : أنا أم محمد ، أبي زوجة الشيخ ال … ، تقول الزوجة : وكانت أم عبد الإله عندي ، فلم أكن قادرة على الحديث معها ، حتى لا تسمع الخبر ، فقلت لها : خير أنا هي ، قالت : أنا جاني ( ملك ) قال لي زوجة الشيخ ال …. تراها احملت ، أبغى بس أطمن ، هو صدق ، قالت إيه صدق ، أبشرك ، دعت بدعوات كثيرات ، ثم أغلقت الخط . في شهر صفر 1418 ، وبالتحديد في 11 منه رزقت بابنتي ، الأولى من زوجتي الثانية . وفي ذي القعدة 1419 رزقت بابني ( أنس ) وفي ذي القعدة 1420 رزقت بابني ( محمد ) أنس ومحمد جاءا هكذا هبة ، دون عناء ، ولا علاج ، ولا حتى رغبة في الإنجاب ، لأن البنت لم تزل صغيرة ، ولكنها الإرادة الإلهية ، التي لا يقف شيء دون تحقيقها .
قلت للأهل : كم خسرنا في العلاج ؟ قالت : كثيرا !!! قلت : لقد عولجت ، وشفيت بالمائة ريال ، لتلك العجوز .
رأيت أن أنشر قصتنا هذه حين قرأت الخبر عن تلك الأم المسنة التي رماها أولادها في ( الكرا ) ، فابن عجوزنا هذه يتركها في الإسعاف ، ويذهب ، أي بر هذا ؟ أي عقوق هذا ؟ ولقد رويت بالسند ، المسلسل بالأولية ، حدثنا به شيخنا إسماعيل الأنصاري – رحمه الله – وهو أول حديث سمعته منه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء . أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والحاكم ، وصححه ، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
سبحان الله !!! لما كتبت هذا الحديث طرأ في ذهني لم لا يكون السبب تلك الرحمة للخادمة ، التي قذفها المولى في قلب زوجتي ؟
كلاهما ممكن ، وربما كانا هما السبب مجتمعين ! فيا لله كم فيها من عظة !!!
وصدق الله إذ يقول { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا }