بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بابٌ من أبواب مُلَحِ العِلمِ وطرائفه ، وَ وَجهُ الطَرافةِ هُنا : هي مِن جِهَةِ أنّ هؤلاء المذكورينَ هُنا يحفظون أشياء مُستغرَبةً .. لا في كونِهِم ذوي قدرةٍ خارقةٍ على الحفظِ وإن كان قد يكون مِنهم مَن هو كذلِك :
ـ أعرِفُ صبيّاً من ( تشاد ) يحفظُ القرآن الكريم بأرقام الآيات !!
ـ و كان الشيخُ العلاّمة عبد الرحمن الدوسري رحمه الله تعالى ـ وهو الذي حفظ القرآن في شهرين ـ كان يحفظ قوانين الدول العربية مع أرقام الموادّ . . وهو خبيرٌ بنَقدِها وبيانِ مواضعِ الباطل منها .
ـ و كان شيخُ شيوخِنا العلاّمة عبد الله بن محمد بن حُميدٍ رحمه الله تعالى يحفظ أسماء وعناوين السائلين لهُ في مجالسِ فتاويهِ ، وله أخبارٌ عجيبةٌ في استذكارِ معارفِهِ إذا قابلَهم بعد غيابٍ طويل .. ( وقد كان الشيخُ ضريراً ) .
ـ واشتهر عن أحد المشايخ في جامعة الإمام أنّه يحفظ أرقام بطاقات الطلاّب .. وقد فُقِدَت بطاقة طالبٍ فكان السبب في إرجاعها إليه ..
ـ و جاء في كتاب ( الذّاكِرة ) لِهاري لورين ورفيقِه في (ص/ 119)أنّ رفيقَه ( جيري ) يحفظ الصفحات المائة الأولى من دليل هواتف (منهاتن ) .. وفي الكتاب أخبارٌ أخرى ....
وفي البابِ طرائفُ أخرى .. ولعلّ الإخوةَ يتحفوننا بما يعرفون .. فإنّ من فائدة ذلك حفزَ هِمّةِ طالب العلمِ إلى حفظ متونِ العِلمِ ، ذلكَ أنّ من هؤلاء من مُنِحَ موهبةَ الحفظِ ، ومنهم مَن يحفظ بالتدرّبِ واكتسابِ الطرق الموصِلة إلى الاستذكار .. ومِن ذلك ما دلّت عليه الرواية الأخيرة حيثُ كان ( جيري ) هذا يعتمِد طريقةَ ( الربط ) و ( الكلمات البديلة ) وهي من دروسِ الحفظِ بالتدرّب لا بالموهِبةِ وحدَها ..