[overline][align=center]ذكر الواقدي في كتاب المغازي انّ رسول الله بعث الوليد بن عبدالله بن أبي معيط ، بعثه إلى بني المصطلق لجمع صدقاتهم، فلمّا دنا منهم خرج منهم عشرون رجلاً لاستقباله ، وهم فرحون به، فلمّا رآهم كذلك رجع إلى المدينة، وقال للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): انّ بني المصطلق قد امتنعوا عن اداء الصدقات وهمّوا بقتله .
فغضب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك وهمّ أن يغزوهم .. فجاء وفد من بني المصطلق ، فشرح لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موقف الوليد منهم ، وانّه غير صادق فيما ادّعى ، فأنزل الله هذه الآية تكذب الوليد ، ووصفته بأنه فاسق ..
ويذكر بعض المفسِّرين انّ عـداوةً كانت في الجاهلية بين قبيلة الوليد ، وبين بني المصطلق.. وفي هذه الآية يثبِّت القرآن قاعدة علمية وشرعية لتقبّل الأخبار والروايات .. وبهذه الآية استدلّ فريق من الفقهاء على حجِّية خبر الآحاد الثقات .. ذلك لأنّ الآية وفق تفسير هذه النظرية تدعو إلى عدم قبول خبر الفاسق إلاّ بعد التبيّن ، والتأكّد من صحّته، وحسب مفهوم الآية ، فانّ الإنسان المؤمن والموثق تُقبَل روايته وخبره ، وإنْ كان واحداً ، فانّ المنهيّ عن قبوله هو خبر الفاسق .. في حين استدلّ آخرون بهذه الآية على عدم قبول خبر الآحاد .. وقالوا انّ خبر الآحاد لا يفيد العلم ولا يوجب العمل ، إلاّ إذا احتفّ بقرائن ترقى بمفاده إلى مستوى العلم أو الاطمئنان .. ذلك لأنّ هذه الآية تأمر بالتوقّف عن قبول خبر من يحتمل كذبه ..
ويوضِّح القرآن انّ سبب التوقّف عن قبول خبر الفاسق ووجوب (التبيّن) والتثبّت من صحّته هو مخافة أن يكون خبره كذباً، والمتلقي يعتبره صدقاً ، بسبب الجهالة بالحقيقة ، فيتخذ الموقف والأحكام الخاطئة ، ويصيب الآخرين بضرر وعدوان وأذى ، وعندها يندم على ما فعل ، وارتكب من خطأ بسبب تصديق الأنباء والأخبار الكاذبة ..[/align][/overline]