من خاصم الكون وحده ، كُتِبَتْ له في كل عنصرٍ ولادة ،
وفي كلِّ ذرة شهادة ،
وفي الأقاصي يظلُّ حياً
لا ينقلب عليه دهره ،
ولا تجتازه قافلة ،
ويخرج الوردُ من وريده ......
أنــا حــزيــن ..
لأن الحياة .. تستمد ديمومتها من خلال
الفناء .
ونحن وقودها
ولذا لن أندهش
أعرفها .. أعرفها
وستخسر معركتها معي ..
لأنه ببساطة ليس لدي ما أخسره
ألم أقل لكم أنــي حــزيــن ..؟؟!!
ماتت أحاسيسنا ..
أوطاننا تحولت إلى فريزرات لحفظنا نحن البشر داخلها ، ككل ما هو
بلاستيكي ..!!
وهم يعيشون في وطن محمول على أكتاف الشهداء..
أكتب على وقع الرصاص . على وقع اغتيال آخر .. كنت أحاول ألا أفكر في
ضحيه كي لا أفكر في وطن كان يتسرب من بين أناملنا جميعا .. كل صباح
حين أستيقظ أسمع بخبر الذين قُتلوا .. في الوقت الذي
أكتب ..!!
أنا من الناس الذين يشعرون أنهم فقدوا أوطانهم كما فقدوا أحلامهم..
الوطن ليس فقط جغرافية المكان ، فهذه الجغرافية لم تعد تقنعنا منذ
فقدنا كرامتنا و بهجتنا و بيتنا المحاصر يومياً بشيء مفاجئ ، أو
لعنة مفاجئة .. ما الوطن حين لا يكون فيه مكاننا الإنساني ...
صهيل الوجع الذي نظل نتغنى به أحيانا ، و نجد قبالته دائماً من
يناهضه بالفيديوكليبات الماجنة التي تدين " حزننا " مثلما تدين "
إنسانيتنا " ...
المدهش أن هذه الأم أحبت الوطن حد الموت ..
و حلمت به حد الموت أيضاً ..!!
كل الفظاعة أن نحب من دون أن نتذكر هذه الأم التي
سقطت فجأة في حُضن ابنها ..
و لم يكن لهما الوقت ليحبا ..
و ليشربا قهوتهما ..
أو ليتعانقا ..
أو ليتأملا الصباح الآخر ..!!
أم ثكلى .. تهمس في إذن ابنها .. قبل موتها ..
يا ترى ماذا تقول لابنها قبل موتها...؟!
أتوصيه بالصمود ...؟!
أتخبره بذكرياتها .. وتوجزها في ثانية ..؟!
أم تلعن الــ ...؟!!
ألم أقل لكم أنــا ... حــزيــن ..!!