السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وجميع اعضاء وزوار منتدى الرائديه بصحه وعافيه
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
معايدة خاصة : لجازان وأبطال القوات المسلحة
الكاتب : فهد السلمان
قلت : هذا اليوم عيد .. ما الذي يدفعني لنبش اكتئاب قارئ مُفترض ، رغم الشك في حضوره في مثل هذا التوقيت ، وهو المنشغل ما بين دماء الأضاحي ، وواجبات القبل التي لم تستطع إنفلونزا الخنازير الحد منها أو تقليصها لصالح المصافحة ؟
ما الذي يجعلني أفتح مذكرتي المكتظة بقائمة من العناوين القاتمة المقترحة لهذه الزاوية ، والتي كتبتها على عجل ؟ لماذا لا أخاطب ذلك القارئ الذي ضل طريقه إلى الصحف في يوم اللحوم لأرشوه بابتسامة ولو مفتعلة تحفزه على البهجة ، علّه يبادلني إياها ولو بقالب جامد من تلك العبارات التي نرددها في مثل هذه المناسبات دون أن نفطن إلى معناها ؟ لكن كيف يتسنى لي هذا ، وما السبيل ؟ في وقت لم تسلم فيه حتى الرياضة من أن تتلوث بالضغائن والأحقاد والصراعات ، لتنسف أجمل وأرقّ وصف حظيت به الروح .. عندما منحها أحدهم صفة الروح الرياضية فصدّقناه وانسقنا وراءه بلا تفكير ، كما لو أنها ملاذنا الأخير من تلك الروح الشريرة وغير الرياضية ، فإذا بنا ننبش في قمامة ! .
كان الوجه الأجمل الذي يبرق في ذهني هذه اللحظة .. هو وجه جازان ، حيث تتواتر الأخبار من تخومها تباعا ، جازان التي ما عرّفت نفسها لنا إلا بسلة من بطاقات الإبداع ، ومذاق ثمرة المانجو ، والتي باتت رائحة البارود تتسلل إلى أنفها جرّاء عدوان بغيض أراد أن ينزع عن جيدها عقد الفل ليستبدله بحزام من الرصاص ، لولا هؤلاء البواسل الذين تركوا لنا العيد ، ومضوا هم إلى عيدهم في صيانة أمن الوطن وحماية حدوده ، يُنفقون ليلهم خلف الصخور والمتاريس وبين أخاديد الجبال ، يتلقفون القذائف بصدورهم قبل أن تجرح سكون فضائنا الجنوبي ، في أجمل معايدة للوطن الكبير بكل فضاءاته .
لقد أيقظت مباراة في كرة القدم رغم تحفظي الشديد على هذا التوظيف أيقظت أقصى مشاعر الوطنية ، والتف كل طرف إلى علم بلاده كما لو كان يكتشفه لأول مرّة ، وفيما لا يستحق كل هذا المدى من الاستنفار بين شقيقين ، فما أحرى هذا الفداء الذي لا تشاهده سوى جازان من أن يوقظ فينا نفس الشعور مع سمو ونبل غايته ، وفارق القيمة ما بين لعبة رياضية عابرة ومعركة نزفت دماً من أجل الوطن ! .
أشعر أن لجازان في هذا الجرح الوطني حق الاحتضان بما هو أكثر ، وعلى مستوى المواطن في كل مكان ، وبما يستنفر تلك المشاعر التي لا توقظها سوى الأزمات ، ولأولئك الأبطال الذين يتبادلون اليوم قبل العيد ببزاتهم العسكرية المرقطة على الثغور ، وفي مناكب الجبال وبين الصخور ، في أجمل مكان يُمكن أن يُباهي بالعيد في أسمى معانيه ، وهم يعانقون تراب الوطن ، وينفضون عنه غبار العدوان الذليل .
كل عام وأنتم بنصر .............انتهى