محمد الرطيان
و.. يُرمى هذا المقال في سلة المهملات!
قلت سابقاً:
من يريد أن ينتصر في حروب "الخارج" المهمة..
عليه قبلها أن ينتصر في حروب "الداخل" الأهم.
(1)
علينا أن نمتلك الشجاعة ونعترف أن ما حدث في "جدة" هو كارثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى مرعب، وكل من يريد أن "يخفف" من وطء هذه الكلمة بكلمة أخرى ألطف وأقل حدة هو يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين!
علينا أن نخجل من المراوغة في الأسباب، ونتوقف عن تقديم التبريرات لما حدث، فالسبب الوحيد الذي يطل برأسه وبشكل مخيف هو: الفساد!
(2)
عندما يُحمّل الزميل جمال خاشقجي "هوامير الأراضي" جزءاً من المسؤولية مما حدث.. علينا أن نواصل طرح الأسئلة الجارحة:
ـ من الذي سمح لهؤلاء "الهوامير" بأن يكونوا جزءاً من هذه المشكلة؟
ـ هل كان "القانون" – لحظة ارتكابهم لهذه المشكلة – نائماً؟.. أم متواطئا؟!
ـ أليس بينهم من هو واجهة لشخصية نافذة؟
ـ من الذي امتلك هذه "المخططات"؟.. وكيف تم توزيعها؟.. ومن الذي أصدر صكوكها؟.. وكيف وصلتها الخدمات، وتحولت إلى أحياء، وهي غير قانونية بالأساس؟.. أين "النظام" لحظتها؟!
(3)
جثث الضحايا تسألكم:
ألا يوجد "فاسد" واحد في هذا البلد يستحق أن يُشهر به ويحاكم علانية نظير ما فعله بالبلاد والعباد؟!..
(4)
كل "فاسد" صغير.. يحميه "فاسد" كبير.. والواقع الذي لا يحاكم الاثنين هو واقع فاسد.
(5)
يُقال إنه قيل لأحدهم: أنت متهم باختلاس مئات الملايين؟
قال: أنا لم آخذ من الجمل سوى "أذنه"!
ولم يخبرنا من الذي أخذ بقية "الجمل" بما حمل؟! التاريخ سيكشف سارق "الجمل".. ويلعن سارق الأذن.
التاريخ لن يرحمكم.. ونحن لن نسامحكم.
(6)
ما حدث في "جدة" يجعلنا أمام أمرين:
ـ إما أن نبدأ حرباً حقيقية ضد الفساد، يقودها ملك صالح هو عبدالله بن عبدالعزيز، ونستحدث فيها هيئة حقيقية وذات سلطة، تتابع المال العام.. وأين ومتى يُصرف. ولها الصلاحية التي تجعلها تحاكم كل متجاوز: الكبير.. قبل الصغير.
ـ أو أن نطأطئ رؤوسنا قليلاً – ونسمح بالصراخ – إلى أن تمضي هذه العاصفة.. و "يا دار ما دخلك شر".. و.. يُرمى هذا المقال في سلة المهملات!