الحج معناه: القصد.
وفي الشرع: قصد مكة، والبيت الحرام؛ لأداء عبادة معينة في وقت معين.
والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب بالقرآن والسنة والإجماع، وهو معلوم من الدين بالضرورة، ومنكره كافر، قال تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97)﴾ (آل عمران).
وقال تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)﴾ (الحج).
ويشترط فيمن يؤدي فريضة الحج، أن يكون مكلفًا، أي مسلمًا، بالغًا، عاقلاًًً، وأن يكون حرًّا، وأن يكون لديه الاستطاعة، أي القدرة المادية والبدنية.
والمقصود بالاستطاعة أيضًا: الزاد المادي الذي يكفيه في الرحلة، ويكفي كذلك من يعول أثناء الحج، وأن تكون لديه القدرة البدنية على الركوب، والمشي، وأداء المناسك، وكذا أمن الطريق.
وجمهور العلماء على أن الحج على الفور لمن قدر عليه، وليس على التراخي، ففي تأخيره مع القدرة خطر عظيم؛ لأن الظروف والأحوال تتغير، فلا يجوز التهاون، أو التسويف في أدائه، من غير عذر شرعي.
وفي الحديث "من لم تحبسه حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو سلطان جائر ولم يحج؛ فليمت إن شاء يهوديًّا وإن شاء نصرانيًّا" (الحديث أخرجه الإمام المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 202) إسناده صحيح عن أبي أمامة).
والحج مرة واحدة في العمر كله، وهي حج الفريضة، وما زاد عن ذلك فهو تطوع، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب عليكم الحج فحجُّوا"، فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم" (الحديث أخرجه الإمام ابن حجر في تلخيص الحبير (3/831) عن ابن عباس سنده منقطع، وأصله في صحيح مسلم).
فتكرار الحج مستحب، لكن يفضل مراعاة المستضعفين والفقراء والجياع والعراة من المسلمين، فلو قدم لهم هذا المال لسد ثغرة من ثغرات المسلمين، لحصل على الثواب والأجر بالنية الصادقة.
من فضائل الحج ومنافعه:
1- أنه يكفر الذنوب والأوزار؛ ففي الحديث: "تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة" (الحديث أخرجه الإمام الترمذي (810) عن ابن مسعود، رضي الله عنه).
وفي الحديث أيضًا: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (الحديث أخرجه الإمام البخاري (1521) عن أبي هريرة، رضي الله عنه). أي غفر الله له ذنوبه كلها، فلم يعد منها شيء كأنه مولود اليوم.
وفي الحديث أيضًا: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "الإيمان بالله ورسوله"، قيل ثم أي؟ قال: "جهاد في سبيل الله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" (الحديث أخرجه الإمام البخاري (1520) عن عائشة، رضي الله عنها).
2- تحصيل المنافع الأخروية؛ مثل ذكر الله، والطواف، والصلاة في أطهر البقاع في الأرض، وتعظيم حرمات الله وشعائره، وفي الحديث: "صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" (الحديث أخرجه الإمام البخاري في التاريخ الكبير (4/ 29) وقال: لا يثبت أو لا يصح).
3- اجتماع سنوي للمسلمين على مستوى العالم في مكة؛ لتوحيد كلمتهم، وإصلاح ذات بينهم، وتفقد أحوال المستضعفين منهم في العالم كله.
4- تحصيل المنافع الدنيوية، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 198).
أي ليس هناك إثم ولا حرج في التجارة، والبيع، والشراء، والربح، ما دام ذلك لم يشغله عن أداء المناسك، ولا يوقعه في اللغو والرفث والفسوق والجدل وغير ذلك.
5- من منافع الحج؛ الاستفادة من لحوم الهدي، فيأكل منها ويهدي لغيره، ويتصدق على الفقراء، ويواسي المحتاج قال تعالى: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ (الحج: من الآية 33).
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال