أبو لجين إبراهيم : مهلا يا سمو الأمير خالد
[SIZE="6"][align=center]أبو لـُجين إبراهيم : مهلا يا ياسمو الأمير خالد
لجينيات ـ إن كان من المفرح أن نرى مئات المدارس وحلق تحفيظ القرآن الكريم تفتح أبوابها على مصراعيها وتحتضن النشء في طول البلاد وعرضها ، فإنه من المحزن أن نسمع عن مدارس أو حلق تنتزع من جذورها وتغلق أبوابها ؛ وذلك بعد تسريح محفظيها الذين لم يرتكبوا أي مخالفة تذكر سوى أنهم ولدوا غير سعوديين تحت ذريعة السعودة ..!
هكذا بين عشية وضحاها وبجرة قلم من الأمير خالد الفيصل فرغت محاضن كانت تشع نوراً ، وكان شغل القائمين عليها الشاغل بناء رجل القرآن حفظاً وتدبراً، ولو كان المقابل لهذا البناء العظيم وهذا الجهد الجهيد دراهم معدودة ، وهذا الراتب الزهيد كان أبناؤنا السعوديون فيه من الزاهدين ..!
القرار الذى اتخذه الأمير خالد الفيصل جعل الحليم حيراناً ، بل وجعل جوقة الليبراليين وأذنابهم والرافضة يرقصون طرباً ويمدحون القرار بذريعة أنه يقضي – بزعمهم- على محاضن الإرهاب ، أي إرهاب هذا وهؤلاء المحفظين غير السعوديين تحت رقابة إدارية وأمنية سعودية ، ولا يمارسون غير التحفيظ ، وقد أخرجوا لنا أجيالا ً مباركةً من العلماء وطلبة العلم ، بل خرج من تحت أيديهم المباركة أجيالاً متتابعة من أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الذين يصلي خلفهم الأمير نفسه ..!
إن أئمة البيت الحرام والمسجد النبوي والحفظة الكرام في ربوع هذه البلاد هم نتاج لتلك الحلقات المباركة التي حفظوا فيها كتاب الله سبحانه وتعالى وتربوا عليه ، وكانوا قدوة في الخير ، وقدوة في العمل ، وقدوة في الدعوة ، فأي إرهاب يزعمون ..؟!
كان بوسع الأمير أن يستشير أهل الاختصاص في هذا الشأن قبل أن يصدر قراره باستبعاد غير السعوديين دون دراسة أو تروي من أجل سعودة دور التحفيظ ، وكأن القرآن نزل بلسان سعودي وليس عربي مبين ، ثم من هذا السعودي الذي سيقبل أن يكون محفظاً للقرآن في مقابل راتب هزيل لا يسد قوت يومه ، هذا الراتب المتواضع في أحسن الأحوال لا يتخطى حاجز الـ 500 ريال فقط ، وهو ما جعل هؤلاء الأغراب - في نظر الأمير- الذين يمارسون أشرف المهن وأعظمها وهم خير الناس بنص حديث النبي صلي الله عليه وسلم في حاجة دائمة إلى إحسان المحسنين وصدقاتهم ..!
ألا يشفع يا سمو الأمير لاستثناء جمعيات تحفيظ القرآن الكريم والعاملين فيها من قرارت السعودة أنها تضرب أفضل مثال في الاعتدال ؟!!! حيث أن عددها يزيد عن 120 جمعية تسطع بالقرآن ، ألا يشفع أن هؤلاء الحفظة الكرام الذين يتقن معظمهم القراءات العشر أنهم بذور طيبة نبتت عندك في مكة ثم المدينة ثم الرياض وجدة ، وهم النواة لشتى جمعيات تحفيظ القرآن المباركة .
وربما فاتك يا سمو الأمير أن تعلم أنه وفي عام 1386 هـ انتقلت إلى الرياض العاصمة فكرة جمعيات تحفيظ القرآن نفسها التى إنتشرت عندك في مكة ، وتم عرض الأمر على سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ آنذاك ، فما كان من الشيخ إلا أن رفع الأمر إلى والدكم الملك فيصل ـ رحمه الله ـ الذي تبنى الفكرة وأيدها بشدة وبارك انتشارها ، وكلّف والدكم- رحمه الله تعالى- الشيخ محمد بن إبراهيم بالإشراف على هذه الجمعيات ، فاختار الشيخ أحد أبرز تلاميذه النجباء ، وهو الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان ـ رحمه الله ـ لتأسيس هذه الجمعيات وإدارة شؤونها .
إننا نطالبك بالتراجع عن ما أصدرته من أمر فوري في حق الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن .. فليس من العيب التراجع والعودة عنه ، لأن الخير في أن يعود 28 ألف طالب إلى دور التحفيظ ليتموا حفظ كتاب الله ، وأن تنفرج أزمة 28 ألف أسرة لا تجد مكانا آمناً ترسل إليه أبنائها للحفظ إن توقفت هذه الجمعيات عن ممارسة نشاطها المتميز تحت سمع ونظر الدولة ، بدل أن يستغلوا في أماكن أخرى !!
إن اتخاذ مثل هذا القرار هو امتداد لحملة التشويه التى يشنها الغرب والرافضة والأبواق الليبرالية ضد هذه الجمعيات ، ولعلنا نلوم الأداء الإعلامي الضعيف في التعريف بمناشط جمعيات ومدارس التحفيظ وآليات العمل بها ، هذا الضعف الذى ترتبت عليه هذه الحملات المسعورة المغرضة ، ومنحها قدراً كبيرا من التأثير ، ومن ثم هذا القرار الذى لا نراه يصب في مصلحة الوطن .
ثم إن الهجوم على جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم تحديداً في المملكة العربية السعودية واتهامها بتفريخ الإرهاب ينطلق من عداء للإسلام ورغبة في تشويه صورته الناصعة و استغلال للحرب العالمية ضد الإرهاب الذي أصبح لصيقاً بكل ما هو إسلامي ، إن هذه الاتهامات جزء من الحملات العدائية القديمة ، وهذه الافتراءات لا تنفصل عن الاتهامات الموجهة للعمل الخيري أو مناهج التعليم الديني في المملكة .
يا سمو الأمير إن دولتنا هي دولة القرآن ، أسست أركانها وعلت رايتها ومدت ظلها عليه ، ولا يصح لقرار مثل هذا أن يستمر .. بل يجب مراجعته والعودة عنه ، فليس من المعقول أن نضع الميزانيات وننفق الأموال الطائلة لكي نعلم القرآن في كل أنحاء العالم حتى في بلاد الكفر ثم نأتي لنغلق الحلقات بجانب الحرم ، تحت ذريعة أن مدرسيها غير سعوديين !!
نحن على يقين أن مثل هذا القرار لم يتم دراسته جيداً ، ونعتقد أنه لن يستمر طويلاً وسوف يلغى إن شاء الله بتوقيع وتراجع منك ، ونتوقع منك يا سمو الأمير أن يخط قلمك قرار إلغاءه ، إن لم يكن ذلك وفاءاً لسيرة والدكم الملك فيصل يرحمه الله فمن أجل اتباع أوامر هذا الدين ، الذى قامت بلادنا وسلطانها عليه ..
تذكر يا سمو الأمير ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) .. واعلم أن مراجعة القرار والعودة عنه إلى الحق خير من التمادي فيه والانغماس في الباطل .. واسأل يا سمو الأمير أئمة الحرمين وكبار القراء في المملكة عمن علمهم القرآن ؟ هل كانوا سعوديين ؟ أم هناك نية مبيتة للإضرار بالتنشئة الإسلامية ؟!!
يا سمو الأمير أليست إمارات المناطق حسب الترتيب الوظيفي في النظام الإداري في المملكة تابعة لوزارة الداخلية ؟!!
إذا كان الأمر كما نظن فإن الجميع يعلم أن وزارة الداخلية قد برأت في عدة مواضع مدارس تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية والمعاهد العلمية من احتضان الإرهاب ، وقد صرح بذلك مسؤولون في هذه الوزارة .. أليست هذه الوزارة ، وكذلك وزارة الشئون الإسلامية هي صاحبة الاختصاص في هذا الأمر ؟!!! أليس كلامها في تبرئة مدارس التحفيظ من احتضان الإرهاب حجة عندك ؟!
أما من الناحية السياسية يا سمو الأمير ؛ ألا ترى أنه من المفجع أن تقوم إيران بوضع خطة لتخريج مليوني حافظ للقرآن الكريم ، رغبة منها في رفع التهمة عن نفسها في قولها في تحريف القرآن ، كما ترغب اجتذاب الشارع الإسلامي إلى صفها ، وتحبب الرأي العام بها ، ثم تقوم دولة القرآن بعمل نقيض ما تعمله إيران ..!! وذلك بتصفية حلقات تحفيظ القرآن .. هل المملكة العربية السعودية سياسياً ـ وسوف نتحدث بلغة السياسة لا بلغة الاحتساب من باب المناظرة فقط- أقول : هل المملكة العربية السعودية وخاصة مكة المكرمة في غنى عن الرأي العام الإسلامي والعربي حتى تقوم بهذه الخطوة التي تودي بسمعتها إلى الحضيض ؟؟!!! هل هذا من السياسة في شيء يا سمو الأمير .
وإذا تكلمنا بلغة مصلحية بعيدة عن الاحتساب أيضا من باب المناظرة فقط ، فإننا سنقبل قراركم يا سمو الأمير حينما أمرتم بتسريح هؤلاء المدرسين الوافدين ، إن أنتم أحللتم محلهم فوراً مدرسين سعوديين تدريجياً براتب يتناسب مع مسؤوليات الشاب السعودي ومع شرف مهنة تحفيظ القرآن ، كأن يكون الراتب كحد أدنى ثلاثة آلاف ريال مثلا .. لو فعلتم ذلك يا سمو الأمير لقلنا أنكم تقدموا خيراً للمواطن ، تقضون على جزء كبير من البطالة ، وترفعون من شأن حفاظ القرآن ، أما وأنكم تسرحون الوافدين وتتركون حلقات تحفيظ القرآن معطلة ، فهذا مما لا يقبله عقل رشيد ، ولا يمكن أن يجير إلا لمصلحة حرب خفية -الله أعلم بأدواتها- على كتاب الله ومكانته في هذه البلاد ..
كثيرون يا سمو الأمير يحاولون إقناعنا بأنه ليس هناك مؤامرة على الفضيلة ، ولكننا لا نستطيع أن نقتنع بذلك ، فكل صباح تطالعنا الصحف بخبر مثل هذا الخبر في عداوة للدين والفضيلة .
فبالأمس أوقف سموكم أكبر مخيم دعوي في المملكة وهو مخيم البحر في مدينة جدة ، ذلك المخيم الذي شهدت له شرطة مدينة جدة بالفضل والتفوق ، حين أفاد المسؤولون بأن نسبة الجريمة والتحرش والتفحيط تقل بنسبة ملحوظة أثناء إنعقاد مخيم البحر ، ومع ذلك استفتح سموكم عهده في إمارة مكة بإلغاءه .. وبالأمس أيضا يا سمو الأمير كان من سموكم الحد من المراكز الصيفية التي شهدت لها الأجهزة المختصة بكونها معينة على تحقيق الأمن الفكري في البلاد .. وبالأمس أيضاً يا سمو الأمير مكنّت المرأة من الاختلاط في العمل في جَدة فقط دون سائر مناطق المملكة .. ولعلكم أطلعتم على الفتوى الشهيرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والمحال إليها من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في تاريخ الأحد 23ــ 11 ــ 1431هـ .. والتي تعتبر أول فتوى للجنة بعد الجدل المثار حول الاختلاط في أماكن العمل تؤكد فيها فتاوها السابقة على حرمة الاختلاط وتشدد على ذلك، وتأتي هذه الفتوى بعد قرار خادم الحرمين الشريفين وفقه الله .. بحصر الفتوى على هيئة كبار العلماء في المملكة .
كل هذا وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل صاحب الدعوة المشهورة بالتحذير من التغريب !
أي تناقض هذا يا سمو الأمير !!!
أبو لـُجين إبراهيم
مدينة الخبر ـ الأثنين 2 ذو الحجة 1431
آخر تعديل الدووووخي يوم 09-11-2010 في 10:09 PM.
|