"المخترع رودلف ديزل"
في الثامن عشر من شهر آذار/ مارس عام 1858 ولد المخترع الألماني رودولف
كريستيان كارل ديزللوالدين ألمانيين مهاجرين في باريس. ومنذ طفولته أظهر رودولف
نبوغاً وحباً شديدا للميكانيكا. وعلى ضوء ذلك قرر أن يصبح مهندساً منذ سن الرابعة عشرة
من عمره. وفي سن الثانية عشرة حصل على جائزة من إحدى المؤسسات الفرنسية مكافأة
له على تفوقه في الدراسة.
كان والدا ديزل فقيرين جداً مما حتم عليه مساعدتهما منذ نعومة أظفاره.لكن الوالد الذي
حرص على موهبة وفطنة ابنه أرسله إلى أحد أقاربه في ألمانيا. وهناك التحق بالمدرسة
الصناعية في مدينة آوغسبورغ بعد ذلك التحق ديزل بجامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية.
وهناك بدأ فصلاً جديداً من حياته تمثل بتحقيق حلمه في دراسة الميكانيكا والتفوق فيه.
وبعد تخرجه منها عاد إلى باريس مسقط رأسه ليبدأ حياته المهنية في فرنسا كمدير لفرع
شركة ليند لآلات التجميد هناك.
وفي العاصمة الفرنسية قدم سلسلة إبداعات وحصل على براءات اختراع فيها. ومن أبرز
اختراعاته تطوير آلات التجميد البخارية التي كانت تستعمل آنذاك في صناعة الجليد
في عام 1890 خطرت الفكرة الحاسمة على بال المهندس الألماني رودولف ديزل بشأن
اختراع محركه الذي كان يحلم به: إن كل اختراع نتاج عنصرين: الفكرة والتطبيق.
وتقوم فكرته على أن المحرك الجديد يجب أن يعتمد على مبدأ الاحتراق الداخلي بتحويل
الطاقة الكيميائية الكامنة في الوقود إلى طاقة حركية، مما يعني الحصول على محرك ذي
كفاءة أكبر مقارنة مع المحركات الأخرى ..
وهكذا بدأ ديزل عام 1893 أبحاثه وتجاربه لاختراع محركه في مصانع م آ ن man
للمحركات في مدينة آوغسبورغ جنوب ألمانيا بمساعدة مدير الشركة. وقد تطلب ذلك عملاً
شاقاً وعدة سنوات من البحث والتجربة عرض خلالها حياته للخطر، فأثناء إحدى التجارب
انفجر المحرك وتطايرت قطعه في الهواء مما كاد أن يودي بحياة ديزل ومن معه
كان الكثيرون من زملاء ديزل يشككون في إمكانية نجاح التجربة. لكن المهندس الذكي
والعنيد لم يستسلم وتابع تجاربه إلى أن تمكن عام 1897 من تشغيل محركه الحلم بقوة
20 حصانا بالشكل الذي تصوره. وهذا ما أحدث انقلابا كبيرا في عالم الميكانيكا ..
رغم نجاحاته واختراعاته إلا أن ديزل لم يكن دائماً سعيداً وموفقاً في حياته، فمنذ أن كان
شاباً يعمل في باريس كان يواجه المشاكل والصعوبات. وإلى جانب اهتمامه بالميكانيكا
والاختراع أراد أن يصبح رجل أعمال ويدخل عالم المال والبورصة، ولكنه لم يوفق في ذلك
ولم يلق النجاح الذي لاقاه في عالم الميكانيكا، مما ألحق به خسائر مالية فادحة وتراكمت
عليه الديون وأصبح في أزمة سببت له الكثير من المشاكل والقلق. هذا بالإضافة إلى
المرض والنزاعات القضائية.
وفي ليلة 29 سبتمبر/ أيلول 1913 كان ديزل مسافرا ًبالسفينة من بلجيكا إلى إنكلترا
للمشاركة في تدشين معمل جديد لمحركات الديزل. لكنه لم يصل إلى هدفه ولم يشارك في
حفل التدشين، حيث لم يعثر له على أثر في مقصورته صباح اليوم التالي، مما يرجح أنه
قد انتحر برمي نفسه من على ظهر السفينة في البحر، ليموت غرقاً في مياه بحر الشمال
وينهي حياته بطريقة مأساوية ..