من هي المسلمة التي على درجة الإسلام ويضمن الله لها الوفاة على الإسلام ويلحقها بالمسلمين والمسلمات أجمعين يوم الزحام؟وكانوا قد سألوا حضرة النبي وقالوا له :يا رسول الله من المسلم؟ وبالطبع فإن كلمة المسلم تعنى المسلم والمسلمة من المسلم؟ونحن جميعاً نحفظ أن المسلم هو من يقول:"لا إله إلا الله محمد رسول الله" لكن إذا قال ذلك ولم يفعل أي شيء من تعاليم الإسلام هل يأخذ بذلك حكم المسلم؟ لا ولكنه بذلك يكون فقط قد دخل في الإسلام لكن المسلم هو الملتزم بأوامر الله ووصايا رسول الله ولذا عندما سألوا النبي من المسلم؟قال {المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[1]ونحن نحفظ كلمات هذا الحديث كلام ولكن يجب علينا أن نحفظه قولاً وعملاً وهذا هو المهم من ينفذه فعلاً وعملاً يصبح هو المسلم عند الله ومن يحقق كلمة مسلم
تعني أنه عندما يخرج من الدنيا تكون الملائكة في استقباله وعندما يوضع في القبر يقول الله لهم : افتحوا له باباً من الجنة وافرشوا له فراش من الجنة يأتيه منه الروح والريحان إلى يوم القيامة لأن الله ضمن له السعادة الأبدية في الحياة البرزخية وفي يوم الدين إن شاء الله يكون من الآمنين ولا يأتيه خوف و لا فزع عند البعث ومستقره جنات النعيم وسكنه بجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين و حسن أولئك رفيقاً إذاً المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده فماذا يخرج من اللسان الذي يجب أن يسلم منه الناس؟إنه الكلام والكلام وكلمات أو حتى كلمة واحدة فقط وهذا في الحقيقة يقودنا إلى إبراز مشكلة خطيرة جداً ظهرت في العصر الحاضر ولم تكن موجودة في عصر سيدنا رسول الله والسلف الصالح أن الناس لم تعد تهتم بالكلام الذي يردده اللسان بل تعتبر هذا الكلام شيئاً عادياً لا عليه حساب ولا مسائلة ولا أي حاجة أبداً ولذلك نجد الناس يكذبون ولا الضمير يتأثر لأنها كذبت ولا تعتقد أنها عملت ذنباً وكأن هذا أمر عادي أننا نذكر الآخرين بالسوء في المنزل أو في العمل يعني فلانه كذا وكذا وفلان كذا وكذا من الذي يعتبر هذه الأشياء ذنب من الذنوب في المجتمع الآن؟ لا يوجد وهذه ظاهرة مرضية حدثت في الزمن الذي نحن فيه لم تكن على أيام الرسول لماذا؟لأنهم كانوا يعلمون والإسلام عرفّنا أن كل كلمة تقال فعليها حساب {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
الرقيب هو الله وعتيد يعني شديد في المراقبة وفي المحاسبة على كل كبيرة وصغيرة يحاسب المرء عليها أي كلمة الإنسان يقولها لازم يحاسب عليها حتى لو كانت لهو أو مداعبة أو مزاحاٍ ورسول الله يعلمنا خطر الكلمة فيقول {إن الرجل ليتكلم الكلمة لا يرى بها بأساً يهوى بها سبعين خريفا في النار}[2] المرأة لو تصلى طوال الليل من بعد العشاء إلى صلاة الفجر وتظل صائمة طوال النهار يمكن كلمة واحدة غيبة أو نميمة أو كذبة لا تساوي هذه العبادة لماذا؟لأن هذه العبادة لله والمشكلة أن هذا الكلام في حق خلق الله {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}فيأتي الله يوم القيامة ويأخذ لها حقها فيأتي بعدما يحاسب الإنسان وينتهي من الحساب ويقرر له الجنة ويتوجه إلى طريق الجنة ينادى مناد الله: من كان له مظلمة عند فلان فليخرج؟فيخرج الناس من الموقف منهم من يقول كذب عليَّ والذي يقول اغتابني والذي يقول سبني والذي يقول شتمني والذي يقول سرقني كل واحد له مظلمة والكل يقول: يا رب خذ لي بمظلمتي من هذا فيقول الله:وعزتي وجلالي لا تدخل الجنة حتى ترضي خصمائك أي اجلس معهم وأحضر لي محاضر صلح موقعة منهم:أين يحدث ذلك ؟ يحدث ذلك في مكان بين الجنة والنار اسمه "الأعراف" يتعارف فيه الناس ربما تكون تكلمت في حق واحدة
لا تعرفك ولا تعرفيها ولكنها سوف تعرفك هناك – في هذا المكان - لتأخذ حقها وقد قال ربنا {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} بالعلامات الموجودة فيهم فنجلس مع بعض نساوم بعض وتحدث المساومة ويا له من موقف يا فلانة سامحيني في هذا الذنب ؟ فتقول لكِ :كم تدفعين من الحسنات؟إذا كنت تكلمت في حق واحدة تقولي:حتى لو هي لو لم تكن تعرف أنك تكلمت عليها في الدنيا ستعرف ساعتها وتتعرف عليكِ حتى ولو لم تكن قد رأتك في الحياة الدنيا تنازلي يا فلانة عن الحق ؟فتقول لكي:كم ستدفعين؟ وهنا لا مجال للنقود ولكن الدفع يكون شيك بالحسنات وذلك لكي تتنازل والشيك هذا تدفعينه من رصيد حسابك من الحسنات مثلاً بناتنا الصغار عندما تكلمها أمها فَتضايق ولن أقول هنا عمن تشتم منهن أو تتكلم كلام غير طيب ولكن فقط تقول:"أف" هذه الكلمة يسجلها المكان ويسجلها الملك في السجل كل كلمة نقولها حتى لو ضحك فتأتي يوم القيامة فتقول: يا أمي سامحيني عما بدر مني؟ فتقول الأم كم ستدفعين؟ وذلك لأن كل واحد هناك يبحث عما يثقل الميزان ويجعله يعبر إلى جنة النعيم وهناك تساوى كلمة "أف" كما قيل في الأثر الوارد{كلمة "أف" تعدل يوم القيامة عمل سبعين سنة}فلن تتنازل الأم إلا إذا أخذت عمل سنوات وسنوات
فعندما أعطي كل هذا على كلمة أف فماذا أعطي في غيرها ومن أين آتى بكل هذا العمر؟ويظلوا كذلك إلى أن يحدث اتفاق وبعده محضر الصلح هذه أخذت جزءاً من الحسنات وهذه أخذت جزءاً وعندما ينتهي رصيدك من الحسنات الذي تدفعين منه لأصحاب الحقوق عليكِ تقول لك الواحدة منهن :احملي من الذنوب عني ولذلك حضرة النبي قال لنا {أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ فَقَالَ:إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ} ما شاء الله في العبادات تمام التمام ويمكن بعضهم توعظ لما تجلس في المجلس وتأتى بأحاديث وقصص وبعد ذلك لا مانع أن تجلس تغتاب فيقول{وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَـذَا وَقَذَفَ هَـذَا وَأَكَلَ مَالَ هَـذَا وَسَفَكَ دَمَ هَـذَا وَضَرَبَ هَـذَا فَيُعْطَىٰ هَـذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَـذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَىٰ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ}[3]وهذه المصيبة التي لم يحسبها الناس في عصرنا هذا:أنه ليس هناك كلمة واحدة يتكلمها المرء إلا وملك يكتبها لك أو عليك فإذا كانت الكلمة خيراً فالملك على اليمين يحرر له شيكاً ويحول للرصيد وإذا كانت الكلمة شر فالملك على الشمال يحرر له محضرا على حسب الجريمة إما جنحة وإما جناية{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}فحتى الواحدة لو حافظت على الفرائض وفقط ستدخل الجنة لو كانت غير مدينة لكن لو حافظتي على الفرائض و الواحدة منكن تجلس على سجادة الصلاة طول النهار وتقرئين القرآن وتقومن الليل وتصومين ولكن كنت تتكلمين في حق هذه وتلك أو حتى اغتبت مرة واحدة أو نقلت كلمة مرة واحدة في الليل أو النهار فقد ضيعت عمل سنين سيصبح عليك ديون
لأنه أصبح عليكِ حق من حقوق العباد هذا الحق أو هذه الديون موكولة لأصحاب الديون فإما أن يسامحوا وإما أن يطالبوا بحقوقهم فمن يريد أن يجوز عليه أن يخرج من هنا بدون ديون للخلق واسمعوا للحديث المشهور والرسول يوضح ذلك عندما قالوا له:يا رسول الله {إِنَّ فُلاَنَةً تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا (في رواية بلسانها) قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَنَةً تُصَلي المَكْتُوبَةَ وَتَصَّدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأُقْطِ وَلاَ تُؤْذِي جِيرَانَهَا قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ}[4] أي صدقة قليلة جداً فإذا كان اللسان يورد الإنسان موارد الهلاك فكيف نسلم إذاً من آفات اللسان حتى نكون من أهل الجنان وقد سأل سيدنا أبو ذر سيدنا رسول الله وقال: يا رسول الله أريد أن أدخل الجنة فماذا أفعل؟ فقال {أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ}[5] فكيف نسلم من آفات اللسان فلا نكب على وجوهنا في النيران : اسمعوا إلى النبي العدنان الذي بين مجيبا على رجل من أصحابه بين له الكثير من شرائع الدين فلم رأى أنها قد كثرت عليه أجابه بالحكمة البالغة والنصيحة الغالية وأشار إلى لسانه الشريف وقال {أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذٰلِكَ كُلهِ:كُفَّ عَلَيْكَ هََذا قَالَ:يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟قَالَ: ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ}[6]
[1] صحيح البخاري عن عبدِ اللّهِ بن عَمْرٍو [2] سنن الترمذى – الحامع الصحيح عن أبى هريرة[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صحيح البخارى ومسلم[4] عن أَبي هُريرةَ (ابن النَّجَّار)[5] رواه أبو داود والترمذي وابن أبي الدنيا. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وتمامه: قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسْعَكَ بَيْتُكَ، وَٱبْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ}[6] أحمد فى مسنده والترمذي والحاكم فى مستدركه وابن ماجه والبيهقي فى الشعب عن معاذٍ (جامع الأحاديث والمراسيل)
منقول من كتاب [المؤمنات القانتات]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...CA&id=12&cat=2