بشار وكاليجولا ...الشبه العجيب بقلم علي لشكر
التصريحات الأخيرة لبشار الأسد دلت بلا مزيد بيان أن الرئيس السوري غر مغفل في أحسن الأحوال،أو أنه مصاب حقيقة بلوثة ذهانية،لعلها ان تكون التفسير الأنسب لكل هذه الدموية والسادية التي انتهجها لقمع الثورة التي أطفأت شمعتها الثالثة،
غر مغفل لأنه يهرف بما لايعرف،فهو يتصور أن فاتورة القضاء عليه هي من الفداحة بمكان لدرجة ان المنتظم الدولي كله لن يجرأ على دفعها لفرط ماهي باهظة،غر مغفل حين يتصور أن المنطقة كلها بسقوطه ستدخل دوامة المجهول-ان لم يكن هذا مركب وجنون عظمة فلست أدري بم يمكن توصيفه-،غر أخرق لأنه يتهدد الأردن الذي يكاد يتحمل فاتورة اللاجئين لوحده،ساذج أحمق لأنه يختزل لبنان كلها في الميليشيا الموالية لايران ولو كان الأمر كذلك فمن أجبر الجيش السوري على مغادرة جبل الأرز حسيرا أسيفا كظيما بعد جريمة اغتيال الحريري،أحمق مأفون لأنه يتصور أن ثالوث الشر.ايران-الصين-سوريا-سيمحضونه الموالاة مدى الدهر،وأنهم لن ينفضوا أبدا أيديهم عن سفاح تخلى عنه حتى الشيطان،أبله لأنه يحاول ايهام العالم بأن الحرب الذي تدور رحاها في سورياهي بين نظام سوري علماني متسامح وبين تنظيمات جهادية ولاءها الأول و الأخير لتنظيم القاعدة،وواقع الحال أنني لو استرسلت في ايراد الأدلة على غباء الرئيس بشار وجهله السياسي المطبق لا احتاج الأمر الى أن أفرده بمصنف خاص،ولكن ما أهتم له في هذا المقام هو أن التصريحات الأخيرة لبشارتشف عن طبيعته الذهانية،فلايمكن بحال من الأحوال أن يكون شخصا سويا متزنا من الناحية النفسية،والأمر لايعدو أن يكون أحد اثنين ،اما أن الضغوط التي يرزح تحت نيرها بدأت تشوش قدرته على الحكم الصائب،أو أن سادية هذا المأفون كانت ثاوية في لاوعيه،ولم تكن بحاجة لأكثر من أحداث تنكش قفير دبابيرها ليكشف بشار عن وجهه الحقيقي،وعن طبيعته الأصلية.ولشدّ مايثير استغرابي الشبه الكبير لسيرته بسيرة أحد الأباطرة الرومانيين الأكثر جنونا ودموية،وأعني كاليجولا،لكأني ببشار يقفو أثر سلفه الدموي كاليجولا ويحذوه حذو النعل للنعل،فكاليجولا هذا-واسمه الحقيقي جايوس-استبشر أهالي روما خيرا بمقدمه بعد أن برموا وضجت أرواحهم من سيرة سلفه طبريوس الذي سلم مقاليد الحكم في روما لأحد دهاقنة السادية يعرف بماكرون،وتفرغ هو لحفلاته الماجنة في جزيرة كابري،وقد استهل كاليجولا والذي يعني اسمه بالاتينية الحذاء الروماني،حكمه بسياسة رشيدة،فخفض الضرائب،ووزع الأموال على الفقراء،وألغى المحاكم التي كانت كانت كسيف ديمقليس المسلط على رقاب النبلاء،حيث كان سلفه يحاكم من عنّ له من الأعيان بتهمة الخيانة ليصادر أمواله كلما أعوزته السيولة،ولفرط استبشار أهالي روما بالامبراطور الجديد استمرت احتفالات التنصيب لشهور ثلاث،أقيمت خلالها مهرجانات ضخمة جعلت المواطنين يتوهمون أن الأمن والدعة والبهجة عرفت سبيلها الى قلوبهم أخيرا،لكن فصول المن والعسل لم تدم لأكثر من سبعة أشهر،بعدها أصيب كاليجولا بمرض ألزمه الفراش حتى ظن أنه ينازع،لكنه وعلى غير ايذان تعافى من وعكته،عند هذه النقطة سيحدث تغير مثير في طبعه،وطفرة بغيضة في تركيبة شخصيته،لترى روما لشقوتها الوجه الآخر لكاليجولا،وجه ماكانت لتتصوره حتى في أسوأ كوابيسها،وقد استهل سيرته العطرة-عفوا العطنة-الجديدة بالتمثيل بقرابته،فاغتال جيميلوس ولي العهد،ونفى زوجته بعد أن أرغم صهره-والدها-على الانتحار،أما حليفه ماكرون فقد محضه جزاء وفاقا من العرفان نظير دعمه،فاغتصب زوجته أمام ناظريه ،ثم أرغمه على أن يكون قوادها الخاص في أوكار الدعارة التي أنشأها في قصره،قبل أن يغتاله شر غيلة،ثم لم يغادر امرأة جميلة من طبقة الأعيان الا واغتصبها وأرغمها على ممارسة الدعارة ودفع رسوم عن ذلك لخزينته،وأقام المحاكم مجددا لمصادرة ثروات النبلاء بظنة الخيانة العظمى،ولم يكن يتورع أثناءها عن التعبير عن قحة قل نظيرها قائلا أما أنا فأسرق بصراحة،وأقام مهرجانات للجنس والتقتيل الجماعي،وفي حلبة الكوليزيوم،كان يقدم المجالدين كوليمة طازجة للأسود والنمور الجائعة،وحين استنفذ احتياطيه من المصارعين،شرع يختار جزافا ضحايا من الجماهير،فكل من وقع عليه الاختيار طوح به داخل جنبات الحلبة ليصارع سباعا يكفي زئيرها ليصاب أشجع الشجعان بحالة اسهال فادحة وفاضحة،وكل ما أوردته مجرد نغبة من بحر الفظائع التي اقترفها هذا المأفون السادي،الذي ختم سيرته العطرة بأن نصب حصانه قنصلا في مجلس الشيوخ،وأرغم أعضاء المجلس الموقرين على مشاطرة حصانه-انيتانوس-بانكيه فاخر مكون أساسا من شعير وتبن مقدم في أوان من فضة وذهب...قبل أن تنتهي حياة هذا البائس على يد حارسين من حراسه،عالجوه طعنا حتى أثخنوا جسده جراحات،نظير الاذلال الذي جعلهما يتجرعانه على مضض لسنوات،فقد اغتصب زوجة أحدهما ليلة عرسها،وكان يلتذ باهانة الآخر معيرا اياه بكون صوته في رقة وعذوبة صوت ربات الحجال.هكذا انتهى من اختط سيرته بدماء رعاياه مضرجا في دمائه،ملعونا أبد الدهر.ولكننا مع كل هذه الفظاعة لانملك الا أن نعتذر لكاليجولا على رغمنا،فبازاء بشار الوحش،ليس جايوس سوى مبتدئ هاو،فلم يحدث في تاريخ البشرية أن أعلن حاكم حرب ابادة جماعية عرقية وطائفية ضد شعبه،وشبيحة الأسد فصيلة لايمكن نسبتها بحال الى النوع البشري،انهم وحوش آدمية بزوا نظراءهم من المغول والتتار وقبائل الهون بمراحل ضوئية في مضامير التقتيل والتعذيب الوحشي والاغتصاب.والشبه بين سيرتي السفاحين-بشار وجايوس- جلي للعيان،فمن كان ليخمن أن طبيب العيون الذي استقدم على عجل لخلافة المقبور والده،ذاك الشخص النحيل المهزول المديد-وهي للأمانة نفس صفات كاليجولا الجسدية-الذي تغشى طبعه مسحة خجل،
والذي استبشر السوريون خيرا بمقدمه بعد أن كادت أرواحهم تزهق تحت نير الملعون حافظ الهر،من كان ليعتقد أن خلف مظهر الدكتور جيكل يختفي مستر هايد آخر لم يعرف التاريخ مضاربا ومثيلا له..واذا كان سر تغير طبع كاليجولا من الوداعة الى السادية مرده الى المرض الذي ألم به والذي أصاب عقله بلوثة مريعة،جعلته لايجد ترياقا لأرقه الدائم ووساوسه القهرية وسوداويته غير ترك الحبل على الغارب لخيالاته وفانتازماته السادية،فقد لايكون هذا المرض الطارئ،غير الشعلة التي أوقدت النار في بارود كامن تحت اهابه مترسب منذ أطوار الطفولة الأولى-فقد عاش كاليجولا في رعب دائم تحت كنف عمه طبريوس الذي سمم والده ونفى أمه قبل أن تعالجها المنية وهي في أسوأ حال وقتل أخويه صبرا وتجويعا-وقد اضطر جايوس الى توظيف كل مواهبه في الملق والمداهنة والتزلف حتى لايلحقه طبريوس بمن قضوا على يديه من قرابته-ما أدرانا بالتاريخ النفسي لهذا البشار،وأية عقد نفسية ومركبات عصية وضغوط عصبية راكمها خلال أطوار نموه النفسي،تحت سقف أسرة حكمت سوريا بقوة الحديد والنار،وهل علاقته الملتبسة بأمه التي لطالما ازدرته متهمة اياه بضعف الشخصية،فضلا عن احتقار أشقائه له،وغير ذلك مما لا سبيل الى معرفته، ربما تكون هذه هي طنجرة الضغط التي صنع فيها هذا الطاغية المعاصر..
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
