.
وذلك بقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ
الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الزمر/42.
قال القرطبي – رحمه الله - :
قال ابن عباس وغيره من المفسرين : إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام
فتتعارف ما شاء الله منها ، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد : أمسك الله أرواح
الأموات عنده ، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها .
وقال سعيد بن جبير : إن الله يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا ، وأرواح الأحياء إذا
ناموا ، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف ﴿ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ
وَيُرْسِلُ الأُخْرَى ﴾ أي : يعيدها .
" تفسير القرطبي " ( 15 / 260 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
وفي هذه الآية دليل على أن الروح والنفس جسم قائم بنفسه ، مخالف جوهره
جوهر البدن ، وأنها مخلوقة مدبرة ، يتصرف اللّه فيها في الوفاة ، والإمساك ،
والإرسال ، وأن أرواح الأحياء ، والأموات ، تتلاقى في البرزخ ، فتجتمع ،
فتتحادث ، فيرسل اللّه أرواح الأحياء ، ويمسك أرواح الأموات .
" تفسير السعدي " ( ص 725 ) .
1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
قال ابن القيم رحمه الله : " وقد دل على التقاء أرواح الأحياء والأموات أن
الحيَّ يرى الميت في منامه ، فيستخبره ، ويخبره الميت بما لا يعلم الحيَّ ،
فيصادف خبره كما أخبر " ، فهذا هو الذي عليه السلف ، من أن أرواح ا
الأموات باقية إلى ما شاء الله ، وتسمع ، ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء
في غير المنام ، كما أنه لا صحة لما يدَّعيه المشعوذون من قدرتهم على
تحضير أرواح من يشاءون من الأموات ، ويكلمونها ، ويسألونها ،
فهذه إدعاءات باطلة ، ليس لها ما يؤيدها من النقل ، ولا من العقل ،
بل إن الله سبحانه وتعالى هو العالم بهذه الأرواح ، والمتصرف فيها ،
وهو القادر على ردِّها إلى أجسامها متى شاء ذلك ، فهو المتصرف
وحده في ملكه ، وخلافه لا ينازعه منازع ، أما مَن يدعي غير ذلك :
فهو يدعي ما ليس له به علم ، ويكذب على الناس فيما يروجه من
أخبار الأرواح ؛ إما لكسب مال ، أو لإثبات قدرته على ما لا يقدر
عليه غيره ، أو للتلبيس على الناس لإفساد الدين والعقيدة .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 311 ، 312 ) *.