اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الاجتماعية > منتدى الأسرة
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-2014, 05:39 PM   رقم المشاركة : 1
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

الاسرة السعيدة

الزواج في الإسلام
قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات: 49]، وقال: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس: 36].
كم هي رائعة السنة الشرعية التي سنها الله في مخلوقاته حتى لكأن الكون كله يعزف نغمًا مزدوجًا. والزواج على الجانب الإنساني رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية. قال تعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان: 74].
وهو السبيل الشرعي لتكوين الأسرة الصالحة، التي هي نواة الأمة الكبيرة، فالزواج في الشريعة الإسلامية: عقد يجمع بين الرجل والمرأة، يفيد إباحة العشرة بينهما، وتعاونهما في مودة ورحمة، ويبين ما لكليهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
الحثَّ على النكاح:
وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج، وحثَّ عليه، وأمر به عند القدرة عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة (أي: القدرة على تحمل واجبات الزواج) فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء (أي: وقاية وحماية) [متفق عليه]. كما أن الزواج سنة من سنن الأنبياء والصالحين، فقد كان لمعظم الأنبياء والصالحين زوجات.
وقد عنَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ترك الزواج وهو قادر عليه، ونبه إلى أن هذا مخالف لسنته صلى الله عليه وسلم، عن أنس -رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخْبِرُوا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا، فإني أصلي الليل أبدًا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوَّج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) _[متفق عليه].
حكم الزواج:
المسلمون والمسلمات أمام النكاح ثلاثة أصناف:
*صنف توافرت له أسباب النكاح، وعنده الرغبة المعتدلة في الزواج، بحيث يأمن على نفسه -إن لم يتزوج- من أن يقع في محظور شرعي؛ لأن غريزته لا تلح عليه بصورة تدفعه إلى الحرام. وفي نفس الوقت يعتقد هذا الصنف -أو يغلب على ظنه- أنه إن تزوج فسوف يقوم بحقوق الزوجية قيامًا مناسبًا، دون أن يظلم الطرف الآخر، ودون أن ينقصه حقًّا من حقوقه. والزواج في حق هذا الصنف سنَّة مؤكدة، مندوب إليه شرعًا، ومثاب عليه عند الله -تعالى- وإلى هذا الصنف تشير النصوص السابقة.
*والصنف الثاني أولئك الذين توافرت لهم أسباب الزواج، مع رغبة شديدة فيه، وتيقنه -غلبه الظن- أنه يقع في محظور شرعي إن لم يتزوج، فهذا الصنف يجب عليه الزواج لتحصيل العفاف والبعد عن أسباب الحرام، وذلك مع اشتراط أن يكون قادرًا على القيام بحقوق الزوجية، دون ظلم للطرف الآخر. فإن تيقن من أنه سيظلم الطرف الآخر بسوء خلق أو غير ذلك، وجب عليه أن يجتهد في تحسين خلقه وتدريب نفسه على حسن معاشرة شريك حياته.
*والصنف الثالث من لا شهوة له، سواء كان ذلك من أصل خلقته، أو كان بسبب كبر أو مرض أو حادثة. فإنه يتحدد حكم نكاحه بناء على ما يمكن أن يتحقق من مقاصد النكاح الأخرى، التي لا تقتصر على إشباع الغريزة الجنسية، كأن يتحقق الأنس النفسي والإلف الروحي به، مع مراعاة ما قد يحدث من ضرر للطرف الآخر، ولذا يجب المصارحة بين الطرفين منذ البداية في مثل هذا الأمر؛ ليختار كل من الطرفين شريكه على بينة.
وقد تبدو المصلحة الاجتماعية ظاهرة من زواج الصنف الثالث في بعض الحالات المتكافئة، كأن يتزوج رجل وامرأة كلاهما قد تقدم به السن، ولا حاجة لهما في إشباع رغبات جنسية بقدر حاجتهما إلى من يؤنس وحشتهما ويشبع عاطفة الأنس والسكن. أو نحو ذلك من الحالات المتكافئة، فهؤلاء يستحب لهم الزواج لما فيه من مقاصد شرعية طيبة، ولا ضرر حادث على الطرفين.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 05:39 PM   رقم المشاركة : 2
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

فوائد الزواج وثمراته:
والزواج باب للخيرات، ومدخل للمكاسب العديدة للفرد والمجتمع، ولذلك فإن من يشرع في الزواج طاعة لله واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجد العون من الله، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)
[الترمذي، وأحمد، والحاكم]. وبذلك يصبح الزواج عبادة خالصة لله يثاب المقبل عليها .
أما عن ثمراته فهي كثيرة، فالزواج طريق شرعي لاستمتاع كل من الزوجين بالآخر، وإشباع الغريزة الجنسية، بصورة يرضاها الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: (حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلتْ قرَّة عيني في الصلاة) [أحمد، والنسائى، والحاكم].
والزواج منهل عذب لكسب الحسنات. قال صلى الله عليه وسلم: (وفي بُضْع (كناية عن الجماع) أحدكم صدقة). قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم، لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟). قالوا: بلى. قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) [مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم -أيضًا-: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في في (فم) امرأتك) [متفق عليه].
والزواج يوفر للمسلم أسباب العفاف، ويعينه على البعد عن الفاحشة، ويصونه من وساوس الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان (أي أن الشيطان يزينها لمن يراها ويغريه بها) فإذا رأى أحدكم من امرأة (يعني: أجنبية) ما يعجبه، فلْيَأتِ أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه) [مسلم].
وهو وسيلة لحفظ النسل، وبقاء الجنس البشرى، واستمرار الوجود الإنساني، قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء} [النساء: 1]. فهو وسيلة -أيضًا- لاستمرار الحياة، وطريق لتعمير الأرض، وتحقيق التكافل بين الآباء والأبناء، حيث يقوم الآباء بالإنفاق على الأبناء وتربيتهم، ثم يقوم الأبناء برعاية الآباء، والإحسان إليهم عند عجزهم، وكبر سِنِّهم.
والولد الصالح امتداد لعمل الزوجين بعد وفاتهما، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنْتفَع به، أو ولد صالح يدعو له) [مسلم].
والزواج سبيل للتعاون، فالمرأة تكفي زوجها تدبير أمور المنزل، وتهيئة أسباب المعيشة، والزوج يكفيها أعباء الكسب، وتدبير شئون الحياة، قال تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
والزواج علاقة شرعية، تحفظ الحقوق والأنساب لأصحابها، وتصون الأعراض والحرمات، وتطهر النفس من الفساد، وتنشر الفضيلة والأخلاق، قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} [المعارج: 29-31].
وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم راع ومسئول عن رعيته) [متفق عليه].
كما يساهم الزواج في تقوية أواصر المحبة والتعاون من خلال المصاهرة، واتساع دائرة الأقارب، فهو لبنة قوية في تماسك المجتمع وقوته، قال تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا} [الفرقان: 54].
ولما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق في غزوة المريسيع، وأسر منهم خلقًا كثيرًا، تزوج السيدة جويرية بنت الحارث - وكانت من بين الأسرى- فأطلق الصحابة ما كان بأيديهم من الأسرى؛ إكرامًا للرسول صلى الله عليه وسلم وأصهاره، فكان زواجها أعظم بركة على قومها.
كان هذا بعضًا من فوائد الزواج الكثيرة، وقد حرص الإسلام أن ينال كل رجل وامرأة نصيبًا من تلك الفوائد، فرغب في الزواج وحث عليه، وأمر ولى المرأة أن يزوجها، قال تعالى: {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور: 32]. واعتبر الإسلام من يرفض تزويج ابنته أو موكلته - إذا وجد الزوج المناسب لها - مفسدًا في الأرض. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
النية في النكاح:
عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه].
وبالنية الصالحة التي يبتغى بها وجه اللَّه، تتحول العادة إلى عبادة. فالناس عندما يتزوجون منهم من يسعى للغنى والثراء، ومنهم من يسعى لتحصين نفسه، فالنية أمر مهم في كل ذلك.
فإذا أقبل المسلم على الزواج، فعليه أن يضع في اعتباره أنه مقدم على تكوين بيت مسلم جديد، وإنشاء أسرة؛ ليخرج للعالم الإسلامي رجالا ونساءً أكفاءً، وليعلم أن في الزواج صلاحًا لدينه ودنياه، كما أن فيه إحصانًا له وإعفافًا.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 05:41 PM   رقم المشاركة : 3
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

صفات الزوجين
اختيار الزوج:
منح الشرع الإسلامي الحنيف المرأة -ثيبًا كانت أم بكرًا- حقَّ اختيار زوجها، إذ هي التي تشاركه الحياة، ومنع إكراهها على الزواج، وأعطاها حق فسخ العقد إذا أُكْرِهتْ عليه. فعن بريدة قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ أبي زوجني من ابن أخيه، ليرفع بي خسيسته (أي: ليقضى دينه). قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: (قد أجزْتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من أمرهن شيء). [ابن ماجه].
ويجب على وَلِيِّ المرأة أن يجتهد في اختيار الزوج الصالح لها، فإن تكاسل، أو قصَّر، أو طمع في متاع دنيوي زائل على حساب مولاته؛ فإن الله يحاسبه حسابًا شديدًا على تفريطه في ولايته.
وعلى الولي أن يستشير أهل الصلاح والتقوى، وأصحاب الرأي والمشورة في الرجل المتقدم لخطبة مولاته، ومن السنة أن تستشار الأم ويؤخذ رأيها في زواج ابنتها، ولا ينفرد الأب أو ولي الأمر بالرأي، قال صلى الله عليه وسلم: (آمروا النساء في بناتهن) _[أبو داود].
صفات الزوج الصالح:
أرشد الشرع إلى الصفات الواجب توافرها في الرجل الذي يختاره الولي، ليكون زوجًا لمولاته، وهي:
1- الدين: حيث إن المسلم العارف بدينه، الملتزم بأوامره ونواهيه، المتخلق بأخلاقه، المتأدب بآدابه وتعاليمه، يحفظ نفسه وأهله، ويصونهم عن الشبهات، ويراقب الله فيهم ويتقيه في سائر أعماله. كما أن هذا المؤمن إذا أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها، لأنه ملتزم بكتاب الله الذي قال: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229]. كما أنه يعلم أن امرأته بشر وليست معصومة، فيقدر أن يجد منها بعض ما لا يعجبه، فيتحمل ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَكُ مؤمن مؤمنة (أي: لا يبغضها)، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر) [مسلم].
ويؤكد أهمية اشتراط الدين في الرجل الذي يعطيه الولي مولاته، ما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم النظر عندما مر رجل عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حريّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يسمع. فقال صلى الله عليه وسلم: (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) [البخاري].
2- حسن الخلق: إذا فازت المرأة برجل حسن الخلق، فقد فازت برجل من أكمل المؤمنين إيمانًا. قال: صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم) [الترمذي، وابن حبان].
وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار صاحب الخلق الحسن، حيث قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد). قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ (يعني: نقص في الجاه أو فقر في المال أو غير ذلك). قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) (ثلاث مرات) [الترمذي].
وصاحب الخلق الحسن ينصف زوجته من نفسه، ويعرف لها حقها، ويعينها على أمور دينها ودنياها، ويدعوها دائمًا إلى الخير، ويحجزها عن الشر، والرجل إذا كان حسن الخلق، فلن يؤذي زوجته، ولن تسمع منه لفظًا بذيئًا، يؤذي سمعها، ولا كلمة رديئة تخدش حياءها، ولا سبًّا مقذعًا يجرح كبرياءها، ويهين كرامتها.
والرحمة من أهم آثار حسن الخلق، فلابد للمرأة من زوج، يرحم ضعفها، ويجبر كسرها، ويبش في وجهها، ويفرح بها ويشكرها ويكافئها إن أحسنت، ويصفح عنها، ويغفر لها إن قصَّرتْ، فالمرأة الصالحة تنصلح بالكلمة الطيبة دون غيرها.
ومن أهم مظاهر حسن الخلق في الزواج، ألا يغرِّر الزوج بزوجته، فالمسلم لن يخفي عيبًا في نفسه، ولن يتظاهر أمامها بما ليس فيه، كأن يخفي نسبًا وضيعًا، أو فقرًا مدقعًا، أو سنًّا متقدمة، أو زواجًا سابقًا أو قائمًا، أو علمًا لم يحصِّله، أو غير ذلك. أو أن يغير من خلقته باستعمال أدوات التجميل؛ ليحسنها أو ليظهر في سن أصغر من سنِّه.
فالتغرير ليس من أخلاق الإسلام، كما أنه محرم شرعًا. قال صلى الله عليه وسلم: (من غش، فليس منا) [مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: (كبرتْ خيانة أن تحدث أخاك بحديث، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) [أحمد وأبو داود والطبراني].
3- الباءة: وهي القدرة على تحمل مسؤوليات الزواج وأعبائه من النفقة والجماع. قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج...) [متفق عليه]. فمن يعجز عن الإنفاق على نفسه وأهله؛ قد يضيع من يعول، ويعرض نفسه وأهله لألم الحاجة، وذلِّ السؤال.
ومن عجز عن الجماع، فقد عجز عن إعفاف المرأة وإحصانها، ورجاء الولد من مثله مقطوع. والمرأة قد لا تحتمل الصبر أمام عجز زوجها عن إعفافها، كما أن الزوج قد لا يقدر على تحمل فتور زوجته. قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) [أحمد وابن ماجه].
4- الكفاءة: الحق أن انتظام مصالح الحياة بين الزوجين لا يكون عادة إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما؛ فإذا لم يتزوج الأكفاء بعضهم من بعض لم تستمر الرابطة الزوجية، بل تتفكك المودة بينهما، وتختل روابط المصاهرة أو تضعف، ولا تتحقق بذلك أهداف الزواج الاجتماعية، ولا الثمرات المقصودة منه.
وقد أشارت بعض النصوص النبوية إلى اعتبار معنى الكفاءة بين الزوجين عند التزويج، ومن ذلك ما جاء عن علي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ثلاث لا تؤخرهن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا) [الترمذي والحاكم]، وما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء) [ابن ماجه]، وغير ذلك من الآثار.
وعلى الرغم من ضعف كثير من الآثار الواردة بهذا المعنى -من حيث ثبوتها- فإنها في جملتها تشير إلى اعتبار الكفاءة عند التزويج، بوصفها شيئًا من أسباب نجاح الزواج، وقد يفهم بعض الناس الكفاءة فهمًا ضيقًا، فيشترط كثرة المال، أو علو الجاه، أو جنسًا معينًا يتزوج منه، أو أصحاب حرفة بعينها يصاهرها، والصواب أن ينظر أولا وقبل كل شيء إلى الدين.
صفات الزوجة الصالحة:
لقد أودع الله تعالى في قلوب الرجال حُبَّ النساء، وكذلك العكس، وجعل ذلك أمرًا فطريًّا، وقد رسم الإسلام ملامح الزوجة الصالحة التي بها تنجح الحياة الزوجية، وتقوي دعائمها، فإذا ما وجد الخاطب تلك الفتاة، وتوكل على الله وتزوجها، فإن الله سيبارك له فيها مادامت نية الاختيار قد حَسُنَتْ.
وقد أوصى الشرع الحنيف كل رجل أن يختار زوجته على أسس حددها له، وأعطاه الميزان الذي يزن به الفتاة قبل أن يتزوجها، فإن وجد ما يطلب؛ توكل على الله وتزوجها، وإن وجد غير ذلك؛ بحث عن غيرها.
وهذه الصفات لا يمكن أن تدعيها الفتاة بين يوم وليلة، كما لا يمكن أن تستعيرها، ولكنها ثمار رحلة طويلة من تربية الأبوين الصالحين، وجهد كل مسلمة تريد الصلاح في الدنيا والنجاة يوم القيامة.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 05:43 PM   رقم المشاركة : 4
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

ولكل فتاة صفات تزيد في ميزانها عند خطيبها، وأهم هذه الصفات:
1- الدين: وهو الأصل والأساس الذي تُخْتار الزوجة بناء عليه، فالفتاة ذات الدين هي الفاهمة لدينها فهمًا صحيحًا بلا مغالاة ولا تفريط، والمطبقة لتعاليمه. فدين المرأة هو تاج عفافها، وعزُّ شرفها الذي يعصمها من الخطأ، وينقذها من الضلال، ويعينها على أداء الحقوق، وهذا يوفر للزوج حياة سعيدة له ولأولاده، ولكل من حوله.
وقد أرشد الإسلام إلى الزواج من ذات الدين، قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك) [متفق عليه]. وقال أيضًا: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) [مسلم] فهي عملة رائجة في دنيا الزواج، وعليها يحرص كل راغب في العفاف والإحصان، لأنها إذا تمسكت بدينها ستكون دُرّة ثمينة بين النساء، يتمناها كل رجل، ويسعى ليفوز بها، ويظفر بالزواج منها، رغبة في خيري
الدنيا والآخرة.
ولا قيمة لأي اعتبار آخر ليس معه الدين، فجمال المرأة من غير دين، لا يثقل ميزانها عند زوجها، فهو مغنم إذا كان معه دين يحميه، وهو مغرم إذا كان بمعزل عن الدين، وحسبها ونسبها بغير دين نقمة لا نعمة؛ وثراء من لا دين لها وبال على زوجها، وقد يؤدي إلى طغيانها وبغيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزوجوا النساء لحسنهن؛ فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن. ولكن تزوجوهن على الدِّين، ولأمة خرماء (مثقوبة الأنف) سوداء ذات دينٍ أفضل) [ابن ماجه، وابن حبان، والبزار، والبيهقي].
وذات الدين تحب ربها، فتطبق أوامره، وتنتهي عن نواهيه، وتعرف حقه، وتراه أينما ذهبتْ، وتراقبه في كل عمل، فعليه تتوكل، وبه تستعين، وإياه تدعو. وذات الدين هي المحِبَّة لرسولها صلى الله عليه وسلم، تتبع أوامره، ولا تقرب ما نهى عنه، وهي صاحبة الخلق، فحسن الخلق من دينها. وذات الدين خيرة مع أهلها وجيرانها، وكل من حولها، نافعة لهم.
وذات الدين يختارها المسلم، لتكون معينًا له في دينه، فحالها مع ربها ودينها بعد الزواج أفضل مما كانت عليه قبل زواجها، فهي نصف دين زوجها، والمعينة له، والرفيق في الطريق إلى الجنة، وغالبًا ما نرى فتورًا في دين كثير من النساء بعد الزواج، فيهملن قراءة القرآن، ويتكاسلن عن أداء العبادات، لشغلهن بأعباء الحياة، وهذا لا يحصل من ذات الدين.
ولا تكون المرأة من ذوات الدين، إن لم تطبق ما عرفتْه من دينها، فتلتزم أوامر ربها وتتجنب نواهيه، وتتبع سنن نبيها صلى الله عليه وسلم وهديه، فيجب أن تكون مثلا حيًّا لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
2- حسن الخلق: وهو أحد أسس اختيار المرأة للزواج، كما أنه باب يوصل المرأة إلى رضا ربها وإلى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلامًا أحسنهم خلقًا) [أحمد، والطبراني]. ولذا فإن أفضل النساء أحسنهن أخلاقًا، فالرجل لن يقبل على الزواج بامرأة قبيحة الأقوال والأفعال، تؤذيه وأهله بلسانها وشرورها.
وقد نصح بعض الحكماء الرجال عند زواجهم ألا يتزوجوا مَنْ لا خُلق لها. وفي نصحهم هذا رسالة لكل امرأة بأن تتجنب الصفات التي حذّروا الرجال منها. قال أحدهم: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنَّانة، ولا منَّانة، ولا حنَّانة، ولا تنكحوا حدَّاقة، ولا برَّاقة، ولا شدَّاقة.
فأما الأنانة: فهي التي تكثر الأنين والشكوى، فهي متمارضة دومًا، ولا خير في نكاحها.
والمنَّانة: التي تمنُّ على زوجها بما تفعل، تقول: فعلتُ لأجلك كذا وكذا.
والحنَّانة: التي تحنُّ إلى رجل آخر غير زوجها، أو لقريب من قرابتها أو لأهلها، حنينًا يفسد استقرار الحياة الزوجية ويعكر هدوءها.
والحدَّاقة: التي تشتهي كل ما تقع عليه عينها، فترهق زوجها وتكلفه ما لا يُطيق.
والبرَّاقة: التي تنفق أغلب وقتها في زينتها، فهي تتكلف الجمال.
والشدَّاقة: الكثيرة الكلام فيما لا يعنيها، وما لا فائدة فيه.
ومن مزايا ذات الدين والخلق الحسن أنها محل ثقة تحرص على زوجها، فتحفظ عرضه وماله، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة: المرأة الصالحة تراها تعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسك ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك....) [الحاكم].
فعلى كل مسلمة أن تحسن أخلاقها وسلوكها، فتسرع إلى التخلص من كل خلق سيئ، وأن تحرص على التحلي بكل خلق كريم، لتعلو مكانتها، وتسمو قيمتها عند من يتزوجها. وإن حسن خلق المرأة في حياتها مع زوجها وأهله مكسب كبير لكل زوج، وهدية ثمينة تقدمها له منذ أول لحظة في حياتهما الزوجية.
3- الجمال: للجمال تأثير في كل نفس بشرية، فحب الجمال أمر فطر الله الناس عليه. ولا تكمن حقيقة الجمال في حلاوة الشكل أو أناقة الهندام فحسب، بل إنَّ الجمال قيمة كلية، تحتوي جمال الروح، وحسن الخلق، ورجاحة العقل، وليونة السلوك، وسعة الصدر، وغير ذلك من السلوكيات والأخلاق.
ولذا فإن الرجل الذي يرغب في الزواج من امرأة لا لشيء إلا لما يراه من جمالها الظاهري، دون الاهتمام بالأسس والمعايير الدينية والأخلاقية، فهو مخطئ، كما أن الفتاة التي ترى أن جمالها الشكلي هو الذي سيجلب لها السعادة الزوجية، فهي مخطئة أيضًا، ولا شك أن النفوس تميل إلى الجمال الشكلي، وهذا يلبي حاجاتها الشهوانية، ولكن التوازن بين الحرص على جمال الشكل، والعناية بجمال الجوهر، أمر هام إلى حد بعيد في بناء أسرة سعيدة، ودوام الحياة الزوجية بنجاح.
ولذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الراغب في الزواج إلى النظر إلى وجه المرأة وكَفَّيْها، فإن الوجه مجمع الحسن وموطن القبول الأول، كما أن النظر إلى الكفين ينبئ عن امتلاء البدن أو نحافته، فقد خطب المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا (يعني أنها ضيقة) [ فقال شعبة: قد نظرتُ إليها. [مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبتها، وإن كانت لا تعلم) _[أحمد، والبزار، والطبراني].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل) _[أبو داود]. وذلك لأن النفس إذا نظرتْ فاطمأنَّتْ، وقعتْ الألفة، وهذا أدعى إلى دوام المحبة.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرَّتْه، وإن أقسم عليها أَبرَّتْهُ، وإن غاب عنها نصحتْه في نفسها وماله) _[ابن ماجه].
ولأن التوازن بين حسن الظاهر والباطن أمر هام، والله عز وجل ما خلق امرأة إلا ولها في الجمال نصيب يراه البعض ويقنع به، كما أنه سبحانه لم يخلق الرجال على درجة واحدة من الحسن. ولتتذكر المسلمة دائمًا أن جمالها قد يكون في حسن الوجه، وتناسق الأعضاء، وعذوبة الصوت، ورشاقة الحركة. وقد يكون جمالها في عقلها الراجح، وفكرها الثاقب، وثقافتها الرفيعة، وقدرتها على جمال التعبير، وضبط غرائزها. وقد يكون جمالها في جمال روحها، وبساطتها واتساع صدرها، وحلمها. وقد يكون في كونها ربة بيت ناجحة، تسعد زوجها وأولادها، وتقوم بحاجتهم بحذق ومهارة.
4- البكارة: والبكر صافية المودة والحب، تفرح بزوجها، وهي أكثر إيناسًا له، وأرق معاملة معه، فإنه لما تزوج جابر بن عبدالله - رضي الله عنه- امرأة ثيبًا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك) [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا : (عليكم بالأبكار، فإنهن أَعْذَبُ أفواهًا، وأَنْتَقُ أرحامًا، وأَرضى باليسير). [ابن ماجه].
والإسلام لم يفضل الزوجة البكر على الثيب تفضيلاً مطلقًا، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم -أول ما تزوج- السيدة خديجة -رضي الله عنها- وكانت ثيبًا، قد تزوجت قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وعدَّها خير نسائه، كما كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم كلهن ثيبات إلا السيدة عائشة -رضي الله
عنها- فكانت بكرًا.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 05:44 PM   رقم المشاركة : 5
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

وقال الله تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خير منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارًا} [التحريم: 5]. فقد تكون المرأة الصالحة ثيبًا، بل إن هناك حالات يفضَّل فيها الزواج بامرأة ثيب، حتى تقوم بتربية أبناء الأرمل، أو إذا كان الزوج كبيرًا، يحتاج إلى من يناسبه في السن والتجربة.
5- القدرة على الإنجاب: فالإنجاب هدف من أهداف الزواج في الإسلام، والأبناء زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملا} [الكهف: 46]. وقال تعالى أيضًا: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متابع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب} [آل عمران: 14].
وقال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)_[أحمد، وابن حبان].
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أصبتُ امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوَّجها؟ قال: (لا). ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) [أبو داود، وابن حبان].
وهذا لا يعني أن الإسلام يأمر بعدم الزواج من المرأة العاقر مطلقًا، إنما يعني التفضيل بينهما، فيقدم الولود على العاقر، ولعل ذلك من حرص الإسلام على أن تكون الحياة الزوجية أكثر استقرارًا، ذلك لأن الزوجين عادة ما يتطلعان إلى الولد، ويحبان أن يرزقا من الأبناء ما تقر به أعينهما، وتهدأ به رغبتهما في إشباع شعور الأبوة والأمومة. ولعل ذلك يدعو من يتزوج امرأة لا تلد إلى المقارنة بينها وبين من تلد فيظلمها.
وليس معنى هذا أن تبقى المرأة التي لا تلد بدون زواج؛ بل لهن حقهن في الزواج على قدم المساواة مع من تلدن، شريطة أن تراعى عاقبة الأمر، كما يجب أن يراعى فيها الزوج دينها وحسن خلقها، فرُب امرأة ولود ليست ذات دين، فلا حاجة إلى المسلم بها، ورب امرأة لا تلد، ولكنها متمسكة بالدين، حسنة الخلق، فهي خير من مِلء الأرض من الأولى.
ونلفت النظر هنا إلى أن العقم وعدم القدرة على الإنجاب إنما هو حالة قد تصيب الرجل كما تصيب المرأة، ومن هنا يقال في حق الرجل ما يقال في حق المرأة من أنه يحسن أن تختار المرأة الرجل القادر على الإنجاب، مع مراعاة دينه وخلقه.
ومما يجب أن يقال أيضًا في هذا الأمر أن حالة العقم التي تصيب الرجل أو المرأة إنما هي من قدر الله ورزقه، والله سبحانه قد خلق الناس على اختلاف فيما بينهم. قال تعالى: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير} [الشورى: 49-50].
ولذا وجب ألا يكون هذا سببًا لأن يظلم الرجل امرأته، أو أن يؤذيها بكلمة نابية، أو أن يسيء إليها العشرة، بل لها حقها بالمعروف، وكذلك على المرأة ألا تؤذي زوجها إن كان عقيمًا، أو تجرح شعوره بسبب ذلك، وقد يشاء
الله -تعالى- أن تحمل المرأة بعد حين من الزواج، وتنجب، فهذا نبي الله إبراهيم -عليه السلام- تزوج عاقرًا، لم تلد حتى صارت عجوزًا، فَمَنَّ الله عليه ورزقه منها الولد، فقالت زوجته في دهشة {يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخًا إن هذا لشيء عجيب} [هود: 72].
وهذا زكريا -عليه السلام- حكى الله تعالى قصته في القرآن، فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميًا. قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرًا وقد بلغت من الكبر عتيًا. قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا} [مريم: 7-9].
والشواهد في حياتنا اليومية كثيرة على ذلك، فنجد أزواجًا رزقهم الله الذرية بعد أعوامٍ كثيرة قد تصل إلى عشر سنين أو عشرين سنة. فالله خلقنا وهو أعلم بما يصلحنا لا نملك أمام مشيئته إلا الرضا والتسليم.
شكر







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 06:01 PM   رقم المشاركة : 6
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

المحارم
حرم الشرع الإسلامي على النساء أن يتزوجن من بعض الرجال، وقد يكون هذا التحريم أبديًّا طوال الحياة، وقد يكون مؤقتًا، فأما التحريم الأبدي فقد يكون بسبب النسب، أو المصاهرة، أو الرضاع.
*والمحرمون على التأبيد بسب النسب أربع شُعَب هم:
1- فروع المرأة من الرجال، وإن نزلوا: أي يحرم عليها أبناؤها وأبناء أبنائها، وإن نزلوا.
2- أصول المرأة من الرجال، وإن علوا: وهم آباؤها وآباء آبائها، وإن علوا.
3- فروع أبويها وإن نزلوا: وهم إخوتها وأبناء إخوتها وأبناء أخواتها، وأبناؤهم وإن نزلوا. سواء أكانوا أشقاء أو لأم أو لأب.
4- فروع أجدادها إذا انفصلوا بدرجة واحدة، فالأعمام والأخوال، مهما كانت درجة الجد أو الجدة، حرام على المرأة.
*والمحرمون على التأبيد بسبب المصاهرة أربع شُعَب هم:
1- من كان زوجًا لأصل من أصول المرأة، وإن علا هذا الأصل، فزوج الأم محرم تأبيدًا على المرأة شريطة أن يكون قد دخل بالأم.
2- من كان زوجًا لفرع من فروع المرأة، فزوج البنت محرم على المرأة، وإن لم يدخل بالبنت، أي أنه يحرم بمجرد العقد.
3- أصول من كان زوجًا للمرأة، وإن علوا، فأب الزوج وجده لأب أو لأم محرمون على المرأة، سواء أدخل بها زوجها أو لم يدخل.
4- فروع من كان زوجًا للمرأة، وإن نزلوا، بشرط أن يكون قد دخل بها.
*والرضاع يحرم على المرأة -حرمة مؤبدة- أن تتزوج من أي رجل من الأصناف الثمانية السابقة، فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمصاهرة.
إلا أن هناك بعض العلاقات النسبية تحرم التناكح بين رجل وامرأة، ولا يحرمها الرضاع، لعدم وجود علاقة تحريم، ومن هذه الصور المستثناة:
1- أخت الابن من الرضاع، لا تحرم على أب هذا الابن من الرضاع؛ حيث لا يوجد علاقة تربطها بالأب، بينما توجد هذه العلاقة حتمًا في أخت الابن النسبي، لأنها إما أن تكون ابنة له، وإما أن تكون ابنة لزوجته التي دخل بها، وفي كلتا الحالين تحرم عليه.
2- أم الأخت أو الأخ من الرضاع لا يحرم نكاحها، بينما نظيرتها في النسب تحرم، فهي أم أخيه أو أخته نسبًا، فهي محرمة عليه؛ لأنها زوجة أبيه، ولعلها تجمع إلى ذلك أن تكون أمه.
والمحرمون على سبيل التأقيت لسبب من الأسباب التي إذا زالت حل زواج المرأة منهم، هم: زوج الأخت، وزوج العمة، وزوج الخالة، ومن في حكمهم حيث لا يجوز الجمع بين المحارم، وكل الرجال ما دامت المرأة متزوجة أو معتدة من طلاق أو وفاة.
والزوج إذا طلقها ثلاثًا فهي لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، بحيث يدخل بها فإذا طلقها، وقضتْ عدتها، عندئذ يجوز لها أن تتزوج زوجها السابق. والزاني إلى أن يتوب من الزنى والمتزوج بأربعة في عصمته لا يجوز أن يتزوج الخامسة حتى يطلق إحداهن، وغير المسلم حتى يسلم، وعقد المحرم بحج أو عمرة حرام، كما يحرم زواج المرأة الملاعنة ممن لاعَنَهَا حتى يكذب نفسه، وإن رأى بعض الفقهاء أن الحرمة بينهما أبدية.
الزواج والرضاع:
اختلف العلماء في تحديد قدر الرضاع الذي يثبت به التحريم، ونُجمل آراءهم في ذلك فيما يأتي:
1- أن قليل الرضاع وكثيره سواءٌ في التحريم، لما ورد في القرآن: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} [النساء: 23]. ولما ورد في السنة عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبى إهاب، فجاءتْ أَمَةُ سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: (وكيف وقد قيل؟ دعها عنك). ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد الرضعات.
[متفق عليه].
2- أن التحريم لا يثبت بأقل من خمس رضعات متفرقات، فعن عائشة قالت: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن_[مسلم]. ولقد قدمت على هذه الرواية اعتراضات كثيرة ؛ مما جعل الإمام البخاري لا يقبلها.
3- أن التحريم يثبت بثلاث رضعات فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحرم المصة ولا المصتان) [رواه الخمسة].
وكثيرًا ما تنتشر بعض المفاهيم الخاطئة في هذا الأمر، خاصة بين الجماعات القبلية، حيث نجدهم يحرمون على بناتهم الزواج من الأباعد، أما أبناؤهم فلهم حرية الاختيار في الزواج من الأقارب أو الأباعد، وإن كانوا يفضلون زواجهم من الأقارب. والأحوط لدين المرأة، وخروجًا من خلاف الأئمة، عليها أن تجتنب الزواج فمن يحرمون عليها بسبب الرضاعة، بمطلق الإرضاع.
حكمة التحريم في العلاقات السابقة:
وهذا التحريم يتفق والفطرة البشرية التي فطر اللَّه الناس عليها، فالعلاقة الناشئة بين الآباء والأبناء هي علاقة سامية، يملؤها الحب والحنان، فالوالد يشعر بولده، وكأنه جزء منه، وينظر الابن للأب كأنه فرع منه، فكيف يُستبدل بهذا الحب استمتاعٌ أو شهوة. وعلاقة الإخوة والأخوات تجعلهم كأعضاء الجسد الواحد، فالصلة بينهم أساسها الود والحب، وتربو على غيرها من الصلات. والعم أخو الأب، والخال أخو الأم، فكلاهما محرَّمٌ كحرمة الأب والأم، والمرأة تحب عمها وخالها وجدَّها حبِّ تكريم واحترام.
وابن الأخ وابن الأخت في مقام الابن، فهي ترتبط به برباط العاطفة
والأمومة. والمرأة إذا تزوَّجتْ رجلا، فقد صارتْ فردًا من عائلته، فلا تتزوج ابنه أو أباه، ولا تتزوج زوج الابنة، فهو بمنزلة الابن، ولا تنكح زوج الأم، فهو كالوالد. ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب والمصاهرة؛ لأن جسم الطفل يتكون من لبن المرأة المرضع.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 06:02 PM   رقم المشاركة : 7
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

مطلوب زوجة
في كثير من البلدان، انتشرت في الصحف والمجلات أبواب ومساحات لإعلانات الزواج، مثل: مطلوب زوج، أو مطلوب زوجة، وفيها تُحَدَّد المواصفات، وكأن الزواج تجارة؛ يباع فيها الأزواج كالسيارات حسب الموديل، وتاريخ الصنع والحالة...
وهذه الظاهرة الغريبة قد يشوبها تغرير، وقد يستغلُّها بعض الشباب للَّهو والتَّسْلية، وقد يستغلها بعض ضعاف النفوس للتغرير بالفتاة التي تريد الزَّواج، وقد تحدث بعض المكالمات الهاتفيَّة، أو اللقاءات غير المنضبطة بين الرجل والمرأة بسبب هذه الإعلانات، وما تنشره من العناوين، والأرقام الهاتفيَّة؛ مما يسمح للرجل أن يتصل بالمرأة، وللشاب أن يقابل الفتاة.
والأحسن للمسلمة والأكثر صونًا لكبريائها، وإبقاءً على حيائها، ألا تسلك هذا المسلك، فتصير كالسلعة التي تعرض نفسها، وكل معروض هينٌ رخيص، والأفضل في حق المسلمة أنها إن وجدت رجلا من أهل الصلاح والتقوى أن تفعل -هي أو وليها- مثلما فعلت أم المؤمنين خديجة في زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث أرسلت إليه أنها تريد الزواج منه، ومثلما فعل الفاروق عمر -رضي اللَّه عنه- في أمر أم المؤمنين حفصة، حين عرضها على عثمان وأبي بكر -رضي الله عنهما-، بعد وفاة زوجها.
الخاطبة:
كثيرًا ما يتعذَّر على الرجل أن يخطب امرأة؛ لضيق الوقت أو لعدم معرفته بالأسر المسلمة وبناتها أو بُعد المسافة أو السفر للخارج، فيقوم أهله بتكليف (الخاطبة) التي تخصّصتْ في تزويج الرجال بالنساء، بعرض صفات وشروط الفتاة التي يريدها الزوج، وغالبًا ما تكون هذه الخاطبة ذات علاقة اجتماعية وطيدة مع أهل الحي.
وهذه الطريقة يمكن أن تكون وسيلة طيبة، إذا كانت الخاطبة امرأة أمينة، تتقي الله، فلا تكذب، ولا تخدع، ولا تغش في عرض مواصفات الطرفين بدقة، ولا تقول في الرجل أو في المرأة ما ليس فيهما. وقد يتزوج الرجل أو المرأة عن طريق الصور الفوتوغرافية، دون أن يرى كل منهما الآخر رأي العين، ولا يحسن مثل هذا الصنيع -غالبًا-، فإن الصورة قد تخفي ما يجب أن يلاحظ من سمات ومواصفات، وإن كان يُعتبر في بعض الحالات الخاصة.







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 06:02 PM   رقم المشاركة : 8
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

الخطبة
الخِطبة طلب الزواج، وهي اتفاق مبدئي عليه، ووعد يجب على الجميع احترامه، وتعتبر الخطبة أولى خطوات الزواج. وكل عقد من العقود ذات الشأن والأهمية لها مقدمات تمهد لها وتهيئ الطريق إلى إتمامها على خير وجه، ولأن الزواج من الأمور الهامة فقد نظم الشارع الحكيم -سبحانه- مقدماته، واختصها ببعض الأحكام الشرعية الضابطة لحركة المقْدمين عليه سواء في ذلك الرجل أو المرأة. والخطبة هي تلك المقدمة الطبيعية للزواج.
ومن السنة إخفاء الخطبة، لأن الخاطب قد يرجع عن خطبته للمرأة فلا يزهد فيها الخطاب فلا يكون هناك إساءة إلى هذه المخطوبة، قال صلى الله عليه وسلم: (أظهروا النكاح، وأخفوا الخطبة). _[الديلمي، وصححه السيوطي].
والأصل في الخطبة أن تكون من الرجل، وهذا ما جاء في القرآن والسنَّة، في قوله تعالى مخاطبًا الرجال: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} [البقرة: 235]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل) [أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبيهقي] وفي ذلك حفظ لحياء المرأة، ورفع لمكانتها، وصون لكرامتها، كما أنه أسلم لئلا تخدع المرأة في رجل غير صالح وهي لا تدري.
ويجوز للمرأة أن تخطب إلى نفسها رجلاً ارتضته، وذلك بأن تحدث وليها في ذلك، أو ترسل إلى من اختارته رسولا أمينًا، فقد خطبتْ السيدة خديجة بنت خويلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز للولي أن يعرض من يلي أمرها على رجل صالح، ويحرص على أن يضعها في يد أمينة.
فقد ورد أنه لما توفي زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب عرضها عمر على عثمان بن عفان، وقال له: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال عثمان: سأنظر في أمري. فمرت أيام، ثم قابله عمر، فقال: بدا لي ألا أتزوج يومي هذا. فقابل عمر أبا بكر، فقال له: إن شئت أنكحتك حفصة. فصمت أبو بكر ولم يقل شيئًا. ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم (طلب خِطبتها) بعد ذلك، فأنكحها إياه، ثم قابل أبو بكر عمرَ فيما بعد، وأعلمه أنه كان يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيخطبها. [البخاري].
شروط جواز الخطبة:
يشترط لجواز الخطبة شرطان:
الشرط الأول: أن تكون المرأة صالحة لأن يعقد عليها عند الخطبة، ولذا فإنه لا تجوز خطبة المرأة في بعض الأحوال، ومن ذلك:
خطبة المرأة المطلَّقة طلاقًا رجعيًّا (وهي التي طُلِّقَتْ مرّة أو مرّتين) في فترة العدة، فلا يجوز التصريح أو التعريض لها بالخطبة، (والتعريض: ذكر الخطبة بلفظ يحتملها ويحتمل غيرها)؛ وذلك لأن المطلقة طلاقًا رجعيًّا زواجها قائم، وحقوق الزوج عليها ثابتة مادامتْ في العدة، فله مراجعتها من غير تراض، مادامت في وقت العدَّة، فخطبتها كخطبة المتزوِّجة تمامًا.
أما المرأة التي توفي عنها زوجها وهي في فترة العدة؛ فيجوز التعريض لها بالخطبة، لقوله تعالى:{ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} [البقرة: 235]، وذلك لعدم إمكان العقد في الحال، ولأنَّ التصريح قد يوغر صدور أولياء الميت، أو يجرح مشاعر المرأة، فلا يليق.
يُرَوْى أن سُكينة بنت حنظلة قالتْ: استأذن علَي محمد بن علي زين العابدين، ولم تَنْقَضِ عدتي من مهلك زوجي. فقال: قد عرفتِ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرابتي من علي، وموضعي في العرب. قلتُ: غفر الله لك يا أباجعفر، إنك رجل يؤخذ عنك، تخطبني في عِدَّتي؟! قال: إنما أخبرتُكِ بقرابتي من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومن علي. فقد التزم التعريض ولم يخرج عنه إلى التصريح.
ولا يجوز خطبة المعتدة من طلاق بائن، وهي التي طلقتْ ثلاث مرات قبل انتهاء عدتها، لا بالتصريح ولا بالتعريض. ولا أن تطمع بسبب التعريض بالخطبة في الزواج، فتعلن أن عدتها قد انتهتْ، وهي لم تنتهِ، وليس لأحد تكذيبها؛ لأن عدتها ثلاث حيضات، فالله وحده هو المطلع عليها، وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقد أجاز الشارع التعريض بالخطبة للمعتدة من وفاة؛ لأن عدتها مقدرة بالأيام، لا بالحيضات، فهي: أربعة أشهر وعشرة أيام، قال تعالى: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا} [البقرة: 234]. هذا ما لم تكن المعتدة من الوفاة حاملا، فإن كانت حاملا فعدتها حينئذ أن تضع حملها، قال تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}
[الطلاق: 4].
الشرط الثاني: ألا تُخْطَب المرأة وقد خطبها شخص آخر: فالإسلام دين يحرص على أن تظل العلاقات الاجتماعية بين المسلمين طيبة حسنة، ويرعى مشاعر الأُخُوَّة والمودة والمحبة بينهم؛ ولذا فإنه إذا خُطِبت المرأة لرجل، لا يحل لرجل آخر أن يخطبها، ولايحلُّ لها ولا لوليها قبول خطبته مادامت الخطبة الأولى قائمة.
والعلة في تحريم الخطبة على خطبة الغير أنه لا يجوز لمسلم أن يطمع فيما بين يدي أخيه، أو أن يُلحق الضرر به، أو يؤذي مشاعره وأحاسيسه، وحتى لا يكون للفتاة حق في ترك الخطيب الأول، إذا وقعت تحت إغراء خطيب آخر، أو فتنتْ به. قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر (يترك المخطوبة).
[أحمد ومسلم]. أما إذا تركها الخاطب الأول، جاز لغيره أن يتقدم لخطبتها، قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب) [متفق عليه].







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 06:02 PM   رقم المشاركة : 9
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

خطبة الصغير والصغيرة:
أجاز جمهور العلماء لولي الصغيرة أن يقبل خطبتها، أو أن يخطب لها رجلا كُفْئًا؛ فقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة عائشة -رضي اللَّه عنها- وهي بنت ست سنين وقيل: سبع، وبني بها، وهي بنت تسع، فإذا كبرتْ هذه الصغيرة، وأصبحتْ فتاة بالغة رشيدة، فلها حق الاختيار بين الإبقاء على هذه الخطبة أو رفضها، فلابد أن تتلاقى إرادتها مع إرادة الولي في ذلك.
وفي بعض المجتمعات يتفق الآباء على تزويج صغير وصغيرة عندما يكبران، فإذا بلغا وأيدا هذا الاتفاق، فلا مانع من إتمام هذا الزواج على بركة اللَّه.
المفاضلة والاختيار بين عدد من الخطاب: إذا تقدم للفتاة أكثر من خاطب في وقت واحد، فإن لها ولوليها اختيار أفضلهم دينًا وأحسنهم سيرة، ويسترشد في ذلك باستخارة اللَّه -تعالى-، واستشارة عباده الصالحين، فقد تقدَّم
معاوية بن أبى سفيان، وأبو الجهم لخطبة فاطمة بنت قيس في وقت واحد، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستشيره، فقال: (أما معاوية فهو رجل تَرِبُ (شديد الفقر) لا مال له، وأما أبوالجهم فرجل ضَرَّاب (كثير الضرب) للنساء، ولكن أسامة (يريد أن يرغبها في أسامة بن زيد) [فأشارت بيدها] وقالت: أسامة. أسامة.. كأنها كرهت الزواج منه. فقال لها صلى الله عليه وسلم: (طاعة الله، وطاعة رسوله خير لك). فقالت: فرضيتُ بأسامة، وتزوجته فاغتبطتُ به. [مسلم].
الاستخارة في الخطبة:
تُسَنُّ في الزواج الاستخارة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخير ليعلم أصحابه الاستخارة في كل شيء، فعلى كل إنسان أن يستخير
اللَّه -عز وجل- في زواجه، ويطلب العون والرِّضا منه.
فعن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: لمّا انقضتْ عِدَّة زينب بنت جحش -رضي اللَّه عنها-، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: (اذكرْها عليَّ). قال زيد: فانطلقتُ، فقلتُ: يا زينبُ. أَبْشِرِي، أرسلني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكُرك. فقالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أستأمر ربِّي. فقامت إلى مسجدها (أي: لتصلي) وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل بغير أمر. [النسائي].
وعن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كُلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: (إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقُدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تَقْدِر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر (ويذكر الأمر الذي يستخير فيه) خيرٌ لى في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وآجله)، فاقْدِرْه لي، ويَسِّرْه لي، ثم باركْ لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويذكر الأمر الذي يستخير فيه) شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وآجله)، فاصرفه عني، واصرفْني عنه، واقْدِرْ لِيَ الخير حيث كان، ثُمَّ ارضني به) [البخاري].







رد مع اقتباس
قديم 31-07-2014, 06:04 PM   رقم المشاركة : 10
ابو جواد
رائدي فـعـّـال
الملف الشخصي






 
الحالة
ابو جواد غير متواجد حالياً

 


 

الاستشارة في الزواج:
إذا كان الإسلام يطلب من المرأة ووليها اختيار الرجل الصالح ذي الخلق الحسن، الكفء، فلابُدَّ من التحقق والتدقيق في التعرُّف على الخاطب، ومعرفة كل ما يتعلَّق به.. والسبيل في ذلك: السؤال عنه بين أهله، أوفي مكان عمله، أو بين أصدقائه.
وكذلك على الفتاة ووليها استشارة الصالحين وأهل الخبرة قبل الموافقة، فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار. فمن الصواب- إذا جاء خاطب - أن يأخذ ولي الأمر مهلة من الزمن؛ ليسأل عنه، ويستوثق منه؛ تفاديًا لحدوث التغرير، وصونًا للمرأة، وحفظًا لحقوقها.
الشفاعة في التَّزويج:
من المستحب أن يسعى المسلم لتزويج اثنين، ويوفق بينهما، إذا رأى صلاحهما، وعلم توافقهما وتماثلهما؛ طلبًا لإعفافهما، ففي ذلك طاعة لله، وله بذلك أجر. قال صلى الله عليه وسلم: (من أفضل الشفاعة أن يشفع بين اثنين في النكاح) [ابن ماجه]، على أن يلتزم في كل ذلك بكل ما أمر الشرع من صدق وأمانة وغير ذلك. ولذا فقد أرسلتْ السيدة خديجة -رضي اللَّه عنها- نفيسة بنت مُنبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم -قبل بعثته- لتشفع في زواجهما، وكانت امرأة فطنة تجيد الكلام، وتحسن التصرف، فقالتْ له: يا محمد، ما يمنعك من الزواج، فيجيبها قائلا: (ما عندي ما أتزَّوج به) فردت عليه قائلة: فإن كفيت ذلك، ودعيتَ إلى المال والجمال والشرف. فيسألها أن تفصح له عمن تقصد، فتخبره أنها خديجة، فتزوجها صلى الله عليه وسلم، فكانت له نعم الزوجة، وكان لها نعم الزوج.
وهناك جانب سلبي للشفاعة، ويحدث عندما يلجأ الخاطب إلى اصطحاب من يشفع له من أهل التقوى، أو من أصحاب الجاه والنفوذ. وكثيرًا ما يقبل وليُّ الأمر تزويج من يلي أمرها مجاملة لهؤلاء الشفعاء والوسطاء دون العودة إليها، وفي ذلك ظلم للمرأة يجب الحذر منه، فلا يبدى الولي رأيه إلا بعد رأي مولاته، فإذا تشفَّع شافع لخاطب ليس أهلا للقبول، فليعتذر إليه، ولا يقبل، فالله سبحانه سائل كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ أم ضيَّع.
وقد شفع النبي صلى الله عليه وسلم لمغيث عند بريرة أن تُبقى على رباط زواجهما؛ لعلمه بحبه لها. فقد تزوج مغيث بريرة وكانا عبدين، وكان مغيث أسود، وكان يحبها حُبًّا شديدًا، فلما أُعتقتْ بريرة، هام على وجهه يستغيث بمن يقربها منه، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي خلفها، ودموعه تجري على خديه، من فرط حبه لها، قال لها صلى الله عليه وسلم: (لو راجعتيه فإنه
أبو ولدك) فقالت: أتأمرني يا رسول اللَّه؟ فقال: (لا، إنما أشفع) فقالت: لا حاجة لي به. فقال لعمه: (يا عباس. ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغضها له) [البخاري].







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
{التعاون بين أفراد الاسرة} دانة الكون منتدى الأسرة 17 25-07-2013 03:08 AM
الاسرة في الاسلام بسمه منتدى الأسرة 8 23-07-2013 11:21 AM
قوانين قسم الاسرة ثلجة وردية منتدى الأسرة 0 25-08-2012 08:48 PM
~*¤ô§ô¤*~ || قوانين قسم الاسرة || ~*¤ô§ô¤*~ ســـــوار منتدى الأسرة 0 28-03-2008 06:49 PM
][][ من اجل سعادة الاسرة ][][ ][][ SiCK_LOvE ][][ منتدى الأسرة 11 05-08-2007 08:01 AM



الساعة الآن 07:29 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت