سورة الصافات
سميت بهذا الاسم لذكر الصافات بقوله "والصافات صفا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم والصافات صفا والزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق " المعنى بحكم الرب النافع المفيد والجامعات جمعا فالدافعات دفعا فالقائلات وحيا إن إلهكم لواحد إله السموات والأرض والذى وسطهما وإله المنيرات ،يقسم الله بالصافات صفا وهى فرق الجيش المجموعة تجميعا مخططا له والزاجرات زجرا وهى فرق الجيش السائرات سيرا محددا،وبالتاليات ذكرا وهى القائلات أمرا وهى فرق الجيش المنفذة للحكم الصادر لها من القيادة وهو يقسم بهذا على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن إلههم واحد والمراد أن خالقهم واحد هو رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما وهو الجو وهو رب المشارق أى خالق المنيرات وهى الكون الذى هو مشارق ومغارب مصداق لقوله بسورة الرحمن "رب المشرقين ورب المغربين "
"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب"المعنى إنا جملنا السماء القريبة بجمال النجوم وحماية من كل جنى متمرد حقا يعلمون من الحضور الأعظم ويرمون من كل جهة نارا ولهم عقاب دائم إلا من أخذ الأخذة فأهلكه شهاب خارق ،يبين الله للنبى (ص)أنه زين السماء الدنيا بزينة الكواكب والمراد أنه حسن السماء القريبة بنور المصابيح وهى النجوم مصداق لقوله بسورة الملك"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح "وهى حفظ من كل شيطان مارد والمراد محمية من كل جنى مخالف لحكم الله وهذا يعنى أنها رجوم للشياطين مصداق لقوله بسورة الملك"رجوما للشياطين "والجن لا يسمعون إلى الملأ الأعلى والمراد والجن حقا ينصتون إلى حديث الحضور فى السماء وهم الملائكة لمعرفة الأخبار ولذا يقذفون من كل جانب دحورا والمراد يرمون من كل جهة بعذاب وفسر الله المقذوفين بأنهم من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب والمراد أنهم من عرف المعلومة الخفية فلحقه لسان نارى حارق خارج من النجوم وبعد إحراقهم بالشهاب لهم العذاب الواصب وهو العقاب الدائم حيث يدخلون النار بعد هلاكهم والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)
"فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب"المعنى فاستفهم منهم أهم أعظم إنشاء أم من أنشأنا إنا أنشأناهم من طين طرى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يستفتى أى يسأل الكفار :أهم أشد خلقا أم من خلقنا والمراد هل هم أكبر إبداعا أم من أبدع الله وهو السموات والأرض مصداق لقوله بسورة غافر"لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس"والغرض من السؤال إخبارهم أن خلق السموات والأرض أعظم من خلقهم ويبين الله لنبيه (ص)أنه خلقهم من طين لازب أى أنه أبدعهم من طين طرى وهو سلالة من طين مصداق لقوله بسورة المؤمنون"لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ".
"بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون وقالوا إن هذا إلا سحر مبين "المعنى لقد استغربت ويستهزءون وإذا أبلغوا لا يطيعون أى إذا علموا حكم يستهزءون وقالوا إن هذا إلا خداع عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه عجب والمراد أن الرسول (ص)استغرب أى اندهش بسبب تكذيب الكفار الذى يسخرون أى يستهزءون بالله ورسوله (ص)وآياته مصداق لقوله بسورة التوبة"قل أبالله ورسوله وآياته كنتم تستهزءون"وفسر هذا بأنهم إذا ذكروا لا يتذكرون أى إذا أبلغوا الوحى لا يطيعون الوحى وفسر هذا بأنهم إذا رأوا آية يستسخرون والمراد إذا علموا حكم يكذبون به أى يعرضون ويقولوا إن هذا إلا سحر مبين أى مكر عظيم مصداق لقوله بسورة القمر"وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر"وهذا يعنى أن القرآن فى رأيهم سحر والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين إن هذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون "المعنى هل إذا توفينا وكنا غبارا وعظاما هل إنا محيون أو آباؤنا السابقون قل نعم وأنتم حاضرون فإنما هى نفخة واحدة فإذا هم يخرجون وقالوا يا عذابنا هذا يوم الحساب إن هذا يوم القضاء الذى كنتم به تكفرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما أو آباؤنا الأولون وهم السابقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا تكذيبهم بالبعث ويطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على سؤالهم نعم وأنتم داخرون أى مبعوثون أى راجعون للحياة ويقول الله له فإنما هى زجرة واحدة أى نفخة واحدة أى "إن كانت إلا صيحة واحدة "كما قال بسورة يس فإذا هم ينظرون أى يخرجون أحياء وقالوا يا ويلنا أى يا عذابنا هذا يوم الدين والمراد هذا يوم الحساب أى البعث مصداق لقوله بسورة الروم"هذا يوم البعث أى"إن هذا يوم الفصل أى الحكم بالجنة أو النار الذى كنتم به تكذبون أى الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا .
"احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون "المعنى اجمعوا الذين كفروا ونساءهم أى الذى كانوا يطيعون من غير الرب فسوقوهم إلى طريق النار واسجنوهم إنهم معاقبون ما لكم لا تنجون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول للملائكة :احشروا الذين ظلموا وأزواجهم والمراد اجمعوا الذين كفروا بحكم الله ونساءهم وفسر هذا بأنه ما كانوا يعبدون وهم أهواءهم التى كانوا يتبعون مصداق لقوله بسورة محمد "واتبعوا أهواءهم "فاهدوهم إلى صراط الجحيم أى سوقوهم إلى طريق جهنم مصداق لقوله بسورة الزمر "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا "وقفوهم والمراد واحبسوهم فى النار إنهم مسئولون أى معاقبون ما لكم لا تناصرون أى ما لكم لا تنجون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا أنصار لهم يخرجونهم من النار .
"بل هم اليوم مستسلمون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين "المعنى إنهم اليوم خاضعون وأتى بعضهم إلى بعض يستخبرون قالوا إنكم كنتم تبعدونا عن الخير قالوا بل لم تكونوا مصدقين وما كان لنا عليكم من قدرة بل كنتم ناسا عادين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار فى يوم القيامة مستسلمون أى خانعون أذلاء فى العذاب وقد أقبل أى أتى بعضهم إلى بعض يتساءلون والمراد يستخبرون أى يتقاولون فقال الضعاف وهم الأتباع :إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين والمراد إنكم كنتم تبعدوننا عن الحق فقال الكبار لهم بل لم تكونوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله وما كان لنا عليكم من سلطان أى قدرة تجبركم على طاعتنا،بل كنتم قوما طاغين والمراد لقد كنتم ناسا كافرين بالوحى.
"فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين "المعنى فصدق فينا حكم إلهنا إنا لمعذبون فأضللناكم إنا كنا ضالين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكبار قالوا للضعاف فحق علينا قول ربنا والمراد فصدق فينا حكم خالقنا وهو وعيده مصداق لقوله بسورة ق"فحق وعيد"إنا لذائقون أى لمعذبون فى النار فأغويناكم أى فأضللناكم إنا كنا غاوين أى "إنا كنا طاغين "كما قال بسورة القلم وهذا اعتراف منهم بأنهم أبعدوهم عن الحق .
"فإنهم فى العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون"المعنى فإنهم فى العقاب مجموعون إنا هكذا نصنع بالكافرين إنهم كانوا إذا نصحوا لا رب إلا الله يخالفون ويقولون هل إنا مخالفوا أربابنا بسبب شاعر سفيه ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكبار والأتباع فى العذاب وهو العقاب مشتركون أى مجموعون مصداق لقوله بسورة الشعراء"فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون"ويبين له إنه كذلك وهو إدخال النار يفعل بالمجرمين والمراد يصنع بالكافرين والسبب أنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله والمراد لا طاعة لحكم رب إلا حكم الله يستكبرون أى يعصون حكم الله ويقولون لبعضهم أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون والمراد هل إنا لمستبعدى حكم أربابنا بسبب شاعر سفيه وهذا إتهام للنبى (ص)بأن القرآن شعره وأنه مجنون أى سفيه .
"بل جاء بالحق وصدق المرسلين إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين "المعنى لقد أتى بالعدل وآمن بقول الأنبياء (ص)إنكم لداخلوا العقاب الشديد وما تعطون إلا جزاء ما كنتم تصنعون إلا خلق الرب المتبعين لله ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله جاء بالحق أى أتى بالعدل وهو الوحى وهو الصدق مصداق لقوله بسورة الزمر"جاء بالحق "وصدق المرسلين والمراد وآمن بوقوع حديث الأنبياء (ص)والحديث الواقع هو أن الكفار فى النار كما قال الله لهم إنكم لذائقوا العذاب الأليم والمراد إنكم لداخلوا العقاب الشديد مصداق لقوله بسورة فصلت "فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا "وما تجزون إلا ما كنتم تعملون والمراد وما تسكنون إلا عذاب ما كنتم تكسبون أى تستكبرون مصداق لقوله بسورة الأحقاف"تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون"إلا عباد الله المخلصين والمراد إلا خلق الله المطيعين لحكم الله والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون فى جنات النعيم على سرر متقابلين يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون"المعنى أولئك لهم نفع معروف منافع وهم منعمون فى حدائق المتاع على فرش متلاقين يدار عليهم بكوب من خمر سليمة متعة للشاربين لا فيها أذى ولا هم عنها ينقطعون ولديهم غضيضات البصر حور كأنهن بيض مخفى،يبين الله لنبيه (ص)أن عباد الله المخلصين لهم رزق معلوم أى عطاء معروف فواكه أى متع أى منافع وهم مكرمون فى جنات النعيم والمراد وهم متمتعون فى حدائق المتاع بكل ما يشتهون وهم على سرر متقابلين أى هم على الفرش متلاقين ويطاف عليهم بكأس من معين والمراد ويدور عليهم الغلمان بكوب من خمر بيضاء وهى لذة أى متعة للشاربين وهم الذائقين وهى ليس فيها غول أى أذى أى ضرر يغيب العقل أو يضر الجسم وهم عنها لا ينزفون أى لا ينقطعون والمراد يستمرون فى شربها ولا يملونها مصداق لقوله بسورة الواقعة "يطوف عليهم غلمان مخلدون بأكواب"وعندهم قاصرات الطرف عين والمراد أن فى بيوت المسلمين فى الجنة غضيضات البصر حسان والمراد نساء جميلات يشبهن البيض المكنون أى البيض الخفى وهذا يعنى أنهم يوجدون فى مكان يخفيهن عن أنظار الأخرين عدا رجلهن .
"فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنى كان لى قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون "المعنى فأتى بعضهم إلى بعض يستخبرون قال واحد منهم إنى كان لى صاحب يقول هل إنك لمن الموقنين إأذا توفينا وأصبحنا غبارا وفتاتا هل إننا عائدون ؟يبين الله لنبيه (ص)أن المخلصين يأتى والمراد يحضر بعضهم إلى بعض وهم يتساءلون أى يستخبرون فيقول قائل والمراد واحد منهم :إنى كان لى قرين أى صاحب وهذا يعنى أن لكل مخلوق شيطان يسمى الشهوات فى نفسه يقول أإنك لمن المصدقين أى المؤمنين بحكم الله ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب الوحى ويقول أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما هل إنا لمدينون أى لمحاسبون ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب وحى الله بسبب اعتقاد القرين أن البعث للدين وهو الحساب مستحيل فى رأيه .
"قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه فى سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون "المعنى قال هل أنتم مشاهدون فصعد فشاهده فى أرض النار قال والله لقد هممت لتهلكن ولولا منحة إلهى لكنت من المعذبين أفما نحن بمتوفين إلا وفاتنا السابقة وما نحن بمعاقبين إن هذا لهو النصر الكبير،لشبه هذا فليصنع الصانعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال على لسان الملائكة للمسلم فى الجنة هل أنتم مطلعون أى مشاهدون للقرين ؟فوافقوا على الرؤية فاطلع والمراد فصعدوا على السور فرآه أى فشاهده فى سواء الجحيم وهو أرض النار،فقال المسلم له :تالله إن كدت لتردين والمراد والله لقد أردت لتهلكن فى النار ولولا نعمة ربى والمراد لولا طاعتى لحكم خالقى لكنت من المحضرين أى من المعذبين فى النار،ويقول المسلمون فى الجنة :أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى والمراد أما نحن بمتوفين إلا وفاتنا السابقين؟وهذا يعنى أنهم لا يموتون فى الجنة أبدا ويقولون إن هذا لهو الفوز العظيم أى النصر الكبير لمثل هذا فليعمل العاملون والمراد لشبه هذا العطاء فليصنع الصانعون .
"أذلك خيرا نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم "المعنى أذلك أفضل مقاما أم نبات الزقوم إنا خلقناها أذى للكافرين إنها نبات يطلع فى أرض النار ثمرها كأنه شعور الكفار فإنهم لطاعمون منها فمعبأون منها البطون ثم إن لهم عليها لكوبا من غساق ثم إن معادهم لإلى النار،يسأل الله أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم والمراد هل الجنة أحسن متاعا أم نبات الزقوم ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)والناس أن الجنة أحسن من النار التى بها نبات الزقوم ،ويبين الله لنبيه(ص)أنه جعل أى خلق شجرة وهى نبات الزقوم فتنة للظالمين أى أذى يؤلم الكافرين وهى شجرة تخرج فى أصل الجحيم والمراد وهى نبات يطلع فى أرض النار وطلعها والمراد وثمرها كأنه رءوس الشياطين والمراد وثمرها يشبه شعور الكفار وهذا يعنى أن ثمارها لها شعور ويبين له أن الكفار آكلون أى طاعمون من ثمار الزقوم فمالئون منها البطون والمراد فمعبئون منها الأجواف والسبب فى ملء الأجواف بها إنها لا تشبع ولا تسمن من جوع وبعد ذلك لهم بعد الأكل شوبا من حميم أى كوب شراب من الغساق وهو شراب أهل النار الكريه ومرجعهم وهو مقامهم هو الجحيم أى النار التى لا يخرجون منها والخطاب وما بعده وما بعده للنبى (ص) وما بعده من قصص له ومنه للناس.
"إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين "المعنى إنهم وجدوا آباءهم كافرين فهم على خطاهم يسيرون ولقد كفر قبلهم أغلب السابقين ولقد بعثنا فيهم مخبرين فإعلم كيف كان جزاء المخبرين إلا خلق الرب المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار ألفوا آباءهم ضالين والمراد وجدوا آباءهم كافرين فى الدنيا ولذا فهم على آثارهم يهرعون أى على خطاهم وهى أحكام دينهم يسيرون والمراد فهم على أديانهم يسيرون دون تفكير،وإن أكثر الأولين والمراد وإن أغلب السابقين الذين عاشوا قبلهم قد ضلوا أى كفروا بدين الله وقد أرسل الله فيهم منذرين والمراد وقد بعث الرب فيهم مبلغين بوحى الله ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن ينظر أى يعلم كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين والمراد أن يعرف كيف كان جزاء المبلغين بالوحى وهو الهلاك إلا خلق الرب المطيعين لوحيه المبلغ والغرض من الطلب أن يعتبروا بما حدث للكافرين السابقين .
"ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته الباقين وتركنا عليه فى الأخرين سلام على نوح فى العالمين إنا كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين ثم أغرقنا الأخرين "المعنى ولقد دعانا نوح(ص)فلنعم المستمعون وأنقذناه وشيعته من الغم الكبير وجعلنا شيعته هم الأحياء وتركنا عليه فى القادمين خير لنوح(ص)فى الخلق إنا كذلك نثيب المصلحين إنه من خلقنا المصدقين ثم أهلكنا الباقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن نوح(ص) ناداه أى دعاه فطلب منه النصر على الكفار فنعم المجيب والمراد فحسن المستمع الناصر له هو الله حيث أنجاه وأهله من الكرب العظيم والمراد حيث أنقذه وشيعته وهم الذين آمنوا به من العقاب الكبير الممثل فى الطوفان وجعل ذريته هم الباقين والمراد وجعل شيعته وهم أنصاره هم الأحياء بعد هلاك الكفار ،ويبين لنا أنه ترك على نوح(ص)فى الآخرين والمراد أنه ذكر نوح(ص)فى الوحى المعطى للقادمين بعد وفاته بخير والمذكور عليه هو سلام على نوح أى خير لنوح (ص)فى العالمين وهم الناس ،ويبين له أن كذلك وهو نصر الرسول يجزى الله المحسنين أى يثيب الله الشاكرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وسنجزى الشاكرين"والسبب إنه من عبادنا المؤمنين أى المصدقين أى المخلصين مصداق لقوله بسورة يوسف"إنه من عبادنا المخلصين "وأغرق الباقين أى وأهلك الكافرين عن طريق الطوفان .
"وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين "المعنى وإن من أتباعه لإبراهيم (ص)إذ أتى إلهه بعقل مطيع حين قال لوالده وشعبه ماذا تطيعون ؟أإفتراء أرباب دون الرب تحبون فما اعتقادكم بإله الناس ؟ يبين الله لنبيه (ص)أن من شيعة وهم أتباع دين نوح (ص)إبراهيم (ص)إذ جاء ربه بقلب سليم والمراد حين أطاع حكم خالقه بنفس مخلصة لله وهو قد قال لأبيه وهو والده آزر وقومه وهم شعبه ماذا تعبدون والمراد ماذا تطيعون ؟ثم أجاب أإفكا آلهة دون الله تريدون والمراد أإفتراء أرباب سوى الله تطيعون فتحبون نفعها ؟وهذا يعنى أنهم يطيعون الإفك وهو أحكامهم المخترعة كأرباب تاركين طاعة حكم الله طمعا فى نفعها الدنيوى ويسأل فما ظنكم برب العالمين أى فما اعتقادكم فى ما يفعله بكم خالق الكل ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله سيعاقبهم على عبادتهم لغيره .
"فنظر نظرة فى النجوم فقال إنى سقيم فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون "المعنى فأبصر مرة الكواكب فقال إنى عليل فأعرضوا عنه غائبين فذهب إلى أربابهم فقال ألا ترزقون ؟ما لكم لا تتحدثون فنزل عليهم تحطيما باليد فأتوا إليه يسألون قال أتتبعون ما تصنعون والرب أنشاكم وما تصنعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)نظر نظرة فى النجوم والمراد أبصر الكواكب ذات مرة فقال لها إنى سقيم والمراد إنى مريض فاشفونى فكانت النتيجة هى أنهم تولوا عنه مدبرين والمراد أعرضوا عنه غائبين وهذا يعنى أنهم لم يستجيبوا لدعوته واختفوا وبهذا أثبت لنفسه أنهم ليسوا آلهة ،ثم راغ أى ذهب إبراهيم (ص)إلى آلهتهم وهى أصنامهم فى المعبد فسألهم ألا تأكلون أى ألا ترزقون ؟ما لكم لا تنطقون أى ما لكم لا تتحدثون؟والغرض من الأسئلة هو إثبات أن الأصنام عاجزة عن رزقه وعاجزة عن النطق وهو الكلام وهو يقصد الوحى ومن ثم فليست آلهة فما كان منه إلا أن راغ عليهم ضربا باليمين أى نزل عليهم تكسيرا بما فى يده اليمنى وهو الفأس فأقبل والمراد فأتى القوم إلى إبراهيم (ص)يزفون أى يسألون والمراد ليحاسبوه فقال لهم أتعبدون ما تنحتون أى هل تطيعون الذى تخلقون والله خلقكم وما تعملون والمراد والرب أنشأكم والذى تخلقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بجنونهم لأنهم يعبدون ما يخلقون بأيديهم مع أن المفروض أن المخلوق هو الذى يعبد خالقه كما يجب عليهم أن يعبدوا الله خالقهم وما يعملون بأيديهم .
"قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين "المعنى قالوا شيدوا له محرقة فارموه فى النار فأحبوا به مكرا فجعلناهم الأخسرين وقال إنى مهاجر إلى إلهى سيرشدنى ،يبين الله لنبيه (ص)أن القوم قالوا لبعضهم :ابنوا له بنيانا والمراد اصنعوا له محرقة فألقوه فى الجحيم أى فاحرقوه فى النار مصداق لقوله بسورة الأنبياء"قالوا حرقوه"وأرادوا به كيدا والمراد شاءوا له الهلاك فكانت النتيجة أن جعلهم الله الأسفلين أى المعذبين أى الأخسرين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"فجعلناهم الأخسرين "وقال إبراهيم (ص)إنى ذاهب إلى ربى سيهدين والمراد إنى متجه إلى خالقى سيعلمنى وهذا يعنى أنه قصد الله حتى يعلمه الدين السليم .
"رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين "المعنى إلهى أعطنى من المسلمين فأخبرناه بصبى رحيم فلما وصل معه السعى قال يا ولدى إنى أشهد فى الحلم أنى أقتلك ففكر ماذا تقول قال يا والدى اعمل ما توصى ستلقانى إن أراد الرب من المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)دعا الله فقال رب هب لى من الصالحين والمراد خالقى أعطنى ذرية من المحسنين فبشرناه بغلام حليم والمراد فأخبرناه بصبى رحيم هو إسماعيل(ص)فلما بلغ معه السعى والمراد فلما وصل معه إلى مكان إلتقاء الصفا بالمروة قال له أبوه :يا بنى أى يا ولدى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك والمراد إنى أشاهد فى الحلم أى الرؤيا أنى أقتلك وهذا يعنى أنه شاهد رؤيا تكررت عدة مرات رأى فيها نفسه ينحر ابنه وقال له انظر ماذا ترى والمراد فكر ماذا تقول وهذا يعنى أن الوالد خير ابنه فى تنفيذ الرؤيا من عدمه عندما طلب منه التفكير فى الأمر فقال له إسماعيل (ص)يا أبت أى يا والدى افعل ما تؤمر والمراد اصنع الذى توصى به فى الرؤيا من قبل الله ستجدنى إن شاء الله من الصابرين والمراد ستلقانى إن أراد الرب من المطيعين وهذا يعنى أنه رضا بقضاء الله فطلب تنفيذ الرؤيا وهذا يدل على قوته فمن يرضى بأن يذبحه الأب طائعا راضيا؟
"فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه فى الأخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين "المعنى فلما أطاعا وكفاه للبطن ودعيناه أن يا إبراهيم قد نفذت الحلم إنا هكذا نثيب المصلحين إن هذا لهو الإختبار العظيم وأنقذناه بعجل سمين وتركنا عليه فى الباقين خير على إبراهيم (ص)هكذا نثيب المصلحين إنه من خلقنا المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)لما أسلما أى أطاعا أمر الله تل أى أرقد إبراهيم (ص)إسماعيل (ص)على الجبين وهو البطن استعدادا لذبحه ناديناه والمراد فأوحى الله له :أن يا إبراهيم (ص)قد صدقت الرؤيا أى قد نفذت الحلم وهذا يعنى أن الذبح فى الحلم كان تفسيره فى الحقيقة الإستعداد للذبح وليس تنفيذ الذبح وقال له إنا كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإنقاذ يجزى الله المحسنين أى يثيب الله الشاكرين مصداق لقوله بسورة آل عمران "وسنجزى الشاكرين"إن هذا لهو البلاء المبين أى الإمتحان الكبير وفديناه بذبح عظيم أى وأنقذناه بذبح عجل كبير والمراد أن الله منع ذبحه مقابل ذبح عجل كبير بدلا منه وتركنا عليه فى الأخرين سلام على إبراهيم (ص)والمراد وذكرنا له فى القادمين خير لإبراهيم (ص)وهذا يعنى أن الله ذكر إبراهيم (ص)بكل خير فى الوحى المنزل على القادمين بعده للحياة فى المستقبل وكذلك أى بتلك الطريقة وهى الذكر بالخير يجزى الله المحسنين أى يشكر أى يثيب الرب الشاكرين والسبب إنه كان من عبادنا أى خلقنا المؤمنين أى المخلصين وهم المصدقين بالوحى أى المخلصين مصداق لقوله بسورة يوسف "إنه من عبادنا المخلصين ".
"وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين "المعنى وأخبرناه بإسحاق رسولا من المسلمين وزكيناه وإسحاق (ص)ومن نسلهما مسلم ومنقص لحقه عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه بشر أى أخبر إبراهيم (ص)بولادة ابنه إسحاق(ص)نبيا من الصالحين أى رسولا من المحسنين وهم المسلمين وقد بارك الله على إبراهيم (ص)وإسحاق (ص)والمراد أن الله زكى أى شكر كل منهما الشكر الحسن ومن ذريتهما وهى نسلهما أى أولادهما محسن أى مصلح أى مسلم وظالم لنفسه مبين والمراد ومنقص لحق نفسه عظيم النقص وهو الكفر حيث أنقصها حقها وهو مكانها فى الجنة وهذا هو النقص العظيم .
"ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ونصرناهما فكانوا هم الغالبين وأتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم وتركنا عليهما فى الأخرين سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزى المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين "المعنى ولقد أنعمنا على موسى (ص)وهارون (ص)وأنقذناهما وشعبهما من العذاب المهين أى أنجيناهما فكانوا هم المنتصرين وأوحينا لهما الحكم المضىء أى أرشدناهما الدين العادل وذكرناهما فى الباقين خير على موسى (ص)وهارون (ص)إنا هكذا نثيب المصلحين إنهما من خلقنا المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه من أى أنعم على كل من موسى (ص)وهارون (ص)بنعمه وأنجاهما وقومهما من الكرب العظيم والمراد وأنقذهما وشعبهما من العذاب المهين مصداق لقوله بسورة الدخان"ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين "وفسر هذا بأنه نصرهم أى أيدهم على عدوهم فكانوا هم الغالبين أى المنتصرين وهم ورثة الملك ويبين له أنه أتاهما الكتاب المستبين والمراد أنه أعطاهما الفرقان العظيم وهو التوراة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ولقد أتينا موسى وهارون الفرقان"وفسر هذا بأنه هداهم الصراط المستقيم أى علمهما الدين العادل وهو الإسلام ويبين له أنه ترك عليهما فى الأخرين والمراد ذكرهما فى الوحى المنزل على القادمين من بعدهم وهذا الذكر سلام لهما أى خير والمراد ذكرا بالثناء عليهما وكذلك أى بتلك الطريقة وهى المن والنصر والإرشاد والذكر يجزى الله المحسنين أى يثيب الرب المصلحين وهم المسلمين والسبب أنهما من عباده المؤمنين أى أنهما من خلقه المصدقين وهم المخلصين مصداق لقوله بسورة يوسف "إنه من عبادنا المخلصين "وهم المسلمين .
"وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين وتركنا عليه فى الأخرين سلام على آل ياسين إنا كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين "المعنى وإن إلياس(ص)من المبعوثين حين قال لشعبه ألا تطيعون أتطيعون بعلا وتتركون أفضل المنشئين الرب خالقكم وخالق آبائكم السابقين فكفروا به فإنهم لمعذبون إلا خلق الرب المطيعين وذكرنا فيه فى القادمين خير على آل ياسين إنا هكذا نثيب المصلحين إنه من خلقنا المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن إلياس (ص)من المرسلين وهم المبعوثين المبلغين للوحى إذ والمراد وقت قال لقومه وهم شعبه :ألا تتقون والمراد ألا تطيعون حكم الله؟أتدعون بعلا والمراد هل تطيعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين والمراد وتتركون طاعة أفضل الصانعين الله ربكم أى خالقكم ورب أى خالق آبائكم الأولين أى السابقين ؟والغرض من الأسئلة هو أن يطيعوا حكم الله ويتركوا طاعة حكم غيره فكانت النتيجة أن كذبوه أى كفروا برسالته ولذا فهم محضرون أى معاقبون إلا عباد الله المخلصين وهم خلق الرب المطيعين لحكمه فهم مرحومون وتركنا عليه فى الأخرين سلام على آل ياسين والمراد وذكرناه فى الوحى المنزل على القادمين بخير على أهل إلياس وهم المؤمنين به وكذلك أى بتلك الطريقة وهى إعطاء السلام له يجزى المحسنين أى يثيب المصلحين أى المسلمين والسبب إنه من عبادنا المؤمنين والمراد إنه من خلقنا المخلصين وهم المصدقين بوحى الله .
"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين ثم دمرنا الأخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون"المعنى وإن لوطا من المبعوثين حين أنقذناه وشعبه إلا امرأة فى الهالكين ثم أهلكنا الباقين وإنكم لتفوتون عليهم مشرقين وبالليل أفلا تفقهون؟يبين الله لنبيه (ص)والناس أن لوط (ص)من المرسلين وهم المبعوثين المبلغين لحكم الله إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين والمراد وقت أنقذناه وعائلته كلهم إلا امرأة كانت من الهالكين ثم دمرنا الآخرين والمراد ثم أهلكنا الكافرين ويبين للناس أنهم يمرون أى يفوتون على بلدة قوم لوط (ص)مصبحين أى مشرقين والمراد بالنهار وبالليل ويسألهم الله أفلا يعقلون أى "أفلا يبصرون"كما قال بسورة السجدة والغرض من السؤال أن يفهموا ما حدث للقوم فيعتبروا بما حدث لهم .
"وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين "المعنى وإن يونس لمن المبعوثين حين ركب فى السفين المملوء فاقترع فكان من المضعفين فابتلعه الحوت وهو معاقب فلولا أنه كان من المطيعين لمكث فى جوفه إلى يوم يحيون فأخرجناه بالخلاء وهو عليل وأخرجنا له نبتة من قرع وبعثناه إلى مائة ألف ويزيدون فصدقوا فأعطيناهم حتى وقت،يبين الله لنبيه (ص)أن يونس (ص)من المرسلين وهم المبلغين لحكم الله إذ أبق إلى الفلك المشحون والمراد لما ركب فى السفينة المليئة بالركاب فساهم فكان من المدحضين والمراد فاقترع والمراد فاشترك فى القرعة التى أجريت ليرمى بعض الركاب أنفسهم فى الماء لينجى الباقون فكان من الخاسرين فى القرعة حيث خرجت عليه فرمى نفسه فى البحر فالتقمه أى فابتلعه الحوت وهو مليم أى معاقب لنفسه بعد ركوبه بعد ظنه أن الله لن يقدر عليه فلولا أنه كان من المسبحين وهم المطيعين لحكم الله للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون والمراد لبقى فى جوف الحوت حتى يوم يرجعون للحياة وهو يوم القيامة ولذا نبذه بالعراء والمراد أخرجه الله من جوف الحوت إلى الخلاء على شاطىء البحر وكان سقيم أى مريض بسبب بقاءه مدة فى بطن الحوت وأنبت الله عليه شجرة من يقطين والمراد أخرج له نبتة هى كما يقول الناس القرع حتى يستظل بها ويأكل من ثمارها وتحميه أوراقها من الحشرات وبعد أن شفاه الله أرسله أى بعثه إلى قرية أهلها يبلغون مائة ألف أو يزيدون والمراد أن عددهم فوق المائة ألف فآمنوا أى فصدقوا برسالته وهذه هى القرية الوحيدة التى آمنت عبر العصور فمتعهم الله إلى حين والمراد فأعطاهم الله النفع حتى موعد موتهم .
"فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون اصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين "المعنى فاسألهم هل لإلهك الإناث ولهم الصبيان ؟هل أنشأنا الملائكة بناتا وهم حاضرون ؟ألا إنهم من كذبهم ليقولون أنجب الله وإنهم لمفترون اختار الإناث على الذكور ما لكم كيف تقضون ؟أفلا تفهمون؟أم لكم وحى عظيم فجيئوا بوحيكم إن كنتم عادلين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يستفتى والمراد أن يسأل الناس ألربنا أى هل لخالقنا البنات وهى الإناث ولكم البنين أى الصبيان ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لم يختر البنات له ويعطى الذكور لهم ،وأن يسألهم هل خلق أى أنشأ الله الملائكة إناثا أى بناتا وأنتم شاهدون أى حاضرون لخلقهم؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الملائكة ليسوا بناتا وأنهم لم يحضروا خلقهم حتى يقولوا ذلك،ويبين الله له أن الكفار من إفكهم وهو كذبهم على الله يقولون :ولد الله أى أنجب الرب وهذا يعنى أنهم يزعمون أن الله له أولاد منهم الملائكة البنات وهم فى قولهم كاذبون أى مفترون والمراد ناسبون إلى الله الباطل،ويسأل الله اصطفى البنات على البنين والمراد هل فضل الله الإناث على الذكور ؟ما لكم كيف تحكمون أى تقضون؟أفلا تذكرون أى أفلا تفهمون؟والغرض من الأسئلة هو إخبارهم أن حكمهم وهو قضائهم أن الله فضل البنات على البنين حكم باطل إذا كانوا يفهمون ،ويسأل الله أم لكم سلطان مبين أى هل لكم وحى عظيم يدل على ما تقولون ؟ثم يطلب منهم أن يأتوا بكتابهم والمراد أن يحضروا وحيهم المنزل عليهم من الله بذلك إن كانوا صادقين أى محقين فى قولهم والغرض من القول هو إخبارهم أن ليس معهم دليل من عند الله على صحة قولهم والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) ومنه للناس .
"وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة أنهم لمحضرون سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين "المعنى وافتروا بينه وبين الجن ولدا ولقد عرفت الجن أنهم لمعذبون تعالى الرب عما يقولون إلا خلق الرب المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار جعلوا بين الله والجنة نسبا والمراد خلقوا كذبا بين الله وبين الجن صلة أى أولاد بنين وبنات مصداق لقوله بسورة الأنعام"وخرقوا له بنين وبنات بغير علم" وقد علمت أى عرفت الجن أنهم محضرون أى معاقبون إلا عباد الله المخلصين والمراد إلا خلق الرب المطيعين لحكم الله فهم مثابون ،ويبين له أن سبحان الله عما يصفون والمراد أن طاعة حكم الرب أفضل من طاعة الذى يشركون مصداق لقوله بسورة النحل"سبحانه وتعالى عما يشركون".
"فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم "المعنى فإنكم وما تطيعون ما أنتم عليه بمارين إلا من هو ذائق النار،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس وما يعبدون وهو الذى يتبعون أى وهو أهواء أنفسهم وهو الآلهة المزعومة ليسوا على العذاب بفاتنين أى بواردين إلا من هو صال الجحيم والمراد إلا من هو داخل النار وهذا يعنى أن هناك من لا يمر على العذاب من آلهة الناس ومن أمثلتهم الملائكة وعيسى ابن مريم (ص)ومريم(ص)لأنهم واجهة يتخفى الكفار خلفها.
"وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون "المعنى وما منا إلا له موضع معروف وإنا لنحن المجموعون وإنا لنحن المطيعون،يبين الله لنبيه (ص)أن الملائكة تقول "وما منا إلا له مقام معلوم أى وضع معروف والمراد وظيفة محددة وإنا لنحن الصافون أى الواقفون صفا مصداق لقوله بسورة النبأ"يوم يقوم الروح والملائكة صفا"وإنا لنحن المسبحون أى المطيعون لحكم الله والخطاب هنا للنبى(ص)وهو كلام محذوف أوله وهو كلام الملائكة وهو مقطوع الصلة بما قبله وما بعده .
"وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين فكفروا به فسوف يعلمون"المعنى وإن كانوا ليقولون لو أن لدينا خبرا عن السابقين لكنا خلق الرب المطيعين فكذبوا به فسوف يعرفون من المعاقب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار كانوا يقولون :لو أن عندنا ذكرا من الأولين والمراد لو أن لدينا وحيا عن السابقين لكنا عباد الله المخلصين أى لكنا خلق الرب المطيعين وهذا يعنى أنهم زعموا أنهم لو علموا بما حدث للسابقين لاتبعوا دين الله ومع هذا لما أتى دين الله كفروا به أى كذبوا بدين الله فسوف يعلمون أى يعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه"كما قال بسورة هود.
"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون "المعنى ولقد مضى حكمنا لخلقنا المبعوثين إنهم لهم الغالبون وإن عسكرنا لهم القاهرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن كلمة وهى حكم الله قد سبقت أى مضت أى أوحيت لعباد الله المرسلين وهم خلق الله الأنبياء (ص)إنهم لهم المنصورون أى الغالبون للكفار وإن جندنا وهم أتباع الرسل أى المؤمنين هم الغالبون أى المنتصرون وهذا يعنى أن الله وعد المسلمين بالنصر فى كل عصر والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون "المعنى فأعرض عنهم حتى وقت وأنظرهم فسوف ينظرون أفبعقابنا يطالبون فإذا نزل بديارهم فقبح نهار المخبرين وأعرض عنهم حتى وقت وأنظرهم فسوف يعلمون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتولى عن الكفار حتى حين والمراد أن ينصرف أى يعرض عن التعامل مع الكفار حتى وقت مصداق لقوله بسورة النساء"فأعرض عنهم" وفسر الله ذلك بأن يبصرهم أى يمهلهم فسوف يبصرون أى يعلمون الحق عند نزول عذاب الله بهم ويسأل الله أفبعذابنا يستعجلون والمراد هل عقابنا أى سيئتنا يطلبون مصداق لقوله بسورة الرعد"ويستعجلونك بالسيئة "والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن الكفار يطالبون بنزول العذاب عليهم ويبين له أن العذاب إذا نزل بساحتهم أى إذا وقع عليهم فى ديارهم فساء صباح المنذرين أى فقبح نهار الكفار حتى حين وهو وقت موتهم وفسر هذا بأن يبصر أى يتمهل أى ينتظر فسوف يبصر الكفار والمراد فسوف يعلم الكفار بعذاب الله عند وقوعه عليهم .
"سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين "المعنى الطاعة لحكم إلهك إله القوة عما يقولون وخير للمبعوثين والطاعة لله خالق الناس،يبين الله لنبيه (ص)أن الرب رب العزة والمراد أن الإله هو إله القوة سبحانه عما يصفون والمراد الطاعة لحكم الله أفضل من طاعة حكم الذى يشركون والسلام على المرسلين والمراد ودار الخير وهى الجنة للأنبياء(ص)مصداق لقوله بسورة الأنعام"لهم دار السلام عند ربهم "والحمد لله والمراد والطاعة لأمر الله رب العالمين وهو خالق الكل مصداق لقوله بسورة الرعد "ولله الأمر جميعا "